fbpx

أطفال سوريا ضحايا الانتهاكات الجسيمة

0 277

الأطفال زهور الدنيا، وربيعها، وبهجتها، وزينتها، ومبعث السعادة والأمل الذي يرسم البسمة على الوجوه، ويمنح النفس المسرة؛ هل يتحقق لهم الأمن والاستقرار في عالمنا المضطرب بالنزاعات المختلفة، فأينما نظرنا حولنا نجد أطفالاً فقدوا طفولتهم في بقاع شتّى، وليس في سوريا وحدها، وشبوا عن الطوق، وشاخوا قبل الأوان، وتحوّلوا رجالاً بفعل المعاناة التي يكابدونها بسبب النزاعات وفقدان حقهم بالحياة والراحة والأمن والغذاء والصحة والهوية والحماية، فهم يتعرضون لانتهاكات جسيمة لعدم الاستقرار، وانتشار الفقر والبطالة، وموت أحد الوالدين، والتسرب من المدارس، واللجوء والنزوح، وتدهور الأوضاع المعيشية.  

 تقدر اليونيسيف في تقريرها لعام 2018 أن هناك حوالي (250) مليون طفل يحتاجون الرعاية والحماية مما يستهدفهم من انتهاكات متنوعة، وتعمل الأمم المتحدة في خطة التنمية المستدامة حتى 2030 على إنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال المتضررين، وتقدر في تقريرها لعام 2019 أن هناك ما يقرب (250) مليون طفل تمّ تجنيدهم للمشاركة في الأعمال القتالية، و(150) مليون فتاة وقعن ضحايا للعنف الجنسي وغيره، و(10) مليون طفل لاجئ، وأكثر من (34) مليون طفل يعيشون في أوضاع سيئة في مناطق النزاعات المسلحة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

والأطفال السوريون يعانون ما يعانيه غيرهم ممن تمرّ بلادهم بأوضاع مشابهة لما يحصل في سوريا على امتداد رقعتها الجغرافية، فهم منذ عقد ونيّف من السنوات يتذوّقون مرارة الآلام والأحزان، وشظف العيش، وأكثرهم مهملون ومشردون في دول اللجوء والمخيمات أو تجمعات النزوح.

إنهم يعيشون مأساة القرن الحادي والعشرين وسط صمت دولي عن معاناتهم، وعن مأساتهم الكبرى التي يرزحون تحت نيرها من تفرقة وتشتّت طالهم وتجاوزهم على مستوى المجتمع والمدن والأرياف؛ حتى الأسرة توزعت في بلاد الله الواسعة. وفاقت معاناة الأطفال باقي فئات المجتمع سواء في تجمعات ومخيمات النزوح داخلياً أو في مخيمات اللجوء خارجياً، وتعرضوا لانتهاكات حقوقهم المشروعة في الحياة والحرية، والعيش الكريم، والحد الأدنى من الرفاهية، والتعليم، والرعاية، والتأمين الصحي، وحقهم في الهوية، والجنسية… التي كفلها ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل.

تقدّر منظمة اليونيسيف في تقريرها (15 آذار/مارس 2021) أن هناك حوالي (4،8) مليون طفل سوري وُلدوا خلال عشر السنوات الماضية، منهم حوالي (1) مليون وُلدوا كلاجئين، وأكثرهم مكتوم لم يسجل رسمياً ويفتقدون الهوية والجنسية، وتقدّر اليونيسيف في تقريرها 8/9/2021 أن هناك حوالي (12) ألف طفل قتلوا خلال الأحداث.

وهذه الأرقام مؤشر خطير يدل على الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال السوريون، والتي تتداولها مصادر الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف ومنظمات دولية أخرى، ولم تُتْخَذ الإجراءات اللازمة التي يشترطها القانون الإنساني الدولي على القوات المسلحة والجماعات المسلحة لحماية المدنيين بمن فيهم الأطفال أثناء الحرب والنزاعات المسلحة. وأهم هذه الانتهاكات الجسيمة التي تشير إليها تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية:

1- القتل والتشويه الذي يستهدف الأطفال مباشرة في سياق العمليات العسكرية، أو بسبب الألغام الأرضية، أو بسبب مخلفات النزاعات من ألغام وقنابل عنقودية في المناطق المأهولة بالسكان أو القريبة منها. تقدر اليونيسيف في تقريرها 8/9/2021 أن هناك حوالي (12) ألف طفل قتلوا خلال العقد الماضي أي بمعدل 3 أطفال يومياً.

2- التجنيد والاستغلال في القتال من قبل الجماعات المسلحة بشكل قسري أو طوعي لإشراكهم في العمليات القتالية بصفة مقاتلين أو جواسيس أو مراسلين أوحمالين…، تقدر اليونيسيف في تقريرها 12/3/2021 أن هناك أكثر من (5700) طفلاً جنّدتهم المليشيات المسلحة لديها في النزاعات المسلحة.

3- الاغتصاب والعنف الجنسي الجسيم، أو الزواج الـقسري الذي تمارسه أطراف النزاع لإذلال الأطفال وأهلهم، وليس هناك من إحصائيات تقديرية أو حقيقية دالة عليه؛ لتكتم الذين يقع عليهم مباشرة بسبب الخوف من الفضيحة.

4- الاختطاف والاعتقال التعسفي والاختفاء الـقسري بصورة غير قانونية بقصد الانتقام وزرع الخوف في نفوس السكان، أو بقصد الاعتداء الجنسي. تشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن أكثر من (4924) طفلاً تعرضوا للاعتقال التعسفي والاختفاء الـقسري من (آذار/مارس 2011 حتى حزيران/يونيه 2021)، وقتل تحت التعذيب (180) طفلاً.

5- الاعتداء على المدارس والمستشفيات الذي يؤدي إلى تدميرها ليصبح الأطفال ضحايا هذا الاعتداء، ويحرمهم من الاستقرار، وغير آمنين باللجوء إليها أثناء الهجمات أو العمليات العسكرية، وهذا انتهاك كبير لحقهم في الحماية والتأمين الصحي والتعليم، والاستقرار النفسي. تصرّح اليونيسيف في تقريرها 24/1/2021 أن أكثر من نصف أطفال سوريا محروم من التعليم، وتشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن المدارس تعرضت حتى حزيران/يونيه 2021 إلى (1586) اعتداء. وتقدر اليونيسيف أن المنشآت التعليمية والطبية تعرضت لأكثر من (1300) هجوماً.

يُبيّن تصريح وزير التربية (عماد العزب) لسبوتنيك الروسية في 14/4/2019 الضرر الذي لحق بالمدارس بخروج (10) آلاف مدرسة من الخدمة من أصل (24) ألف مدرسة، ومن تصريح الأمين العام لمنظمة اليونيسيف (إيرينا بوكوفا) أن (2،800) مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس من مجموع (8) مليون طفل بسبب النزاع المسلح.

6- منع وصول المساعدات الإنسانية للأطفال أو عرقلة وصولها المتعمّد من جانب أطراف النزاع مما يعرضهم للمجاعة، والحرمان من حقوقهم في الحياة والعيش الكريم والرفاهية التي يحتاجونها. تقدّر اليونيسيف في تقريرها 1/5/2021 أن هناك نحو (13،4) مليون من السوريين يحتاجون المساعدات الإنسانية، منهم (6،08) مليون طفل. وتقدر في تقريرها 12/3/2021 أن هناك أكثر من(500) ألف طفل يتعرضون لحالة التقزم بسبب سوء التغذية والأزمة الاقتصادية الناتجة عن العنف الذي تسببه الأحداث الجارية في سوريا.

هذه الأرقام غيض من فيض مما وثّقته تقديرياً إحصائيات اليونيسيف أو المنظمات الإنسانية الدولية، فالأعداد الحقيقة أكبر من ذلك؛ لعدم استطاعة هذه المنظمات من الوصول إلى الإحصائيات الحقيقية الدقيقة لأن جميع الأطراف لا تقدم إحصائيات حقيقية.

وإذا استمر النزاع فالأعداد ستزداد أكثر وأكثر، والمجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية الإنسانية، والأمم المتحدة بحاجة إلى مواصلة الضغوط المختلفة على أطراف النزاع لضمان تحييد الأطفال وحمايتهم من أن يكونوا مستهدفين لانتهاك حقوقهم الإنسانية التي كفلتها المعاهدات الدولية في حالات النزاع.

ومن حق الأطفال السوريين كغيرهم من أطفال العالم الذي يهتم بالطفل أن يتمتعوا بحقهم في حياة حرة كريمة، ورفاهية بعيداً عمّا ينغّص عيشهم في دولة مدينة ديموقراطية حديثة تحترم حقوق الإنسان، وتحافظ على حياته، وتصون كرامته الإنسانية.

المراجع:

– تقارير اليونيسيف

– إحصائية الشبكة السورية لحقوق الإنسان (آذار/مارس 2011 – حزيران/يونيه 2021)

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني