fbpx

الأطفال ضحايا النزاعات

0 200

الأطفال ربيع الحياة النضر، ونسيم زهورها، وبهجتها، وعبق التفاؤل فيها، وعماد مستقبل الأمم، فهل حققت الدول والمجتمعات لهم – وهم العناصر الأكثر ضعفاً – الأمن والاستقرار والرفاهية؛ أم جعلتهم يدفعون الثمن غالياً في عالم مضطرب يمور بالنزاعات المختلفة؟ ففي بؤر التوتر امّحت الطفولة، وأنّى نظرت لن تجد أطفالاً، لقد شاخوا قبل أوانهم، وحوّلتهم النزاعات رجالاً. لُعَبُهم أسلحة، ينصبون الكمائن، ويخوضون المعارك في الساحات، وفي الطرق يضعون الحواجز، ويمزحون معك طالبين التوقف، وإبراز هويتك، وهم يضحكون. يعصر القلب دماً كيف سيكون مستقبلهم، لقد ظلمهم هوس الكبار بالمال، والسيطرة، والمجد الزائف؟ فهل تستطيع الأمم المتحدة، ومنظمة الطفولة (اليونيسيف) تحقيق ما ورد لحمايتهم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[i]، وفي اتفاقية حقوق الطفل[ii]؟

ولأهمية الموضوع تنبهت الأمم المتحدة لمعاناتهم، فأقرت يوماً دولياً لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، تحتفل به سنوياً في 4 حزيران منذ 1982، إثر العدوان الإسرائيلي الكبير على لبنان، وما سببه من معاناة للأطفال الفلسطينيين واللبنانيين في العام نفسه.

وللتوضيح، فإن لغة الأرقام تثير الشجون، وتعمّق الإحساس بالمعاناة، والمأساة التي تعيشها أجيال من الأطفال. والأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف، إضافة لمنظمات حقوق الإنسان تبيّن في تقاريرها أن أكثر الانتهاكات شيوعاً ضد الأطفال في الحروب تتبدى فيما يتعرضون له من إهمال، وقتل من خلال تجنيدهم في النزاعات المسلحة، والعنف الجسدي والجنسي، والاختطاف، والإتجار بالأعضاء، والهجمات على المدارس والمستشفيات، والنزوح واللجوء، وعدم إيصال المساعدات الإنسانية إليهم.

تقدّر اليونيسيف في تقريرها لعام 2018 أن هناك حوالي (250) مليون طفل في المناطق المتأثرة بالنزاعات يحتاجون للحماية مما يستهدفهم من انتهاكات متنوعة، لجانب (10) مليون طفل لاجئ، وتعمل الأمم المتحدة في خطة التنمية المستدامة حتى عام 2030، الهدف 16 منها، لإنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال المتضررين من الصراعات المسلحة، فهل يتحقق لها ذلك؟

تشير (هنرييتا هـ. فور) مديرة اليونيسيف التنفيذية في بيان “أوقفوا الهجمات على الأطفال” في عام 2018:

-أن في اليمن (220) طفلاً قتلوا، و(330) طفلاً أصيبوا بجروح، وهناك (4.3) مليون طفل معرضون للموت جوعاً، وأن الكوليرا قتلت أكثر من (400) طفلاً.

– وفي غزة (250) ألف طفل يحتاجون للدعم النفسي والاجتماعي جراء الحرب.

– وفي جنوب السودان (2.6) مليون طفل أجبروا على الفرار من بيوتهم، وأكثر من (1) مليون طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية.

– وفي أفغانستان قتل أكثر من (50) طفلاً، وأكثر من (400) طفل أصيبوا بجروح مختلفة.

– وفي أفريقيا الوسطى فرّ أكثر من (29) ألف طفل من بيوتهم، وعدد المشردين حوالي (360) ألف طفل ثلثهم خارج المدارس.

-وفي ميانمار أكثر من (400) ألف طفل من الروهينجا نجوا من المذابح، وهم يحتاجون للمساعدة غير الذين قتلوا.

– وفي سوريا (5.3) مليون طفل مشردين في الداخل والخارج غير الذين قتلوا، و(850) ألف طفل في مناطق محاصرة.

وتقدر اليونيسيف في عام 2019 هناك حوالي (250) مليون طفل تم تجنيدهم للمشاركة في القتال، و(150) مليون فتاة وقعن ضحايا العنف الجنسي، وأكثر من (10) مليون طفل لاجئ، وأن هناك أكثر من (34) مليون طفل يعيشون في أوضاع النزاعات المسلحة الخطرة جداً، منهم (6.6) مليون في اليمن، و(5.5) مليون طفل في سوريا، و(4) مليون طفل في الكونغو الديموقراطية، ناهيك عن العراق وليبيا.

-وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): وصل عدد الضحايا الأطفال بقصف غزة الأخير إلى (66) طفلاً، والمصابين (560) طفلاً، وهذا يؤثر على وضعهم الجسدي والنفسي نتيجة قصف المنازل وتهديمها، وهناك نحو (180) طفلاً معتقلاً. ورصد نادي الأسير الفلسطيني (7500) حالة اعتقال منذ 2015، كما وثقت مؤسسة ضمير لحقوق الإنسان أكثر من (50) ألف حالة اعتقال منذ 1967، تعرض (85٪) منهم للعنف الجسدي.

وتقدر اليونيسيف في 15 آذار الماضي (2021) هناك حوالي (4.4) مليون طفل سوري ولدوا خلال الأعوام العشرة الماضية، منهم حوالي (1) مليون طفل وُلدوا كلاجئين، أكثرهم مكتوماً ولم يسجل رسمياً نتيجة الحرب الوحشية المدمرة. وقُتل (5427) طفلاً منذ 2014، وتعرض حوالي (3639) طفلاً للإصابة بجروح مختلفة. وجنّدت المليشيات قرابة (5) آلاف طفل في القتال، ودمرت مدرستين من كل خمس مدارس في المناطق التي اجتاحتها.

– ونستشف مدى فداحة الضرر من خلال تصريح وزير التربية (عماد العزب) لسبوتنيك الروسية في 2019/4/14 بخروج (10) آلاف مدرسة من الخدمة من أصل (24) ألف مدرسة، أي ما يشكل 41،5٪، ومن تصريح (إيرينا بوكوفا) أن (2.8) مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس من مجموع (8) مليون، لنكتشف مأساة التعليم بسبب النزاع المسلح.

ونزح منذ 1 كانون الأول 2019 – جراء الأحداث الدموية – أكثر من مليون شخص من قراهم إلى مخيمات عشوائية، منهم أكثر من (575) ألف طفل.

ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان[iii] منذ آذار 2011 – حزيران 2021 قَتْلَ (29520) طفلاً خارج نطاق القانون، وقَتْلَ (180) طفلاً بسبب التعذيب، واعتقال تعسفي واختفاء قسري حوالي (4924) طفلاً على أيدي أطراف النزاع المختلفة، وهذا تأكيد صارخ على انتهاك المواد(6-37- 38) من اتفاقية حقوق الطفل.

وتقدر اليونيسيف أنها تحتاج إلى (682) مليون دولار أمريكي لتحافظ على برنامج إنقاذ حياة أطفال سوريا.

وتشير (هنرييتا هـ. فور) إلى أن الأطفال يحتاجون للسلام والحماية في جميع الأوقات، وقوانين الحرب تحظر الاستهداف غير المشروع للمدنيين، والهجوم على المدارس والمستشفيات، واستخدام الأطفال وتجنيدهم في الحرب، واحتجازهم، وحرمانهم من المساعدات الإنسانية.

والسؤال: هل تستطيع اليونيسيف تحقيق ما تذهب إليه في خطة التنمية المستدامة إلى إنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال الأبرياء المتضررين من الصراعات المسلحة؟ ومتى يمكن تحقيق ذلك؟ وكيف يمكن أن ينال الأطفال حقهم في الحياة، والهوية، والجنسية، والتعليم، والراحة، والصحة والغذاء، والحرية، والحماية في كثير من الدول التي تبقى فيها القوانين حبراً على ورق، والدساتير يافطة مسببة الألم والمأساة للسكان فكيف الأطفال الأبرياء؟!

المراجع:

– الأمم المتحدة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء 4/6/2021.

– تقارير اليونيسيف لأعوام 2018-2019-2020-2021.

– مركز أرض السلام، اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء 4/6/2019.

– عنب بلدي، العالم يحيي اليوم الدولي لضحايا الأطفال الأبرياء 4/6/2020.

– موقع مبتدأ، عبير عيسى، 250 مليون طفل في خطر، اليوم الدولي للأبرياء ضحايا العدوان 4/6/2021.

– وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء 4/6/2021.

– موقع شبكة شام، عقد دامٍ من الانتهاكات بحق الأطفال يهدد مستقبل سوريا، 29520 طفلاً قتلوا منذ آذار 2011، تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان 4/6/2021.


[i]– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المواد (2-3-4-5).

[ii]– اتفاقية حقوق الطفل المواد (6-37-38).

[iii]– موقع شام، تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان 4 حزيران 2021.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني