fbpx

الحل السياسي مدخل وحيد لاقتصاد مُعافى

0 322

لا يبدو أن أفقاً قريباً، سينفتح أمام الكارثة الخانقة، التي يمر بها اقتصاد سوريا، فالانفجار الشعبي الذي أخذ صورة ثورة سلمية شاملة عام 2011م، لم يجد تجاوباً حقيقياً من النظام السوري بشأن مطالبه الاقتصادية والاجتماعية وقبل ذلك مطالبه السياسية، وهذا أدّى إلى تشكل أزمة ثقة لدى قطاعات الصناعة والخدمات وغيرها، وخوفها على رأسمالها، وهو الأمر الذي دفع كثيراً من رجال الأعمال إلى تفكيك معاملهم، ونقلها إلى تركيا ومصر. فرأس مال القطاع الخاص يبحث عن استثمار آمن اقتصادياً وفي مناخ سياسي طبيعي، وهذا أمر انتفى من سوريا.
الكارثة الاقتصادية لم تحدث دفعة واحدة، وكان مقياس هذه الكارثة سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، وسلّة العملات الأجنبية العالمية، وهبطت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي إلى مستوى غير مسبوق وصل إلى ما دون 1100 ل.س مقابل الدولار الواحد. في وقت كان سعر صرف الدولار في الشهر الرابع من عام 2012 يبلغ 50 ليرة سورية.
هذا التدهور الخطير بقيمة الليرة تقف خلفه عوامل مختلفة وعديدة، وأول هذه العوامل أن البلاد توزعت على سلطات الأمر الواقع، نتيجة الصراع العسكري والسياسي، وهو أمر حاسم في تدمير ركائز الاقتصاد، مما جعل قدرة النظام السوري ضعيفة ومحدودة الأثر على مستوى إدارة الاقتصاد الوطني بشكل منفرد.
حكومة النظام السوري لم تستطع بعد هذه الانقسامات الجغرافية أن تفرض إجراءاتها وسياستها الاقتصادية في المناطق التي خرجت عن نفوذها، ولعل العقوبات الغربية وتحديداً الأمريكية لعبت هي الأخرى دوراً في خلق كارثة اقتصادية في سوريا، وانقطعت عن خزينة النظام عائدات المعابر الحدودية.
كان تهريب رؤوس الأموال المالية إلى مصارف لبنان سبباً إضافياً في الكارثة الاقتصادية السورية، وقد ظهرت نتائج ذلك بصورة سوداوية بعد أزمة بنوك لبنان نتيجة تهريب الأموال منها إلى الخارج، وبهذا يكون نبع الإمداد بالعملات الصعبة قد توقف عن خزينة وأسواق النظام السوري.
و زاد من كارثية الوضع الاقتصادي في سوريا، ما يجري من ثورات ضد الأنظمة الحليفة للنظام السوري، في كل من لبنان والعراق وإيران، ولعل إيران التي كانت تمنح شهرياً مائتي مليون دولار لحكومة النظام، وتمنحه إضافة على ذلك مساعدات مشتقات نفطية وعسكرية، لم تعد تستطيع تقديمها بعد الحصار الخانق عليها من الولايات المتحدة والغرب عموماً، وهذا ينسحب بطرق أخرى على وضعي لبنان والعراق.
إن الخروج من الكارثة الاقتصادية، يحتاج إلى قرار سياسي، يحلّ الصراع الجاري في البلاد، وهو أمر لا يمكن لهذا النظام ببنيته الحالية، الموغلة بالانقطاع عن الواقع وتطوره، والغارقة حتى أذنيها بفسادها، وعدم أهليتها الطبيعية، لقيادة دولة بصورة صحيحة وسليمة.
لهذا ستزداد هذه الكارثة وقعاً على السوريين، الذين يعيشون تحت حكم النظام، وهو أمر سيزيد من حجم معاناتهم المعيشية، والتي وصلت إلى درجات مرعبة من هبوط غالبية السكان العظمى تحت خط الفقر، الذي تحدده الأمم المتحدة بدخل يصل إلى خمسين دولاراً شهرياً.
إذاً، يمكن القول أن الطريق الوحيدة للخروج من الكارثة الاقتصادية في سوريا، ينحصر بضرورة التوافق على حل سياسي، يستند على قرارات مجلس الأمن الدولي وفي مقدمتها القرار 2254، والذي ينص على ضرورة انتقال سياسي في البلاد، من نظام الاستبداد إلى دولة المواطنة والمؤسسات، التي تخضع للدستور الوطني.
الصراع يذهب بجميع المنخرطين فيه إلى هذا المنعطف، رغم عرقلة كثير من القوى المستفيدة منه للحل السياسي الدولي، وهم يعرقلونه بغاية بقاء الفوضى والحرب، التي تشكل مناخاً استثمارياً، يحقق لهم أرباحاً خيالية على حساب دمار البلاد والعباد.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني