أزمة انهيار أسعار النفط أسئلة وأجوبة مفاهيم وأرقام
تراجع تاريخي لأسعار النفط العالمي تشهده أسواق العالم وتراجع دراماتيكي لم يشهده العالم من قبل فحتى تاريخ كتابة المقال 22/4/2020 وصل سعر تداول خام القياسي العالمي برنت 15.98 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى منذ يونيو 1999 وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68 سنتاً ما يعادل ستة بالمئة إلى 10.89 دولار للبرميل. تحولت عقود الخام الأميركي تسليم مايو/أيار المقبل إلى الرقم السلبي مرة أخرى، حيث جرى التداول عند ناقص 1.68 دولار بانخفاض 95.5%، أما عقود الخام الأميركي تسليم يونيو/حزيران القادم فهبطت أكثر من 3 دولارات لتصل إلى 17.43 دولاراً للبرميل، حسب رويترز.
الأرقام كثيرة وتتغير في كل لحظة ولعل المشاهد يتفاعل سلباً أو إيجاباً مع هذه الأرقام المنشورة كل حسب فهمه والدولة التي يسكنها وأحياناً مواقفه السياسية… لذا سنستعرض بإيجاز وتبسيط بعض من المصطلحات والمفاهيم الهامة في هذا المجال:
ما هو برميل النفط؟
البرميل هو وحدة أمريكية قياس لكمية النفط تبلغ كميتها 159 لتراً أو 42 غالوناً، الجدير بالذكر أن البرميل من أي سائل آخر غير النفط يقدر بـ 35 جالوناً فقط، وعلى عكس الشائع لم تعد تستخدم البراميل في تخزين النفط الذي يتم ضخه عبر أنابيب إلى خزانات ضخمة، ومن ثم إلى خزانات ناقلات النفط التي يتم تفريغها في الدول المستهلكة في خزانات كبيرة.
أنواع النفط
يوجد أكثر من 160 نوعاً من النفط تختلف جودته بحسب الكثافة ونسبة الكبريت.
لكن هنالك ثلاثة أنواع أساسية تسمى بالقياسية تقاس وتسعّر على أساسها بقية الأنواع وهي بالترتيب حسب الجودة من الأجود للأقل جودة:
1- مزيج غرب تكساس
2- مزيج برنت: وهو مزيج نفطي من 15 حقلاً مختلفاً في منطقتي برنت ونينان في بحر الشمال، اللتين تنتجان نحو 500 ألف برميل يومياً. تستخدم كمعيار لتسعير ثلثي إنتاج النفط العالمي، خاصة في الأسواق الأوروبية والإفريقية.
3- خام سلة أوبك: سلة من المنتجات النفطية، مختلفة التربة، تحوي أنواعاً مختلفة من الكثافات ودرجة النقاء، وتعبر السلة عن متوسط أسعار النفط بالدول أعضاء أوبك. وفي الغالب يكون سعر سلة أوبك وسيطاً بين خام برنت والخام الأميركي.
النفط الصخري:
نوع من النفط الخفيف يتم إنتاجه من صخور تحتوي ترسبات مادة الكيروجين يتم تحويلها بالحرارة إلى سائل هيدروكربوني بديل للنفط الخام وتكلفة استخراجه أعلى ويختلف عن النفط الرملي أو الغاز الصخري والنفط الخام الطبيعي.
يتركز إنتاجه في الولايات المتحدة الأمريكية في ولاية تكساس الغنية بهذا النوع من النفط.
تعد تكلفة إنتاج واستخراج النفط الصخري أعلى من مثيلاتها للنفط العادي فيتراوح بين 40 الى 80$ للبرميل وبالتالي فإن شركات النفط الصخري ستصاب بانهيارات وحالات إفلاس فيما لو انخفض سعر البرميل أقل من ذلك وهذا ما يحدث الآن وتحاول الولايات المتحدة استدراكه بالضغط على السعودية وروسيا لخفض إنتاجها وقد حدث بالفعل اتفاق لخفض الإنتاج لكن انخفاض الطلب العالمي نتيجة أزمة كورونا لم يحث فرقاً كبيراً واستمرت أسعار النفط الصخري بالتهاوي حتى وصلت لمستويات تحت الصفر.
منظمة أوبك
في بغداد سنة 1960، اجتمع مسؤولون من الكويت، وإيران، والعراق، والعربية السعودية، وفنزويلا لمناقشة كيفية التعامل مع تخفيض الأسعار الذي فرضته شركات النفط الدولية. واتفقوا على إنشاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بهدف التقليل من المنافسة بينهم والتحكم في الأسعار. توسعت المنظمة في العقدين التاليين لتشمل قطر، وإندونيسيا، وليبيا، والإمارات العربية المتحدة، والجزائر، ونيجيريا، والإكوادور، والغابون. عام 2019 انسحبت قطر من المنظمة العالمية.
أوبك+
عام 2016 عقد اتفاق يضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). جرى التوصل لهذا الاتفاق في نوفمبر 2016 بهدف خفض إنتاج البترول لتحسين أسعار النفط في الأسواق.
حجم الإنتاج العالمي من النفط:
يقدر حجم الإنتاج العالمي للنفط في عام 2019 بـ 100 مليون برميل تتوزع بين دول كثيرة وفيما يلي أكبر عشر دول إنتاجاً للنفط:
1. الولايات المتحدة الأمريكية حيث تنتج 12108 ألف برميل النفط يومياً.
2. روسيا تنتج 10835 ألف برميل النفط يومياً.
3. المملكة العربية السعودية تنتج 9580 ألف برميل النفط يومياً.
4. العراق بلغ إنتاجها من النفط 4620 ألف برميل يومياً.
5. الصين يقدر إنتاجها من النفط يومياً بـ 3823 ألف برميل.
6. الإمارات العربية المتحدة تنتج 3068 ألف برميل النفط يومياً.
7. الكويت تنتج 2652 ألف برميل النفط يومياً.
8. البرازيل تنتج 2604 ألف برميل النفط يومياً.
9. إيران تنتج 2213 ألف برميل النفط يومياً.
10. نيجيريا بلغ إنتاجها من النفط لعام 2020 حوالي 1948 ألف برميل يومياً.
حجم الاحتياطي العالمي:
تعد فنزويلا أكثر الدول التي تمتلك احتياطي النفط لعام 2020 بـ 300 مليار برميل النفط يومياً تليها المملكة العربية السعودية ثم كندا وإيران والعراق وفقاً لـ global fire Power تليها الدول التالية:
o كندا يبلغ احتياطي للنفط حوالي 4630 ألف برميل يومياً.
o الصين بـ 3782 ألف برميل يومياً.
o الإمارات العربية المتحدة ب 3423 ألف برميل يومياً.
o البرازيل بـ 3107 ألف برميل يومياً.
o أنغولا بـ 1454 ألف برميل يومياً.
o الجزائر بـ 1260 ألف برميل يومياً.
o كولومبيا بـ 882 ألف برميل يومياً.
o مصر بـ 627 ألف برميل يومياً.
o إكوادور بـ 542 ألف برميل يومياً.
o الأرجنتين بـ 517 ألف برميل يومياً.
أكثر الدول استهلاكاً للنفط:
– الولايات المتحدة بنسبة 20%.
– الصين بنسبة 13%.
– الهند بنسبة 5%.
وهذه الدول الثلاث تهيمن على أكثر من ثلث الاستهلاك العالمي.
في المقابل، تحتل السعودية وروسيا المرتبتين الخامسة والسادسة على التوالي في الاستهلاك العالمي، رغم أنهما من أكبر الدول المنتجة للنفط تليها الدول التالية:
● اليابان 3790 ألف برميل يومياً.
● كندا 2665 ألف برميل يومياً.
● البرازيل 2443 ألف برميل يومياً.
● ألمانيا 2273 ألف برميل يومياً.
● فرنسا 1619 ألف برميل يومياً.
● بريطانيا 1498 ألف برميل.
● كوريا 1420 ألف برميل.
طريقة تسعير النفط عالمياً:
● العقود الآجلة
العقود الآجلة للنفط عبارة عن عقود توافق من خلالها على تبادل كمية محددة من النفط بسعر محدد في تاريخ محدد. يتم تداول هذه العقود في بورصات العقود الآجلة، وهي الطريقة الأكثر استخداماً لشراء وبيع النفط لذلك، وبدلاً من شراء النفط، وتخزينه، والانتظار إلى أن ترتفع أسعاره ومن ثم بيعه وترتيب كيفية تسليمه، يمكن شراء عقد آجل ومن ثم بيعه قبل أن تنتهي صلاحيته.
عقود خيارات النفط
تتشابه عقود خيارات النفط مع العقود الآجلة، إلا أن هناك اختلافاً واحداً رئيساً. فمع عقود خيارات النفط، يكون لك الحق في شراء كمية محددة من النفط قبل الموعد المحدد من خلال سعر محدد، إلا أنك لست مرغماً على التداول عند عدم رغبتك في ذلك. توفر عقود الخيارات أيضاً طريقة للتداول على تحركات أسعار النفط دون الحاجة إلى تسليم السلعة ذاتها.
أين يتم تداول العقود الآجلة للنفط؟
نفط خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط، ويتم تداولهما في بورصة التبادل انتركونتيننتال وبورصة نيويورك التجارية
الأسعار الفورية للنفط
توضح الأسعار الفورية للنفط تكلفة شراء أو بيع النفط الخام والتسليم الفوري أو على نحو فوري بدلاً من موعد محدد في المستقبل. وفي حين أن أسعار العقود الآجلة تعكس مدى الاعتقاد السائد في السوق بما ستكون عليه قيمة النفط عندما تنتهي مدة العقد الآجل، إلا أن الأسعار الفورية توضح القيمة الحالية.
الفرق بين العقود الفورية والعقود الآجلة؟
بحسب واقع الطلب على النفط في السوق الدولية، تكون طبيعة العقود والصفقات المبرمة، ففي فترات الرواج الاقتصادي وزيادة الطلب على النفط، ينشط المضاربون في شراء كميات من النفط لتكون جاهزة، رهن توجيهها لطالبيها، وتكون كميات النفط حاضرة على ظهور المراكب، وعادة ما تُدفع فيها أسعار أعلى من الصفقات الآجلة.
أما الصفقات الآجلة، فهي تلك التي تبرم على مهل، وتراعى فيها طبيعة الإنتاج والنقل، وتنظيم عقود لفترات طويلة، ولكن السوق الدولية، في المتوسط تعرف عقوداً آجلة لمدة تتراوح من شهر إلى ثلاثة أشهر، ولا تزيد على ذلك في الغالب، مخافة التقلبات السعرية هبوطاً وصعوداً. ولكن قد تكون هناك عقود ممتدة لسنوات لاتفاقيات ثنائية بين الدول، وغالباً ما تكون الاعتبارات السياسية فيها هي الأصل.
ماذا تعني أسعار نفط سالبة؟
في ظل ظروف استثنائية كالتي نعيشها الآن قد يجد المنتِج نفسه أمام مشكلة عدم قدرته على تصريف المنتَج، فيدفع لمن يأخذه مقابلاً للتخلص منه، لعدم قدرته على تخزينه وبيعه فيما بعد أو لعدم رغبته في خسارة حصته من السوق وهذا ما حدث في سوق النفط أمس الاثنين 20 أبريل/نيسان 2020، حيث تم عرض الخام الأميركي، بأسعار سالبة، وصلت إلى 37 دولارا، يدفعها المنتِج للمشتري في بعض الصفقات.
تأثير كورونا على سوق النفط:
تراجع الطلب عالمياً وتخمة النفط المعروض في السوق.
سوق النفط “عانى من هبوط حاد بنسبة 65% في الربع الأول، حيث يتوقع استمرار التراجع بسبب تقلص الطلب العالمي على النفط لمستوى قياسي منخفض”، إثر توقف حركة السفر والنقل وقيود التباعد الاجتماعي، وتوقف النشاط الاقتصادي للسيطرة على تفشي الفيروس.
هل الذي نشهده الآن يحدث لأول مرة في سوق النفط؟
قطعاً لا وإن تباينت وتيرته ونسب الانخفاض والتأثير فقد مرت السوق النفطية بأزمات كثيرة على مدى العقود الماضية وأدت الى هزات اقتصادية سنستعرض أبرزها:
● حرب الأسعار 1986
وكان للانهيار الكبير عدد من الأسباب تتشابه إلى حد كبير مع ما يحدث حالياً، حيث تراجع الطلب العالمي ونشبت حرب أسعار بين منتجي النفط، وتخلت السعودية عن دورها في ضبط السوق عبر تخفيض الإنتاج لتعلن عن حقها في الدفاع عن حصتها في السوق بعد خلافات مع المنتجين من داخل أوبك وخارجها وأبرزهم الاتحاد السوفييتي حينئذ، لتهوي الأسعار إلى 14 دولاراً للبرميل ثم إلى 10 دولارات.
● الأزمة الآسيوية
أدت الأزمة المالية التي ضربت دول جنوب شرق آسيا عامي 1997 و1998 إلى انخفاض شديد في الطلب على الخام، وهو ما انعكس سريعاً على أسعار النفط التي تراوحت أسعارها منذ اتفاق أوبك في 1986 وحتى الأزمة حول عشرين دولاراً للبرميل.
● الأزمة المالية العالمية
نجحت الدول المنتجة للنفط في إعادة الاستقرار لأسواق النفط مرة أخرى والذي شهد صعوداً سريعاً في الأسعار بداية من عام 2000 وحتى 2008 إذ ارتفعت الأسعار إلى نحو 147 دولاراً للبرميل في بدايات 2008، ولكنه لم يدم طويلاً ففي نفس العام حدثت الأزمة المالية العالمية والتي امتدت حتى العام التالي 2009 بينما ظلت آثارها على الاقتصاد العالمي لسنوات تالية. لتصل الأسعار الى 40$
تأثير الأزمة على الدولار الأمريكي:
علاقة عكسية بين قيمة الدولار وأسعار النفط ولا يمكن فصل هذه العلاقة لأن الحلول المتمثلة في تسعير النفط بغير الدولار أو تخفيض اعتماد الولايات المتحدة على النفط غير ممكنة حالياً.
على المدى القصير، يسهم انخفاض الدولار في تشجيع المضاربين على دخول أسواق النفط، والذي يسهم بدوره في زيادة أسعار النفط وزيادة ذبذبتها، على المدى الطويل يسهم انخفاض الدولار في تخفيض نمو الإنتاج بينما يسهم في زيادة النمو في الطلب على النفط، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع أسعار النفط. هذا الارتفاع لا يعني بالضرورة أن يكون نافعاً للدول المنتجة لأن العبرة بما يمكن أن تشتريه عوائد النفط، وليس بسعر البرميل.
كيف سيتأثر الاقتصاد العالمي بانخفاض أسعار النفط:
يتفاوت التأثير الاقتصادي لانهيار أسعار النفط بين دولة وأخرى وبين السلب والإيجاب.
● الدول المصدرة للنفط ستتأثر حتماً بانخفاض الأسعار ويكون مدى تأثرها بحجم مساهمة النفط في موازنتها السنوية روسيا مثلا يشكل النفط 37% والسعودية 65% ولكن لديهما احتياطات نقدية تضمن لهما ولبقية دول الخليج عدم الانهيار الاقتصادي في المدى المنظور لكن بعض الدول ستتأثر حتما مثل العراق والجزائر على سبيل المثال.
● شركات البترول والطاقة في العالم متضررة، وقد يفلس كثير منها، خصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهناك أيضاً الشركات التي توفر إمدادات ومنتجات وخدمات لصناعة الطاقة حول العالم.
● قطاع البنوك أيضاً من المتضررين بشكل مباشر، حيث إن شركات الطاقة الحاصلة على قروض ستتعثر في سدادها، وبصفة خاصة شركات الخام الصخري في الولايات المتحدة والتي بلغت قروضها ما يقرب من تريليون دولار، العام الماضي، وأغلبها الآن مهدَّد بالإفلاس التام.
● البورصات العالمية أيضاً متضررة بشدة؛ فشركات الطاقة والشركات الأخرى التي تدور في فلك المجال انهارت أسهمها، والبنوك أيضاً تراجعت أسهمها، وهو ما أثر على المؤشرات العامة لتلك البورصات وشهدت تراجعات تاريخية، وكثير من حمَلة أسهم تلك الشركات مواطنون فقدوا مدخراتهم أو أصبحوا معرَّضين لإجراءات قانونية، خصوصاً هؤلاء الحاصلين على قروض لشراء الأسهم.
● المستفيدون، الدول المستوردة للنفط بشكل أساسي مثل الصين وتركيا والهند والدول الأوروبية، ولكنها قد تواجه أيضاً الآثار السلبية لانخفاض الأسعار، من ناحية انهيار أسواق الأسهم بها، وأيضاً من ناحية انخفاض الطلب على منتجاتها، في ظل تراجع القوة الشرائية لمواطني الدول المنتجة التي تمثل سوقاً رئيسة لتلك المنتجات. وخصوصاً في حالة الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم في ظل أزمة كورونا.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”