fbpx

أحلام شبّيحة النّظام، بين النّصر المزعوم والواقع المحتوم

0 264

تكاد لا تخلو مواقع التّواصل الاجتماعي من مقاطعَ مصوّرةٍ لجنودٍ تابعين لنظام بشار الأسد يشتكون فيها من تعرّضهم للإهانة والإذلال من قِبل ضبّاط في الجيش والأفرع الأمنية مناشدين سيادة الرّئيس بالزّود عنهم وانتزاع حقوقهم بعد خدمتهم في جيشه وبأقسى ظروف الحرب.

ظهر مؤخراً تسجيلاً مصوّراً للمدعو بسّام عيسى حسام الدّين قائد ميليشيا أسود الجبل في مدينةِ اللاذقية، بسّام الذي أمعن بالقتل والتّشبيح إرضاءً لبشار الأسد، ظهر شاكياً سوء أوضاع عناصره وتعرّضهم للإهانة وكسر بطاقاتهم والذي يُعد بمثابة رفع حصانة الجّيش عنهم وانتزاع سلطتهم ومعاملتهم كعامة الشعب.

فبعد سنوات من خدمة المدعو بسّام وعناصره وقتالهم لحماية بشار الأسد وكرسيّه من دواعش الخارج، يقعون فريسة لدواعش الدّاخل من ضبّاط ومتنفذين في مؤسسات بشار الأسد العسكريّة، حيث اشتكى من تعرّضه للابتزاز والمهانة من قبل أحد الضّباط، وناشد القائد المفدّى حسب وصفه بإنصافهم بعد أن تحوّلت المحكمة إلى بازار علني تبرّئ المجرم وتجرّم البريء مقابل المال بإشارة واضحة لاستشراء الفساد والمحسوبية في مؤسسات حكومة الأسد.

نعم هذا هو حال شبيحة بشار الأسد بعد أن أدوا واجبهم بقتل السّوريين على أكمل وجه مستخدمين أساليبهم الوحشيّة متجرّدين من إنسانيتهم للحفاظ على بشّار الأسد وحكمه آملين أن يقطفوا ثمار إجرامهم ويدخلوا جنّة الأسد من أوسع أبوابها بعد النّصر المزعوم.

لكن ما حصل بعد نهاية (الأزمة) حسب وصفهم، خالف توقعاتهم عندما اكتشفوا حقيقتهم ونظرة النّظام إليهم كأدوات، ما إن تنتهي مهامهم حتى يعودوا كما كانوا، متغافلين عمن انتهت صلاحيته لدى النظام فانتهت حياته بعدة طلقات بالرأس.

وهاهم بعد نصرهم يعودون صاغرين لصفوف الشّعب الذي استفاضوا بقهره فينالوا بعض ما ناله، مع أنهم، أي شبيحة النّظام لو أمعنوا النّظر أثناء خدمتهم لشعروا باتساع فارق التّعامل بينهم وبين الجّنود الرّوس والإيرانيين وعناصر ميليشيات حزب الله من حيث الامتيازات كمستوى الطعام والرّواتب والمعاملة واستخدامهم كتابعين وعناصر لدى الإيرانيين والرّوس وغيرهم لما فوجِئوا بالنتيجة.

ولعلَّ قضية اعتقال المقدّم معن عيسى، فقط لأنه انتقد عبر منشورٍ على صفحته في فيسبوك نوعيّة الطّعام التي تُقدّمْ لعناصر الجّيش، كانت كفيلة بمعرفة مكانة من يدافع عن هكذا نظام.

لكن من جهة أخرى كان لبشار الأسد دوراً كبيراً بإغراق جنوده بأحلامهم الورديّة، إذ أنّه لم يترك فرصة إلا وتغنى بجيشه وانتصاراته واعتبره صاحب اليد الطولى بالحفاظ على وحدة سوريا وإفشال المؤامرة الكونية التي حيكت ضد قلعة الصّمود والتّصدي.

فمنذ إعلان رأس النّظام عن نصره المزعوم عبر خطابٍ موجّهٍ للشّعب الذي التفّ حول قيادته، مستذكراً فيه جيشه الباسل الذي افتدى وطنه بالغالي والنفيس وراح يكيل له المديح والإطراء والثّناء بغير حساب ما جعله (أي الجيش) يهيئ نفسه لمكافأة بشار الأسد التي بدأت بوادرها قبل نهاية الحرب مع برنامج “قامات السّنديان” الذي عُرِضَ على التّلفزيون السّوري وكان يتناول في كل حلقةٍ جريحاً من جرحى الجّيش أو ممن فقدوا أحد أطرافهم وحملوا إعاقتهم وسام شرفٍ يلازمهم مدى الحياة ويتحول الجّريح إلى بطلٍ ومثَلٍ أعلى للأجيال القادمة، وتنتهي الحلقة بتذكارٍ وهو عبارة عن ساعةٍ جداريّةٍ موسومةٍ بالعلم السّوري ليحتسب بها ساعات انتظاره في طوابير المعيشة.

لم يقتصر تكريم بشار الأسد على البرامج بل زاد عليه زياراته العائليّة لأسر الجرحى والشّهداء والتي كانت طقس من طقوس بشار الأسد وزوجته أسماء مصطحبين أبناءهم ليشاركوا أسرة الجّريح والشّهيد بتفاصيل يومهم، بلفتةٍ متواضعةٍ من سيّد الوطن المتماهي مع شعبه، وتنتهي الزّيارة بصورةٍ سعيدةٍ مع سيادة الرّئيس.

وبدأت سلسلة المراسيم التكريمية للجرحى وذوي الشّهداء بتقديم امتيازات ماديّة تتراوح بين 12 إلى   30 دولار حسب نسبة العجز الذي لحق بالجريح وتتوقف بعد أشهر قليلة.

ولا ننسى تخفيض سعر المكالمات الهاتفية ومنح مكالمات محليّة وقطرية مجانيّة، والإعفاء من الطّوابع عند إجراء معاملات حكوميّة وتخفيض أجور المواصلات وغيرها الكثير من البدائل الماديّة.

بهذه المبالغ البخسة المخجلة قايض رأس النّظام جِراح ودماء وأطراف جنوده بعد خدمة امتدت لعشر سنوات.

فيما صُرِفتْ الرّواتب العالية بالقطع الأجنبي للرّوسي والإيراني وقُدّمت لهم الموانئ والمعامل وحقول الغاز ومدن بأكملها.

وعاد جندي النّظام ليستريح استراحة المحارب في طابور الغاز الذي امتدّ ليلاصق طابور الخبز ويلتقي بزميله ويستند أحدهم على الآخر برحلة يومية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني