fbpx

لو دخل الدولار جحر ضبٍّ للحق به الأسد

1 197

وردتنا عدة تساؤلات حول أسباب وأهداف ودلالات موجة مشاريع تعديل القوانين التي يُقدّمها ما يُسمّون زوراً وبهتاناً أعضاء مجلس الشعب التابع لنظام أسد ومنها مشروع القانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم.

نقلاً عن مصادر النظام قالت مقررة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب النائبة غادة إبراهيم: أن الغاية من مشروع قانون إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم هي أن تعود ملكية هذه الأموال إلى الدولة لاستثمارها بما يحقق عوائد لخزانة الدولة وبالتالي ينعكس ذلك إيجاباً على المواطنين وخصوصاً أن هذه الأموال كانت تصادر سابقاً ولا تستثمر وتبقى على وضعها الراهن.

وبينت إبراهيم أنه يجب التركيز هنا على أن المصادرة لا تكون إلا بموجب حكم قضائي مبرم وهذه الأموال تكون مصادرة من محكومين ثبت تورطهم بملفات فساد أو الذين استغلوا وضع البلد الراهن وارتكبوا جرم الخيانة، وبالتالي فإنه في حال ثبت تورطهم في هذه الجرائم التي نص عليها القانون فإنه تتم مصادرة أموالهم وتعود بموجب مشروع هذا القانون ملكيتها إلى الدولة لاستثمارها وتحقيق عوائد لخزينة الدول.

ولبيان أسباب وأهداف ودلالات وغايات هذا المشروع لابُدّ من بيان أحكام المصادرة في التشريع السوريّ وهي:

  • المصادرة في الدستور السوري: لقد منع الدستور المصادرة في الأموال الا وفق شروط ضيّقة حدّدتها المادة ’’15‘‘ منه التي تنصّ على أنّ: الملكية الخاصة من جماعية وفردية، مصانة وفق الأسس الآتية:
  • المصادرة العامة في الأموال ممنوعة.
  • لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.
  • لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم.
  • تجوز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل.
  • يجب أن يكون التعويض معادلا للقيمة الحقيقية للملكية.

تعريف المصادرة: تعني نزع ملكية الشيء جبراً عن مالكه وإضافته إلى ملك الدولة بغير مقابل. وتكون المصادرة جنائية ’’عقوبة‘‘ إذا جرت بحكم من المحكمة المختصة، أو تكون ’’إدارية‘‘ إذا جرت بموجب تشريع، أو قرار يصدر من الإدارة وهي نوعين:

مصادرة عامة: إذا كان الاستيلاء على كل مال المحكوم عليه بهذه العقوبة أو بعضه ونقل ملكيته إلى الحكومة أو إلى شخص من أشخاص القانون العام.

المصادرة الخاصة وهي الواردة في نصوص قانون العقوبات العام:

عقوبةً أصليّة جوازية: وفقاً للمادّة ’’69‘‘ من قانون العقوبات العام التي تنصّ على: يمكن، مع الاحتفاظ بحقوق الغير ذي النية الحسنة ـ مصادرة جميع الأشياء التي نتجت عن جناية أو جنحة مقصودة أو التي استعملت أو كانت معدة لاقترافها يمكن مصادرة هذه الأشياء في الجنحة غير المقصودة أو في المخالفة إذا انطوى القانون على نص صريح.

تدبيرٍ احترازيٍ وهي وجوبيّة: وفق ما نصت عليه المادة 98 من قانون العقوبات، التي تنصّ على أنّه: يصادر من الأشياء ما كان صنعه أو اقتناؤه أو بيعه أو استعماله غير مشروع، وإن لم يكن ملكاً للمدعى عليه أو المحكوم عليه، أو لم تفض الملاحقة إلى حكم.

المصادرة من الإلزامات المدنية التي يمكن القاضي الجزائي القضاء بها وفقاً للمادة ’’129‘‘ من قانون العقوبات العام.

تعويضاً عن العطل والضرر وهو أيضاً جوازيّاً: وفق ما نصت عليه المادة 134 منه التي تنصّ على: إن الأشياء القابلة للمصادرة بموجب المادة الـ ’’69‘‘ يمكن الحكم بها للمدعي الشخصي بناء على طلبه، من أصل ما يتوجب له من عطل وضرر وبمقدارهما.

المصادرة فيما يُسمّى قانون الإرهاب رقم ’’19‘‘ لسنة 2012:

عرّفت المادة ’’1‘‘ منه المصادرة بأنّها: هي الحرمان الدائم من الأموال المنقولة وغير المنقولة وانتقال ملكيتها إلى الدولة وذلك بموجب حكم قضائي.

واعتبرت مصادرة ’’ الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي استخدمت أو كانت معدة لاستخدامها ‘‘ عقوبة أصليّة وفقاً ورد في نصّ المادة ’’12‘‘ منه: في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحكم الإدانة بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي استخدمت أو كانت معدة لاستخدامها في ارتكاب الجريمة وتحكم بحل المنظمة الإرهابية في حال وجودها.

وبالتالي ومن مبدأ المخالفة فلا يجوز إيقاع المصادرة على الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي لم تستخدم أو التي لم تكن معدة لاستخدامها في ارتكاب الجريمة الإرهابيّة، وبالتالي عدم شرعيّة أي قرار بمصادرتها كعقوبة ’’إضافيّة‘‘.

وبما أنّ الاحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة لا تخضع لإعادة المحاكمة في حال إلقاء القبض على المحكوم عليه إلا إذا كان قد سلم نفسه طواعية، مما يعني أنّ قرارات المصادرة الغيابيّة قابلة لإعادة المحاكمة مع الحكم الكلّي التي تحتمل الإلغاء والبراءة الأمر الذي يقتضي عدم التعرّض لهذه الأموال وبطلان أي تصرّف يقع عليها سواءً طال أصل الملكيّة من بيع أو هبة، أو طال حقّ الانتفاع بمنافعها ومنها الاستثمار أو الايجار‘‘.

أحكامها وإجراءاتها في قانون أصول المحاكمات الجزائيّة:

إذا طالت أموال المحكوم غيابيّاً تدار وفقاً لإجراءات إدارة أموال الغائب وهو ما نصّت عليه المادة ’’328’’: إذا حكم على المتهم الفار تخضع أمواله، اعتباراً من صيرورة الحكم نافذاً، للأصول المتبعة في إدارة أموال الغائب ولا تسلم هذه الأموال إليه أو إلى مستحقيها من بعده إلا عند سقوط الحكم الغيابي.

وتسقط عقوبة المصادرة تبعاً لسقوط الحكم الغيابي عند تسليم المتهم نفسه أو إلقاء القبض عليه وفقاً للمادة 333 منه التي تنصّ على أنّه: إذا سلم المتهم الغائب نفسه إلى الحكومة أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بالتقادم فيعتبر الحكم وسائر المعاملات الجارية، اعتباراً من صدور مذكرة إلقاء القبض أو قرار المهل، ملغاة حكماً، وتعاد المحاكمة وفقاً للأصول العادية.

كما تسقط عقوبة المصادرة بوفاة المحكوم عليه تبعاً لسقوط الدعوى العامة وفقاً للمادة 435 منه التي تنصّ على أنّه: تسقط دعوى الحق العام بوفاة المدعى عليه سواء أكان لجهة تطبيق العقوبة الأصلية أو العقوبة الإضافية أو الفرعية. اما إذا كانت الأشياء المضبوطة من المواد الممنوعة قانوناً بحد ذاتها فلا تعاد إلى ورثة المتوفى.

سقوطها بالعفو العام وفقاً للمادة ’’150‘‘ التي تنصّ على أنّه: يصدر العفو العام عن السلطة التشريعية. وهو يسقط كل عقوبة أصلية كانت أو فرعية أو إضافية. لا ترد الغرامات المستوفاة والأشياء المصادرة بمقتضى المادة الـ ’’69‘‘ أي الأشياء والأدوات الجرميّة وهذا الحكم ينطبق على كل الاحكام التي صدرت عن محاكم الإرهاب والتي تتضمّن مصادرة أموال المحكومين أو الموقوفين أو المحكومين غيابيّاً غير تلك المستخدمة في ارتكاب أي جريمة من جرائم الإرهاب بعد شمولها بأحكام العفو رقم ’’7‘‘ لسنة 2022 تسقط بموجب مفاعيل العفو باعتبارها عقوبات إضافيّة ليست مقصودة بالمادة ’’69‘‘ من قانون العقوبات العام ولا بالمادة ’’12‘‘ من قانون الإرهاب لسنة 2012 عقوبات ولم ترد بمندرجاتها أبداً، هذه الأموال لا تصادر وينبغي إعادتها للمعفو عنهم بموجب قانون العفو الأخير إذا كانت قد ضبطت.

وعليه فإنّ أي قانون أو تشريع جديد يتعلّق بموضوع المصادرة يقتضي تعديل هذه النصوص بالإضافة الى وجوب تعديل في المادة ’’15‘‘ من الدستور التي تمنع الم، وإنّ أي تعرّض لحقّ الملكيّة او لحق الانتفاع بالأموال المصادرة المنقولة وغير المنقولة التي تخرج عن إطار ’’الأدوات الجرميّة‘‘ يُعتبر انتهاك صريح للدستور والقوانين، كما يُعتبر تعدّياً على حقوق المواطن.

ويتّضح مما سبق ومن تبريرات عضو مجلس الشعب غادة إبراهيم التي زعمت بأن الغاية منه هي أن تعود ملكية هذه الأموال إلى الدولة لاستثمارها بما يحقق عوائد لخزانة الدولة وبالتالي ينعكس ذلك إيجاباً على المواطنين وأنها تستهدف أموال محكومين أو الذين استغلوا وضع البلد الراهن وارتكبوا جرم الخيانة، وأنّ مصادرة أموالهم تعود بموجب مشروع هذا القانون ملكيتها إلى الدولة لاستثمارها وتحقيق عوائد لخزينة الدولة. يتبيّن أنّ الهدف من وراء طرح هذا المشروع هو الاستيلاء على أموال المتهمين أو المعتقلين أو المُغيّبين أو المختفين قسريّاً أو المحكومين غيابيّاً وأموال عائلاتهم المنقولة وغير المنقولة وعائداتها عبر طرحها للاستثمار وبالتالي دخول الشركات الإيرانيّة والروسية و الاماراتيّة على خط استثمارها وخاصّة بعد الغاء قانون التطوير العقاري وإلحاق مشاريع التطوير العقاري بأحكام قانون الاستثمار بموجب المادّة ’’3‘‘ من قانون رقم ’’2‘‘ لسنة 2023 المُعدِّل لقانون الاستثمار رقم ’’18‘‘ لسنة 2021.

بناءً عليه نجد أن النظام السوريّ لا يدّخِر وسيلة ولا أسلوباً من الأساليب ليجلب المنفعة والمال حتى لو اضطر لنسف المبادئ و الأعراف القانونيّة التي تقتضي استقرار التشريعات واستمراريتها وعدم تعريضها للتغيّير المستمر والمتقلّب بدون ضوابط، ومن أهم هذه الضوابط بيان الأسباب الموجبة والتي يجب أن تكون واضحة ومقنعة وتحقّق المصلحة العامّة، وبيان الأهداف من ورائها وهي أمام القضاء على ظاهرة غير قانونيّة أو حل مشكلة أو تنظيم ظاهرة مشروعة، وبيان الغايات المأمولة من سنّ هذه القوانين، وأمام هذا الكم غير المسبوق من التعديلات وطرح مشاريع قوانين وإصدار مراسيم التي يربطها بسعر صرف الليرة أمام الدولار ما يمكّننا القول إنّه لو دخلت الليرة أو الدولار جحر ضبٍّ لتبعه النظام وزبانيته وشبّيحته.

1 تعليق
  1. Hassan says

    نعم لو دخل الدولار زريبة خنزير لصافحه ونام في زريبته من اجل دولار

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني