fbpx

نازحون بين القصف والأقبية

0 380

في كل دول العالم، يكون الشتاء موسم ثلوج وأمطار، إلا في سوريا، فشتاء الشمال هذا العام، لم يكن عادياً  ببرده القارس، وسماءه التي امتلأت بالطائرات والصواريخ.

 على خلاف الموسم الماضي، الذي حمل أمطاراً غزيرةً، أغرقت خيام النازحين، أمطرت السماء في هذا الموسم براميل موت وصواريخ وقذائف، حولّت القرى والبلدات إلى مساكن مهجورة، تركها أصحابها على عجل. وصاروا مشردين، جعلوا من أشجار الزيتون منازل لهم، وقد وصل عدد النازحين الى أكثر من 167 ألف نازح، خلال كانون الثاني حسب احصائيات الدفاع المدني .

نازحون بين القصف والأقبية

أم هيثم نازحة من حي الوعر بحمص تقول: كنا نسكن في قرية من قرى جبل الزاوية منذ بداية التهجير من حمص منذ حوالي السنتين، ولدي ولدٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأنا أعاني من أمراض عديدة، وأحتاج لعلاج دائم.

 أم هيثم، تسكن ومعها عائلتها المكونة من ثلاثة عشر شخصاً في غرفة وصالة في منطقة عفرين، هذا البيت كان من قبل دكاناً بلا كساء.

 أبو تيم، وهو مدير نقطة في مجلس عفرين المحلي قال لنا: أن أربع عائلات أتوا من سراقب، وقصدوا عفرين، وتحديداً منطقة الفيلات، فلم يجدوا إلا بناءً على العضم، يفتقد لكل مقومات السكن، وكانوا مجبرين على الإقامة فيه، لأنهم لا يملكون المبالغ الكبيرة التي يطلبها أصحاب البيوت مقابل تأجيرها للنازحين. ويتابع أبو تيم: البناء عبارة عن دار مهجورة، أي خربة وليس بناءً بمعنى الكلمة .

عائلة اخرى اختارت دكاناً صغيراً ليكون مسكنها الجديد.

يحدثنا ابو محمد عن قصة نزوحه من اعزاز، بعد أن بقي سنةً فيها، لكنه تركها مجبراً ،وقدم الى عفرين.

 يقول ابو محمد: لم أعد استطيع دفع الآجار، لذلك تركت إعزاز، وعندما نزحنا من “أبو حمام” إلى هجين، وهما بلدتان في الريف الشرقي لدير الزور، كانت عملية النقل نقلي تكلّف 10 آلاف ليرة، وكنت لا أملك منها شيئاً. فقلت للسائق هل تأخذ أغراض بيتي مقابل أجرة النقل ،لكن الرجل رفض لأن كل ما كنت املكه لا يساوي نصف المبلغ، في النهاية الرجل نقلنا الى هجين بثمن مازوت السيارة فقط، ثم استقر بنا الحال في اعزاز، ومكثنا سنة تقريباً، ونحن في عفرين منذ سنتين.

تقول أم هيثم: أن قوات النظام السوري، فرضت على سكان حي الوعر حصاراً دام سنوات، تخللته محاولات اقتحام وقصف بكل أنواع الأسلحة، أسفرت عن مصرع مئات المدنيين، وهم خرجوا بموجب اتفاق برعاية روسية، عُقد بين الثوار وقوات النظام، التي تسلمت إدارة الحي. تمسح أم هيثم دمعة كادت تسقط وهي تتحدث عن الظروف المعيشية القاسية، التي عاشتها بعض الأسر في مخيمات النزوح في ريف حلب الشرقي، والتي دفعتهم للعودة إلى الحي رغم سيطرة النظام عليه.

يكمل لنا ابو محمد قصته الطويلة مع النزوح والتي بدأت عام 2011، من بيته في  حي المطار القديم التابع لمدينة دير الزور، بعد استهداف الحي بقذائف الدبابات ومدفعية الجبل ،وحملات الاعتقال يقول أبو محمد: نزحنا من حي المطار إلى مدينة موحسن، التي تقع على مسافة 17 كم شرق دير الزور، تفادياً للقصف.

 ولكن القصف والطيران استهدف مدينة موحسن بشكل جنوني، فرحلتُ وأسرتي المكونة من عشرة أشخاص، وتوجهنا نحو قرية “بقرص تحتاني” والواقعة إلى الجنوب الشرقي من موحسن، فهي بعيدة نوعاً ماعن القصف، ومع تقدم النظام باتجاه الريف الشرقي في نهاية عام 2017، أخذت قراراً بالنزوح إلى مدينة البوكمال. ويضيف أبو محمد: وبعد سلسلة من عمليات النزوح، استقر بنا المطاف في عفرين.

مئات آلاف السوريين يعانون بقسوة من ظروف التهجير القسري، الذي يمارسه النظام السوري، وحليفاه الروسي والإيراني، وهذه مأساة تحتاج حلاً دولياً وفق قوانين الأمم المتحدة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني