fbpx

كيف فاقم الانهيار الاقتصادي اللبناني من أزمات اقتصاد النظام السوري

0 899

أزمات متتالية يمر بها لبنان، لعل أسوأها انهيار العملة الوطنية. كان الدولار في العام 2019 عشية انطلاق الاحتجاجات الشعبية في شهر تشرين الأول يعادل 1500 ليرة لبنانية، بينما وصلت قيمته في بدايات شهر تموز 2021 إلى 19000 ليرة، وفقدت العملة الوطنية 90% من قيمتها.

هذه الأزمة الاقتصادية هي الأسوأ في تاريخ لبنان حيث يترافق الانهيار الاقتصادي والمالي بانسداد الأفق السياسي.

إذاً، لا حل منتظر داخلياً لتشكيل حكومة وسط تبادل الفرقاء الاتهامات، ولا مساع خارجية تبذل لذلك، بعد فشل المبادرة الفرنسية في صيف 2020 عقب انفجار مرفأ بيروت.

ويجمع المراقبون أن الذي يعرقل الحل هو من يمسك بمفاصل السلطة في البلاد، وهو حزب الله. حيث كانت تستخدم الورقة اللبنانية كعامل ضغط بيد إيران على أوربا وأمريكا للمساومة بها في مفاوضات الاتفاق النووي الجديد.

تدهور قيمة العملة الوطنية وضعف القدرة الشرائية للمواطنين وفقدان الكثير من السلع الرئيسية الغذائية، والأدوية، وشح المحروقات، وغياب شبه كامل للكهرباء، تسبب بشلل كامل بالحياة الاقتصادية المتدهورة أصلاً. فبعد غياب السياحة بشكل شبه كامل، خاصة السياحة العربية، وهجرة أغلب الكفاءات اللبنانية إلى الخارج، وامتناع المصارف اللبنانية عن إعطاء أصحاب الودائع أموالهم، وإن حدث استثناء فلن يكون الدفع الا بالعملة الوطنية وليس بالدولار.

استمرار البنك المركزي بلبنان بطباعة العملة فاقم من التضخم القائم، كما أن جائحة كورونا وانفجار المرفأ أرهقا الاقتصاد اللبناني المنهك أصلاً.

هذا الاقتصاد اللبناني، وهو اقتصاد ريعي لا يعتمد على إنتاج حقيقي، اقتصاد الخدمات، يحتاج إلى بيئة آمنة واستقرار اجتماعي، وطبعاً، أفقدت ميليشيات حزب الله المتغولة على الدولة والمجتمع اللبناني تلك الميزات، فلم يعد لبنان مشفى للعرب، أو مطبعة كتب ومنارة ثقافية لهم، ولم يعد مقصداً سياحياً للباحثين عن الراحة والترفيه.

حتى الإنتاج الزراعي من الخضروات والفواكه، التي كانت تصدر إلى الخليج توقف، إما بسبب إغلاق معبر نصيب الحدودي الذي يربط سورية ولبنان بالأردن والخليج، أو بسبب العزوف الخليجي عن الاستيراد من لبنان لمختلف البضائع، لقيام ميليشيا الحزب الإلهي بتهريب المخدرات وحبوب الكبتاغون عبر الشاحنات البرية، وآخر تلك الحوادث اكتشاف كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون مخبأة ضمن الخضروات قادمة من لبنان إلى أسواق المملكة العربية السعودية ومنها إلى باقي أسواق الخليج العربي.

اشتكى كثير من اللبنانيين من عمليات التهريب المنظم التي تقوم بها الجماعات المرتبطة بالحزب الإلهي إلى سورية التي تعاني من أزمات جمة.

فق كان يتم تهريب المحروقات وبعض السلع الأساسية المدعومة من الحكومة اللبنانية، الأمر الذي فاقم المعاناة اللبنانية وكانت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية قد أعربت عن عدم قدرتها على الاستمرار بتمويل ودعم السلع الغذائية والمحروقات وهو ما سينعكس سلباً على اقتصاد النظام السوري الذي يعيش على التهريب والمسكنات.

كيف تأثر اقتصاد النظام السوري بالانهيار اللبناني

يمثل لبنان كما يعلم الجميع الرئة التي يتنفس منها اقتصاد النظام السوري، فقد كانت المصارف اللبنانية والشركات التجارية تمثل فرصة لالتفاف النظام السوري على العقوبات الدولية المفروضة عليه حتى بعد صدور قانون قيصر، كان الأمل معقوداً على المصارف اللبنانية للهروب من العوائق الامريكية.

شكلت أزمة المصارف اللبنانية أزمة كبرى للنظام السوري، حيث وبحسب تصريحات رأس النظام السوري تم تجميد ما بين (20-40) مليار دولار، وهذا ما سبب الأزمات الاقتصادية التي يعيشها النظام السوري، وليس الآثار الاقتصادية لقانون قيصر. حيث كانت معظم تلك الأموال المحجوزة لرجال أعمال مرتبطين بالنظام السوري تجري من خلالهم معظم العمليات المالية السوداء للنظام.

أما ثاني التداعيات للانهيار اللبناني على الاقتصاد السوري، يتمثل بقرب تحرير أسعار المحروقات والسلع الغذائية الرئيسية، الأمر الذي يؤدي لأن تصبح أسعارها متقاربة في البلدين، وبالتالي توقف حركة التهريب التي كانت تسد عبر القوافل المنتظمة جانباً مهماً من اقتصاد النظام السوري المنهار.

يضاف إلى تلك العوامل وغيرها التي لا يتسع المجال لذكرها، الجمود والتعثر بمفاوضات الاتفاق النووي الجديد بين المجتمع الدولي وإيران في فيينا، وقد سرت شائعات عن قرب الوصول لاتفاق جديد، الأمر الذي سيحرر عشرات المليارات الإيرانية المحجوزة والمجمدة، ويساعد فيعودة إيران لتصدير نفطها، وبالتالي وصول شرايين التمويل إلى كل الأذرع الإيرانية في المنطقة، ومنها طبعاً النظام السوري.

كل المؤشرات تدل على أن أياماً صعبة وصيف ساخن سيمر على اقتصاد النظام السوري سيساهم في تفاقم الصعوبات الاقتصادية الموجودة الآن.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني