الليرة والزيبق
أصدر رأس نظام أسد بتاريخ 20/01/2024 المرسوم التشريعي رقم ’’5‘‘ لسنة 2024 الخاص بمنع التعامل بالليرة السوريّة وإلغاء القانون ’’5‘‘ لسنة 2013 وتعديلاته بالمرسوم رقم ’’3‘‘ لسنة 2020 والذي جاء فيه:
المادة 1- أ- مع مراعاة القوانين الخاصة وأنظمة القطع النافذة، يمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية، سواء أكان ذلك بالقطع الأجنبي، أم بالمعادن الثمينة، كما لا يجوز بغير موافقة مجلس الوزراء عرض السلع والمنتجات والخدمات وغيرها من التعاملات التجارية بغير الليرة السورية.
ب- كل من يخالف أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة:
يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات إذا لم يبلغ مجموع التعامل أو العرض عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
تكون العقوبة السجن المؤقت إذا بلغ التعامل أو العرض عشرة آلاف دولار أمريكي ولم يتجاوز خمسين ألف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
تكون العقوبة السجن المؤقت سبع سنوات على الأقل إذا تجاوز التعامل أو العرض خمسين ألف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
يحكم في جميع الحالات المنصوص عليها في البنود (1-2-3) من هذه الفقرة بغرامة تعادل ضعفي قيمة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المسددة محل الجرم أو السلع والمنتجات والخدمات المعروضة.
ج- يعد مصرف سورية المركزي مدعياً شخصياً في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة، ويترك تقدير التعويض المدني للمحكمة.
المادة 2- لا يجوز إخلاء السبيل في الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي.
المادة 3-
أ- في حال قيام المدعى عليه بإجراء التسوية أمام القضاء قبل صدور حكم قضائي مبرم في الجرائم المنصوص عليها في المادة (1) من هذا المرسوم التشريعي، تسقط الدعوى العامة بحقه ويعفى من التعويض المدني.
ب- تجري التسوية المذكورة في الفقرة (أ) من هذه المادة أمام المرجع القضائي الناظر في الدعوى، ويحدد مبلغ التسوية بقرار من هذا المرجع بما يساوي قيمة المدفوعات والمبالغ المتعامل بها المضبوطة عيناً والمدونة في القيود الورقية والإلكترونية وفي الأسناد والأوراق التي تحمل قيماً مالية، أو قيم السلع والمنتجات والخدمات والتعاملات التجارية المعروضة بغير الليرة السورية، ويعد ما تم ضبطه عيناً جزءاً من قيمة التسوية، وتؤول المبالغ والمضبوطات الناجمة عن التسوية إلى الخزينة العامة للدولة.
المادة 4- تسقط العقوبة المانعة للحرية في الجرائم المنصوص عليها في المادة (1) من هذا المرسوم التشريعي في حال قيام المحكوم عليه بحكم قضائي مبرم بتسديد الغرامة والإلزامات المدنية والتعويضات المحكوم بها.
المادة 5-لا تطبق أحكام المادة (1) من هذا المرسوم التشريعي على الأجنبي غير المقيم أو المستثمر الأجنبي في سورية.
المادة 6-لا تعد أعمال التجارة الخارجية جرماً معاقباً عليه في معرض تطبيق أحكام هذا المرسوم التشريعي.
المادة 7- لا تعد حيازة القطع الأجنبي والمعادن الثمينة جرماً يعاقب عليه القانون.
المادة 8- يُكلف حاكم مصرف سورية المركزي عدداً من العاملين في المصرف يخولون بصلاحية الضابطة العدلية، ويتولى هؤلاء ضبط الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي، ويؤدي العاملون المخولون بهذه الصلاحية اليمين الآتية أمام رئيس محكمة البداية المدنية في المحافظة: “أقسم بالله العظيم أن أقوم بمهمتي بصدق وأمانة”.
المادة 9- تسري أحكام المرسوم التشريعي رقم (55) لعام 2011 في معرض استقصاء الجرائم الواردة في هذا المرسوم التشريعي.
المادة 10- أ- يلغى المرسوم التشريعي رقم (54) لعام 2013 والمرسوم التشريعي رقم (3) لعام 2020.
ب- يستفيد المدعى عليه والمحكوم عليه من أحكام التسوية المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي عن الجرائم المقترفة في ظل نفاذ المرسوم التشريعي رقم (54) لعام 2013 وتعديله بالمرسوم التشريعي رقم (3) لعام 2020.
ولفهم أبعاد ودلالات وأهداف هذا المرسوم لابُد من تحليل مواده وبيان المقصود منها من خلال المقارنة بينها وبين نصوص القانون المُلغى.
أولاً: تحليل المادة الأولى التي تنص على أنّه: مع مراعاة القوانين الخاصة وأنظمة القطع النافذة، يمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية، سواء أكان ذلك بالقطع الأجنبي، أم بالمعادن الثمينة، كما لا يجوز بغير موافقة مجلس الوزراء عرض السلع والمنتجات والخدمات وغيرها من التعاملات التجارية بغير الليرة السورية.
وتعديل ودمج المادة الثانية من القانون ’’54‘‘ المعدّلة بالمرسوم التشريعي رقم ’’3‘‘ لسنة 2020 التي تنصّ على أنّ:تعدل المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2013 لتصبح على النحو الآتي:
أ- كل من يخالف أحكام المادة الأولى يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات والغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة.
ب- تحكم المحكمة بمصادرة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المعادن الثمينة لصالح مصرف سورية المركزي.
ودمجها ضمن الفقرة ’’ب‘‘ من المادة الأولى لتصبح على الشكل التالي على أنّه: كل من يخالف أحكام الفقرة ’’أ‘‘ من هذه المادة:
يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات إذا لم يبلغ مجموع التعامل أو العرض عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
تكون العقوبة السجن المؤقت إذا بلغ التعامل أو العرض عشرة آلاف دولار أمريكي ولم يتجاوز خمسين ألف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
تكون العقوبة السجن المؤقت سبع سنوات على الأقل إذا تجاوز التعامل أو العرض خمسين ألف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
يحكم في جميع الحالات المنصوص عليها في البنود ’’1-2-3‘‘ من هذه الفقرة بغرامة تعادل ضعفي قيمة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المسددة محل الجرم أو السلع والمنتجات والخدمات المعروضة.
ج- يعد مصرف سورية المركزي مدعياً شخصياً في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة، ويترك تقدير التعويض المدني للمحكمة.
النتيجة: بناءًا على ما سبق وجدنا أنّ الفوارق هي:
الفرق الأول بين المادة الأولى فقرة ’’أ‘‘ وبين المادّة ’’1‘‘ من القانون ’’54‘‘ لسنة 2013 هو إضافة عبارة ’’القوانين الخاصّة‘‘.
الفرق الثاني هو تفريد العقوبة: حيث كانت العقوبة واحدة لكل أنواع التعامل المحظور بغير العملة السورية وكانت العقوبة جنائيّة الوصف وحدّها الأدنى الأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات على الأقل ، وعلى اعتبار أن النظام كان قد ألغى عقوبة الاشغال الشاقة واستبدلها بعقوبة السجن بموجب القانون رقم’’ 15‘‘لسنة 2022، فقد قسّم الجريمة الى ثلاث فئات حسب قيمة التعامل أو العرض:
الفئة الأولى: جنحيّة الوصف: إذا كان مجموع التعامل أو العرض دون العشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة. وعقوبتها الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.
الفئة الثانيّة: جنائيّة الوصف: إذا كان مجموع التعامل أو العرض ما بين العشرين الى خمسين آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة. وعقوبتها السجن المؤقّت أي السجن من ثلاث الى خمسة عشرة سنة
الفئة الثالثة: جنائيّة الوصف المشدّدة: إذا كان مجموع التعامل أو العرض يتجاوز خمسين آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة. عقوبتها السجن المؤقّت أي السجن على الأقلّ سبع سنوات إلى خمسة عشر سنة.
ثانياً: تحليل المادة ’’2‘‘منه التي تنص على أنّه:لا يجوز إخلاء السبيل في الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي.
نجد أنه حظر إخلاء سبيل الموقوفين بهذه الجرائم.
ثالثاُ: تحليل المادة’’3 ‘‘ منه التي تنصّ على أنّه: في حال قيام المدعى عليه بإجراء التسوية أمام القضاء قبل صدور حكم قضائي مبرم في الجرائم المنصوص عليها في المادة ’’1‘‘ من هذا المرسوم التشريعي، تسقط الدعوى العامة بحقه ويعفى من التعويض المدني.
تجري التسوية المذكورة في الفقرة ’’أ‘‘ من هذه المادة أمام المرجع القضائي الناظر في الدعوى، ويحدد مبلغ التسوية بقرار من هذا المرجع بما يساوي قيمة المدفوعات والمبالغ المتعامل بها المضبوطة عيناً والمدونة في القيود الورقية والإلكترونية وفي الأسناد والأوراق التي تحمل قيماً مالية، أو قيم السلع والمنتجات والخدمات والتعاملات التجارية المعروضة بغير الليرة السورية، ويعد ما تم ضبطه عيناً جزءاً من قيمة التسوية، وتؤول المبالغ والمضبوطات الناجمة عن التسوية إلى الخزينة العامة للدولة.
نجد أنّه اتبع نظام التسويّة على هذه المخالفات واعتبر أن التسويّة سبب من أسباب سقوط الدعوى العامة والإعفاء من التعويض المدنيّ وترك للمرجع القضائي المختصّ تحديد مبلغ التسويّة ، وبالتالي فإن التسويّة تقتضي اخلاء سبيل الموقوفين أو المحكومين بأحكام قضائيّة لم تكتسب الدرجة القطعيّة.
كما منح المدعى عليه والمحكوم عليه الاستفادة من أحكام التسوية عن الجرائم المقترفة في ظل نفاذ المرسوم التشريعي رقم ’’54‘‘ لسنة 2013 وتعديله بالمرسوم التشريعي رقم ’’3‘‘ لسنة 2020.
كما أنّه غيّر عائديّة التسويات حيث كانت في القانون ’’54‘‘ تعود لصالح مصرف سوريّة المركزي بأن جعلها تعود الى الخزينة العامة للدولة.
رابعاً: تحليل المادة ’’4 ‘‘ منه التي تنصّ على أنّه: تسقط العقوبة المانعة للحرية في الجرائم المنصوص عليها في المادة ’’1‘‘ من هذا المرسوم التشريعي في حال قيام المحكوم عليه بحكم قضائي مبرم بتسديد الغرامة والإلزامات المدنية والتعويضات المحكوم بها.
نجد أنّه ربط سقوط العقوبة المانعة للحرية ’’الحبس والسجن‘‘ التي صدرت بموجب حكم قضائي مبرم بتسديد ’’الإلزامات الماليّة‘‘ من الغرامة والإلزامات المدنية والتعويضات المحكوم بها.
خامساً: تحليل المادة ’’5‘‘ منه لا تطبق أحكام المادة ’’1‘‘ من هذا المرسوم التشريعي على الأجنبي غير المقيم أو المستثمر الأجنبي في سورية
نجد أنّه قصر المخالفة فقط على المواطنين السوريين او الأجانب المقيمين في سوريّة بينما كان القانون ’’54‘‘ لسنة 2013 لا يفرّق بين السوري والاجنبيّة او المقيم او غير المقيم:
سادساً: تحليل المادة’’6‘‘منه التي تنصّ على أنّه: لا تعد أعمال التجارة الخارجية جرماً معاقباً عليه في معرض تطبيق أحكام هذا المرسوم التشريعي.
نجد أنّه قصر نطاق تطبيق القانون على التجارة الداخليّة دون الخارجيّة.
سابعاً: تحليل المادة ’’7‘‘ منه التي تنصّ على أنّه: لا تعد حيازة القطع الأجنبي والمعادن الثمينة جرماً يعاقب عليه القانون.
نجد أنّه أضاف نصّاً صريحاً يعتبر أنّ حيازة القطع الاجنبيّ والمعادن الثمينة أمراً مباحاً.
ثامناً: تحليل المادتين ’’8‘‘ و ’’9‘‘ منه التي تنصّ على أنّه: يُكلف حاكم مصرف سورية المركزي عدداً من العاملين في المصرف يخولون بصلاحية الضابطة العدلية، ويتولى هؤلاء ضبط الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم التشريعي، ويؤدي العاملون المخولون بهذه الصلاحية اليمين الآتية أمام رئيس محكمة البداية المدنية في المحافظة: “أقسم بالله العظيم أن أقوم بمهمتي بصدق وأمانة”.
تحليل المادة 9- تسري أحكام المرسوم التشريعي رقم ’’55‘‘ لسنة 2011 في معرض استقصاء الجرائم الواردة في هذا المرسوم التشريعي.
وحيث أن المادة’’1 ‘‘ من المرسوم ’’55‘‘ نصّت على أن تضاف إلى المادة’’ 17 ‘‘من قانون أصول المحاكمات الجزائية الفقرة التالية: تختص الضابطة العدلية أو المفوضون بمهامها باستقصاء الجرائم المنصوص عليها في المواد من 260 حتى 339 والمواد 221و388 و392 و393 من قانون العقوبات وجمع أدلتها والاستماع إلى المشتبه بهم فيها على ألا تتجاوز مدة التحفظ عليهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام وفقا لمعطيات كل ملف على حدة وعلى ألا تزيد هذه المدة على ستين يوما.
مما يعني للضابطة العدليّة المصرفيّة الحق باستقصاء الجرائم الواردة في هذا القانون ولها الحق في جمع الأدلة والاستماع الى المشُتبه بهم والتحفّظ عليهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام على ألّا تتجاوز ستين يوماً.
وعليه يمكننا استنتاج الهدف البعيد من وراء هذا القانون هو الحصول على موارد ماليّة نتيجة مخالفات أحكام التعامل بغير الليرة السوريّة من خلال:
القضاء عبر الاحكام القضائيّة أو عن طريق التسويات التي تُعطِّل السير بالدعوى العامة أو تسقط الاحكام المبرمة.
حظر إخلاء سبيل المخالفين لأحكام هذا القانون هو وسيلة إكراه وإجبار هؤلاء المخالفين على إجراء التسويات للتخلّص من العقوبات المانعة للحريّة.
إطلاق يد الضابطة المصرفيّة في ملاحقة وتوقيف المخالفين وابتزازهم والضغط عليهم لدفع الإتاوات.
تحرير سعر صرف الليرة السوريّة في معرض تطبيق هذا القانون حسب سعر السوق السائد بالنسبة للمخالفين ومحاسبتهم وفقاً لهذا السعر عند إجراء التسويات ، بعيداً عن سعر الصرف الرسمي الذي يحدّده في تعاملاته الماليّة الرسمية الداخليّة والخارجيّة الذي حدّده المصرف المركزي بتاريخ إصدار القانون بـ ’’13200‘‘ ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد بينما سعر صرفها في السوق‘‘ 14900‘‘ مقابل الدولار الواحد.