fbpx

العقارات.. الحلم المستحيل

0 372

على وقع الحرب الدائرة على الأراضي السورية كافة شهدت مناطق شمال وشرق سوريا خلال السنوات الثلاث الفائتة حركة بناء ونشاط عمراني مميزة كان سببها تدفق الأموال من المغتربين إضافة إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات في حين لا يملك أغلب سكان المنطقة القدرة على شرائها، مع ارتفاع تكاليف الحياة اليومية واستمرار انهيار الليرة السورية وتدني دخل الغالبية العظمى من سكان المنطقة، هذا الارتفاع في أسعار العقارات يرجعه الكثيرون لارتفاع أسعار مواد البناء التي تستوردها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بشكل حصري، الأسمنت والحديد من إقليم كردستان العراق وتبرر الإدارة الذاتية ذلك بمنع احتكار التجار واستغلالهم لأسعار المواد ما غيب المنافسة وجعل أسعار هذه المواد أضعاف أسعارها الحقيقية حيث تجاوز سعر كيس الأسمنت 17000 ليرة سورية نهاية 2020 في حين وصل سعر الطن الواحد من حديد البناء 675 إلى 740 دولاراً.

العاملون في قطاعات الحكومة أو العاملون لدى الإدارة الذاتية لا تكفي رواتبهم لسد حاجاتهم الأساسية في حين تنشط حركة شراء العقارات بين أصحاب رؤوس الأموال من التجار المتحكمين والمتنفذين الذين يتسابقون لشراء العقارات إضافة إلى توجه عدد كبير من المغتربين لشراء عقارات لذويهم في الوطن أو بقصد التجارة.

قطعة أرض في مدينة القامشلي عرضت للبيع بمليون ومئتي ألف دولار فيما عرضت قطعة أخرى بسعر مليون دولار وهي سابقة لم تحدث في عموم المنطقة طوال عقود. فيما بيع كراج في مدينة المالكية بسعر مليوني دولار ما دفع الناس لمقارنة أسعار العقارات داخل المنطقة مع أوربا وأمريكا وليس مع مناطق أخرى داخل سوريا حيث أن أسعار العقارات داخل المنطقة تفوق الأسعار هناك.

آلاف العائلات ذات الدخل المحدود باتت تعلم أن شراء شقة سكنية في المنطقة حلم يستحيل تحقيقه.

حركة شراء العقارات من قبل المغتربين تسببت بأزمة كبيرة لأن من يقومون بشراء العقارات يفضلون إبقاءها خالية على تأجيرها فبات العثور على منزل للإيجار مشكلة تواجه الكثيرين.

المنطقة شهدت ارتفاعاً كبيراً في إيجارات البيوت السكنية حيث يصل إيجار المنزل إلى أكثر من 150000 ليرة سورية كحد أدنى ويفضل الكثيرون تأجير عقاراتهم بالدولار بسبب الهبوط المستمر والكبير في قيمة الليرة السورية ما دفع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى إصدار قرار يحدد بدلات إيجار العقارات وفقاً لتصنيفات تتعلق بالمواصفات ووفقاً لهذا القرار تحدد الإيجارات وفق التالي وبالليرة السورية:

بدل الإيجار 10000-50000 في حال التجهيز بمواصفات عادية.

بدل الإيجار 50000-75000 في حال التجهيز بمواصفات متوسطة.

بدل الإيجار 75000-100000 في حال التجهيز بمواصفات ممتازة.

بدل الإيجار 100000-150000 في حال التجهيز بمواصفات “سوبر ديلوكس”.

هذا القرار سيبقى حبراً على ورق لأن الإيجارات لا تزال مرتفعة وأغلب المؤجرين يتعاملون بالدولار ويحاول المؤجرون الالتفاف على القرار بتوقيع عقود مطابقة للقرار لتسجيلها لدى الكومينات والبلديات وتجنب الغرامة والمساءلة في حين يتقاضون إيجار العقار بالسعر الذي يريدونه وإلا ألغوا العقود وأخرجوا المستأجرين.

كيف يمكن لشخص يتقاضى 60000 ليرة سورية أو حتى 250000 ليرة سورية أن يؤمن أساسيات الحياة ويدفع إيجار منزل يتجاوز أضعاف راتبه. يبدو أن السوريين فقدوا كل حقوقهم بما فيها حقهم في المسكن.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني