fbpx

اللاجئون السوريون… بطالة وتغيّر واقع وطلاق

0 321

تبدو
ظاهرة الطلاق بين السوريين في مرحلة اللجوء القسري خارج البلاد، نتيجة طبيعية
لتغيّر قواعد استقرار الأسرة، وشروط حياتها، فالزوجان اللذان كانا يعيشان في
وسطهما الاجتماعي الطبيعي، وضمن سياق علاقات العمل المستقرة عموماً، وجدا نفسيهما
عرضةً لقواعد عمل مختلفة في بلدان اللجوء، ما دفع كثيرين منهم إلى صفوف العاطلين
عن العمل لأسباب كثيرة.

هذه
الظاهرة الملموسة أنتجت ثمرات عبّرت عن تخلخل رابطة الوئام الأسري، وعجز رب الأسرة
عن الإيفاء بحاجات البيت، ما خلق صراعاً وتناحراً ساهم في ظاهرة الطلاق واتساعها.

لهذا
تناقش مقالتنا البطالة، وفق تعريفها العام، باعتبارها ظاهرة اقتصادية واجتماعية، تؤثر بشكل سلبي وملموس على المجتمع، لأنها تنتشر بين فئات الشباب القادرين على العمل، الذين لم يجدوا فرصة عمل مناسبة، تساهم في تغطية احتياجاتهم، لذا يمكننا اعتبار البطالة من أسوأ الأزمات وخصوصاً في دول اللجوء.

في
هذه الدول، حيث تكاليف الحياة باهظة وكبيرة على اللاجئين الشباب أينما كانوا، باعتبارهم في مرحلة تأسيس من جديد للحياة الأسرية. هذه المرحلة تتطلب من اللاجئ العمل المتواصل، وأحياناً لساعات طويلة، أو اضطراره للقيام بعملين متتاليين لسدّ المتطلبات اليومية والشهرية. هذا الزمن من الغياب القسري في مكان
العمل يسبب إنهاكاً جسدياً ونفسياً للرجل، ينعكس على علاقته بأسرته عموماً وبزوجته
خصوصاً.

وسنأخذ
هنا الأردن كمثالٍ، فهذه الدولة التي تستضيف أعداداً كبيرة
من اللاجئين السوريين منذ عام 2011،
وقد بلغ تعدادهم ما يزيد عن مليون وثمانمائة ألف لاجئ، حسب إحصاءات الدولة الأردنية، أي أن
اللاجئين يزاحمون أبناء
الأردن ممن هم في سن العمل على فرص العمل، وفي المجالات كافةً.

الأردنيون يعتبرون اللاجئين السوريين، قوماً سطوا على فرص عمل أبناء البلد، كل هذا أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، وكذلك الأمر في لبنان وفي تركيا والعراق، فمعظم السوريين يعملون بطريقة غير شرعية، مقابل أجر زهيد مقارنة مع رواتب
المواطنين في تلك البلدان، كذلك فرض
ضرائب وأجوراً مرتفعة على أصحاب المحلات، ما أدى ببعضهم إلى إغلاق محلاتهم، أو فصل بعض العمال من عملهم.

كذلك هو الحال في تركيا، التي يتطلب العمل
وجود إذن عمل، و”سكورتا”.
وهذه من الشروط الأساسية للعمل النظامي في المعامل والمحلات التركية.

العمل
يتطلب دفع ضرائب كبيرة، ما يسبب توقف العامل عن اتخاذ هذه الخطوة، فظاهرة بطالة رب الأسرة، وبقائه في البيت منتشرة كثيراً في الدول الأكثر استقبالاً للاجئين، ففي، لبنان، شرط العمل وجود كفيل لبناني، لمنح اللاجئ إذن عمل، وهنا تبدأ المشكلة، بعدم قبول المواطن اللبناني كفالة اللاجئ السوري، لمنعه من مزاحمته على
فرص العمل.

كل هذه القيود تسبب ضغوطات نفسية كبيرة على الرجل، الذي بدوره يعكسها على أسرته، وعلى زوجته بالمرتبة الأولى، فالأخيرة تتحمل ضغوطات كبيرة، منها فقدان الأهل،
وضغوطات الحياة الزوجية، إضافة إلى ضغوطات الواقع البائس، فتكون نتيجة كل هذه
الضغوطات الطلاق، والذي يبدو كحلٍ أفضل
وفق وجهة نظر المرأة، وهو في الواقع، الحل الأكثر سوءاً،
الذي تبدأ فيه الزوجة مرحلة تشتيت الأسرة.

حين
تترك المرأة أولادها، أو تأخذهم معها، وكذلك تبدأ بالبحث عن عمل، لتستطيع متابعة مسيرة حياتها وتأمين لقمة العيش لها ولأولادها، كل هذا ينعكس سلباً عليها وعلى أطفالها،
وعلى طريقة تربيتهم وعلاقاتهم
المشتتة بين الاب والأم المطلقين، ولا نُغفل أحياناً، أن يكون سبب الطلاق الخيانة الزوجية، والتي تأخذ تقريباً نصف معدل أسباب الطلاق، لقلة الوعي والانفتاح على ثقافات جديدة ضمن ظروف سيئة في مختلف بلدان العالم.

وابتعاد
الزوجين عن العادات والتقاليد بشكل مفاجئ، وبدون وعي مسبق بهذه المجتمعات الجديدة، يساهم بتغير أسلوب حياتهم، مع عدم استقرار الوضع المادي لتنتج عنه حالات

طلاق كثيرة، أصبحت منتشرة بشكل كبير في بلدان اللجوء، خصوصاً في البلدان الأوربية، التي

تتميز قوانينها بدعم المرأة
بشكل كبير، وتتيح لها إمكانية الانفصال لأقل الأسباب، وتؤمن لها سكناً منفصلاً مع وارد مادي لها ولأطفالها.

هذا
الأمر يدفع أكثر النساء اللواتي يعانين الظلم
والاستبداد إلى تنفس الصعداء، والخروج من حالة الخوف لطلب الطلاق بأريحية، باعتبارها
ستصل إلى مقومات الحياة والعدالة والحقوق، والتمرد على حالتها السابقة.

وقوع الطلاق يؤدي إلى ظهور
مشاعر الكره والحقد والبغضاء،
وأحيانا حدوث المشاجرات، وبالتالي عدم استقرار المجتمع.

فغالباً ما تشعر المرأة بالقلق نتيجة نظرة المجتمع المتخلفة والقاسية لها، وشعورها بالاكتئاب، وخلق جو من الخلافات والعنف، ما ينعكس بشكل سلبي وكبير على الأسرة والمجتمع، ويسبّب شعوراً بالإحباط واليأس، وأحياناً قد يصل إلى الانحراف إلى درجة تناول المخدرات والخمر كمحاولة لنسيان المشاكل.

غالباً تندم المرأة ويندم
الرجل على وقوع الطلاق، بسبب ما يخلّفه من آثار سلبية على حياتهما،

وكذلك على الأطفال، الذين سيفقدون الانسجام مع المجتمع، ويتعرضون لمشكلات سلوكية وأمراض نفسية، ومشاكل في التحصيل الدراسي والسلوك العدائي في مدارسهم.

لذلك
في حالة وقوع الطلاق، يجب الجلوس مع الأطفال، وإنشاء حديث منفتح وصادق حول موضوع الطلاق ومناقشته بشكل عقلاني، وإعطاء، تفسيرات لهم وأنه قرار يخص الزوجين لإسقاط المشاعر السلبية لديهم.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني