“الشبكة السورية”: ممارسات التعذيب في سوريا مستمرة دون محاسبة المتورطين فيها
بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الاثنين 26 حزيران 2023، تقريرها السنوي الثاني عشر عن التعذيب في سوريا، وقالت فيه إنَّ ممارسات التعذيب في سوريا مستمرة دون محاسبة المتورطين فيها وإنَّ حصيلة الذين قتلوا بسبب التعذيب قد بلغت 15281 شخصاً منذ آذار/2011 حتى حزيران/2023 بينهم 198 طفلاً و113 سيدة.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“يأتي هذا التقرير في حين قامت بعض الدول العربية بإعادة علاقاتها مع النظام السوري، ليظهر لهذه الدول ولغيرها، أن النظام السوري ما يزال يمارس أبشع أساليب التعذيب بحق النساء والأطفال وجميع المعتقلين تعسفياً لديه، وهم قرابة 136 ألفاً، وإن إعادة العلاقات معه قبل إطلاق سراحهم يعني ضوءاً أخضر لتصفيتهم، فهو لديه تاريخ وحشي في قتل آلاف المعارضين السياسيين”.
انتهاكات التعذيب مستمرة منذ اثني عشر عاماً دون محاسبة المتورطين فيها:
اشتملَ التقرير على كمٍّ واسع من حوادث التعذيب، وشهادات ناجين من الاعتقال والتعذيب، وكذلك حوادث موت بسبب التعذيب، التي تم تسجيلها في غضون عام منذ 26/حزيران/2022، وقال إن التعذيب يرتبط بشكل عضوي بعملية الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، لكنه لا يقتصر عليهما.
وأضاف التقرير أنه لا يزال هناك ما لا يقل عن 155 ألف شخصٍ قيد الاعتقال والاحتجاز التعسفي في سوريا من قبل أطراف النزاع، النظام السوري مسؤول عن 88 % والغالبية العظمى منهم هم معتقلون سياسيون على خلفية الحراك الشعبي، وجميعهم يتعرضون لشكل أو أشكال عدة من أساليب التعذيب على مدى سنوات عديدة، فلا يوجد في سوريا حد زمني يتوقف فيه التعذيب منذ اللحظة الأولى للاحتجاز التي تتم بعيداً عن أي محددات قانونية حقيقية ويستمر بشكل مفتوح بمختلف أنماط التعذيب.
حصيلة ضحايا التعذيب منذ آذار/2011 حتى حزيران/2023:
وثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 15281 شخصاً بسبب التعذيب منذ آذار/2011 حتى حزيران/2023 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، من بينهم 198 طفلاً و113 سيدة.
ووفق التقرير فإن النظام السوري مسؤول عن مقتل 15039 بينهم 190 طفلاً و94 سيدة.
وتنظيم داعش مسؤول عن مقتل 32 بينهم 1 طفلاً و14 سيدة.
أما هيئة تحرير الشام فمسؤولة عن مقتل 34 بينهم طفلين بسبب التعذيب.
وبحسب التقرير فإنَّ 94 شخصاً بينهم طفلين وسيدتين قد قتلوا بسبب التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية، فيما قتل 53 بينهم طفلاً واحداً وسيدتين بسبب التعذيب على يد الجيش الوطني.
وسجل التقرير مقتل 29 شخصاً بينهم طفلين وسيدة واحدة على يد جهات أخرى.
حصيلة ضحايا القتل بسبب التعذيب بحسب المحافظات:
أشارَ التقرير إلى أنَّ محافظتي درعا وحمص كانتا في مقدمة المحافظات التي فقدت أبناءها بسبب التعذيب، كما رصد التقرير ممارسة النظام السوري لعمليات التعذيب في كثير من الأحيان على خلفية انتماء الضحية لمنطقة ما مناهضة له، كنوع من الانتقام الجماعي في مراكز احتجازه.
حصيلة ضحايا القتل بسبب التعذيب بحسب الأعوام:
استعرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ عام 2011، وأظهر بأن الأعوام التي شهدت أعلى وفيات بسبب التعذيب هي عام 2013، ثم عام 2012، يليهما عام 2014.
مقارنة بين حصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ حزيران 2022 حتى حزيران 2023:
أظهرت المقارنة ارتفاع حصيلة الوفيات بسبب التعذيب وبشكل رئيس في معتقلات النظام السوري، مما يؤكد أن القتل بسبب التعذيب ما زال مستمر.
مختفون قسرياً قتلوا تحت التعذيب أقر النظام السوري بوفاتهم:
وثق التقرير ما لا يقل عن 1609 شخصاً بينهم 24 طفلاً و21 سيدة و16 حالة من الكوادر الطبية، لمختفين تم تسجيلهم على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني لدى النظام السوري وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى حزيران 2023.
وأكد التقرير أن جميع هؤلاء قد قتلوا تحت التعذيب، ولم يسلم النظام السوري أياً من هذه الجثامين لأهلها، وبحسب التقرير فقد شهد عام 2012 أعلى نسبة اعتقال، تلاه عام 2013 ثم عام 2014.
وبحسب التقرير فإن الحصيلة الأعلى من بين ال 1609 حالة، كان قد تم تسجيل وفاتهم في عام 2014، وذلك بحسب إخطارات الوفاة الصادرة عن دوائر السجل المدني لدى النظام السوري، تلاه عام 2013 ثم عام 2015.
كما ذكر التقرير أنه منذ بداية عام 2015 وحتى الآن، تمكنت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” من تحديد هوية ما لا يقل عن 1017 ضحية من بين ال 6786 ضحية الذين ظهروا عبر صور قيصر المسربة.
وأضاف التقرير أن “الشبكة السورية ” لدى مقاطعة ال 1017 هوية مع البيانات المسجلة للذين قتلوا تحت التعذيب، وجدت أن 836 حالة كانت مسجلة لديها مسبقاً، وبأن 181 حالة لم تتمكن من تسجيلها.
وأوضح التقرير بأن الحصيلة الأعلى للضحايا، كان قد تم اعتقالهم في عام 2012 ثم عام 2013 يليه عام 2011 وهي الأعوام الأبرز التي شهدت أكبر موجة اختفاء قسري في معتقلات النظام السوري.
قانون تجريم التعذيب رقم 16 الصادر عن النظام السوري في آذار/2022 بلا جدوى:
تحدث التقرير عن قانون تجريم التعذيب رقم 16 الذي أصدره النظام السوري في 30/آذار/2022 وأكد أنَّ هذا القانون سيبقى حبراً على ورق ولن يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب ما دامت بقية القوانين القمعية التي تعطي حصانة للأجهزة الأمنية من أية ملاحقة قضائية والمتعارضة مع العديد من مواد قانون العقوبات العام والدستور الحالي.
إضافةً إلى عدم وضع آلية واضحة وحقيقية تمكن الأهالي والضحايا من الإبلاغ عن عمليات التعذيب التي يتعرضون لها وتقديم الدعاوي بشكل فعال بسبب سطوة الأجهزة الأمنية، وعدم توفير الحماية لمقدم الشكوى أو الإبلاغ عن هذه الجريمة، والحفاظ على السرية وحماية الشهود والخبراء وأفراد أسرهم.
ووثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 48 شخصاً، بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، منذ صدور قانون تجريم التعذيب رقم 16 في 30/آذار/2022 حتى حزيران/2023.
إضافةً إلى عمليات الاستدعاء من قبل الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات السورية استهدفت ذوي ضحايا التعذيب، وتم التحقيق معهم وتحذيرهم من الإعلان عن الوفاة، وتهديدهم بإعادة اعتقالهم في حال قاموا بذلك.
وقال التقرير إنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني يتحمل القادة والأشخاص الأرفع مقاماً مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم، وعرض قائمة جديدة لأبرز أسماء المتورطين لدى النظام السوري في جريمة التعذيب، بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الخاصة ببيانات مرتكبي الانتهاكات، كما طالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن سوريا بالكشف عن أسماء الأفراد الذين تحققت من تورطهم في ارتكاب انتهاكات فظيعة تُشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ومن ضمنها جريمة التعذيب.
أهم الاستنتاجات القانونية:
أثبت التقرير أنّ جميع القوى المسيطرة في سوريا قد مارست التعذيب ضد خصومها، وبأن هذه الممارسات ما زالت مستمرة حتى الآن.
وأوضح التقرير بأنّ النظام السوري قد انتهك بشكل واضح نصوص الدستور السوري، وبنود اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سوريا في عام 2004، وتلاعبَ في سنِّ القوانين والتشريعات التي تحمي عناصر قواته من أية ملاحقة.
أبرز التوصيات:
أوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بإيجاد آلية لإلزام كافة أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري لوقف عمليات التعذيب، والكشف عن أماكن جثث الضحايا وتسليمها للأهالي.
وختم التقرير بتوصية المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحق النظام السوري لردعه عن الاستمرار في قتل المواطنين السوريين تحت التعذيب، والضغط على بقية أطراف النزاع بمختلف الطرق الممكنة لوقف استخدام التعذيب بشكل نهائي.. إلى غير ذلك من توصيات إضافية.