fbpx

الأنبار هدف إيران القادم.. (حوثي جديد من الشمال)

0 255

لم يتوقع نظام الملالي أن يتهدد هلاله من العراق، لأن العراق هو حجر الأساس في محور إيران الإقليمي الواصل إلى شواطىء المتوسط.

يمكننا القول إن المتاعب أو المصاعب التي تواجهها إيران في العراق لم يقم بها أعداؤها، بل جاءت في الأساس من تمرد شيعة العراق على سياسات إيران، التي أيقنت بماهية المشروع الإيراني واكتوت بنتائجه، فبعد 16 عاماً من حكم أذرع إيران للعراق، الذين أوصلوه لحالة مأساوية على مختلف الصعد الاجتماعية والمعيشية والسياسة، انطلقت ثورة تشرين 2019، التي كانت أهم وأخطر ما واجهه المشروع الإيراني من تحديات من صلب الحاضنة التي يدعي تمثيلها والانتقام لمظلوميتها التاريخية، لم تعد الشعارات الطائفية تلقى رواجاً، فانطلقت الثورة التشرينية العراقية بأجندة وطنية تجسدت بشعارين (نريد وطناً) و(العراق حرة حرة، وإيران تطلع برة).

مثَّل هذا التحرك أحد أوجه الانقلاب على السلطة من الأسفل (من القاعدة الشعبية)، وقد أثمر الحراك التشريني فيما بعد سلسلة أحداث مفصلية وهامة بالحالة العراقية حيث تم قتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وتم تولي مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء وأتبعه إجراء انتخابات 10/10/2021، التي أفرزت معادلة جديدة جسدت الرفض الشعبي لأحزاب الحشد الشيعي الولائية بخسارة انتخابية مدوية قد يبنى عليها الإطاحة (ولأول مرة منذ 2003) من التحكم بالحكومة والسلطة.

أثمرت نتائج الانتخابات عن تبلور تحالف شيعي (يمثله التيار الصدري) وسني (يمثله الرجل القوي محمد الحلبوسي مع الشيخ الخنجر)، مع الحزب الوطني الكردستاني بزعامة كاكا مسعود.

التحالف الثلاثي يهدد الأمن القومي الإيراني

لم يخف عديد من المسؤولين في نظام الملالي خشيتهم من الحالة الحديدة وهددوا (ومنهم اسماعيل قاآني) ان هذا التحالف يضر بالأمن القومي الإيراني ويطيح بكل ما عملت إيران على إنجازه بالمرحلة الماضية ويهدم البيت الشيعي كما يسمى بعدم إشراك الحشد الشيعي الولائي بالحكومة مقابل إشراك التيار الصدري للسنة والكرد بالحكومة وبدء حملة تطهير (لم يخفيها مقتدى الصدر) تبدأ بحل الحشد الشيعي وتسليم اسلحته دفعة واحدة وحصر السلاح بيد الدولة وفتح ملفات تسليم الموصل لداعش الذي قام به نوري المالكي .إضافة الى تطهير مختلف الوزارات والمؤسسات من العلق الإيراني ..الخ

مخاوف إيران في المرحلة الحالية والقريبة

1- الوضع الاقتصادي والاجتماعي الداخلي المتردي، إذ سجلت إيران في ذكرى ثورتها الثالثة والأربعين كل الأرقام السلبية السيئة عن حالة الاقتصاد والمعيشة للمواطن الإيراني.

2- لازال مصير الاتفاق النووي لم يحسم بعد، وإذا حصل ذلك الاتفاق فانه لن يتضمن إلا رفع العقوبات التي فرضت بشأنه وليس كل العقوبات كما كانت تطالب به إيران.

3- التحالف الثلاثي في العراق بين الشيعة والسنة والكرد، يهدد مستقبل سيطرتها على العراق.

4- توحد مجلس التعاون الخليجي ورص صفوفه ككتلة واحدة في مواجه مشاريع إيران الإقليمية، وهذا أنتج اندحاراً حوثياً مهماً في اليمن، ومبادرة كويتية في لبنان، وعمانية مع النظام السوري، فشلتا بالتأكيد، إيذانا بتصعيد قادم من العرب وأخذ زمام المبادرة وعدم القبول بتدوير الزوايا والمواقف الضعيفة تجاه الأذرع الإيرانية وتأجيل مواجهتها.

5- ازدياد التعاون الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين ووصوله لمراحل متقدمة أمنياً وعسكريا، ووجود إسرائيل في القيادة العسكرية المركزية الأمريكية (سنتكوم) يسهل هذا التعاون ويجعله مثمراً.

لماذا الأنبار الآن؟

تشكل الأنبار ثلث مساحة العراق، وتجاور بغداد وكربلاء والنجف، وتتصل بإقليم كردستان عبر نينوى، وتمتلك حدود العراق البرية مع ثلاث دول عربية سنية، يقطن الأنبار أقل من مليوني عراقي وهم كلهم عرب (قحطانيون) وكلهم سنة.

كانت الأنبار موئل المقاومة لقوات الغزو الأمريكية وعندما استفحل خطر القاعدة بها (بدعم من قاسم سليماني وبشار أسد) حارب الأنباريون القاعدة فيما عرف باسم الصحوات بالتحالف مع الأمريكان بقيادة الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي قال للرئيس بوش يوماً (عندما ننتهي من القاعدة سنحارب معا الميليشيا الإيرانية)، انتهت الصحوات عملياً بالحرب المذهبية التي اندلعت بعد تفجيرات سامراء.

لم ييئس أهل الانبار من المقاومة وأقاموا الاعتصامات الشهيرة عامي 2012-2013 التي أجهضها نوري المالكي بفتح الأسوار لقيادات داعش وتسليم الموصل لها في الأحداث المعروفة.

لم يشارك الحشد الشيعي بطرد داعش من الأنبار، بل قامت بها وحدات من الجيش العراقي مع القوات الأمريكية، واكتفى الحشد بالتموضع في نقاط معينة، كانت أهمها قضاء القائم الذي يربط سورية بالعراق عبر مدينة البوكمال.

وبرأيي، فإن الغاية من وضع الأنبار على سلم الأولويات للحرس الثوري الإيراني تتجلى بأمرين هامين:

1- قامت مجاميع من حزب الله العراقي (وهذه الكتائب المتطرفة مرتبطة مباشرة بمكتب المرشد وليس قيادة الحرس) بالتوغل في الأنبار في استعراض للقوة واقتربت كثيراً من منزل محمد الحلبوسي (رئيس مجلس النواب المنتخب حديثاً والزعيم القوي لسنة العراق حالياً)، في إشارة مقصودة منها إلى الضغط على الحلبوسي لفك تحالفه مع الصدر والبارزاني أو إخضاعه لمشيئة الحرس الثوري، حيث أن تحول سنة العراق (الذين يحظون الآن بدعم خليجي وتركي) إلى رقم أساسي في المعادلة السياسية.

العراق يعتبر خطاً أحمر إيرانياً وهو ما كان يقصد به أن هذا يهدد الأمن القومي الإيراني، بل يجب عليهم البقاء كديكور في العملية السياسية، وحتى القصف الذي قامت به ميليشيات الحوثي أو ميليشيا عراقية أخرى لأبو ظبي كان المقصود به أيضاً (من ضمن ما يقصده وليس وحده) الضغط على الإمارات لعدم دعم سنة العراق واتهامها بتزوير نتائج الانتخابات الأخيرة.

2- الاعلان الإيراني الآن عن امتلاك صاروخ أسموه “كاسر خيبر” يصل مداه إلى أكثر من 1500 كم، ويمكن أن يفهم من خيبر، المكانية هي المملكة العربية السعودية ومن خيبر الدينية التاريخية إسرائيل. إن أراضي الانبار هي الأقرب إلى المملكة وإسرائيل والأردن.

يمكن أن يكون في الحسابات الإيرانية، عدم صمود ميليشيا الحوثي طويلاً أو اضطرارها للدخول بعملية سياسية وفق النمط الليبي أو تجميد الحرب لأمور شتى، عندها سيكون بمقدور إيران إنشاء ميليشيا حوثية عراقية تتولى مهام الحوثي بتهديد المملكة خصوصاً والخليج عموماً.

أو إذا استمر الحوثي عسكرياً فيمكن لها عندئذ امتلاك حوثيان، أحدهما جنوبي والآخر شمالي، ومهد الحرس الثوري لذلك بتبني مجاميع من داعش لتشكيل قوة سنية جهادية باسم أشباح الصحراء قامت بعدة عمليات قتل في العضيم شمالاً وأماكن أخرى، ويمكن أن تتبنى هجوماً شرساً يقع على النجف أو كربلاء أو كليهما يتبناه داعش، وتكون فرصة لعودة حليمة لسياستها القديمة باحتلال الأنبار كاملة.

إنما السؤال هنا، ماذا سيفعل العرب وهل يمكن للأتراك تلافي ذلك؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني