fbpx

مبدأ “القرارات” بالتوافق في هيئة التفاوض.. خطوة نحو استقلاليتها

0 657

لا يزال عمل هيئة التفاوض السورية معطّلاً، وهذا التعطيل، مرده الحقيقي لتدخلات إقليمية من دولٍ، تعتبر نفسها من أصدقاء الثورة السورية، في وقت تجري فيه حسابات التدخل خارج مصالح السوريين الحقيقية، خدمة لأجندات صراعٍ إقليمي لا دخل لهم فيه.

فبالرغم من مرور خمسة أعوام على صدور القرار الدولي 2254/2015م، لا أحد من هيئة التفاوض السورية، أو من ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، أو من هيئة التنسيق الوطنية، وحليفتيها منصتي موسكو والقاهرة، يستطيع أن يقدّم للشعب السوري إنجازاً واحداً، حققته هذه الهيئة، أو قوى المعارضة الرسمية بعمومها.

كذلك لا أحد من هذه الهيئة، أو من قوى المعارضة والثورة، تنطّع لاجتراح حلول بديلة، عن تعثّر التفاوض مع نظامٍ، يرفض تقديم أي تنازل ملموس للسوريين. أليس من طريق أخرى للوصول إلى خارطة طريق جادة لفرض تنفيذ القرارات الدولية؟ أم أن قوى الثورة والمعارضة المتصدرة للقرارات، لا يهمها ذلك، فكل تينها في سلة بيدرسون، ومن قبله ديمستورا؟.

فعلى ماذا تتصارع مكونات هيئة التفاوض السورية؟، في وقت هي لا تستطيع التعبير الحقيقي عن استقلالية قراراتها السياسية، فلو كانت متفقة بشكل صريح ولا لبس فيه على ثبات قاعدة التفاوض بموجب القرار الدولي المذكور، ما كانت لتتنازع على عدد المقاعد في هذه الهيئة.

إذاً، عدم الثقة بين مكونات هيئة التفاوض، هو المعطّل الثاني بعد تعطيل التدخلات الإقليمية، وهذا يجعل الأمر خارج حسابات مصالح السوريين، ولا يستفيد منه غير أعدائهم من النظام وحلفه.

إن الاتفاق على قاعدة تفاوض ثابتة وفق القرار الدولي 2254 من قبل المكونات، يستلزمه خارطة طريق تفاوض صريحة، فأول أساسيات القرار المذكور، بسلاله الأربع، يتمثل بإطلاق سراح المعتقلين، الذين يحتجزهم نظام الأسد بشروط اعتقال مرعبة.

ويأتي تسلسل السلال الأخرى وفق (تشكيل هيئة حكم انتقالية، تشمل كل الأطراف، وكتابة دستور جديد، أو تعديلات على دساتير سابقة، ثم إجراء انتخابات شفافة، برعاية دولية تامة من الأمم المتحدة). هذا التسلسل يجب أن تعلن مكونات هيئة التفاوض، أنه السبيل الحقيقي الوحيد لحل الصراع السوري، أما غير ذلك فهو دليل على عدم إيمان بعض المكونات بضرورة تنفيذ القرار الدولي المذكور، والقبول بما هو أدنى منه، وكأن الشعب السوري قد فوّضهم بتقديم التنازلات تحت صيغٍ ملتبسة، لا تدلّ على خارطة طريق الحل.

وفق هذه الرؤية الملموسة، يحق للسوريين الإشارة بالبنان، إلى جهات التعطيل، وتسميتها، ومحاسبتها، على إذعانها الإقليمي أو الدولي، تحت حجج أن المموّل أو الداعم لها، يستطيع التدخل أو حجب تمويله.

لهذا تبدو الحاجة ملحةً للسوريين برفع صوتهم عالياً عبر تعبيراتهم السياسية والمدنية والشعبية، من أجل إجبار مكونات هيئة التفاوض، على قبول قاعدة عمل للهيئة، تتمثل (بمبدأ التوافق) بين المكونات كقاعدة لاتخاذ القرارات، وهذا التوافق له محاسن عديدة، أولها، أنه يكرّس قاعدة التوافق لا قاعدة خطف القرارات لصالح الأجندات الخارجية، وثانيها، أي التوافق يمنع عمليات الاستقطاب الإقليمية والدولية لمكونات هيئة التفاوض السورية، وهذا يعني تحقيق حوار سوري – سوري بين قوى المعارضة بلا تدخلات خارجية.

إن التوافق ليس تعطيلاً كما تشيع بعض مكونات هيئة التفاوض، بل هو توسيع وتعميق تدريجي لاستقلالية القرار الوطني السوري، الذي لا يزال مخطوفاً من قوى دولية معروفة.

لهذا، نستطيع القول، إن من يعرقل التئام مكونات هيئة التفاوض لحسابات حزبية، أو أيديولوجية، إنما يعرقل عمل هيئة وطنية يُفترض أنها تعمل من أجل تنفيذ القرار الدولي رقم 2254، وليس المناورة حوله أو به.

إننا ننتظر التوافق على قاعدة أربعة زائد أربعة (4 من المستقلين الجدد وأربعة من المستقلين القدامى)، كذلك ننتظر رفع نسبة التصويت للقرارات الإجرائية من 51% إلى 60%، ما يمنع خطف القرارات ويجبر الجميع على إتقان العمل بالتوافق وليس بخطف القرارات والذهاب بعيداً عن هدف تنفيذ التفاوض ووحدته حول القرار الدولي 2254 الذي لا يزال قيد الأوراق التي كُتب فيها.

وبالمناسبة، فهذا اقتراح تقدمت به الولايات المتحدة لحل تعطيل عمل هيئة التفاوض، لكن حسابات مكونات هيئة التفاوض، يجب أن تتراجع بنسبة ما عن تبعيتها لأجندات غير سورية، وهذا ممكن في حال القبول بالمقترح الأمريكي، ما يفوّت الفرصة على التدخلات الإقليمية، التي أضرت الثورة السورية والشعب السوري، الذي لا يزال قيد اللجوء في دول العالم، وقيد النزوح في المخيمات البائسة.

إن استمرار التنازع يذكّرنا بقول الله تعالى: “لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”. فهل ستذهب ريح مكونات هيئة التفاوض، أم يسترشدون بوطنيتهم الحقيقية، خارج حسابات الأيديولوجيا، والاصطفاف الإقليمي والدولي؟

إنها الفرصة الأخيرة، فالشعب السوري وصل مرحلة القرف حيال تقاسم كعكة لم تنضج بعد.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني