بداية تعني الطائفية: التعصب الأعمى لجماعة أو فرقة ما، حيث تكون ذات خصوصية دينية أو مذهبية معينة، أو هي وضع اجتماعي وسياسي قائم على التركيب والمحاصصة السياسية الطائفية، مثل حال لبنان والعراق مع – الأسف الشديد – ولذلك فإن الكارثة الوطنية عندما تتحول الطائفة أو الجماعة من تكوين اجتماعي وطني إلى مشروع سياسي طائفي، هدفه استيلاء الطائفة على الدولة، والاستحواذ الكامل على السلطة والثروة والفرص، وتهميش الآخرين كما هو الحال في الجمهورية العربية السورية منذ انقلاب حافظ أسد عام 1970 حتى الآن.
من جانب آخر إن تشخيص أو وصف حالة معينة شيء، وممارستها شيءٌ آخر، أي بمعنى، عندما نصف ونشخّص أن النظام الذي يحكم سورية هو طائفي، ويمارس الطائفية السياسية بكل أبعادها، من خلال الاستحواذ الكامل على كل مفاصل النظام السياسي، فهذا لا يعني أننا نمارسها.
النظام الأسدي منذ أكثر من خمسين عاماً، يعتمد كما قال الشهيد صلاح الدين البيطار، الذي اغتاله في باريس المجرم رفعت الأسد بعد أن كتب مقالته المشهورة عفوك شعب سورية: “إن النظام في سورية يعتمد على ركيزتين في حكمه، ألا وهي الطائفية السياسية، والدكتاتورية العسكرية”.
استخدام الطائفية السياسية من قبل النظام الأسدي، واستحواذه على السلطة والثروة والفرص، حولت الشعب السوري إلى فئتين من المواطنين، درجة أولى ودرجة ثالثة، ما أفضى إلى إشاعة الكراهية، وتهديد السلم المجتمعي، فقد أصبح لديهم الإحساس والشعور بأنهم غرباء في وطنهم، وهذا ما دفعهم إلى الثورة عليه في 15-18 آذار 2011.
الحل الوحيد لنا كسوريين هو الإيمان بأن سورية من حيث السلطة والثروة والفرص هي لكل السوريين، بغض النظر عن الانتماءات كافةً، ولذلك ندعو أفراد الشعب السوري ليتصالحوا مع بعضهم بعضاً، وهنا يجب أن نوضّح بشكل لا يقبل التأويل أن هذه الدعوة إلى المصالحة ليست مع النظام المجرم أبداً، إننا لا يمكن وبأي شكل من الأشكال أن نقبله، نحن ندعو إلى مصالحة وطنية بين أبناء الشعب السوري يقودها العقلاء، لأنها المقدمة لإسقاط النظام، ومن بعدها تكون العدالة الانتقالية، التي تحفظ حقوق كل المتضررين، وتجنّب سورية مستقبلاً ويلات الانتقام.
الطائفية لا تعالج بالطائفية، التي يجب تجريمها قانونياً، ومن هذا المنطلق، فإن بناء النظام الوطني السوري لا يمكن أن يقوم إلا إذا أصبحت سوريا وطناً لكل مواطنيها، بغضّ النظر عن الانتماءات الأخرى كافة، أي جميع الحقوق، وعليك جميع الواجبات.