fbpx

تجربة تحدت صعوبات – أطباء وصيادلة سوريون يعقدون مؤتمرهم الأول بألمانيا

0 417

في مطلع شهر أيار/مايو أصبح الأطباء السوريون أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في ألمانيا. الخبر جاء قبل أيام من عقد نحو 350 طبيباً وصيدلانياً من سوريا مؤتمرهم الأول في مدينة فرانكفورت

كشف تقرير ألماني أن النظام الصحي في ألمانيا يعتمد بشكل كبير على المهاجرين وذوي الأصول الأجنبية وأنه لولا هذه الفئة لكان نظام الرعاية الصحية الألماني قد انهار، إذ يعمل في ألمانيا نحو 130 ألف طبيب لديهم خلفية مهاجرة، عدد السوريين بينهم نحو 5400 طبيب وطبيبة.

بحسب التقرير تضاعف عدد الأطباء السوريين 6 مرات منذ عام 2010، لكن الطريق إلى سوق العمل لم يكن سهلاً أبداً، لذلك وجد الأطباء السوريين حلاً لمساعدة بعضهم البعض انطلاقاً من الفيسبوك. ومن ثم من خلال تأسيس جمعية مرخصة عقدت مؤتمرها الأول في مدينة فرانكفورت الألمانية منتصف شهر أيار/مايو 2022، حيث اجتمع نحو 350 طبيب وطبيبة وصيدلاني وصيدلانية سورية لتأسيس: “جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا”.

اختصاصي الأمراض الداخلية الدكتور سامر مطر وهو من الفريق المؤسس للجمعية يشرح لـ”مهاجر نيوز” كيف بدأ كل هذا: “في عام 2009 وقبله كان الأطباء السوريون يضيعون بمتاهة تعديل الشهادات وصعوباتها واختلافاتها من ولاية ألمانية إلى أخرى، لذا نشأت مجموعة على الفيسبوك من قبل بعض الأطباء، كان هدفها تبادل المعلومات والتجارب خاصة حول موضوع تعديل الشهادات وصعوباته في الولايات المختلفة”.

ويضيف الدكتور مطر: “القصة بدأت بطريقة عفوية وبدأت الأسئلة حول الأمور التقنية تتوسع لتشمل أسئلة تتعلق بالبحث عن سكن أو عمل أو أماكن تدريب أو طلب المساعدة بكتابة السيرة الذاتية أو مراسلة المستشفيات”.

يعتقد الدكتور سامر، أن أحد أهم أسباب نجاح مجموعة الفيسبوك “الأطباء السوريون في ألمانيا”، والتي تضم اليوم حوالي 65 ألف عضو، كان تركيزها على الأسئلة المتعلقة بالطب والقوانين وإبعاد كل موضوع مثير للخلاف سياسياً أو دينياً، وهذا ما جعل المجموعة تستقطب الكثير من الأطباء.

عندما كثرت التجارب وتعددت المواضيع أصبحت المجموعة تحوي شبه بنك معلومات لذلك بدأ التفكير بالانتقال إلى شيء أكثر تنظيماً. في نهاية عام 2019 دعا مدير المجموعة الافتراضية الأطباء السوريين لعقد اجتماع لتأسيس جمعية. استغرق الأمر بعض الوقت حتى تم ترخيص الجمعية في بداية عام 2021 كجمعية غير ربحية تحت اسم: “جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا”، بجهود تطوعية.

طريق ليس معبّداً بالزهور

في عام 2016 وصل من سوريا 500 طبيب جديد بحسب صحيفة فرانكفورت ألغماينه تسايتونغ، وأصبح عدد الأطباء السوريين بعام 2017 نحو 2900 طبيب بينما كانت تعاني ألمانيا من نقص بالأطباء قُدّر وقتها بـ 15 ألف طبيب.

بعض الحضور

لكن رغم وصول هذا العدد من الأطباء السوريين واجه هؤلاء مصاعب عديدة تبدأ من امتحان اللغة إلى امتحان تعديل الشهادة إلى البحث عن شواغر للاختصاص، وفي بعض الأحيان يضطر الأطباء السوريون وغيرهم إلى البدء من نقطة الصفر دون حساب سنوات الخبرة السابقة في سوريا.

يشرح الدكتور مطر لـ “مهاجر نيوز”: “خلال الوباء عملنا افتراضياً، فنظمنا 44 محاضرة حضرها نحو 2000 طبيب وطبيبة و25 محاضرة شارك فيها مئات الصيادلة، كانت معظم المواضيع حول العمل في ألمانيا أو تأسيس عيادة أو عرض تجارب الأطباء حول الاختصاص أو التعديل والفروقات بين سوريا وألمانيا، وكذلك متطلبات دخول سوق العمل الطبي في ألمانيا. كذلك حاولنا تشبيك طلاب الطب والصيدلة الدارسين هنا مع الجامعات الألمانية”.

بعد كورونا رأت المجموعة أن اللقاء وجهاً لوجه أفضل من العمل من وراء الشاشات. ومن هنا اجتمع في 14 أيار/ مايو من العام الجاري، 2022، نحو 350 طبيب وصيدلاني في فرانكفورت.

ويضيف مطر: “أهم ما نعمل عليه حالياً هو مشكلة اختلاف شروط التعديل بين الولايات المختلفة، والمدد لمنح التعديلات، فمثلًا ببعض الولايات يجب ترجمة الخطة الدراسية في سوريا بالإضافة لشهادة لغة اختصاصية وشهادة ‘لا حكم عليه’ ويتم التعديل خلال 3 شهور، بينما تشترط بعض الولايات تصديق بعض الشهادات والأوراق من السفارة الألمانية بدمشق المغلقة، أو من بيروت وهذا بتطلب نحو 7 أشهر أو أكثر من الانتظار”.

يعاني الأطباء من عدم الاعتراف بخبراتهم السابقة ما يؤخر التحاقهم بسوق العمل، لذلك كانت أهم خطوات الجمعية منذ نشأتها التواصل مع هيئات نقابية وجمعيات مختصة بالدفاع عن حقوق الأطباء مثل “رابطة ماربورغ” Marburger Bund، التي تضم نحو 130 الف عضو بألمانيا بين أطباء وطلاب طب، وتدافع عن حقوق الأطباء ويصل صوتها عادةً للبرلمان الألماني والنقابات الطبية ووزارة الصحة: “لذلك التقينا بقيادة الرابطة وتمت دعوتها للمؤتمر وطرحت مشكلة حساب فترة الخبرة بسوريا ضمن احتساب خبرة الطبيب بالاختصاص”، يقول الدكتور مطر.

أسباب النجاح

رغم أن المجموعة التي بدأت منها جمعية “الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا” لم تكن الوحيدة في الفضاء الافتراضي منذ سنوات، لكنها كانت الأكثر نجاحاً وتنظيماً، وذلك يعود بسبب الدكتور مطر إلى التركيز على شيء معين وتحييد الفروقات الدينية والسياسية والاجتماعية وغيرها، وصب الاهتمام على مساعدة الأطباء بعضهم البعض حتى على الصعيد الشخصي وبعيداً عن المجال المهني، ففي إحدى المرات قام أعضاء المجموعة بجمع تبرعات لشخص بضائقة مالية.

يقول الدكتور مطر: “نحاول بقدر استطاعتنا إزالة كل عوامل التشويش، وأن نبقي فروقاتنا الفردية على صفحاتنا الشخصية خارج الجمعية”.

وعن القدرة على استمرار العمل يقول الدكتور سامر: “العمل بدأ بتمويل ذاتي من تبرعات المؤسسين، لتصميم الموقع وشراء حقوق بث على زووم لأكثر من 100 شخص. وفي المؤتمر حضر الأطباء على حسابهم الشخصي، في حين حصلنا على تمويل من بعض شركات التأمين والشركات الألمانية المهتمة بالشؤون الطبية، لتمويل حضور بعض الطلاب الذين لا يمكنهم تحمل التكلفة، وحجز المكان، ودعوة الضيوف المؤثرين من الجمعيات الألمانية، بينما نخطط للتمويل نشاطاتنا وعملنا من اشتراكات الأعضاء”.

ويضيف: “نحن لا ندّعي تمثيل كل الأطباء والصيادلة السوريين بألمانيا، وإنما أعضاء الجمعية المنتسبين إليها والداعمين لأهدافها وطريقة عملها، وهذه نقطة مهمة، ونأمل بأن نصبح المكان الذي يجد أي طبيب سوري قادم إلى ألمانيا إجابات أسئلته لدينا”.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني