fbpx

لماذا “الفتنة الداخلية” كابوس خامنئي؟

0 18

في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر، قال وهو يشير إلى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني:
“يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد.”

وفي كلامه هذا الكثير من الضبابية وعدم الوضوح، لأنه يخلط بشكل ملفت للنظر بين “الشر” الذي يحيق بالنظام وما إذا كان سيأتي من الخارج أو من الداخل. ذلك أن ما يأتي من الخارج ليس مثل الذي يأتي من الداخل؛ فهناك اختلاف في الأهداف والمقاصد بينهما. إذ إن التهديد الخارجي يسعى إلى تحقيق هدف محدد أو حتى أهداف محددة، قد لا يكون إسقاط النظام وتغييره من ضمنها، خاصة إذا أعلن النظام عن رضوخه للمطالب الدولية (وهو احتمال قائم). في حين أن التهديد الداخلي (الذي يعني اندلاع احتجاجات شعبية) قد يكون مختلفاً، إذ قد يكون له هدف محدد هو تغيير النظام!

“إشعال الفتنة” – التعبير الذي يستخدمه النظام في الإشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي تأخذ شكل انتفاضة سياسية ضده – هو ما يقض مضجع النظام القائم في إيران منذ 46 عاماً. وقد أثبتت الأحداث والتطورات الجارية أنه الخطر والتهديد الأكثر جدية ضد النظام، خاصة وأن هذه الاحتجاجات – منذ ديسمبر 2017 وحتى سبتمبر 2022 – اتخذت بُعداً سياسياً أجبر النظام وشخص الولي الفقيه على التعامل معها بجدية أكبر. ذلك أن هناك حالة يأس شعبية مفرطة من إمكانية النظام في تحسين الأوضاع، بل إن ما يفاقم السخط الشعبي هو القناعة بأن بقاء النظام واستمراره يجعل الأوضاع أسوأ ويزيد من المعاناة.

خامنئي، من خلال تصريحين ملفتين للنظر أطلقهما، قد وضع نفسه في موقف حرج وخطير:

  • الأول كان إعلانه رفضه القاطع لإجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي.
  • والثاني هو ما أوردناه في بداية هذا المقال.

وعندما نقول إنه وضع نفسه في موقف حرج وخطير، فلأنه يريد أن يدفع الشعب إلى تحمل آثار خطأ استراتيجي ارتكبه النظام بشروعه في البرنامج النووي، الذي كلف حتى الآن أكثر من ترليوني دولار دون أن يحقق أهدافه المطلوبة. في حين أن الشعب يدفع – من خلال حياته اليومية، وعلى حساب مائدته والخدمات العامة المقدمة له، بل وحتى على حساب حريته – ثمناً باهظاً جداً. خصوصاً أن الأوضاع السلبية التي يعاني منها الشعب الإيراني (وتزداد تفاقماً عاماً بعد عام) صارت مضرباً للأمثال.

ولا يوجد ما يعزز الثقة بأن الشعب سيقف خلف النظام في حال تعرضه لضربات عسكرية (كالتي تعرض لها من إسرائيل خلال العام الماضي)، حيث وقف الشعب موقفاً لا مبالياً منها. كما أن التعابير الديماغوجية التي يستخدمها خامنئي بشكل خاص والنظام بشكل عام – لجعل الشعب يبدو وكأنه يقف خلف النظام ويبذل كل غالٍ ونفيس من أجله – هي تعابير جوفاء في ظل واقع معيشي يهيمن عليه البؤس والشقاء والحرمان بأقسى أنواعه.

والأخطر أن خامنئي يجعل مهمة مواجهة الانتفاضة الشعبية (في حال وقوعها في ظل الأوضاع المتوترة الحالية) على عاتق الشعب نفسه! وهذا أمر لا يثير السخرية والتهكم فحسب، بل يتجاوز ذلك بكثير. والحق أن النظام – الذي أدت سياساته المشبوهة (التي تهدف أساساً لخدمته) إلى وصول الأوضاع إلى ما هي عليه الآن – يجد نفسه أمام خارطة رعب تحيط به من كل جانب. وهذا حصيلة عمل وجهد 46 عاماً من حكم هذا النظام، وعليه أن يتحمل عواقبها، التي – على الأغلب – لن تكون برداً وسلاماً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني