fbpx

ورقة بحثية حول اتفاقية “أسوأ أشكال عمالة الأطفال”، ومدى فعاليتها

0 282

نشرت مجلة القانون الدولي للدراسات البحثية في العدد السابع منها، الصادر بتاريخ 30 تموز 2021، دراسة بعنوان “أسوأ أشكال عمالة الأطفال”، تناول فيها الباحث فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالتحليل والنقد اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال لعام 1999، ومدى فعاليتها في تنفيذ الهدف الذي بنيت من أجله منذ انطلاقها، ويجادل في أنها قضية معقدة ويتداخل فيها عدد كبير من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

أوضحت الدراسة بأنَّها قضية جوهرية من أهم قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، وبدون نقد حقيقي وتغيير في الآليات وطرق التنفيذ الحالية، ومحاولة ابتكار أساليب جديدة أكثر حيوية وفاعلية فلن نتمكن من القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال على الإطلاق.

قدَّمت الدراسة تعريفاً موجزاً باتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لسنة 1999 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، وقالت إن هذه الاتفاقية اعتبرت لأول مرة في تاريخ منظمة العمل الدولية بمثابة صكٍّ قانوني دولي يهدف إلى حماية الأطفال من أن يستخدموا في أسوأ أشكال العمل.

 كما أوضحت الدراسة أن هذه الاتفاقية تركز على القضايا الجنائية بشكل كبير، والغرض النهائي منها هو القضاء الفعال على أسوأ أشكال عمالة الأطفال، واعتبرت ذلك أولوية على المستوى الوطني والدولي؛ تمهيداً للاتجاه نحو القضاء التام على عمالة الأطفال.

 ووفقاً للدراسة فقد صادقت على هذه الاتفاقية 186 دولة حتى الآن، وهذا يشكل ما يشبه إجماعاً دولياً على ضرورة القضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال، وأوضحت الدراسة أن الاتفاقية قد لعبت دوراً حيوياً إيجابياً في هذا الخصوص، لكنها توقفت عند حدٍّ معين في محاربة هذه الظاهرة، ولم تتمكن من الوصول إلى ما تأمَّله منها المدافعون عن حقوق الطفل.

كما ميَّزت الدراسة بين أنماط عمالة الأطفال، حيث قالت إنَّ هناك ثلاثة مستويات من عمالة الأطفال، وهي على الترتيب: الأطفال الموظفون، عمالة الأطفال، العمل الخطير.

وأوضحت الدراسة أن مصطلح “الأعمال الخطرة” يعرف بالإنابة عن “أسوأ أشكال عمالة الأطفال”، وذلك لأنه ما تزال هناك صعوبة في الحصول على بيانات وطنية ذات موضوعية عن أسوأ أشكال عمالة الأطفال، ولأن الأطفال في الأعمال الخطرة يشكلون الأغلبية العظمى من الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمالة الأطفال.

وبحسب الدراسة فإن تعبير «أسوأ أشكال عمل الأطفال» وفق المادة الثالثة من الاتفاقية يشمل أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق كافة، كبيع الأطفال والإتجار بهم وعبودية الدين والعمل القسري أو الإجباري، بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في صراعات مسلحة.

كما يشمل هذا التعبير استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لأغراض الدعارة، أو لإنتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية. ويشمل أيضاً استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لمزاولة أنشطة غير مشروعة، ولا سيما إنتاج المخدرات بالشكل الذي حددت فيه في المعاهدات الدولية ذات الصلة والإتجار بها.

وبحسب المادة الثالثة من الاتفاقية يشمل تعبير «أسوأ أشكال عمل الأطفال» جميع الأعمال التي يرجح أنها تؤدي إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.

وفي السياق ذاته أوضحت الدراسة أن هذا التمييز بين أشكال عمل الأطفال أمر حيوي جداً، لأن هناك بحسب منظمة العمل الدولية أعمالاً مقبولة وإيجابية للأطفال، وهذه يجب تعزيزها، في المقابل يجب العمل والتنسيق بين الدول ومنظمات العمال كافة حول العالم من أجل القضاء نهائياً على أسوأ أشكال عمل الأطفال.

استعرضت الدراسة إحصائيات لمنظمة العمل الدولية عن مدى انتشار أسوأ أشكال عمل الأطفال على مستوى العالم، وقالت إن هذه الإحصائيات تشير إلى استمرار الفشل الدولي في القضاء على تلك الظاهرة.

كما بينت الدراسة أن قضية مكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال معقدة ويتداخل فيها عدد كبير من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبأن هناك أسباباً كثيرة وراء عمالة الأطفال، بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل الفقر والتسرب من التعليم، والعادات والتقاليد، وحجم الأسرة وثقافتها، والحكومات الفاسدة، وغير ذلك من الأسباب.

وبحسب تحليل الدراسة فإن هناك ثلاثة أسباب رئيسة تتعلق بما اعتقدت أنه بالإمكان معالجته، الأول: نقد ضمن بعض مواد الاتفاقية نفسها، والثاني: التعقيد والضعف في آلية نظام الشكاوى ضمن منظمة العمل الدولية، والثالث: عدم التزام كثير من دول العالم بمحاربة الظاهرة بشكل استراتيجي وجدي.

كما قدَّمت الدراسة مقترحاً لإنشاء اتفاقية جديدة برعاية ثلاثية من منظمة العمل الدولية ولجنة حقوق الطفل واليونيسف تنبثق عنها لجنة ذات صلاحيات متعددة، وعلَّلت ذلك بأنَّ القضاء على ظاهرة أسوأ أشكال عمالة الأطفال أو التخفيف منها يتطلب اشتراك عدة مستويات من التعاون والتنسيق إلى جانب اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182.

وفي هذا السياق رأت الدراسة أنه يجب على لجان منظمة العمل الدولية المختصة في قضية عمالة الأطفال وتحديداً أسوأ أشكال عمالة الأطفال التنسيق بشكل دوري ومستمر مع هيئات الأمم المتحدة، وبشكل خاص اليونيسف، ولجنة حقوق الطفل المنبثقة عن اتفاقية حقوق الطفل 1990.

وفق الدراسة ينتج عن هذا التنسيق الدعوة إلى صياغة اتفاقية جديدة بشكل مشترك بين كل من: منظمة العمل الدولية ولجنة حقوق الطفل واليونيسف بالاستناد إلى اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138و182 والتوصية 190 الملحقة بها، على أن تتجاوز الاتفاقية الجديدة مختلف الإشكاليات وتأخذ بنظر الاعتبار ملاحظات وأخطاء السنوات الماضية كلها.

اقترحت الدراسة بأن ينبثق عن الاتفاقية لجنة عمل مشتركة، من أبرز خصائصها: المرونة العالية في تلقي الشكاوى والاستجابة لها، والتمتع بقوة ضغط ملموسة بحق الدول المنتهكة للاتفاقية.

وأخيراً، أوردت الدراسة أبرز المهام، التي يجب أن تضطلع بها هذه اللجنة من أجل تحقيق القضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال بمرونة وفعالية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني