fbpx

الخَيار الأمني العسكري الميليشياوي في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية سورية!

0 65

بخلاف أضاليل الدعايات الأمريكية/الإيرانية وتوابعهم في منصّات وأقلام المعارضات، التي عملت على إخفاء حقائق طبيعة الصراع (مؤامرة أمريكية تستهدف تفكيك محور المقاومة – تراخي وانسحاب أمريكي، واستغلال إيراني روسي لحالة الفراغ للقفز على المنطقة في سياق صراع وصعود قطبي روسي – صيني!!) وأهدافه في قوى الخَيار العسكري، خاصة، الولايات المتّحدة الأمريكية.

جميع وقائع الصراع تقول أنّ القرار الإستراتيجي بمواجهة حراك شعبي سلمي بات محتملا في ضوء ” انتصارات ” الربيع المصري، ومنع صيرورته ثورة ديمقراطية وطنية بأدوات وأذرع ونهج الخَيار العسكري الميليشياوي، كان قد اُتخذ قبل منتصف آذار 2011، وقبل انطلاق الاحتجاجات في دمشق ودرعا (كما أكّد “سماحة السيد، في مقابلات حصرية مع ” بن جدو”)، بما يضع جميع إجراءات الردع اللاحقة في إطار المرحلة الأولى من “الخَيار الأمني العسكري الطائفي”، بين ربيع 2011 ومنتصف 2012، وشملت مواجهات النشاط السلمي بوسائل أمنية، وجهود توريط الجيش السوري في الصراع السياسي، والتحريض الإعلامي الطائفي، القطري والسعودي…، والسياسي الأمريكي، لتأجيج الصراع، ودفع جميع الأطراف الى التشدد، وتعزيز خطوات وجهود التطييف والميلشة والعسكرة الداخلية التي قدتها سلطة النظام، تكاملا مع جهود تفشيل مسارات تسوية سياسية كانت ممكنة خلال ربيع وصيف 2011، قادتها “المجموعة العربية”، وبرز خلالها “غياب” الدور العملي الأمريكي الفعّال الداعم “لجهود التسويات”، وتكاملت مع جهود تفشيل مبادرات نخبوية لتشكيل قيادة سياسية وميدانية للحراك، وجسم سياسي وطني ديمقراطي معارض، خاصّة من خلال تكامل جهود فرنسية أمريكية وقطرية تركية لتصنيع مؤسسات معارضة غير وطنية، ترتبط بأجندات تلك الدولة، وكانت النتيجة الأكثر خطورة على طبيعة الحراك ومآلاته سعي الجميع لدق إسفين في وحدة الصف الوطني “العربي/الكردي”، عبر دعم خطوات تشكيل مجلسين وطنيين متنافسين – سوري وكردي؛ وقد كان من الطبيعي أن يؤدّي تكامل جهود الجميع إلى تغيير طبيعة الصراع. من جهة أولى، نجحت الجهود في تحويل جمهور الحراك وحواضنه الاجتماعية إلى “مجاهدين”، وفي تحويل نخبه الانتهازية في تيارات وأحزاب وشخصيات اليسار القومي والشيوعي، والإخواني، إلى “موظفين” و “سماسرة” لدى أصحاب أجندات الحرب في الداخل والخارج، وقد صبّت كل تلك الجهود وما نتج عنها في خدمة تحقيق أهداف استراتيجية أمريكية إيرانية مشتركة: قطع صيرورة الحراك ثورة ديمقراطية وتفشيل مقومات الدولة السورية، سعياً من أجل توفير أفضل شروط تقاسم السيطرة الجيوسياسية، على غرار الحالتين اللبنانية والعراقية.. وهذا ما حصل في نهاية 2019، وكان يمكن أن تتحقق أهداف “الشراكة” بنسبة مئة بالمئة، لولا وجود العامل التركي!.

لقد شكّلت المرحلة الأخطر في تفشيل جهود الحل السياسي الذي كان يمكن لنجاحها أن يوقف مسار الخَيار العسكري، ويدفع الصراع على مسار خارطة طريق انتقال سياسي، ما حدث في تكامل جهود إيرانية ميدانية، وأمريكيّة روسية، سياسية ودبلوماسية، بين شباط وتموز 2012، (إسقاط خطّة السلام العربية الثانية في مجلس الأمن 4 شباط، بالتنسيق مع روسيا، واغتيال قادة الجيش في خليّة الأزمة في 18 تموز)، وباتت أخطر أسباب و مقدّمات دفع الصراع على مسار الخَيار العسكري، الذي استمّر بمراحله الحربية الرئيسية حتى آذار 2020.
لقد وفّرت المرحلة الثانية، (بين منتصف 2012/2014 التي تصارعت فيها ميليشيات الثورة المضادة على السلطة، بدعم إيراني وخليجي، ومساندة لوجستية ؛تحكّم عسكري أمريكي، وغطاء سياسي روسي، وما نتج عنها من سيطرة ميليشيات قوى الثورة المضادة على كامل مساحة سوريا) شروط تفشيل الدولة، مع “الحفاظ على سلطة النظام الشريكة”، واستمرار شرعيتها الدولية، وبناء أبرز ميليشات الثورة المضادة، (حصول ميليشيات “حماية الشعب” على “الشرعية الكردية”، وسيطرة جغرافية واسعة في محافظات الحسكة وحلب، إضافة إلى سيطرة واسعة لـ “ميليشات الجولاني” وحصولها على “حصة”)، بالإضافة إلى البيئة العسكرية والسياسية والدعائيّة المناسبة لتدخّل جيوش الولايات المتّحدة وتحالفها الدولي خلال 2014، وروسيا 2015، وذلك لاستكمال خطوات تحقيق الأهداف السياسية الاستراتيجية الأمريكية – الإيرانية في أداة “الخَيار العسكري”؛
المرحلة الثالثة، (بين منتصف 2015 وربيع 2020) مرحلة حروب إعادة توزيع الجغرافيا السوريّة إلى حصص ومناطق نفوذ، قادتها الولايات المتّحدة بالتنسيق المباشر مع روسيا، وفي مواجهة تركيا والسعودية، وبأذرع قوى الثورة المضادة الرئيسية – الطائفية والقسدية، وقد كان أخطر نتائجها، بالإضافة إلى إعادة سيطرة الميليشيات الإيرانية عل ما بات “سوريا المفيدة”، خلق مواقع ارتكاز لميلشيات متصارعة، مرتهنة لقوى الاحتلال، سيطرت على مناطق شاسعة في الجزيرة وشمال شرق وغرب سوريا، تبلورت لاحقا في سلطات أمر واقع، إلى جانب سلطة النظام، برز فيها سلطات “قسد” على مناطق احتلال تشاركي أمريكي، إيراني، روسي، و”الجيش الوطني” على مناطق وجود تركي، و”الهيئة”، كذراع مشترك، يعمل لصالح الجميع، التي صنعت جهود قواها، وما نتج عنها من وقائع الشروط الموضوعية والذاتية لإطلاق المرحلة الرابعة من الخَيار العسكري في مطلع 2020.

المرحلة الرابعة، هي مرحلة التسوية السياسية، انطلقت صيرورتها بعد توقيع اتفاقيات 5 آذار بين الرئيسين التركي والروسي وإعلان واشنطن الانتصار التاريخي على داعش، وقد واجهت مساراتها خيارين متناقضين:

أ- المسار الأمريكي، الذي يقوم على قاعدة خطط RAND  الأمريكية، وتقوم بشكل عام على آلية تحقيق إجراءات الوصول الى إعتراف متبادل وتهدئة مستدامة بين سلطات الأمر الواقع، تشرعن سوريّا واقع الحصص، وتسمح بإعادة التأهيل على الصعيد السوري، والتطبيع إقليمياً، وتتمحور أمريكا حول هدف تأهيل سلطة قسد.

ب- المسار التركي والروسي والسعودي، الذي يقوم على آليات مسار جنيف ومخرجات اللجنة الدستورية للوصول إلى تسوية شاملة، تعترف بمصالح الجميع في ضوء وقائع السيطرة الجيوسياسية. تناقض أهداف وإجراءات هذا المسار مع هدف الولايات المتحدة الاستراتيجي تأتي في كونه يتضمن في الإجراءات، ويؤدّي في النتيجة، إلى تفكيك سلطات الأمر الواقع وفي مقدمتها قسد، لصالح سلطة مركزية موحّدة.

تؤكّد جميع التطورات اللاحقة في مرحلة منذ نهاية 2019 حقيقة أنّ ما حصل و يحصل طيلة السنوات الثلاث التالية، سواء على صعيد المعارك الكبيرة أو الصغيرة بهدف تثقيل موازين القوى السياسية، وتحسين الشروط التفاوضية، وانتزاع أفضل الحصص ووسائل التأهيل الممكنة، أو على مستوى خطوات وإجراءات تأهيل سلطات الأمر الواقع، وإعادة تأهيل سلطة النظام، أو تعثّر إجراءات تأهيل ميليشيات مناطق السيطرة التركية، على واقع العامل الأمريكي المسيطر، والمتحكّم في المآلات، الذي يرتبط مباشرة بأهداف و بآليات تنفيذ التسوية السياسية الأمريكية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني