fbpx

أهمية السؤال من أهمية الإجابة

0 278

هل تعاني الشعوب العربية عموماً والشعب السوري خصوصاً – وأستخدم هنا المعنى الدارج للشعب وليس المعنى الفلسفي أو السياسي – هل تعاني الفلسفة والثقافة العربية بشكل عام أزمة السؤال أو أزمة الجواب أو كلتيهما معاً؟ وأياً كان الجواب فأيهما أخطر، أزمة السؤال أم أزمة الجواب؟ وأعتقد أن هذه الإشكالية الفلسفية المعرفية الثقافية تتعلق بأزمة الثقافة العربية عموماً.

أزمة ثقافة، وأزمة مثقف، وأعتقد من أسباب هذه الأزمة غياب الديمقراطية، وغياب الحريات المتعلقة بالإبداع.

ومن المهمات والمبادئ الرئيسة في الفلسفة طرح الأسئلة، ومحاولة العقل الإجابة على هذه الأسئلة؛ ولكن في الفلسفة السؤال واحد حول موضوع ما، والإجابات متعددة، وهذا يمنح التفكير الإنساني الحرية العقلية وآفاق تفكير إبداعية، وما أحوجنا – نحن السوريين – لإبداع إجابات تتضمن حلولاً إبداعية للواقع السوري المأساوي، الذي عجزت كل الفلسفات على اختلاف مرجعياتها ومبادئها، والأيديولوجيات السياسية والدينية والقومية والوطنية… أن تجد حلولاً قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وأن تساهم بإخراج المسألة السورية من عنق الزجاجة، فالوضع السياسي ما زال على حاله، والوضع الاقتصادي يسير من سيء إلى أسوأ، والوضع الاجتماعي يعاني من ويلات صراع متعدد الأوجه، والفلتان الأمني المترافق مع انتشار العصابات المسلحة يملأ الشوارع والقرى والأحياء، بالإضافة إلى تدهور القيم الوطنية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية، حتى الدينية على اختلاف الأديان والطوائف والمذاهب، ويتعدى ذلك حتى القوى الدولية وهيئة الأمم المتحدة، والمؤتمرات الدولية الصديقة للشعب السوري والصديقة للنظام، وما زالت القضية السورية تُناقش بغياب طرفها الحقيقي ذو المصلحة الحقيقية، وهو الشعب السوري.

السؤال الأول: ويتفرع عنه عدد من الأسئلة: لماذا حتى الآن لم نخطو خطوة واحدة باتجاه الحل؟

هل لظروف ذاتية أم لأسباب موضوعية أم هما معاً؟ هل لضعف المعارضة وغياب برنامجها السياسي الجامع للسوريين؟ أم لقوة النظام وخبرته بإدارة الأزمة؟ أم لعدم جدية القوى الدولية كهيئة الأمم المتحدة والاكتفاء بإصدار البيانات، ولا ننسى قلق الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، أم لعدم وصول القوى المتصارعة على الجزرة السورية لاتفاقات نهائية واعتماد حصصها من الثروة والسياسة.

أسئلة كثيرة تتزاحم للخروج من عتمة التعصب والذاتية المفرطة لتنطلق كالفراشة لعالم النور والحرية، أسئلة كثيرة تتزاحم لتخرج من دائرة الذاتية وجعل الوطن في خدمة الفرد ليصبح الفرد في خدمة الوطن.

ما هي المتغيرات في الواقع السوري التي جعلت غير بيدرسون يزور دمشق؟ ما الذي حمله من آفاق للحل السوري أو على الأقل لاستكمال ومتابعة أعمال اللجنة الدستورية؟ هل وضع منهجية جديدة لعمل هذه اللجنة، ووضع جدولاً زمنياً لإنهاء أعمالها، ووضع دستوراً يليق بتضحيات وتطلعات ومستقبل الشعب السوري؟ هل جاء يحمل في حقيبته حلولاً مناسبة للأزمة الاقتصادية، واقتراح حلول لأزمة من يسكنون المخيمات، وعودةً آمنة للمهجرين والمبعدين، وإفراجاً عن المسجونين السياسيين ومعتقلي الرأي؟ هل جاء بحلول ملزمة للأطراف جميعاً؟

الحالة المزرية للشعب السوري من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب مروراً بكل شبر من الجغرافية السورية، ومن حالة بؤس اقتادنا لدرجة الجوع، ومن حالة الفلتان الأمني، وتغييب القانون، وإطلاق العنان لكل الفصائل المسلحة بان تعبث بأمن الناس وخبزهم وكرامتهم؟ هل حمل في حقيبته اقتراحات لخروج القوات العسكرية غير السورية، والمليشيات المسلحة من سورية، كل يعني كلاً من أي جهة كانت ولأي جهة داعمة؟

وأختم أسئلتي بسؤال أعتبره محورياً وعلى درجة عالية من المسؤولية، أما حان الوقت ليكون للسوريين كلمتهم، وأن يمتلكوا زمام أمورهم وبناء مستقبلهم، الذي يليق بهم، ويكون بينهم على اختلاف مذاهبهم السياسية والدينية والقومية والأيديولوجية عقد اجتماعي لبناء دولة المواطنة، الدولة العلمانية الديمقراطية، دولة سيادة القانون وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، دولة جيشها جيش البلاد جيش الوطن بعيداً عن الحزبية والطائفية والقومية والدينية، دولة تفصل بين سلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومؤسسة التربية ذات مبادئ علمية بعيدة عن كل الأيديولوجيات الحزبية، دولة تحترم المعارضة وتحترم مؤسسات المجتمع المدني؟

أعتقد، لا يوجد سوري خارج الأزمة، لذلك لا يمكن الحل إلا مجتمعين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني