fbpx

أطفال الشوارع بين الفقر والمستقبل المجهول

0 402

في العاشرة والنصف مساء.. خلف محطة انتظار للمواصلات العامة.. كان نائماً يتوسد زجاجة ماء بلاستيكية.. ممسكاً بفردتي حذاء مهترئ.

أيقظته ظناً مني أنه قد تاه عن منزله.. إذ لا يمكن لطفل في السابعة أن يبقى وحيداً خارج المنزل في مثل هذا الوقت..

اعتدل في جلسته كموظف أخذ غفوة أثناء عمله.. ومد لي يده وقال لي بطريقة أوتوماتيكية: “عطيني مصاري”.. 

محمد كآلاف الأطفال السوريين.. أكلت الحرب طفولتهم.. هرب وعائلته من قصف الطائرات.. لفضاءات التسول في شوارع المنفى.. 

أما لقائي بحسام فكان نهاراً.. انتظرَ حتى تلونت إشارة المرور بالأحمر.. وبدأ بطرق نافذة السيارة.. كان العرق يتصبب من جبهته فيمسحه بكم قميصه.. مد لي علبة مناديل ورقية بـِـيَـدٍ بدت عليها جلية آثار الجلوس على الأرصفة.. 

قال لي حسام حين جلسنا سوية: والدي في المنزل.. لكنه لا يستطيع المشي.. أصيب في الحرب.. أعمل ببيع المناديل وتعمل أمي في المنزل بصنع (المونة) 

ذهبت إلى المدرسة لعدة أشهر.. لكني لم أحبها.. الشارع مسلٍ أكثر.. لدي أصدقاء مثلي.. نبيع أشياء مختلفة.. وأحيانا نتبادل ما نبيع.. 

أكسب تقريبا 20 ليرة يومياً من البيع.. وبعضهم يعطيني المال بدون أن يأخذ المناديل..

في منزل يبدو جيداً نوعا ما.. التقينا بأب لثلاثة أطفال.. بعد محاولات عديدة مع الأطفال كي يخبرونا عن مكان سكنهم.. 

قال الأب الذي يبدو أنه اعتاد الأمر: أرسلهم لبيع المناديل والجلوس عند إشارات المرور.. فلا مصدر رزق لدينا إلا هؤلاء الأطفال..

ثم تابع وهو يعد (الغلة) التي جمعها أطفاله: في السنوات الماضية كنت أرسلهم صباحاً للمدرسة.. وبعد الظهر للشارع.. أما هذه السنة وبسبب كورونا لم يعد هناك مدرسة.. إنهم يقضون يومهم عند إشارات المرور.. والمال الذي يجمعونه أصبح مضاعفاً..

سألناه: ومستقبلهم؟ ماذا بشأنه؟

ضحك وقال بثقة: نفكر به لاحقاً..

هذه ثلاثة نماذج لأطفال يقضون يومهم بالتسول وببيع المناديل والسكاكر على أرصفة مدينة الريحانية التركية..

يقيم في مدينة الريحانية جنوب تركيا أكثر من 70 ألف لاجئ سوري، حصل حوالي 5 آلاف منهم على الجنسية التركية.. والبقية من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة التي تتيح لهم التعليم والطبابة بشكل مجاني.. لكن هذا لم ينه قضية تسول الأطفال..

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”


لؤي القاعد
رئيس مجلس إدارة جمعية التعاون

على الطرف الآخر التقينا بالسيد لؤي القاعد رئيس مجلس إدارة جمعية التعاون 

Birlikte çalışma dernği التي تهتم بهذه الفئة من الأطفال فقال:

تستهدف الجمعة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من جميع النواحي سواء النفسية أو الاجتماعية أو العقلية.

أغلبية هؤلاء الأطفال يمتلكون عوائل وليسوا أيتاماً لكنهم ينتمون للفئة الجاهلة المعدمة ثقافياً وعلمياً..

مركزنا يستقبل الأطفال بدون أي شروط أو قوانين، يكفي إبراز أية وثيقة – ولو كانت وثيقة سورية – لمعرفة اسم الطفل وعمره ليصبح ضمن الفريق.

دور الأهل في انتشار هذه الظاهرة إما مباشر بإلزام طفلهم على التسول.. أو بشكل غير مباشر كون بيئة المنزل غير مريحة للطفل ما يؤدي لهروبه منها وعثوره على حاضنة قوية في الخارج.

أما عن الحلول للحد من هذه الظاهرة فبالدرجة الأولى يجب علينا توعية الأهل، لأن هذه الظاهرة غير مرتبطة بالوضع المعيشي أو الاقتصادي فالأمر لم يعد حاجة بل عادة وطمع ووسيلة لاستجلاب المال بطريقة سهلة من خلال إلزام أطفالهم بهذا العمل وحتى بالنسبة للفئة القليلة التي تمارس هذه الظاهرة للحاجة فالحل أيضاً هو توعية الأهل عن طريق دورات نفسية وتثقيفية للوقوف على المشكلة الأساسية لوجود الطفل في الشارع.. ومحاولة تأمين دخل بسيط أو إعانة شهرية.. 

إذاً الحل لهذه المشكلة ينقسم إلى نوعين (مادي ونفسي)

وعن مدى التزام الأطفال بالمركز قال: 

كان هناك التزام كبير من الأطفال بالحضور للمركز لكن بعد توقفنا لمدة ثلاثة أشهر بسبب الكورونا.. فقدنا حضور 90% من الأطفال.

بعد انتشار وباء كورونا تم تغيير خطة المركز لتتلاءم مع الوضع الراهن..

حيث كنا نعمل سابقاً على إنقاذ الأطفال من العمالة في الشارع.. واضطررنا الآن للتوقف عن الخروج للشارع بسبب الوضع القانوني.. فنحن الآن نعمل على تأمين تراخيص جديدة لتوسيع عملنا وتغطية مدينة الريحانية بالكامل بـِفِـرَق تستجلب هؤلاء الأطفال من الشارع.. إذ إن التسرب شبه كامل لأطفال العمالة بعد كوفيد 19.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني