المجلس العسكري… ضرورة ملحة أم طرح خارجي
نفت روسيا وجود أي محادثات حول ما سُمي بـ “المجلس العسكري السوري”، واصفة الحديث حوله بأنه “تضليل يهدف إلى نسف العملية السياسية”، وذلك في أول تعليق رسمي منها على الأنباء التي تم تداولها في هذا الخصوص.
وقال سامر إلياس المتخصص بالشأن الروسي: إن روسيا بهذا النفي تؤكد أنها لن تُجبر نظام الأسد على تقديم تنازلات، مهما كانت طبيعتها، لأن فكرة “المجلس العسكري” لا تصب في مصلحتها أو في مصلحة بشار الأسد.
ونقلت قناة “روسيا اليوم” تأكيد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، أن الجولة 15 من محادثات أستانة في سوتشي لن تتضمن أي محادثات حول “المجلس العسكري”، وستركز على دفع التسوية ومكافحة الإرهاب دون هوادة.
من ناحية أخرى قال العميد أحمد رحال: إن أستانة كان نكسة في تاريخ الثورة السورية انعكس علينا، والذي انطلق من أجل ثلاث نقاط وهي وقف إطلاق النار وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وإطلاق سراح المعتقلين، ولكن للأسف لم يحدث وقف لإطلاق النار ولم يطلق سراح معتقل واحد والمناطق المحاصرة بدل أن يفك الحصار عنها التهمها النظام، ومناطق خفض التصعيد التهمت الواحدة تلو الاخرى ولم تبق إلا منطقة ادلب لأنها تشكل بعداً أمنياً قومياً تركياً وتركيا هي التي قامت بحمايتها.
ما رأي العميد بطرح مجلس العسكري بقيادة مناف طلاس وهل هو جزء من الحل السياسي وهل سيكون الى جانبه مجلس سياسي؟
المجلس العسكري هو مؤسسة أساسية وهو أساس العمل العسكري مثل المحكمة الدستورية العليا والقضاء، وهو مظلة لأي عمل عسكري أو مؤسسة عسكرية ونحن من البداية طالبنا به والضرورات تستلزم مجلساً عسكرياً، وعندما ذهب الائتلاف وهيئة التفاوض عام 2014 إلى جنيف للتفاوض لم يكن لديهم أي معلومة عسكرية عن عدد الضباط السوريين المنشقين واختصاصاتهم. فطرح عليهم تشكيل مجلس عسكري فتم الرفض بسبب وجود حزب أو تيار في الائتلاف كان يرى تنظيم الضباط وتأطير عملهم وتشكيل مجلس عسكري يوصلهم إلى السلطة سيكون حجر عثرة أمام الائتلاف والحل المستقبلي، وبالتالي تم إبعادهم بشكل مقصود ومنعوا من أن ينظموا ويتأطروا من 2012 حتى الآن.
هيئة التفاوض رفضت تشكيل مجلس عسكري
يضيف العميد رحال: عندما ذهبت هيئة التفاوض عام 2016 الى الرياض1 تواصلت مع رياض نعسان آغا وجورج صبرا وقلت لهم: تحتاجون إلى مجلس عسكري يكون شريكاً لكم والثورة تطير بجناحين، جناح عسكري وجناح سياسي والجناح العسكري هو من يفرض القوة على طاولة التفاوض وهو من يحرك الأداة العسكرية، وعندما تختل التوازنات ويرفض طلبك على طاولة المفاوضات تعطي إشارة للعسكر فيقلبون لك الطاولة ويشعلون لك الأرض كلها ويجبرون خصمك على الرضوخ لطلباتك، وعندما تكون في مرحلة قطاف ثمار سياسية يعطيك إشارة تهدئة الجبهات وبالتالي ينفذ الأمر وتسكن الجبهات.
وهذه عملية مد وجزر وبالتالي العسكر هم القوة، والساسة هم العقل، لكنهم رفضوا، وربما لم يسمح لهم، وعندما جلبوا العسكر من أستانة وضموهم للرياض1 عدنا للتأكيد ورفضوا، وعندما ذهبت أنا إلى الرياض2 طالبت بمجلس عسكري وتم الرفض.
يؤكد العميد أنه طلب من نصر الحريري ومن الدكتور يحيى العريضي تشكيل مجلس عسكري ومن ثم حاول الضغط على الائتلاف فرفضوا الطرح الذي قدمه وهذا يعني وجود قرار ما!
اليوم يتكلمون عن مجلس عسكري بقيادة العميد مناف طلاس، الموضوع وما فيه أننا اليوم أمام حائط مسدود في كل مجالات التفاوض، في أستانة خسرنا كل مناطق خفض التصعيد، وفي جنيف خضنا تسع جولات، وخرجنا بمحصلة هي الصفر، وخلال ثلاث سنوات من علم اللجنة الدستورية لم يتم الاتفاق على جدول أعمال، وبالتالي، فإن الشعب السوري تعب، ولم يعد يحتمل المزيد، وهذا نتيجة عبث السياسيين المتسلطين المتسيدين المشهد السياسي وما نراه في اللجنة الدستورية غير مقبول ولا يطاق.
نريد حلاً؟ وطرح المجلس العسكري!
قال عضو “منصة القاهرة” جمال سليمان: إن “من بين الروس من يرى في المجلس العسكري مخرجاً وحيداً” من حالة انسداد الأفق السياسي.
وأضاف إلياس المتخصص بالشأن الروسي: “روسيا تستمع إلى كل الأفكار التي تقدمها الوفود والشخصيات السورية، على اختلاف توجهاتها، غير أن الاستماع إلى الآراء لا يعني الاقتناع أو العمل بموجبها”.
من جهته، نفى رئيس منصة موسكو قدري جميل تقديم المنصتين للجانب الروسي وثيقة مكتوبة حول إنشاء مجلس عسكري. وكتب في تغريدة له: “الخبر لا يمت للواقع بأية صلة ونستغرب توقيته وشكله ونستنكر محتواه الذي يهدف لخلط أوراق العملية السياسية التي نضجت ظروفها وعرقلتها”.
إذا لم يكن هناك توافق دولي وتطبيق للقرار 2254…
يقول العميد المنشق من القوات البحرية السورية أعتقد أنكم قرأتكم كلام الأستاذ جمال سليمان فقد طرح الموضوع، وهناك من حركه عبر الإعلام إنما على أرض الواقع نحن تصدينا للموقف على الشكل التالي، إذا لم يكن هناك توافق دولي وإذا لم يكن هناك تطبيق للقرار 2254 الذي يحوي عدة مدرجات من ضمنها مهمة لمجلس عسكري يعمل بقيادتهم فنحن جاهزون لهذه المهمة، ولكن إذا كنتم تريدون عمل مجلس عسكري يكون مثل أستانة عبارة عن عملية التفاف أو كسوتشي وبالتالي عملية التفاف لنسف القرارات الدولية.
يضيف العميد: إن الضباط لا يسمحون بهذا الشيء، ولن يسمحوا، وحتى إذا اردتم تشكيل مجلس عسكري يقود المرحلة لا نقبل بهذا الأمر، والمجلس العسكري من ضمن مدرجات قرار جنيف 2254 وهيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تأخذ مهام رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة. تشكيل مجلس عسكري للمهام الأربعة التي ذكرت من أجل ضبط السلاح، وإنشاء دستور وتشكيل بيئة آمنة لانتخابات برلمانية وبيئة آمنة لانتخابات رئاسية ينتهي عمله وليس له علاقة بالأحزاب وليس له علاقة بالسياسة هذا المجلس العسكري الذي نبحث عنه.
وعندما تصدينا للموضوع قلنا نحن جاهزون للعمل، ولكن هل هناك توافق دولي؟ أنا لا أرى أي توافق دولي! وهل هناك قرار من إحدى الدول العظمى كالولايات المتحدة الامريكية أو روسيا؟ أنا لا أرى ذلك، هناك ترحيب في الداخل لأن الداخل منهك ومتعب وبحاجة إلى حل وبالتالي سيوافق، لأنه يبحث عن حل ويرتجيه من الله عز وجل وأي مبادرة بعيدة عن نظام الأسد هو مستعد لها.
وكان جمال سليمان قد كشف في وقت سابق، أنه هو من طرح على القيادة الروسية فكرة تشكيل مجلس عسكري سوري يكون بديلاً لهيئة الحكم الانتقالي، وذلك بعد الجدل الذي أثارته صحيفة “الشرق الأوسط” بحديثها عن تقديم منصتي موسكو والقاهرة مقترحاً لوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف يبحث في تشكيل مجلس عسكري يحكم سوريا في المرحلة الانتقالية.
المجلس العسكري ليس مدعوماً دولياً
أضاف العميد أحمد رحال: إن الداخل يحتاج إلى حل لأنه منهك، وهل المجلس العسكري مدعوم دولياً؟ أنا شخصياً لم أر أي دعم، هل رأيتم إشارات؟ فعندما تعطي قسد موافقتها فهذه إشارة باعتبارها تحت العباءة الأمريكية، وعندما يخرج أشخاص على اطلاع على بعض المطابخ السياسية الأمريكية والدولية فإن ذلك يعطي بعض المؤشرات، لكن رأينا موقفاً روسياً واضحاً، وقال: أنا لم أتحدث بهذا الأمر وليس لدي أي موافقة عليه أبداً، الأمريكيون لم يعطوا موافقة والاتحاد الأوربي لم يعط موقفاً ولكن ما حدث كان عبارة عن ضجة من الداخل لأن الشعب تعب جداً.
الضباط المنشقون أكدوا دعمهم للمجلس العسكري
صرح 1200 ضابط وقالوا نؤيد العميد مناف، وبالنسبة لي، أحتاج لمؤشر دولي أو أن يتحدثوا عن تطبيق القرار 2254 والضباط ليسوا لعبة، ولا مساراً للأخذ والرد لقد تم تجميدهم لمدة عشر سنوات، والآن يتم طرح موضوعهم، نحن كنا وما زلنا وسنبقى بيد الشعب السوري تحت تصرف الشعب السوري، ولإنقاذ الشعب السوري ولكن عندما يكون هناك قرار عربي، وأنا لم أسمع به ولا بأي قرار آخر إقليمي، أوروبي، أمريكي أو روسي وكل ما يثار حالياً هو ضجة إعلامية لا غير والضباط قدموا قرارهم وقالوا: نحن مستعدون إن أردتم الاشتراك وبالنسبة للضباط من يقود ليس لدينا عليه خلاف كائن من يكون ولكن في البداية نريد توافقاً دولياً، وقراراً بتطبيق القرار 2254 وأنا سأقدم نفسي وأقول للسياسيين هذه خطتي وأنا تحت تصرفكم.
يؤكد العميد رحال أنهم اليوم لا يملكون قراراً عسكرياً ولا قراراً سياسياً، وتغيير الواقع يعتمد على أحد ثلاثة شروط، أن يأخذ المجتمع الدولي قراراً أو الإقليمي أو العربي، أو أن يقرر المجتمع الدولي أن هذه الأدوات لم تعد مجدية، ونحن نتجه بالبلد نحو كارثة ويجب على المجتمع الدولي أن يغير أدواته سياسياً وعسكرياً أو يغير القائمين على مؤسسات المعارضة من ائتلاف وهيئة تفاوض وحكومة مؤقتة وقادة موجودين على الأرض. عليهم أن يعترفوا بأخطائهم، ويقولوا: نحن فشلنا أو أن يقلب المجتمع المدني الطاولة على كل هؤلاء. لا أحد يريد التغيير ولا أحد يريد أن يغيّر ويطوّر من أدواته، والحاضنة الشعبية أنهكت ولا نور في نهاية النفق.
يضيف العميد: إن أداء الائتلاف غير مقبول، وبالتالي فإن أداء الهيئة التفاوضية غير مقبول، وتبديل الطرابيش غير مقبول، والتحكم وأخذ (غوتا) بين مستقلين وعسكريين غير مقبول، والسيطرة على قرار الهيئة التفاوضية غير مقبول ومن هنا الحل برز دور المجلس العسكري ولكن كيف تم طرح المجلس العسكري بلقاء موسكو.
العميد الركن أحمد رحال ضابط سابق في القوات البحرية السورية، ومدرس في الأكاديمية العليا للعلوم العسكرية السورية، انشق عن نظام بشار الأسد في أكتوبر/تشرين الأول 2012، وانخرط في العمل العسكري عند انشقاقه، ثم ما لبث أن تحول إلى العمل الإعلامي، نتيجة تهميش دور الضباط المنشقين واستبعاد معظمهم عن العمل العسكري المباشر، ليصبح أحد أبرز المحللين.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”