اليوم الدولي للأرامل 23حزيران/يونيو
المرأة ذلك المخلوق اللطيف، والربّة الأولى صيغت من عناصر الجمال، والرقة، والطيبة، والحنية. تمنح دون مقابل، تتعرض للإساءة فتسامح وتعفو، وتتحمّل المآسي فتصمد وتتماسك، نصف عالمنا، وشريك لنظيرها الرجل في السراء والضراء. تواجه الإخفاقات وتستمر في العطاء وفي الحياة، تهب بلا حساب ولا تنتظر جزاء. يزيد في حجم مأساتها فقدان الشريك فتصبح أرملة، تتفاقم مأساتها، وتتضخم معاناتها لتأمين احتياجات أسرتها، وحماية حقوق صغارها الإنسانية.
وليس هناك أصعب من فقدان الشريك إذ تصبح بين ليلة وضحاها شجرة تقف في مهب الريح تواجه عواصف العيش، وتربية الأطفال وحيدة بلا معين إلا ما ندر، خاصة في الدول النامية التي تقصّر في حمايتها من غائلة الفقر، والعنف، واختلال الأحوال الصحية في عالم مضطرب تجتاحه التوترات السياسية والنزاعات المسلحة؛ فتسهم في تفاقم أعداد الأرامل حيث تشير الإحصاءات إلى ما ينوف عن (258) مليون أرملة، بينما نقلت “روسيا اليوم” أن العدد حوالي (260) مليون أرملة أكثرهن يعشن في فقر مدقع، ويعانين شدّة التعنيف “خاصة في الدول النامية”، ويتعرضن للعنف الجسدي والنفسي والجنسي، والتشرد، والاغتصاب بسبب النزاعات المسلحة في بلدانهن، واضطرارهن إلى النزوح من بيوتهن، أو اللجوء إلى الدول المجاورة وغيرها. ويزداد الأمر سوءاً إذا ما انتشرت الأوبئة التي تساعد على ارتفاع أعدادهن كما حصل في جائحة (كوفيد-19) مع غياب المعيل فيصبحن خاضعات لرحمة المساعدات الإنسانية الدولية.
لقد لحظت هيئة الأمم المتحدة زيادة تعداد الأرامل فخصصت لهن يوم 23 حزيران/يونيو يوماً دولياً لإسماع صوتهن إلى العالم، والتعريف بمعاناتهن الشديدة، ومناصرتهن للتخفيف من شقائهن، ومساعدتهن على تحمّل شظف العيش، والمحافظة على حقوقهن الإنسانية في هذا العالم المحموم بالصراعات. يقول الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش: “ينبغي على الحكومات الوفاء بالتزاماتها بكفالة حقوق الأرامل المنصوص عليها في القانون الدولي الذي يتضمن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وكذا حقوق الطفل”.
والسؤال: كيف لعالم يمور بالنزاعات المسلحة هنا وهناك، ولهيئة أمم متحدة تعطل دولة كبرى قراراتها بكلمة واحدة “فيتو” أن تنال المرأة الأرملة حقوقها الإنسانية؟ ومتى يمكن تعديل ميثاق الأمم المتحدة، وقانون مجلس الأمن الدولي لتتساوى الأمم كبيرها وصغيرها في التمثيل، وتساهم جميعها في إشاعة روح التسامح والإخاء، وإحلال السلام العالمي، ويتمتع الجميع بحقوقهم الإنسانية كاملة؟!