fbpx

ألم يئن وقت بدء الديمقراطية: الانتخابات المحلية أولاً

0 74

تمهيد:

ألم «يئن» للحكومة الانتقالية أن تعلن نيتها البدء بتطبيق النهج الديمقراطي في المشاركة السياسية بين الحكومة والشعب، إذا كانت تلك الحكومة لا تزال تمثل الثورة. وبهذه المناسبة

أوردت هذه الآية ذات الصلة، بسم الله الرحمن الرحيم “ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله……بقية الآية”, الآية 16، سورة الحديد، وقداستخدمت هذه الآية الكريمة في بداية هذا الرأي لإسقاط دلالتها العميقة على حال الديمقراطية في سورية اليوم، وهذه الخاطرة تكرر ذات السؤال «ألم يئن»؟

1- نحن العرب السنة حماة الديمقراطية

أ- لقد منّ الله علينا نحن العرب السنة وسقط نظام الأسد. وجاءت بعده سلطة وطنية تؤكد أنها فيها لكل السوريين. ونحن نسعى معها كل يوم لبناء دولة مركزية فيها حرية وعدالة وديمقراطية.

ب- على مدى 14 عاماً من عمر الثورة كانت هتافاتنا تبدأ بإسقاط نظام الأسد، وتنتهي بإقامة دولة الحرية والديمقراطية في سورية. وفي هذه الخاطرة أنا واحد ممن لا يزالون ينادون بتحقيق هذا المطلب. نحن العرب السنة، الأكثرية العددية والثقافية في سورية فلا يجوز أن (تخيفنا الديمقراطية)، نعم يوجد بيننا شرائح متنوعة من المسلم المحافظ إلى المسلم المنتمي وإلى المسلم ذو الفكر اليساري، وغيره. فلدينا تنوع فكري كما أن وجود الأقليات بيننا معروف وواضح.

ج- وبإقامه دولة الديمقراطية فإن كل الناس التي تعتبر الآن مصدر زعزعة للاستقرار مثل (مظلوم عبدي) أو (حكمت الهجري) أو (الفلول) عند العلوية، بقناعتي أنهم كلهم سيذوبون وينتهون لأنه بالممارسة الديمقراطية سيظهر حجمهم الضئيل وتأثيرهم الباهت حتى في مجتمعاتهم. إن بقاء الحياة السياسية راكدة مثل الماء الراكد كما هي الآن سوف يسمح لهؤلاء الأشخاص والبؤر أن تزيد عفنها. أما المياه الجارية والحراك السياسي المنظم ضمن دولة مركزية حرة سيبني مجتمعاً يرنو إلى الاستقرار أكثر مما نتوقع حتى بين من يخاصموننا “فكرة استعادة الثقافة العربية الإسلامية لسورية”.

2- النداء الى الرئيس الشرع وحده:

أ- حان الوقت للبدء بتطبيق النهج الديمقراطي في حكم سورية. لقد كررنا سابقا هذا النداء للرئيس أحمد الشرع عدة مرات لأنه الوحيد الذي يشعر الناس أنه قريب إليهم. ولكن للأسف لا استجابة منه. إما بسبب لأنه لا يحب كلمة الديمقراطية أم أن الذين حوله قد حجبوا عنه كل مطالب الناس بالديمقراطية حتى يظهر أمامهم أنه لا يعير مطالبهم اهتماماً. وكلتا الحالتين أسوأ من الأخرى.. ومن هذا النداء نثبت أننا نسعى للمصلحة العامة أولاً.

ب- تلبس الحكومة الانتقالية ثوب الثورة وتلهب عقول مؤيديها بمعاني انتصار الثورة وأحلام المستقبل العظيم، ولكنها تتجاهل رأي الثوار وتخجل حتى من ذكر كلمة الديمقراطية ولا مرة واحدة لا في الإعلان الدستوري ولا في إعلام الحكومة. وهو الشعار رفعه الثوار منذ اليوم الأول على مدى 14 عاماً. إذا كانت السلطة لا تحبذ الديمقراطية فلماذا تتجنب أيضاً منهج الشورى الإسلامي الذي يعتبر الديمقراطية حالة خاصة منها؟

ج- أكثرنا ننظر إلى الرئيس أحمد الشرع كأنه المرجع الأول لنا بصفته الرسمية الذي نكن له الاحترام. إلا أنه للأسف لم يعد يصغي إلى آراء شعبه. وكأن بريق السلطة قد خطف بصيرته. وهم ينتظرون منه وحده فقط جمع شمل البلد، وأن يعلن بدء العملية الديمقراطية فوراً، ولو على مراحل احتراماً لهدف الثورة.

3- درءا للخطر – عبرة من عمر بن عبد العزيز 

أ- لا نتوقع حمايتنا ضد الأخطار الداخلية والخارجية وهي مخيفة إلا من قبل السوريين أنفسهم. نحن نعرف أن الضغوطات، بل المخاطر الداخلية واسعة وشديدة أكثر مما تبدو على السطح. كما أن الضغوطات الخارجية حتى مع رفع العقوبات لا تزال ماثلة للعيان من قبل أعداء الأمة من كل حدب وصوب. 

ب- والحل برأينا داخلياً أولاً وهو تقوية اللحمة بين الشعب والسلطة. إن لم يكن كل الشعب مع السلطة فعلى الأقل العرب السنة، وهم الكتلة الرئيسة التي يفترض أن تعتمد عليها الحكومة الانتقالية. ومرة ثانية نكرر إن الديمقراطية هي الإطار الجامع للكل. وإلا لن «ينفع ندم» أهل السلطة بعد فوات الفرصة. ليست العبرة بطول سنين الحكم (خمس سنوات حسب الإعلان الدستوري) بل العبرة بالإنجاز على أرض الواقع بالعدل والحرية. كلنا قرأنا في التاريخ أن عمر بن عبد العزيز حكم أقل من ثلاث سنوات ومع ذلك دخل التاريخ من أوسع أبوابه بالعدل والحكمة. وبالمناسبة لماذا لا يعدل هذا الإعلان ليشمل وضع برنامج زمني للخطوات نحو الديمقراطية. فالإعلان ليس قرآناً، فقد وضعه بشر مثلنا.

ج- إن الغموض السياسي المقصود للحكومة على مدى الشهور الماضية لم يعد نافعاً، بل أصبح مدمراً. وكما قال الشاعر مخاطباً أحد الملوك العرب:

لا يغرنك هتاف القوم بالوطن …… فالقوم في السر غير القوم في العلن

4- الانتخاب المحلية (بروفة) لما بعدها:

أ- وبما أن الإعلان الدستوري قد حدد مدة خمس سنوات للفترة الانتقالية. وهذا يعني أن الحياة السياسية ستبقى معطلة كل هذه الفترة. فإننا نطالب الرئيس علناً بتحقيق أهداف الثورة والإعلان عن بدء بالانتخابات المحلية وفق قانون الإدارة المحلية، على الأقل.

ب- على افتراض أن إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي قد بدأت فعلاً. من سيخطط لهذا؟ ومن سيراقب صناعة المستقبل ويراقب مسار الأموال؟ المنطق يقول إن مجلس الشعب المنتخب من الناس هو سيكون وكيل الشعب وعينه التي تراقب الحكومة وخطط المستقبل. هل يجوز أن يترك مستقبل الوطن لرغبات المستثمرين وحلفائهم؟ لا يجوز.

5- الانتخابات مطفأة حريق:

أ- الفوضى السياسية التي تعم سورية حالياً تكاد تدعو إلى التدخل الخارجي وزعزعة استقرار البلد. الاستقرار لا يتحقق فقط بالقوة الأمنية والعسكرية وإنما أيضاً بالمشاركة الديمقراطية لكل السوريين. فلو تمت الانتخابات اليوم حسب المحافظات وعلى أسس نزيهة وديمقراطية فمن المؤكد أن 90% من مسببات التوتر سوف تختفي وتصبح المنافسة والصراع، إن وجد، محصوراً بمناطق ضيقة جداً.

ب- نعم، إخماد الحرائق المتكررة في سورية هو باستخدام الانتخابات، كخطوة أولى، ريثما نصل إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهذه ليست منة من أحد، فقد قام السوريون بالثورة ومطلبهم منذ اليوم الأول هو إقامة دولة الحرية والديمقراطية والعدل، وليس أقل من ذلك.

6- تجنبوا نماذج مجالس الصلح؟

وأخيراً، تجنبوا الوقوع في فخ التلاعب بالمجتمع الأهلي، فقد كثرت في الآونة الأخيرة أنشطة في بعض المحافظات لإقامة ما يسمى “مجلس الصلح” في كل بلدة و”مجلس أعيان المنطقة” أو البلدة بإشراف المحافظ أو مدير المنطقة. ونحن أبناء الثورة نرفض هذه الممارسات والنماذج التي هي عادات في المجتمع الأهلي وجعلها أجساماً تابعة للسلطة، هذا التفاف غير مبرر حول المطلب الأول بإقامة الدولة الديمقراطية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني