انتخابات رابطة الصحفيين السوريين… الديمقراطية من الحلم إلى الحقيقة
ساعات قليلة تفصلنا عن إعلان نتائج انتخابات رابطة الصحفيين السوريين لدورة 2020-2023، انتخابات مثّلت أنموذجاً يحتذى به في الممارسة الديمقراطية التي طالما تطلع إليها السوريون الذين ثاروا على النظام الحاكم في دمشق، تجلى هذا الأنموذج الديمقراطي بكل تفاصيل العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها.
وكانت الانتخابات قد بدأت في 14/ 4/ 2020م باستقبال طلبات الترشح لكل من رئاسة الرابطة وعضوية المكتب التنفيذي، وأثمرت عن اثنين وعشرين مرشحاً، بينهم اثنان يتنافسان على مقعد الرئاسة، والبقية يتنافسون على عضوية المكتب التنفيذي، وتضامن المرشحون الذين تقاطعت برامجهم الانتخابية ليشكلوا ثلاث قوائم هي: قائمة التطوير، وقائمة التغيير، وقائمة تكاتف، ثم انطلقت حملات الدعاية للمرشحين وفق ضوابط فرضتها لجنة الإشراف على الانتخابات وفق مدونة سلوك خاصة.
وتميزت هذه الدورة بمناظرة عُقدت بين مرشحي الرئاسة: مصعب سعود، ورياض معسعس، وأدارها الإعلامي عمر الشيخ إبراهيم، وحضرها بشكل مباشر أعضاء الرابطة عبر تطبيق zoom، طرح فيها كل من المتنافسَيْن رؤيته لرئاسة الرابطة وآلية تنفيذ أهدافه، كما أجابا عن أسئلة الأعضاء، وجرت الانتخابات بعدها بالتصويت عبر موقع الكتروني خاص يضمن السرية التامة.
وحول مجريات هذا الاستحقاق الانتخابي قال مصعب سعود المرشح لرئاسة الرابطة: “لقد نفذت لجنة الانتخابات مناظرة تعتبر الأولى في تاريخ سوريا، وقد وافقنا على المشاركة فيها لتكون منهج عمل ديموقراطي وتنافساً شريفاً يحتذى به”.
وأضاف: “الرابطة مؤسسة كل الصحفيين السوريين لذلك من واجبنا أن نحافظ عليها ونعمل على أن تكون مستقلة”.
فيما رأى منافسه رياض معسعس أن هذه الانتخابات شهدت زخماً كبيراً ومنافسة بين المرشحين هي الأولى من نوعها منذ تأسيس الرابطة عام 2012، كما أشاد بجهود لجنة الإشراف على الانتخابات، وقال:” هذه الانتخابات تؤكد على مسيرة الرابطة الديمقراطية وعلى استمراريتها رغم كل الصعوبات والعوائق التي تواجهها”.
المرشحة لعضوية المكتب التنفيذي غصون أبو الذهب رأت أن تشكيل قائمة التطوير التي تنتمي لها جاء ضرورة لتوحيد الجهود، وقالت:”وضعنا برنامجاً واحداً متكاملاً لكتلة التطوير راعينا فيه أهداف الرابطة في النظام الأساسي، وحاجات الزملاء الأعضاء، والبناء على عمل الزملاء السابقين”.
وعن القوائم الآخرى قالت:” أغنت القوائم العملية الانتخابية، وحقق التنافس بينها قيمة مضافة، فمثلاً طرحت قائمة التغيير نفسها من خلال برنامجها الانتخابي بطريقة تنافسية راقية مسؤولة تقاطعت مع رؤانا”.
المرشح المستقل لعضوية المكتب التنفيذي أنور يونان اعتبر الاستحقاق الانتخابي لهذه الدورة متميزاً، وأثنى على جهود لجنة الانتخابات قائلاً: “جرت الانتخابات في مناخ الحرية والديموقراطية الذي كان ولا يزال هدفاً للثورة السورية، وأعطت لجنة الانتخابات مثالاً يحتذى به في سوريا المستقبل بالنزاهة والموضوعية في اتخاذ القرار السريع والمناسب لتصل بهذه الانتخابات إلى نهايتها”.
فيما أوضحت ميساء حسين إحدى مؤسسي رابطة الصحفيين السوريين، والمرشحة لعضوية المكتب التنفيذي ضمن قائمة التغيير:” أن العملية الانتخابية هذه الدورة كانت مختلفة عن الدورات السابقة سواء في عدد المرشحين، وتنوعهم أو في إسلوب إدارتها، واستخدام وسائل جديدة مثل المناظرات والإعلانات ومواكبة الاحتياجات”.
وعن الترويج للقوائم الانتخابية أضافت: “هناك حملات انتخابية تستخدم كل المنصات، وفيها مبالغات يقوم بها زملاء آخرون كوكلاء لقوائم معينة، بحيث تتم الدعاية لهم على صفحات زملائهم خارج إطار الرابطة”.
كما أشادت بالإجراءات التي اتخذتها لجنة الانتخابات لحماية سير العملية الانتخابية من إقفال لصفحة الأعضاء على الفيس بوك والواتس أب، الأمر الذي لم يره المرشح لعضوية المكتب التنفيذي ضمن قائمة تكاتف خالد سميسم حيث قال:” الضوابط التي فرضتها اللجنة الانتخابية على المرشحين كانت غريبة وغير مفهومة كإيقاف التعليقات والمنشورات بعد عملية التصويت”.
وباستطلاع آلية عمل لجنة الإشراف على الانتخابات قال رئيس اللجنة سمير مطر: “جاء إغلاق صفحات الرابطة على مواقع التواصل منعاً لتشويش الناخبين، وليكون تركيزهم على البرامج الانتخابية المنشورة فحسب، ولأن الناخب هو الذي يقرر، لذلك منعنا التواصل العشوائي بين المرشح والناخب من خلال إرسال إيميلات عشوائية أو رسائل جماعية، كما عملنا بكل شفافية واتخاذ القرارات كان جماعياً، واهتممنا جداً بالتركيز على تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين”، وعن نسبة المشاركة في التصويت قال: “بلغت المشاركة حتى الآن ما يقارب 70% من عدد الأعضاء، وهذه نسبة ممتازة وتدل على الشعور القوي لدى الناخبين بالانتماء للرابطة”
ونوه مطر إلى أن النتائج سيتم إعلانها الخميس 7 أيار الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت دمشق على الهواء مباشرة على صفحة الرابطة على فيس بوك.
عماد الطواشي عضو لجنة الإشراف على الانتخابات قال:”أثبتت هذه الانتخابات قدرة المؤسسات السورية ما بعد الثورة على إنتاج عملية ديمقراطية متكاملة، وهو ما جرى بالفعل في هذه الانتخابات عبر لجنة الإشراف عليها التي أعدت قبل الانتخابات لأول مرة لائحة انتخابية ومدونة سلوك على مستوى متقدم يضمن فرصة التصويت الفردي للاختيار توازياً مع تشكيل قوائم انتخابية معلنة مسبقاً…. الأمر الذي أفرز برامج انتخابية على مستوى التطلعات.
وابتعدت رابطة الصحفيين السوريين لأول مرة عن الفخ الذي وقعت فيه مؤسسات المجتمع المدني والسياسي السورية وهو الغرف السرية، فكل شيء كان واضحا للعلن، وقد أفرزت انتخابات هذه الدورة وعياً جديداً يؤسس لمرحلة ما بعد الأسد ونموذجاً يبنى عليه لانتخابات حرة ونزيهة ابتعدت عن الحزبية والمناطقية والقومية والدينية واحتكمت للبرامج الانتخابية”.
وتأتي انتخابات الرابطة متزامنة مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، في الوقت الذي احتلت فيه سوريا المركز174 عالمياً من أصل 180 دولة ضمن التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2020 بحسب مقاييس “مراسلون بلا حدود” الأمر الذي يفتح للسوريين باباً للأمل بمستقبل جدير بما بذلوه من تضحيات.