fbpx

حال الحوالات المصرفية في سوريا

0 252

مع مرور سنوات على /المطحنة/ السورية التي أدّت إلى تهجير أكثر من ثلث سكان سوريا، وانتشارهم في بقاع الأرض، وكانت هجرتهم الأولى إلى تركيا التي استقبلتهم وأمنت بعض المخيمات على المناطق الحدودية والمحايدة. فمنهم من استقر في تركيا نظراً إلى الحدود المتاخمة مع بعض المناطق السورية، وساعد ذلك السفر إلى تركيا دون فيزا في البدايات، كذلك لبنان نظراً لمتاخمتها لبعض المناطق السورية. 

وبعضهم سافر من تركيا وعبر بحر إيجه – بحر الموت – إلى أوروبا، حيث كانت ألمانيا الملاذ الأكبر للسوريين.

كذلك لبنان نزح إليها أعداد كبيرة من السوريين، وأكثرهم من حمص وريفها ومن مدينة بانياس. 

ومع استقرار الفارين من المطحنة السّوريّة في أوربا، بدأت معاناة بعضهم أولئك الذين حطّت بهم رحلتهم الشاقة بعدما تركوا أهلهم في الداخل تحت نِيْر الفقرِ، العوز والموت المجاني، حيث بدأت معاناتهم بانتظار لَمّ الشمل لأهاليهم.

أمّا بخصوص من لمْ يتم لمّ شملهم وظلوا في سوريا، كانت النتيجة الإفقار الشديد لكن وجود بعض أفراد العائلة في أوروبا كان مُنقذاّ إسعافياً لمن بقيَ في الداخل من خلال تحويل جزء من رواتبهم إلى أهاليهم عبر شركة “ويسترن يونيون”. كان ذلك سبباً في ازدياد عدد شركات العاملة في الحوالات في سوريا بشكلٍ ملحوظ، مثل الهرم والفؤاد والحافظ والقدموس، لدرجة أنك تجد شركة تحويل في كل حارة تقريباً، حيث نشاهد طوابير طويلة أمام كوى الشركات المصرفيّة في المدن السورية كافة.

وكان نشاط شركات التّحويل في مدينتي طرطوس أقل نشاطاً، الذي غالباً ما اقتصرَ على النّازحين المقيمين في طرطوس. 

وكان عامل الأمان في مدينة طرطوس سبباً بعدم هجرة الكثير من أبنائها، وبالتالي عدم وجود حوالات ماليّة خارجية لهم، خاصةً بعدما قام النّظام بإغلاق المنافذ البحريّة والبريّة في وجه المغادرين. 

وهذا العام مع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار والهبوط الحاد في قيمة العملة السورية، ازدادت الشركات العاملة في الحوالات الماليّة، وهنا حدّد النّظام سعر صرف الدّولار لشركات الحوالة بـ 1200 ليرة سورية للدولار الواحد، في حين كان سعره في السّوق السّوداء أكثر من ثلاثة آلاف ليرة سورية.

هذا الفرق بين سعر تصريف الدولار بين شركات التحويل وبين السوق السوداء، أدّى إلى البحث عن آلية تصريف بطرق أخرى خارج شركات التصريف المُرّخصة، وهنا لجأت بعض شركات الصّرافة والأشخاص وبسَرية إلى طرق أكثر حفاظاً على فرق العملة، حيث يتم تحويل الأموال من أربيل إلى الحسكة والقامشلي من خلال أشخاص يقومون بتوصيل الحوالات إلى أصحابها في بقية المحافظات، وطبعاً بسعر صرف السوق السوداء للدولار. ناهيك عن معاناة السوري بسبب قانون قيصر الذي يُعَدّ من أقسى العقوبات الاقتصادية التي أثرّت سلباً على الاقتصاد السوري وعلى الشعب السوري، ما أدّى إلى انخفاض مستوى المعيشة، فضلاً عن أزمات داخلية عديدة منها أزمة الوقود والغاز والمواد الأولية التي تساهم في استمرار الصناعات المنتجة والضرورية لإعادة بناء الاقتصاد.

علماً أنّ قانون قيصر قد دمّر الاقتصاد في فنزويلا، ودمّرَ عملتها الوطنية، ما أثّرَ سلباً على مستوى المعيشة، لدرجة أنّ الشعب الفنزويلي بدأ بالهجرة إلى الخارج كما لم يفعل من قبل بحثاً عن لقمة العيش، وهرباً من المجاعة وبحثاً عن فرص العمل، ولكنّه في الوقت نفسه لم يغير الحكومة أو يؤثر قيد شعرة على سيطرة رئيس البلاد الشرعي وحزبه وأعضاء حكومته، ولم يؤدي إلى رحيله وبالتالي هذه العقوبات انعكست سلباً على الشعوب فقط وليس على الحكومات.

وهناك طرق أخرى لتحويل الأموال من الخارج إلى الداخل من خلال أشخاص لهم معارف في الداخل؛ حيث يدفع المرسل لهم في الخارج ويقبض المرسل إليهم في الداخل من خلال أقرباء أو معارف مقابل عمولة مُتفق عليها. وتُعتبر هذه العمولة أفضل بكثير من عمولة شركات الحوالات المصرفية الرسمية. 

وهناك طريقة لتحويل الأموال عن طريق القادمين إلى سوريا، عن طريق البر والجو، وقد انتعش عمل مضيفي الطيران في نقل الأموال. 

ومع انتشار وباء كورونا، الذي أدّى الى إغلاق الحدود البرية والجوية بين الدول، وحتى بين مناطق الدولة الواحدة، خفَّ نشاط شركات الحوالات بنسبة كبيرة، وهنا انتعش دور البحارة والعاملين على متن السفن بنقل الأموال من وإلى سوريا. 

إضافة إلى تعرض مستلم الحوالة للمضايقات من موظفي، الذين يأخذون دور المحقق؛ ويطرحون عليه أسئلة مثل: 

ما علاقتك بالمرسل؟ 

لماذا يرسل لك حوالات؟ 

وغيرها من الأسئلة…

والجملة السورية المنتشرة بين السوريين نتيجة العوز تقول:

“الحالة بدّها حوالة”

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني