المحامي محمود الهادي النجار لـ نينار برس: تحقيق الاستقرار يتطلب سلطة مركزية واحدة وفصل بين السلطات واستقلال القضاء
يحتاج العمل على تحقيق الاستقرار في الشمال السوري المحرّر معرفة حاجات وشروط تحققه، فالاستقرار هو مناخ حياة يحفظ للفئات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية حقوقها ويحدّد واجباتها، ولهذا فهو نتاج توافق مصالح هذه الفئات على قاعدة المواطنة المتساوية أمام القانون. نينار برس حملت أسئلتها إلى المحامي محمود الهادي النجّار، الذي شغل من قبل منصب نقيب المحامين الأحرار، فكان هذا الحوار..
السؤال الأول:
يجري الحديث عن سعي الائتلاف الوطني لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الشمال السوري المحرّر. وباعتباركم تعملون في حقل القانون في هذه المنطقة:
- ما الخطوات والإجراءات المطلوبة لتحقيق استقرار الشمال السوري؟
- هل يمكننا القول إن أهم عاملين للاستقرار هما توفير أمن داخلي تنهض به جهة مختصة. وقضاء عادل؟ وهل القضاء العادل ينبغي أن يكون سلطة مستقلة؟
ج1- يجيب المحامي محمود الهادي النجار على سؤالنا الأول قائلاً:
في البداية لابد من التمييز بين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة المؤقتة، فالائتلاف يفترض به أن يكون الواجهة السياسية للثورة والمعارضة، أما الحكومة المؤقتة فهي الجهاز الإداري والتنفيذي، الذي يفترض به إدارة المناطق المحررة، والسعي لتحقيق الأمن والاستقرار، وتأمين لقمة العيش للمواطن. والحقيقة، أنّ هذا الشعار مطروح منذ تأسيس الائتلاف والحكومة، ولم نر أنه قد تحقق منه شيءٌ، ولم نلاحظ أي خطوات ملموسة من الائتلاف والحكومة على أرض الواقع في هذا الاتجاه، وبالتالي لا يوجد أي نوع من أنواع الاستقرار الذي يتحدث عنه السؤال في الشمال السوري.
ويضيف النجار: وما هو مطلوب لتحقيق الاستقرار، هو العمل الجاد لإيجاد سلطة مركزية واحدة فعلية وقوية، وتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات في المنطقة، واستقلال القضاء، وتفعيل دوره، واحترام أحكامه وقراراته وتنفيذها، ولا يكون القضاء عادلاً دون أن يتمتع باستقلالية تامة. مع التنويه إلى الأهمية القصوى لإحداث مجلس قضاء أعلى يكون هو المرجع للقضاة.
ويتابع النجار إجابته على سؤالنا بالقول:
توفير الأمن الذي هو من أهم أعمال الحكومة، ومن أهم دعائم الاستقرار، وكذلك التعليم والصحة للمواطنين، وإيجاد بنية تحتية خدمية واقتصادية قوية، للنهوض بالواقع الخدمي والمعيشي للمواطنين.
وتفعيل دور النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني في الرقابة على أعمال الحكومة وتوجيه الرأي العام، وإنعاش الحياة السياسية، وتوفير حرية الرأي والتعبير لأفراد المجتمع.
السؤال الثاني:
لا يزال الشمال السوري يشهد دوراً فاعلاً لفصائل الثورة العسكرية.
- برأيكم كيف يمكن الانتقال قانونياً من الحالة الفصائلية إلى حالة جيش وطني احترافي؟
- هل تتوقعون أن تقدّم الفصائل العسكرية في الشمال السوري تنازلات حقيقية ملموسة لصالح بناء جيش وطني وفق أسس بناء الجيوش عالمياً؟
- هل سيلعب الضامن التركي دوراً في هذه الحالة؟
ج2- يقول المحامي محمود الهادي النجّار في إجابته على سؤالنا الثاني:
لا يمكن الانتقال من الحالة الفصائلية إلى حالة جيش وطني احترافي إلاّ بحلّ هذه الفصائل وهذه التشكيلات المتناحرة والمختلفة المرجعيات والولاءات، ودمجها في جيش يخضع لمرجعية وطنية ذو تراتبية عسكرية صارمة واحدة.
ولا يمكن أن يتم ذلك إلاّ إذا توافرت الإرادة اللازمة لدى قادة هذه الفصائل والتشكيلات، ووجدت النية والرغبة الصادقة لدى الجهات الداعمة لها، ومن المؤكد أن الضامن التركي ممكن أن يلعب دوراً مهماً في هذه الحالة، مع ضرورة تكامل دوره مع أدوار الداعمين الآخرين التي لا يمكن نكران أهميتها.
مع الإشارة إلى ضرورة وضع نظام خدمة يلتزم فيه الجميع من كل المستويات، وأن يكون هناك تعويضات
السؤال الثالث:
لا يمكن لأي منطقة سكانية مأهولة أن تنظّم أمور حياتها بدون وجود وثيقة شبه دستورية في ظلّ غياب وحدة البلاد سياسياً.
- من الجهة المسؤولة عن توفير هذه الوثيقة في الشمال السوري المحرّر؟
- ألا يشترط بهذه الوثيقة ألا تتجاوز حقيقة أن العمل بها هو لمرحلة مؤقتة إلى حين توحيد البلاد؟
ج3- يقول المحامي محمود الهادي النجّار في جوابه على سؤالنا:
إن القانون الدولي حدد أركان الدولة وحصرها بثلاث:
الأرض وهي الحيز الجغرافي الذي تقوم عليه الدولة.
الشعب وهو مجموع السكان الذين يعيشون على هذه الأرض.
السلطة هي الجهة العليا التي تدير الإقليم وتمارس السيادة عليه.
وإن القانون لم يميّز بين دولة وأخرى من حيث المساحة أو عدد السكان طالما أنها تمتلك أركان ومقومات الدولة.
أما موضوع وضع وثيقة شبه دستورية فلا حاجة لنا به، طالما أن المنطقة المحررة هي جزء من الدولة السورية، وطالما أنه تم اعتماد دستور عام 1950 كمرجعية دستورية، وتطبيق منظومة القانون السوري بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية وأهداف ومبادئ الثورة.
ويضيف النجار: ونحن كمحامون أحرار متمسكون بوحدة الأرض السورية، ولن نتنازل عن أي شبر منها، وبعد إزالة حكم الطاغية بشار ونظامه الاجرامي سنسعى بأن تعود سورية دولة واحدة وفق عقد اجتماعي حقيقي، ونظام دستوري يتوافق عليه السوريون، يضمن العدل والمساواة أمام القانون بين الحاكم وأفراد الشعب.
السؤال الرابع:
يتم الحديث عن ضرورة وجود حوكمة سياسية في الشمال السوري المحرر، وعن ضرورة تمكين الحكومة المؤقتة.
- ما الفرق قانونياً وسياسياً بين الحوكمة السياسية وتمكين الحكومة المؤقتة؟
- هل الحوكمة السياسية تشمل قيادة المحرر سياسياً وتشريعياً ورقابياً على أداء الحكومة المؤقتة في إدارة شؤون الداخل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؟
ج4- يقول المحامي محمود الهادي النجار: لا يوجد أي حوكمة سياسية في الشمال السوري وهو أبعد ما يكون عن ذلك. وإن الحوكمة القانونية والسياسية تقتضي:
أن يتم تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأن تقوم كل جهة بدورها المناط بها قانوناً، وتمارس صلاحياتها ومهامها المرسومة لها وفق القانون والدستور، ولا يجوز لها أن تتعداها إلى مهام وصلاحيات غيرها.
ويضيف النجار: وإن شعار تمكين الحكومة يعني أن يُفسح لها المجال، للقيام بمهامها كمحاربة الجريمة، والفساد، وانتشار التهريب، والمخدرات، والسجون السرية، والانفلات الأمني، والاعتقال التعسفي، وأداء واجباتها في تقديم الخدمات للمواطنين، وتأمين الحاجات الأساسية ولقمة العيش وفرص العمل للشباب، وأسباب العيش الكريم للمجتمع واحترام حقوقهم على الوجه المطلوب، دون أن تتدخل في صلاحيات غيرها.
وأن يتم ذلك وفقاً للقانون، وتحت إشراف الائتلاف وبالتكامل معه، وتحت رقابة القضاء ومنظمات المجتمع المدني والإعلام والمؤسسات الثورية.
ويتابع النجار جوابه:
لا أن تحل محل السلطات الثلاث وتصادر صلاحياتها، وتتعسف في ممارسة مهامها، وتنحرف عن الأهداف والمبادئ التي قام الشعب السوري بثورته، وضحّى بالغالي والرخيص لأجلها.
ولا أن تتسلط على الناس من خلال ما تملكه من أدوات وأموال، ويصبح هدفها فرض سطوتها وسيطرتها على المجتمع، وقمع كل من يخالفها لأجل البقاء في السلطة.
ولا أن تستهتر بالأنظمة والقوانين وتضرب بها عرض الحائط جيئة وذهاباً، وتتجاهل القضاء، ولا تحترم أحكامه، وتمتنع عن تنفيذها، كما هو حاصل اليوم في كثير من القضايا.
وتقوم بالتضييق على الحريات والإعلام، وتحارب الكلمة الحرّة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب، التي هي بمثابة البوصلة في المجتمع.