fbpx

إطلاق سراح عناصر تنظيم داعش وعائلاتهم شمال شرق سوريا

0 148

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” عن إطلاق سراح عناصر من تنظيم داعش مع عائلاتهم.

قسد التي أعلن عن تأسيسها في القامشلي، شمال شرق سوريا في تشرين الأول 2015، بدعم من الولايات المتحدة والتحالف الدولي. تمكنت من السيطرة على الرقة في شهر تشرين الأول 2017، وهي معقل التنظيم الأهم في سوريا حيث كانت نقطة تحول وبداية لسقوط مناطق التنظيم تباعاً، وتتالت المعارك ضد التنظيم الى أن أعلنت قسد بدء معركتها ضد آخر جيب يسيطر عليه تنظيم داعش في ريف دير الزور والتي عرفت بمعارك الباغوز في 9 شباط/فبراير 2019، وفي 23 أذار2019، أعلنت قسد القضاء التام على داعش. ليتم سوق المعتقلين وعائلاتهم إلى السجون والمخيمات. 

ليست هناك إحصاءات دقيقة لأعداد السجناء من داعش في سجون قسد، لكن هناك معلومات يتم تداولها بأن عددهم 12 ألف، بينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من 54 دولة، ومن بينهم أربعة آلاف سوري، وأربعة آلاف عراقي من عناصر التنظيم المعتقلين، معظمهم جرى اعتقالهم خلال المعارك ضد التنظيم في سبعة سجون على الأقل، ولا تفصح قسد عن أماكن توزع السجون. 

لدى قسد أيضاً حوالي 12 ألف امرأة وطفل من عائلات عناصر داعش في ثلاثة مخيمات تديرها، من بينها مخيم الهول، الذي يؤوي الجزء الأكبر من هؤلاء.



قرار العفو العام

كثرت مؤخراً التقارير والتحقيقات، لتدق ناقوس الخطر في المنطقة، من خلال اعتقال عناصر التنظيم في السجون، واحتجاز عائلاتهم في المخيمات. بعد زيادة محاولات العصيان والشغب والقتل فيها، بالإضافة لمحاولات الهروب المتعددة، واعتبار هذه السجون والمخيمات قنابل موقوتة، تهدد أمن الأهالي والمنطقة في كل لحظة، وهي بؤر يتجمع فيها عناصر التنظيم وعائلاتهم، الذين أعادوا تنظيم أنفسهم في الداخل، والدعوة لإعادة دولة الخلافة، ونشر الفكر الداعشي وفرضه على الجميع. لذا كثرت المطالبات للاستعجال بمحاكمتهم وإيجاد حل لهذه المشكلة.

وحول إجراءات المحاكمة، قال عضو ما يسمى (مجلس العدالة الاجتماعية) في شمال شرق سوريا “خالد علي”: منذ بداية عام 2020 يمثل 900 داعشي سوري أمام محكمة الدفاع عن الشعب”.

وأوضح علي “بأن محاكمة مرتزقة داعش السوريين مستمرّة ولم تتوقف، أما بالنسبة للمرتزقة الأجانب، فلم تتم محاكمة أحد منهم حتّى الآن”.

ولم تقدم أي جهة دولية حتى الآن أية مساعدات للمحكمة المسؤولة عن محاكمتهم، بالرغم من عقد ما يسمى “مجلس العدالة الاجتماعية” اجتماعات مع عدّة قوى ودول ضمن التحالف الدولي، من بينهم بريطانيا وفرنسا ووفد برلماني ألماني.

ويؤكّد علي في هذا الصدد: “لم يتم تقديم أي دعم للمحاكم، باستثناء بعض الأمور اللوجستية ضمن السجون”

ولفت علي الانتباه إلى أن معظم المرتزقة ليست لديهم سجلات شخصية، أي لا توجد إثباتات شخصية للمعتقل، فقط يوجد الاسم المكنّى به ضمن مرتزقة داعش، وقال: “لذلك طالبنا بتشكيل لجنة مع التحالف الدولي لحل هذه المعضلة منذ بداية تحرير بلدة الباغوز، وإلى الآن لم يتم الرد على طلبنا”.

وبتاريخ 10/10/2020 أصدرت الإدارة الذاتية القرار رقم 146 الذي يقضي بالسماح للعائلات السورية بالخروج من المخيم، والعودة للاندماج مع المجتمع.

حيث تم إطلاق سراح 15 ألف امرأة سورية وطفل كدفعة أولى من المخيم الذي يضم 28 ألف مواطنة وطفل يحملون الجنسية السورية، من بين أكثر من 68 ألف سيدة وطفل محتجزين هناك، منهم 30 ألفاً يحملون الجنسية العراقية، والبقية يحملون جنسيات مختلفة.

ونقلاً عن (إلهام أحمد) عضو مجلس قيادة قوات سوريا الديمقراطية فإن سلطة الأمر الواقع في المنطقة الواقعة شمال شرق سوريا، تعهدت بالإسراع في إطلاق سراح السوريات وأطفالهن بالكامل من المخيم، والسماح لهن بالعودة إلى منازلهن، شريطة أن يخضعن لبرنامج مراقبة.

وأكدت إلهام أحمد على أن «الذين سيبقون في المخيم لن يكونوا تحت مسؤولية الإدارة الذاتية»

ويرى مراقبون أن خطوة إخلاء مخيم الهول جاءت نتيجة تزايد الأعباء الواقعة على كاهل سلطة الأمر الواقع، مع افتقار المخيم لأبسط مقومات الحياة، وهو ما دفع الأكراد إلى التحذير مراراً من عدم امتلاكهم الوسائل الكافية للقيام بهذه المهمة بشكل كامل.

كما صدر قرار العفو العام رقم 5 والذي يقضي بالعفو عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 10/10/2020 والعفو عمن لم تتلطخ أيديهم بالدماء وإطلاق سراحهم من السجون، وبناء على القرار تم إطلاق سراح 631 من عناصر تنظيم داعش من سجن علايا في القامشلي وسجون المالكية وعين العرب.

وقد أطلقت قسد، خلال العام الماضي 2019 وبداية العام الحاليّ 2020، مئات المعتقلين لديها من عناصر داعش. 

ما وراء قرارات العفو؟

تبرر الإدارة إطلاقها لعناصر تنظيم داعش، عدم تورّط هؤلاء المفرج عنهم، لأنّ التنظيم قام بتنسيب الآلاف في صفوفه، ومنحهم مرتّبات ومناصب عسكريّة وإداريّة خلال سنوات سيطرته في محافظة الرقّة ومناطق شمال شرق سوريا، وقد غرر بهم، وتم تجنيدهم، ولم يثبت تلطخ أيديهم بالدماء.

لكن، يتضح لكل متابع لوضع المنطقة، بأن قسد تسعى لكسب شيوخ العشائر العربيّة في مناطق سيطرتها، كي تتمكّن من السيطرة على المنطقة، وتوسّع نفوذها، وغالباً تحصل على المال من عائلة المعتقل أو من قبيلته مقابل الإفراج عنه، والحصول على المال هو الهدف الرئيسيّ، الذي يقف وراء عمليّات الإفراج عنهم.

وفي الغالب، تطلق سراح العناصر المتّهمة بانتمائها إلى التنظيم من الجنسيّة السوريّة مقابل دفع فدية ماليّة كبيرة من عائلة المعتقل أو من قبيلته قد تصل في كثير من الأحيان إلى 20 ألف دولار، أمّا بالنسبة إلى العناصر الأجنبية فلم تطلق سراحهم دون الرجوع إلى جنسيّاتهم.

ويرى بعضهم أن هناك أهدافاً عدّة تحقّقها قسد من إطلاق سراح المحتجزين لديها من عناصر داعش، أوّلها تحقيق مطالب العشائر بالإفراج عن أبنائهم. وكذلك، تقاضي الأموال والرشاوى، إضافة إلى الإفراج عن بعضهم عمداً لتعمّ الفوضى، ولدفع القوّات الأميركيّة على البقاء في المنطقة. وعندما تفرج قسد عن شخصيّات قياديّة في التنظيم رغم الخطر الذي تشكّله على أمن المنطقة، فإنّها تستفيد منهم وتستخدمهم لمشروعها، وتحرّك الرأي العام بأنّها ما زالت تلاحق فلول عناصر التنظيم، وأنّ بقاءها ضرورة، ولا يمكن التخلّي عنها باعتبارها حامية للمنطقة من مخاطر التنظيم، الذي ما زال موجوداً بحسب ما تزعم”.

مخاطر الإفراج عن عناصر التنظيم

مناطق شمال شرقيّ سوريا ومن خلال الإفراج عن هؤلاء المجرمين الإرهابيّين معرضة لمخاطر كبيرة، فمن غير المستبعد أن يعيد هؤلاء تجميع أنفسهم في مجموعات تعاود نشاطها الإجراميّ الدمويّ وتستهدف الناس وممتلكاتهم وتقوم بأعمال انتقاميّة وتفجيرات. 

ونرى بأن سياسة قسد بالتعامل مع خطر داعش تتحكم بها مجموعة المصالح، التي تريد تحقيقها، فإطلاق سراح عناصر التنظيم، يحقق لها الكثير من المصالح، منها التقرب من وجهاء العشائر وضمان ولائهم، والتخلص من تكاليف الاحتفاظ بهؤلاء العناصر في السجون والمخيمات وفي نفس الوقت يبدو أنهم لا يشكلون خطراً بالنسبة لقسد، حتى وإن قاموا بأعمال إرهابية فيما بعد فإنهم بذلك يؤكدون أهمية بقاء قسد في المنطقة ومعها التحالف.

إن استمرار خطر التنظيم يشكل بالنسبة لقسد مبرراً لوجودها، ناهيك عن المنفعة المادية التي تجنيها قسد من خلال الكفالات والفديات المالية، التي يدفعها وجهاء العشائر وعائلات عناصر التنظيم، حتى يتم الإفراج عن أبنائهم.

عملية الإفراج هذه، خطوة أولى مع وعود بخطوات لاحقة في ظل زيادة التخوف لدى الأهالي من نتائجها وما تخبئه لهم قادمات الأيام.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني