fbpx

زلزال وحزن وغضب

0 216

الحزن الحزن على كل ضحايا الزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير في أي مكان من أمكنة هذا العالم. الضحايا الذين غالباً ما ينتمون إلى الأحياء الفقيرة، الأحياء الطينية.

بالأمس ضرب زلزال مدمر تركيا ولواء اسكندرون وسوريا، وخلف وراءه آلاف الأرواح والبيوت المدمرة. وفقدنا أحبة تربطنا بهم روابط الصداقة والألفة، وأقارب تربطنا بهم صلة الرحم.

فقدنا أناساً لا نعرفهم، لكن قلوبنا تتألم عليهم جميعاً، ففي مأساة كهذه لا يتعلق الحزن بأي موقف أيديولوجي وسياسي وقومي.

ونحن، أمام هذه المأساة، الناتجة عن الطبيعة العمياء لا نستطيع أن نذم الطبيعة ونكرها لا نستطيع أن نلقي باللائمة على قوة ما فوق طبيعة يؤمن بها الناس، فالطبيعة لا تفكر وليس في نيتها ارتكاب الشر، الطبيعة لا تثأر ولا تحقد على أبناء الأرض. ولا يمكن عقلياً أن يرد المؤمنون هذه المأساة إلى فعل إرادي لإله قرر أن يعاقب البشر ويمتحنهم.

ففعل الشر فعل إرادي لنوع من البشر تدفعهم مصالحهم وقيمهم المنحطة لهذا الفعل.

الطبيعة لم تُحمل الطائرات بالبراميل المتفجرة وتلقيها على الأحياء في مدن وقرى سوريا، ومنظر البيوت المهدمة والأسواق المحطمة وجثث الأبرياء في الطرقات في مدن بلادنا تفوق في فظاعتها بآلاف المرات فظيعة الزلزال الذي يعود إلى قوانين طبيعة لا تفكر.

الطبيعة لا تهدم قرى وبيوت فلسطينية بدوافع عنصرية صهيونية، ومشهد البنايات التي دمرها عدونا في غزة يفوق في بأضعاف مضاعفة مشهد انهيار البنايات في حلي واسكندرون وأنطاكية وسرمدا و…

الطبيعة لم تدمر بلداً خلال ساعات كالعراق، الطبيعة لا تعدم وتقتل المختلفين مع قوانينها والمسيطرين عليها في خدمة للبشر كما في إيران، الطبيعة لا تؤسس مليشيات قاتله باسم ماض لا يعود، الطبيعة لا تبني سجوناً ولا تحفر مقابر جماعية لأبنائها، الطبيعة لا تعلن الحروب وتزهق عشرات الملايين من البشر خلال وقت قصير. الطبيعة لا تفكر بمنع الماء ونور الشمس عن البشر، الطبيعة الطبيعة ليست شريرة أبداً. نحن بني البشر نحن الأشرار، أفسدنا هواء الأرض البريء، وينابيعها العذبة وفضاءها المنير.

أين هذه الحمية التي دفعت بلدان القرار العالمي لمساعدة المناطق المنكوبة مما جرى ويجري في فلسطين وسوريا.

الكارثة الطبيعة لا تولد عنف ضد الطبيعة، ولا تنتج معركة للاستقلال عنها، ومواجهة كوارثها مواجهة لا تكلف الكثير، فيما الكوارث التي يقوم بها البشر ضد الحق والحقيقة وحقوق الإنسان

تولد عواطف سلبية وأحقاد لا تنتهي، ولا تزول إلا بزوال فاعلها، وليس هناك أسوأ من أن يقوم القتلة باصطناع الحزن، الحزن من المأساة وعلى ضحايا المأساة التي نتجت عن الطبيعة التي لا عقل لها، إن هؤلاء أصحاب قلوب بلاستيكية وكذابون وسفلة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني