fbpx

النازحون في مواجهة كورونا وبرد الشتاء

0 357

تتضاعف معاناة النازحين في مخيمات الشمال السوري مع دخول فصل الشتاء، في ظل استمرار نزوحهم، ونقص الغذاء ووسائل التدفئة تزامناً مع انتشار وباء كورونا، وعجز القطاع الطبي عن السيطرة على الوباء.

كورونا يفاقم مآسي النازحين 

يتخوف النازحون في مخيمات الشمال السوري من مخاطر الإصابة بوباء كورونا نتيجة تقارب الخيام، وانعدام مقومات النظافة العامة، ونقص المياه وانتشار أقنية الصرف الصحي المكشوفة.

وكانت الحكومة السورية المؤقتة قد سجلت يوم الخميس 31 كانون الأول/ديسمبر 66 إصابة جديدة بفيروس كورونا في مناطق شمال غربي سوريا، ليرتفع بذلك عدد الحالات الكلية للإصابة بالمرض إلى 20270 حالة، بعد الإعلان عن الحالات الجديدة، منها 340 حالة وفاة و12822 حالة شفاء.

وحذر فريق “منسقو الاستجابة” منذ أيام من تفشي فيروس كورونا المستجد COVID-19 الذي أصبح مثيراً للفزع في مناطق شمال غرب سوريا، حيث تجاوزت أعداد الإصابات المسجلة بالفيروس حاجز 20 ألف إصابة، تزامناً مع ازدياد أعداد الوفيات الناجمة عن الوباء.

وأكد الفريق أنه على الرغم من الجهود المستمرة المبذولة للسيطرة على المرض، غير أنّ تسجيل الإصابات أصبح يومياً، ويشكل عبئاً هائلًا على المشافي وغيرها من المراكز الصحية التي تعالج المصابين بهذا المرض، كما تأثّر العاملون في مجال الرعاية الصحية أيضاً بشكل كبير بسبب الأزمة، حيث وصل عدد الإصابات بكوفيد-19 في صفوفهم إلى نحو 2648 إصابة، ويزيد هذا من حدة مشكلة نقص الموارد البشرية والمستلزمات الطبية في كثير من المشافي والنقاط الطبية المتخصصة.

وأشار الفريق إلى أن المقلق في الوضع الحالي هو أثر هذه الجائحة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، حيث تواجه المنطقة أزمة اقتصادية وفقراً شديداً وقد تكون العواقب أخطر بكثير فيما يخص نقص الماء والغذاء والرعاية الصحية، إضافة إلى خطر إهمال الأمراض الأخرى بسبب كوفيد-19 كالملاريا واللايشمانيا والأمراض المزمنة.

وطالب الفريق الوكالات الدولية والمنظمات الإنسانية ببذل المزيد من الجهود لتقديم الدعم الصحي اللازم للمؤسسات الصحية في المنطقة، لإجراء المزيد من الاختبارات والتحاليل لكشف الحالات بشكل فوري والعمل على احتوائها، إضافة إلى تقديم الدعم اللازم للسكان المدنيين في المنطقة في ظل ارتفاع أسعار مواد ومستلزمات الوقاية من فيروس كورونا المستجد بشكل كبير، يفوق قدرة المدنيين على تأمينها بشكل يومي.

وسائل تدفئة بديلة

كما يعاني النازحون من ظروف ﻣﻌﻴﺸﻴﺔ ﺻﻌﺒﺔ، ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺣﺎﺩ في اﻷﺳﻌﺎﺭ، الأمر الذي ﺣﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻬﻴﺰ وسائل تدفئة، تقيهم البرد، ﻭتساعدهم ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺧﺎﻝ الدفء ﻟﺨﻴﺎمهم ﻭﺃﺟﺴﺎﺩ أطفالهم، حيث دفع غلاء أسعار المحروقات في إدلب النازحين لاستخدام وسائل التدفئة البديلة كالفحم والبيرين وﺍﻟﻨﺎيلوﻥ ﻭﺍﻟﺒﻼﺳﺘيك ﻭﺍلملابس المهترئة وغيرها من الطرق غير الصحية التي تعد سبباً في اﻧﺘﺸﺎﺭ الأمراض ﺍﻟﺘﻨﻔﺴﻴﺔ جراء ﺍﺳﺘﻨﺸﺎﻕ ﺍﻷدخنة ﻭﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻨﻬﺎ.

محمود المصطفى (34 عاماً) نازح من ريف سراقب إلى مخيم في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا، أب لخمسة أطفال، يستخدم مادة الفحم في التدفئة وعن ذلك يقول: “في الماضي كنا نستخدم في التدفئة الحطب الذي نقطعه من كرومنا وأراضينا، ولكن بعد نزوحنا أصبحنا نستخدم مادة الفحم، لرخص ثمنها مقارنة بأنواع التدفئة الأخرى.”

يشير المصطفى إلى أن إشعال الفحم في الخيمة يصدر روائح كريهة، ودخان يلون جميع محتويات الخيمة بالسواد، ويسبب الأمراض التنفسية لأولاده.

أم سامر (31 عاماً) مهجرة من الغوطة الشرقية، وتقيم في مخيم بمدينة كفرتخاريم، أم لثلاثة أطفال، فقدت زوجها بقصف مدفعي قبل التهجير، تشتري الملابس والأحذية المهترئة لتدفئة أطفالها، وعن ذلك تقول: “أعتمد في تأمين نفقاتنا على المساعدات الإغاثية التي توزعها المنظمات في المخيم، وما ينتجه ولدي البالغ من العمر 12 عاماً من عمله في بيع المناديل الورقية، ولا قدرة لنا على شراء وسائل التدفئة الصحية والآمنة بسبب الغلاء والأسعار الجنونية، لذلك أبحث في محلات بيع الملابس المستعملة (البالة) عن أحذية وملابس مهترئة لأشتريها بأسعار رخيصة، كما أﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ والكرتون ﻻﺳﺘخدﺍﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟتدﻓﺌﺔ.”

تؤكد أم سامر أن بعض المنظمات تقدم ﻣﺴﺎعدات ﺧﺠﻮﻟﺔ ﻟﻠﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻧﺸﻐﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺑﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻓﻴﺮﻭﺱ ﻛﻮﺭﻭﻧﺎ ﺟﻌﻞ المساعدات قليلة، وﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟدنيا.

أما النازح يوسف الرزوق (40 عاماً) فيستعمل مادة البيرين ﻭﻫﻲ ﻣﺎﺩﺓ ﻣﺤﻠﻴﺔ يتم تصنيعها ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﻛﺒﺴﻬﺎ في قوالب خاصة، ولكنه يشكو من ارتفاع أسعاره نتيجة الإقبال عليه، وعن ذلك يقول: “ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻥ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺮﻓﻊ ﺃﺳﻌﺎﺭ موﺍﺩ التدفئة ﻟﻠﻀﻌﻒ ﺧﻼﻝ ﻓﺼﻞ الشتاء، ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻱ ﺟﻬﺔ ﺭﻗﺎﺑﻴﺔ ﺗﻀﺒﻂ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ.”

الخمسينية أم عمران تعيش وحيدة في خيمة صغيرة داخل مخيم يتبع لبلدة حزانو بريف إدلب الشمالي، بعد وفاة زوجها أضناها النزوح والفقر، فهي لا تملك رفاهية إشعال مدفأة داخل خيمتها، لعدم امتلاك المال، لذلك تقضي معظم وقتها في خيمة أقارب لها، أو تستعمل البطانيات لتنال بعض الدفء الذي أصبح ترفاً في زمن الحرب.

تزداد مخاوف النازحين من جائحة كورونا التي تواصل انتشارها في الشمال السوري، كما يضاعف فصل الشتاء من معاناتهم في ظل الفقر وغلاء الأسعار وتزايد الضغوط المعيشية، ليكون هاجسهم الأكبر إيجاد مواد تدفئة قليلة التكاليف، تحمي أطفالهم من برد الشتاء.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني