fbpx

كوميديا الوجود الإنساني

0 200
  • اسم المؤلف أحمد برقاوي‎
  • عدد الصفحات 212

عن الكتاب:

يطرح أحمد برقاوي في كتابه «كوميديا الوجود الإنساني» مجموعة من الأسئلة المعقدة، ويناقش عدداً من الهواجس المتعلقة بالوجود البشري. ولأن التركيبة الإنسانية هي غاية في التعقيد والتداخل، فإن برقاوي يمضي نحو فك الألغاز والشيفرات المحيطة بهذه التركيبة، ويحاول شرح المشاعر والعواطف والانفعالات التي تنتاب الإنسان، ويجتهد في توضيح الأسباب التي تسهم في تحديد اتجاهات وميول الأفراد.

يتحدث برقاوي عن العلاقة بين الوجود الإنساني والزمان، معتبراً أن «ليس للزمان من أثر ولا قيمة ولا معنى إذا لم أعِ أن هذا الزمان هو زماني المعيش»، والزمان، كما هو معلوم، مفهوم معقد ينقسم إلى الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، وهنا يرى برقاوي بأن «البشر مسكونون بهاجس الاستمرار، بهاجس الزمن الموصول: الماضي الحاضر المستقبل، ويسعد الإنسان، إذ يرى وجوده الراهن غارقا بالقدم عبر الاتصال بالماضي، وإعلان: هذا ماضيّ أنا. ويتناول برقاوي كوميديا الجسد الإنساني في بحث مؤثر، إذ يتحدث عن كيفية نمو الجسد ومروره بمراحل عدة وصولا إلى مرحلة الشيخوخة حيث يلوح الموت في الأفق، وكيف أن هذا الجسد الفتي يمرض ويتألم ويحس ويفكر ويخجل ويكذب ويصدق.

ويعارض برقاوي ثنائية «الجسد والروح»، فالذات الإنسانية، في رأيه، تستعيد طبيعتها بوصفها ذات فاعلة تأبى الانشطار بين روح حارسة للجسد، بين ذات تراقب موضوعاً»، ويخلص برقاوي إلى القول: الجسد، إذاً، كلية لا انفصال فيها، ولا يمكن أن نشطره اثنين: لجسد وروح. الجسد يتعين أنه الأصل ـ الأساس، وكل ما يصدر عنه هو حياتي الكلية.

ويخصص برقاوي بحثاً بعنوان «اللذة الجنسية، المتعة المقموعة» للحديث عن غريزة الجنس التي تعقدت عبر الثقافة، وتزداد تعقيدا بخطاب الحرمان والمنع والقمع الموجه، غالبا، للمرأة، خصوصاً في المجتمعات التي يصفها برقاوي بـ «التقليدية»، ويصل المؤلف إلى تفسير متعة ارتكاب الشر، مشيراً إلى أن «الشر ظاهرة بشرية صرفة لا وجود له في الطبيعة، ولا في عالم الحيوان، فحوادث الطبيعة من فيضانات وبراكين وزلازل ليست شرا، وأي شجار بين أنواع واحدة من الحيوانات ينتهي، غالباً، باعتراف أحدهما بالهزيمة، دون أحقاد»، وحده الإنسان يتمادى في الشر إلى الحدود القصوى دون أية حاجة لذلك.

ويتحدث برقاوي عن الأم النفس البشرية إثر فقد حبيب أو صديق أو قريب، أو بسبب مشاعر القلق والخوف من المجهول، ومشاعر القهر الناتج عن الحرمان، معتبرا أن أسوأ كوميديا في الوجود الإنساني هو موت الضمير وفقدان الإحساس بعذابات الآخرين من جياع ومضطهدين ومشردين، ويرى برقاوي أن المصالح السياسية تلعب دوراً هاماً في إلغاء الضمير. ويناقش برقاوي مسألة العقل وطبيعته وماهيته، ويقر بأن ثمة تفاوتاً في درجة الذكاء بين البشر، ولا يحسم بين البيولوجيا وبين الخبرة هنا، فقد يكون مرد التفاوت إلى أحدهما أو إلى كليهما معاً. ويعلي برقاوي من شأن الأسطورة في التاريخ البشري، إذ يقول بأن الأسطورة ـ عقل البشرية الطفلي وخيالها الخصب ـ قد أمدتنا بالخيال الأجمل لتاريخ الوعي بوصفه تاريخ آلهات لا يمكن فهم الأرضي إلا بواسطته.

هذه الأفكار والرؤى المعقدة يعرضها برقاوي بأكثر المفردات والعبارات والجمل يسراً، وهو ينأى بنفسه عن الاقتباس، فما يكتبه برقاوي نابع من خبرته الشخصية، لذلك لا تجد هامشاً واحداً في الكتاب، ولا اسم مرجع أو مصدر في النهاية، هذه النبرة الوجدانية الذاتية تنجح في إبعاد الكتاب عن متاهة المنهج العلمي الرصين، وتقربه من القارئ كنص أدبي سلس يحوي الكثير من المعلومات. لكنه، وفي الآن ذاته، لا يفتقر إلى الصياغة اللغوية البديعة التي تطمح إلى مخاطبة القارئ العادي، وإلى إثارة الأسئلة لدى المتخصصين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني