fbpx

معوقات كبيرة ومشاركة محدودة هل تتغير نظرة المجتمع للمرأة

0 523

تواجه المرأة السورية ظروفاً غاية في الصعوبة منذ انطلاق الثورة 2011 حيث أجبرت على النزوح ومواجهة مخاطر كبيرة، وانتهاكات وإساءات متعددة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والاختطاف، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، على أيدي السلطات السورية، والأطراف الأخرى المتورطة في النزاع. بالإضافة لآلام النزوح واللجوء، وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن المرأة السورية ما تزال تعاني من أسوأ أنماط الانتهاكات، إذ وثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 28316 أنثى، في حين أن ما لا يقل عن 9668 امرأة لا تزال قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.

وبحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية فقد تعرضت الإناث في سورية – طفلات وبالغات – لمختلف أنماط الانتهاكات من القتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإعدام، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتشريد القسري، والحصار، والحرمان من الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، ووصلت العديد من هذه الانتهاكات وخاصة القتل والتعذيب والإخفاء القسري إلى معدلات هي الأسوأ في العالم.

تقول فيحاء الشواش وهي ناشطة مدنية من إدلب

أصبح نشاط المرأة في المجال المدني فاعل بشكل كبير بعد الثورة السورية حيث كان لها دور أساسي في تأسيس التجمعات المدنية واستطاعت النساء إثبات نفسها في عدة مجالات في المجتمع المدني ومن خلال الأدوار التي أصبحت تقوم بها النساء ودخولها مجالات لم تكن متاحة لها من قبل ما ساعد على تغيير نظرة المجتمع لعمل المرأة وازدياد ثقة النساء بأنفسهم وازدياد وعيهم بأهمية دورهم ولكن مازال هناك ضعف في دور النساء في المجال الاداري والسياسي وأماكن صنع القرار.

إنّ تدنّي المستوى المعيشي والاقتصادي دفع الكثير من الشباب للهجرة والعمل لإعالة الأسر السورية، كذلك أدّت الحرب إلى قتل عددٍ كبيرٍ من الرجال، وقد أفرز ذلك تغيّراً ديموغرافياً، فزادت نسبة النساء عن الرجال بشكل كبير، وحمل ذلك التغيّر معه تغيّرات كثيرة في أنماط الحياة السورية، إضافة إلى إفراز وإنتاج مشاكل اقتصادية واجتماعية جديدة، كما كان للتغيّر في الهيكلية النسبية بين الإناث والذكور آثار واضحة تتعلق بتأخر الزواج وتراجع معدلاته، وزيادة عدد حالات الطلاق والعنوسة، كما فقدت المرأة حقها بالتساوي مع الرجل، خصوصاً فيما يتعلق بالميراث، وأن ترفع عنها آثار بعض العادات والتقاليد الاجتماعية وقضايا الزواج المبكر و”جرائم الشرف”.

فريق عمريت التطوعي لدعم المرأة قانونياً

قال الصحفي عمر محمد عمر مدير فريق عمريت: إننا مجموعة من الناشطين الثوريين المدنيين، محامون ومثقفون، وعملنا تطوعي لنشر الوعي القانوني بشكل عام وعند المرأة بشكل خاص، فيما يهمها من أمور قانونية، عن طريق ندوات ومحاضرات وتقديم الاستشارات القانونية للنساء بواسطة محامين مختصين.

أضاف عمر أن فريق (عمريت) يقوم بدور ريادي في الحماية القانونية للنساء والمعرَّضين للخطر من العنف في سوريا وخارجها لتمكينهم من أن يكونوا مشاركين فعالين في بناء السلام الأهلي المستدام وترسيخ مبدأ سيادة القانون تحقيقاً للعدالة ويسعى فريق عمريت لنيل المرأة حقها الكامل في التقاضي وتحصيل حقوقها وتقديم المساعدة القانونية وتحقيق العدالة الاجتماعية للنساء.

وعن أهداف الفريق حدثنا العمر قائلاً:

يعمل الفريق على:

1- تقديم الاستشارات القانونية للنساء اللواتي تعرضنَ لانتقاص حقوقهن المادية والمعنوية نتيجة جهلهن بالقانون أو التحايل عليهن أو عدم وجود إيراد مادي يمكنهن من ذلك.

تأمين التمثيل القانوني للنساء أمام المحاكم بكل درجاتها خلال مراحل التقاضي أمام المحاكم المحلية أو في دول الجوار.

2- خفض العنف الموجه تجاه النساء في المجتمع.

3- نشر الوعي القانوني بين النساء.

4- توفير التمثيل القانوني للنساء من خلال عمل لجان الجمعية ومكاتب مرتبطة بها.

لماذا اخترتم تقديم هذه الخدمة بالذات؟

لكثرة أعداد النساء اللواتي يجهلون حقوقهن بشكل عام وحقوقهن الشرعية بشكل خاص من ناحية حقوق الزوجة والميراث وكذلك حقوقها المدنية والسياسية

المعوقات التي تواجه المرأة السورية

واجهت المرأة السورية تحدّيات عظيمة، إذ تحوّلت بالإضافة إلى دورها كأم إلى أبٍ أيضاً وتحملت المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، بعد أن كانت مهمتها الوحيدة هي رعاية الأطفال في المنزل، ووقعت المرأة ا في مشكلة أخرى هي زواج القاصرات، ما دفع الفتيات للزواج من أي شخص، وإن كان الرجل لا يتناسب مع عمر الفتاة أو مؤهلاتها الفكرية، وذلك من أجل “تخفيف أعباء الأسرة”،

في إدلب وريفها، المرأة عُرضة للاعتقال والتغييب القسري من قبل الفصائل المتطرفة وعلى الرغم من ظهور بعض منظمات المجتمع المدني والتي قدمت بعض الدعم للمرأة والبرامج التوعوية الخاصة بالمرأة، فإن المنطقة لا تزال مقيدة ومرهونة بالعادات والتقاليد، حيث حرمت الكثير من الأسر المرأة من حقها في التعليم.

تضيف الشواش: من المعوقات التي تواجه النساء في المجال المدني “الصورة النمطية والعادات والتقاليد، عدم وجود قوانين تحمي النساء، الإعلام السلبي، قلة الوعي بأهمية دور النساء، الوضع الاقتصادي بالإضافة للنزوح والحرب وفقدان المعيل

تنوع أعمال النساء السوريات

في ظل سيطرة الفصائل المسلحة على بعض مناطق إدلب وريفها وغياب الدور الحكومي، فإن دور المرأة يتعلق بتوفير الاحتياجات المعيشية، فإن نسبة قليلة جداً من النساء يعملن في مهن مختلفة من أجل تأمين احتياجاتهن واحتياجات عائلاتهن، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إضافة إلى أن نسبة الأمية مرتفعة إلى حد كبير في أوساط النساء اللواتي يبلغن من العمر 30 عاماً وما فوق، كما أن نسبة الفقر والبطالة مرتفعة بحكم العادات والتقاليد التي تحد من فرص عمل المرأة.، وذلك بسبب الايديولوجيا التي تفرضها الفصائل على المنطقة، حيث تصل نسبة البطالة لدى المرأة في تلك المناطق إلى 95% تقريباً، ويبلغ أجر من يعملن في مجال الزراعة 3 دولارات على الأكثر يومياً، فيما يقتصر دعم المنظمات المحلية والدولية للمرأة على الدعم الغذائي في سلة قد تكون شهرية في بعض الأحيان والتي لا تتجاوز قيمتها 40 دولاراً في السوق المحلية. أما منظمات المجتمع المدني، فيكاد دورها يختفي في ظل سطوة الفصائل المقاتلة، والتي تفرض على المرأة قيوداً صارمة وتمنع أي نشاط نسائي يهدف لتحرر المرأة ومشاركتها في قيادة المجتمع.

قالت المهندسة هدى الديري، مسؤولة تواصل في منظمة اليوم التالي في منطقة عفرين: إن المرأة في الوقت الراهن أصبحت موجودة بشكل كبير في كل المجالات أقصد كمنظمات مجتمع المدني أما كمجالس محافظة أو مجالس محلية، اقتصر دورها على مكتب المرأة في فترة معينة بسبب ضغط المنظمات على وجود هذه المكاتب وحالياً تلاشت هذه المكاتب إلا ما ندر من المجالس المحلية التي أبقت على مكتب المرأة وهناك أكثر من سبب منها أنها انحسرت في المناطق المحررة وحسب سلطة الأمر الواقع الموجودة في المكان قد تسمح بوجود المكتب.

وعمل المرأة الواسع الذي نراه في قطاع التعليم وفي القطاع الطبي له أسباب كثيرة، منها أن المرأة أخذت دور المعيل في كثير من الأسر أو أن شهادتها أتاحت لها فرصة عمل لم يحصل عليها رب الأسرة وفقدان المعيل لعدة أسباب منها القتل والاعتقال والفقد أو إعاقة زادت نسبة المرأة العاملة بالإضافة لتوجه المنظمات الى تمكين المرأة ظهر بشكل واضح في الآونة الأخيرة

عمل المرأة السورية في الإنقاذ والإسعاف

تتعرض النساء في الشمال السوري لضغوطات كبيرة بسبب القصف والوضع الراهن ومهما كان نوع العمل الذي تقوم به المرأة فهي تكون محط أنظار الناس وانتقاداتهم والضغوطات تجاهها، وخاصة اللواتي عملن في الدفاع المدني، الذي يتطلب منهن التواجد في أماكن حساسة وحرجة، وهذا سبب لهن الكثير من الضغط، حيث واجهت النساء العاملات في مجال الدفاع المدني في بداية عملهن رفض كبير من قبل المجتمع وعدم تقبل فكرة وجود المرأة بجانب الرجل في عمليات الإنقاذ والإسعاف، ولكن مع مرور الأيام تغيرت تلك النظرة نتيجة ما قدمته من أعمال إنسانية، حيث حظيت لاحقاً بالاهتمام الكبير وتقبل عملها من قبل المجتمع”.

تقول المهندسة هدى الديري: إن المرأة كانت موجودة قبل أحداث 2011 لكن وجودها كان محدوداً جداً بحيث لم يكن لها أي دور أو قرار عبارة عن موظفات ومن ناحية أخرى لم يكن هناك منظمات مجتمع مدني إلا إذا اعتبرنا الاتحاد النسائي منظمة مجتمع مدني وهي لم تكن كذلك، بل كانت فرعاً أمنياً تابعاً لحزب البعث، أوجدها النظام ليوهم العالم بأن المرأة موجودة، ومن ناحية أخرى كان عملها مقتصراً على الحياة المدنية مجالس محافظات أو تعليم.

وقد اضطرت المرأة السورية للانخراط في مجالات عمل جديدة لم تكن تعمل بها من قبل، منها الانضمام إلى قطاع الدفاع المدني لمشاركة الرجل في عمليات إنقاذ وإسعاف الجرحى والمصابين.

وتقوم المتطوعات في الدفاع المدني بتقديم الإسعافات الأولية والطارئة للمصابين في الحرب، إضافة إلى علاج الحروق واللاشمانيا، ومتابعة المصابين والمرضى حتى شفائهم، إضافة إلى رعاية الحوامل، ومتابعة مرضى السكري والضغط، وإعطائهم النصائح الوقائية.

أضافت المهندسة هدى الديري وهي متطوعة في مكتب المرأة التابع لمجلس محافظة درعا الحرة:

في أي مكان توجد به المرأة تثبت نفسها وقدرتها على إنجاز العمل الموكل لها سواء مكتب مرأة أو مجالس محلية أو قطاع التعليم أو الصحة وكل القطاعات العملية ولاحظنا أن المرأة التي تكون في منصب مدير مشروع أو منظمة تقود العمل بمهنية عالية وفي بعض الأحيان تتفوق على الرجال، لكن المرأة حتى اليوم لم تأخذ دورها السياسي الحقيقي في مراكز صنع القرار واقتصر على التمثيل الشكلي، وحالياً المرأة تخوض معركة كبرة ومهمة لأخذ دورها في مراكز صنع القرار سياسياً وغيرها من القطاعات المدنية القيادية كمجالس المحافظة والحكومة وهي حتى الآن لم يتح لها المجال لأخذ فرصتها كي لا تكون مجرد واجهة أو تمثيل شكلي.

في سوريا، لا يزال الطريق طويلاً لتطبيع حقوق المرأة في التمثيل السياسي والمشاركة في اتخاذ القرارات الوطنية، فالحقائق والأرقام تظهر قمعاً وتغييباً جائراً للمرأة ودورها في دوائر اتخاذ القرار والتشريع، بل تشير الأرقام إلى تراجع دور المرأة في الحياة السياسية واتخاذ القرار

وفي الختام فإنّ المطلوب من المنظّمات الدوليّة والمحلية الاهتمام بالمرأة وحاجاتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية، لذا فمن الضرورة أن تتضافر جهود المنظمات المهتمة بالمرأة لإنقاذ المرأة السورية من الوضع الصعب والخطير الذي باتت تتعرض له، وتحاول أن تخفّف من وقع الحرب وآثارها الكارثية ما أمكنها ذلك.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني