fbpx

وفي الحقيقة يَأفِكون!!

0 109

تقولون: هذه الأرض لنا فاهجروها. ونحن نردّ: ما صدقتم، وُلدنا هنا، ولعبنا بتربتها، وزرعنا فيها الشجر، رعيناه، وحصدنا جناه، وأكلنا أشهى الثمر.

تقولون: هذا البحر ليس لكم. ونحن مَن عايشه، وسبحنا به، وتغلغل ملحه في مساماتنا…، وحفرنا أسماءنا على الشاطئ مراراً، وانتظرنا عودة الصيادين تزخر مراكبهم بوفير الغلال.

تقولون: هذي المعابد ليست لكم. ونحن مَن أورثناها الجدود عن الطوطم الأول، وتعبّدنا فيها، وشهدنا الإله يطوّف فيها ويرسل بركاته للعابدين كل شروق.

تقولون: هنا كُتِبَت ملاحمنا. ونحن نقول: التاريخ تشهد لنا أوابده، وتفضح كل مزاعمكم، وتلطم جبهاتكم، وتصرخ فيكم: أنتم الغرباء فكفوا…، إنّ جذورَنا لتضرب عميقة في المكان، وعمرها عمر الزمان.

تقولون: هذا الفضاء لنا. ونحن مَن يطير في جوّه، نرفرف فيه، ونحلّق نحو الشمس عند الشروق وعند الغروب، ونعود إلى أعشاشنا هانئين، ونبيت على هدهدة النسمات.

تقولون: إن الوليد لدينا أصمّ لا يفهم معنى الكلام، وليس أهلاً ليحظى بالحبّ؛ لكنّه ـ يا سادةـ خُلق كمثل الجميع يحبّ ويكره.. يغضب ويبسم، ويرغب بالعيش حراً، ويخطّ بعفوية مطلقة درب التسامح ليعمّ السلام.

تقولون: زرعنا في حدائقكم بذور النفاق، وحبّ الشقاق رجالاً كشبه الرجال، صوراً معلقة يحركها خبث أيادٍ لنسجد لها مرغمين، وتمجّدون ما أنجزتموه… ونحن نقول: درب المجرة يطول، وليس على استقامة كما تظنون؛ ففي المنعرجات طقوس التحوّل، والغد يأتي جموحاً ليعيد للكون إشراقة النور وضّاءة لا كما تحلمون، ونخلق فجراً جديداً لا كما ترغبون.

تقولون زوراً، ونقول حقاً، وهذي الحقيقة تنطق صدقاً، وتكتب تاريخها الأزلي: خُلقنا هنا، وتوالدنا هنا أناساً كراماً، وعلى هذه الأرض خُلقنا بلا قيود تكبّلنا نحلّق في الجوّ طيور حمام تحبّ السلام.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني