fbpx

سؤال قلق وإجابة مضطربة

0 76
بمناسبة اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا 24 آذار/مارس

الحق والحقيقة مفهومان يكملان بعضهما بعضاً، فإذا كان الحق، باختصار، هو الثابت والمستمر الذي لا يُسوَّغ إنكاره، ونقيض الباطل، ومصلحة مشروعة يعترف بها القانون ويحميها بجميع أنواعه سياسية ومدنية، وعامة وخاصة؛ فإن الحقيقية: ما هو موجود وواقعي وحقيقي، وما حدث فعلياً، وقد تكون ذات منحىً إيجابي أو سلبي باختلاف النظرة إليها، وبحسب الزمان والمكان.

والبحث عن الحقيقة غاية إنسانية تسعى البشرية عبر العصور لمعرفتها جيلاً بعد جيل إلى الكشف عنها لتحقيق العدالة والإنصاف، ولينال الإنسان حقوقه الطبيعية أو الوضعية. والسؤال: هل نستطيع الوصول إلى معرفة الحقيقة كاملة؟ وهل نستطيع تحقيق الحق إيجابياً – إذا ما عرفناها – لإنصاف الذين تُنتهَكُ حقوقُهم الإنسانية، ولإنصاف الضحايا الذين اِنتُهكَت كراماتُهم؟.

إن نظرة أولية إلى عالمنا الذي يموج بالنزاعات والصراعات في مناطق عديدة نجد هناك حقائق واقعة وثابتة فيما نشاهده ونلمسه من تقدم في مجالات التكنولوجيا، والاكتشافات العلمية تأخذ أشكالاً إيجابية أحياناً، وسلبية أحياناً، وما نعيشه من أحداث مؤلمة تٌزهَقُ فيها مئات الآلاف من الأرواح، وتُشرَّدُ الملايين بفعل قوى غاشمة تثير النزاعات فتتعرض حقوق الإنسان لانتهاكات جسيمة بشكل سافر تضع الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها للبحث عن معرفة الحقيقة المغيبة قصداً، لذلك أقرت يوماً دولياً للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان حيث يغوص عالمنا في مستنقع من الانتهاكات بحق الإنسان فيدفعنا للتساؤل: أين الحق؟ وأين الحقيقة المنشودة؟.

والإجابة لا تحتاج إلى كثير عناء، ولا إلى بحث مضنٍ. هناك دول كبرى تحتكر العضوية الدائمة، ولها حق النقض/الفيتو على أي قرار أممي لا ينسجم مع مصالحها فتبطله، وتزيد فتعتدي على الآخرين المستضعفين، وتثير النزاعات والأحقاد، وتشارك فيها كما حصل في أفغانستان، ويحصل في أوكرانيا، وتدعم التمييز العنصري والإبادة الجماعية في غزّة، أو تديرها كما تهوى في الشرق الأوسط، وفي أفريقيا وغيرها؛ لتبقى البشرية تحلم ـ وقواها الحية المحبة للسلام، والمؤمنة بالعدالة والمساواة، وتعزيز حقوق الإنسان، وصون حياته، والحفاظ على كرامته الإنسانية غايتها الأسمى ـ تنتظر آفاق المستقبل لبيان الحقيقة وتحقيق العدالة.

هذا هو عالمنا اليوم حيث يُكتَمُ صوتُ الحقّ، وتُغيَّبُ الحقيقةُ، وتُودَعُ في أدراج الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى أجل غير مسمى. وليتكرّر السؤال: أين الحق والحقيقة في عالم محموم بسموم النزاعات وشرورها، وتفشي العنف في أوساطه، وسباق التسلّح من جديد؟.

لقد حان الوقت لمراجعة ميثاق الأمم المتحدة، ونظام مجلس الأمن الدولي إذا ما أرادت دول العالم جمعاء كشف الحقائق، وتعزيز حقوق الإنسان، وحفظ كرامته، وحماية أجيال المستقبل من ويلات العنف والنزاعات، وإشاعة روح التسامح والصداقة والإخاء بين الشعوب للعيش في عالم يسوده الأمن والسلام.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني