fbpx

العدالة الانتقالية

0 323

يكثر الحديث عن العدالة الانتقالية كما تتعدد الآراء حولها ويتم أحياناً التركيز على مبدأ من مبادئها أو إهمال لأحد مبادئها متناسين التركيز على أن العدالة الانتقالية مفهوم متكامل لا يجوز أن تلغي بنداً من بنودها ولا يجوز أن تعطي أولوية لمبدأ من مبادئها على آخر.

كما تعددت معاني العدالة حسب موضوعاتها والعلوم التي تناولتها فلها معنى فلسفي ومعنى اجتماعي ومعنى سياسي ومعنى اقتصادي.

العدالة لغة من العدل والعَدْل: ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو ضد الجور، والعدل هو الحكم بالحق.

فالعدالة عكس الظلم والجور والتطرف، وما يدل عليها أهدافها، فأهداف العدالة الإنصاف والمساواة والتوازن وعدم التعدي وحماية المصالح الفردية والعامة، والتعويض وجبر الضرر.

وهي مفهوم أخلاقي يقوم على الحق والأخلاق، والعقلانية، والقانون الوضعي، والقانون الطبيعي والإنصاف.

مفهوم العدالة لا يختلف من مجتمع إلى آخر؛ ولكن تطبيقها وتطبيق مفاهيمها قد تختلف من حالة الى حالة أخرى او من مجتمع لمجتمع آخر، وبكل الحالات أعتقد أن هذه الاختلافات في التطبيق أي هذه التطبيقات تحمل تشوهات وتشويه للمعنى الحقيقي لمفهوم العدالة، وعند اختلاف مفهومها واختلاف تطبيقاتها تصبح العدالة في خبر كان؛ لأنه لا يمكن أن تتواجد العدالة بصور وأشكال مختلفة، فالعدالة عدالة بلون واحد وصورة واحدة لا تتغير بحسب الظروف والأحوال ولا بتغير الزمان والمكان، فالعدالة هي القوانين الطبيعية التي وجدت مع وجود الكون وتحقيقها يتعلق بالبشر، ويرتبط بمدى إدراكهم وفهمهم لحقوقهم. فالعدالة ضرورة تقتضيها الحياة، حياة الناس وهي هدف دائم كما هي مبدأ إنساني رفيع تتعلق بسلوك الناس، وعلاقاتهم مع الطبيعة ومع بعضهم بعضاً مهما اختلفت الظروف والأحوال، كما أنها تتعلق بالجماعة والمجتمع، وتتعلق بالفرد، وكذلك تتعلق بالدولة وسلطاتها ومؤسساتها المختلفة؛ وإن كانت بأذهاننا وفي الواقع مرتبطة بالقضاء لأنه يجسد كل ما يتعلق بحياة الناس وقوانينها.

تعتبر العدالة قاعدة اجتماعية أساسية لاستمرار حياة البشر مع بعضهم بعضاً، فالعدالة محور أساسي في الأخلاق وفي الحقوق وفي الفلسفة الاجتماعية وهي قاعدة تنطلق منها بحوث إيجاد المقاييس والمعايير الأخلاقية والقانونية. هذا مفهوم العدالة بشكل عام تتوج حياة المجتمعات المستقرة الخالية من الصراعات الدموية والاستبداد والحروب والصراعات المسلحة، لكن من مفهوم العدالة هذا نستطيع أن نتعرف على مفهوم العدالة الانتقالية.

يمكن القول: العدالة الانتقالية طريقة لإصلاح كل ما هو خطأ في المجتمع. لكن ربما تساعد العدالة الانتقالية النضالات الاجتماعية والسياسية طويلة المدى من أجل تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، ولكن لا تحل محلها.

ليست العدالة الانتقالية نوعاً خاصاً من العدالة مثل العدالة التصالحية أو العدالة التوزيعية أو العدالة الجزائية؛ ولكنها تطبيق لسياسة حقوق الإنسان في ظروف معينة.

العدالة الانتقالية هي محاولة لتوفير أكثر عدالة ممكنة في ظل ظروف سياسية واجتماعية صعبة ومعقدة.

فمصطلح العدالة الانتقالية بالاستناد لتجارب تطبيقه ببعض الدول لا يشير لوجود نهج موحد ولا مبادئ مشتركة؛ ولكن تطور مناهج العدالة الانتقالية ونهجها وآلياتها في أواخر الألفية الثانية وأوائل الألفية الثالثة على أساس الاعتراف بمبادئ حقوق الإنسان، والإصرار على أن انتهاك الحقوق لا يمكن تجاهله.

ارتبط مع هذه الفكرة تطبيق أنواع معينة من الآليات، مثل الملاحقات القضائية، وتقصي الحقائق (أو “البحث عن الحقيقة”) والتحقيقات، وبرامج جبر الضرر، ومبادرات الإصلاح باعتبارهم أكثر الوسائل فعالية لإنفاذ مبادئ حقوق الإنسان.

بشكل عام تُشير العدالة الانتقالية إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وتتضمّن هذه التدابير (إجراءات تقوم بها العدالة الانتقالية):

1- الملاحقات القضائية: لاسيّما تلك التي تطال المرتكبين الذين يُعتَبَرون أكثر من يتحمّل المسؤولية

2- لجان الحقيقة: أو وسائل أخرى للتحقيق في أنماط الانتهاكات الممنهجة والتبليغ عنها، والمساعدة على فهم الأسباب الكامنة وراء تلك الانتهاكات.

3- برامج جبر الضرر.: الذي تعترف الحكومات من خلاله بالأضرار المتكبَّدة وتتّخذ خطوات لمعالجتها. وغالباً ما تتضمّن هذه المبادرات عناصر مادية (كالمدفوعات النقدية أو الخدمات الصحيّة على سبيل المثال) فضلاً عن أشكال رمزية (معنوية )(كالاعتذار العلني أو إحياء يوم للذكرى )

4- إصلاح المؤسسات.: ويشمل مؤسسات الدولة القمعية كالجيش و القوات المسلّحة، والشرطة والمحاكم، وإعادة تأهيلها

لكن يجب ملاحظة ما يلي:

لا ينبغي النظر إلى هذه الأساليب المختلفة كبدائل لبعضها بعضا، على سبيل المثال، لجان الحقيقة ليست بديلاً عن المحاكمات، تحاول لجان الحقيقة أن تفعل شيئاً مختلفاً عن الملاحقات القضائية بتقديم مستوى أوسع بكثير من:

الاعتراف والحد من ثقافة الإنكار. وبالمثل، فإصلاح الدساتير والقوانين والمؤسسات ليست بديلاً عن تدابير أخرى ولكن تهدف مباشرة إلى استعادة الثقة ومنع تكرار الانتهاكات.

من المهم التفكير بشكل مبتكر وخلّاق حول هذه النهج وحول مقاربات أخرى أيضاً.

 ومن المهم أيضاً أن ندرك أن “العدالة الانتقالية متجذرة في المساءلة وجبر ضرر الضحايا وتعترف بكرامتهم كمواطنين وكبشر”.

ومن المهم الانتباه أن الظروف السياسية والاجتماعية والقانونية في بلد ما قد تملي المنهج الذي يمكن تطبيقه والقيام به في الوقت المناسب

والعدالة الانتقالية بقدر ما هي علم هي فن أيضاً ويتضح فن العدالة الانتقالية بتحقيق التوازن بين السعي لتحقيق العدالة ومواجهة المعوقات والصعوبات والمخاطر التي تقف عائق أمام تحقيق العدالة

أهداف العدالة الانتقالية:

تختلف أهداف العدالة الانتقالية باختلاف ظروف البلاد وطبيعة المرحلة الانتقالية، ولكن توجد:

أهداف ثابتة: كالاعتراف بكرامة الأفراد – والإنصاف والاعتراف بالانتهاكات – وهدف منع وقوعها مرة أخرى.

أهداف إجرائية وتطبيقية:

  • إنشاء مؤسسات خاضعة للمساءلة واستعادة الثقة في تلك المؤسسات.
  • جعل الوصول إلى العدالة ممكناً للفئات الأكثر ضعفاً والأكثر تضرراً في المجتمع في أعقاب الانتهاكات.
  • ضمان أن النساء والمجموعات المهمشة تلعب دوراً فعالاً في السعي لتحقيق مجتمع تسوده العدالة.
  • احترام سيادة القانون
  • تسهيل وتفعيل عمليات السلام، وتعزيز الحل السلمي للصراعات.
  • إقامة أساس لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع والتهميش.
  • دفع قضية المصالحة للأمام بسبب حجم الانتهاكات وهشاشة المجتمع وتصدع أركانه، وما زال الناس يريدون الخلاص لكنهم لم يتخلصوا تماماً من التجربة ومستوى وعيها لذلك يجب التعامل مع كل مخالفة ومعالجتها في سياق الظروف الطارئة، وهي ليست كما قد يكون الحال في الأوقات العادية.

العدالة الانتقالية وظروف البلد السياسية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية

“تملي الظروف السياسية والاجتماعية والقانونية في بلد ما المرحلة الانتقالية بتطبيق العدالة الانتقالية بما يتفق وظروف هذا البلد والمجتمع، والتي يمكن القيام بها وبالوقت المناسب لذلك شرط أن لا تتناقض مع المبادئ الأساسية للعدالة الانتقالية.

 من المهم التفكير بشكل خلاق ومبتكر في الطرق المتبعة في معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل يجب أيضاً وضع قضايا هامة تساعد على زيادة فرص تحقيق أهداف العدالة الانتقالية في الاعتبار.

لذلك من المهم أخذ الوقت لإجراء التحليل اللازم، وتجنب “قائمة مرجعية” أو قالب من التدابير، وكذا ضمان أن ما يتم القيام به يستجيب لإِدْراكٍ مستنيرٍ للأوضاع في البلاد.

القيام بالتَدَخُّلات المُلائِمة: لكن من الحكمة عدم محاولة فعل عدة أشياء في نفس الوقت. ويجب أن نعترف بأن من مصلحة بعضهم السعي لاستخدام هذه العوامل كوسيلة لتأخير تدابير العدالة؛ لذلك يجب أن نعي تماماً بأن العدالة مبادئ نظرية فهي علم ولكنها بنفس الوقت فن، أي فن تطبيق هذه المبادئ بالعمل والسلوك على أرض الواقع، وفي وعي جميع الأفراد، لذلك لا بد من تحقيق العدالة الانتقالية بتحقيق التوازن بين السعي لتحقيق العدالة و مواجهة المقاومة، والمخاطر والمعوقات الموضوعية والذاتية، فالطرق المختلفة والمتعددة لمعالجة الانتهاكات وأسبابها معقدة، وتتطلب وقتاً ومواردَ غير متوافرة في العديد من البلدان.

لا يوجد وصفة كاملة ومطلقة تعالج هذا الواقع الهش والمعقد إذاً. ما يهم هو وضع تدابير العدالة في ظروف من شأنها أن تجعل نجاحها مرجحاً، تكتيكياً مرحلياً أو استراتيجياً.

إن معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تشير إلى جزء مهم محتمل في حياة أي مجتمع. وتتطلب معالجة الانتهاكات الانفتاح على الجميع ودفعهم وتشجيعهم للمشاركة، فهي فرصة لإشراك قطاعات جديدة من المجتمع، وإشراك النساء وكل الناس ممن هم خارج هياكل السلطة السياسية والاقتصادية. وهذا يعني تجاوز اتفاقيات النخبة وأصحاب المصالح الخاصة؛ بل مشاركة الجميع وخصوصاً المتضررين وأهل الضحايا و الفئات المهمشة؛ وذلك لتحديد أفضل السبل لمعالجة الإخفاقات الهائلة لحقوق الإنسان لبناء مستقبل أكثر أمنا بالنسبة لهم. وهذا بدوره يتطلب الابتكار من أجل إيجاد حلول جديدة مستندة على التحليل العميق والدقيق للظروف والواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع.

ومن أهمها معالجة ظروف النزوح القسري الهائل و ضمان العودة الآمنة، وإعادة حقوق الملكية، وتحديد مصير المفقودين مبدأ أساسي قائم على حقوق الإنسان في التعامل مع الدمار والفظائع التي وقعت.

قد يكون البلد بفترة انتقالية أو لا، المهم من الناحية العملية الاستفادة من أي فرصة قد ظهرت للتصدي للانتهاكات حتى وإن كانت فرصة محدودة.

وتأتي هذه الأنواع من الفرص في أغلب الأحيان أثناء وحول عمليات السلام التي تسعى إلى إنهاء النزاعات المسلحة الداخلية، قد يسعى أطراف المفاوضات وغيرهم من المشاركين في المفاوضات إلى إدماج قضايا العدالة كجزء من الاتفاقيات لإنهاء الصراع. في بعض الأحيان يعكس هذا مطالب المجتمع المدني ومجموعات الضحايا الذين يعملون على قضايا العدالة.

من الأمثلة على ذلك كولومبيا وغواتيمالا والسلفادور وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيريا وجنوب السودان والفلبين ونيبال، وغيرهم من البلدان. في بعض هذه الحالات أخذ النزاع المسلح مكانه جنباً إلى جنب مع انتهاكات نظام قمعي شديد.

 أيضاً، قد تسْتَحْدَث الحكومات الجديدة التي تحل محل الأنظمة القمعية وتدعم أنواع مختلفة من سياسات العدالة بخصوص الفظائع الجماعية. وتشمل الأمثلة على ذلك الأرجنتين في الثمانينات، وشيلي وجنوب إفريقيا في التسعينات، والبيرو وتونس في الآونة الأخيرة. بينما كينيا وساحل العاج: كلاهما شهدت حوادث عنف واسعة ما بعد الانتخابات، كلفت الكثير من الأرواح وشردت عدداً كبيراً من السكان.

في بعض الحالات، تبدو قضايا النطاق والهشاشة واضحة جداً، ولكن طبيعة هذه الفرص أكثر محدودية. وأمثلة ذلك تشمل أفغانستان والعراق حيث يستمر النزاع.

معوقات أمام تطبيق العدالة الانتقالية:

كل الفرق التي تسعى لتطبيق العدالة الانتقالية، والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان غالباً ما تواجه عقبات هائلة. أهمها:

قد لا تزال الأطراف التي لديها بعض الخوف من العدالة تسيطر على بعض أو معظم مقاليد السلطة. توزيع السلطة يحدد الكثير مما يمكن القيام به.

قد تحتاج ضعف المؤسسات إلى وقت واستثمارات كبيرة قبل أن تكون قادرة على البدء في معالجة انتهاكات منهجية.

وقد يكون المجتمع المدني ومجموعات الضحايا في غاية الوضوح والتنظيم في بعض الأماكن؛ ولكن متبايناً وضعيفاً في أماكن أخرى، مع أقل قدرة على ممارسة الضغط على الحكومات للعمل أو للانخراط في وسائل مجدية.

قد تفتقر وسائل الإعلام إلى الاستقلال أو قد تكون مستقطبة وتدفع بروايات محددة ومثيرة للانقسام.

وقد يكون المجتمع الدولي على قدر كبير من الاهتمام بالبلد أو القليل من الاهتمام للغاية. سوف تعتمد مساندة وتنفيذ جهود العدالة على كل هذه الأمور وأكثر من ذلك.

مستقبل العدالة الانتقالية في الواقع السوري

إن تحقيق العدالة الانتقالية هو السبيل الوحيد الذي يضمن تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا وبنفس الوقت يفتح الطريق لتحقيق المصالحة الوطنية، التي بدونها ستكون سوريا عرضةً لمزيد من الاحتراق وإراقة الدماء والتي سيقف وراءها الانتقام بكل تأكيد.

إن المصالحة هي شكل من أشكال العدالة الانتقالية التي تكون ضرورية لإعادة تأسيس الوطن على أسس شرعية قانونية وتعددية وديموقراطية في الوقت ذاته.

سوريا في حاجة إلى تأسيس جديد لنمط الشرعية قائم على نمط الشرعية الدستورية المؤسساتية، وتجاوز إرث الماضي الثقيل عبر مجموعة من الإجراءات تؤسس للدخول في “المصالحة الوطنية” عبر “العدالة الانتقالية” التي تتم من خلال إعادة البناء الاجتماعي. المصالحة الوطنية، تأسيس لجان الحقيقة، التعويض للضحايا، جبر الضرر، وإصلاح مؤسسات الدولة العامة أو الخاصة، الأجهزة الأمنية في التعامل مع الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان.

ولابدّ من التأكيد على النقاط الآتية:

الديمقراطية لا يمكن بناؤها على أساس أكاذيب وشعارات طنانة تأكلها الغبرة ويعشش بها العنكبوت على الجدران؛ بل هي جهود مستمرة، ومنظمة وتوافقية تتعلق بفهم الماضي والحاضر والمستقبل، وهي منهج ديمقراطي أكثر قوة. ويتم ذلك بشكل كبير من خلال إرساء المحاسبة (مثل مكافحة الإفلات من العقاب) ومن خلال بناء ثقافة ديمقراطية. وتأسيس وعي ديمقراطي فردي وجمعي.

الواجب الأخلاقي في مواجهة الماضي: العمل من خلال واجب أخلاقي في التذكر لقبول الضحايا والاعتراف بهم كضحايا. كما أن نسيان الضحايا والناجين من كوارث الحرب والنزاع يعتبر شكلاً من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة.

التنويه بأن من المستحيل تجاهل الماضي أو نسيانه، فهو دائماً يطفو على السطح، لذلك من الأفضل إظهاره بطريقة بنّاءة وشفافة مع التأكيد على ضرورة ردم الجراح بالتسامح والمحبة والمسؤولية العامة.

إن التعامل مع الماضي يخلق نوعاً من التوتر ويثير مشاعر الانتقام والغضب ويُضعف الثقة لذلك لا بدّ من الردع. والتذكير والمطالبة بالمحاسبة، وهما وحدهما الكفيلان بالوقاية من وقوع أشياء فظيعة مجدداً في المستقبل.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني