fbpx

هيئة المفاوضات السورية المعارضة.. نشاطات ديبلوماسية وتقنية متزامنة

0 356

يبدو أن خطط عمل هيئة المفاوضات السورية اختلفت في هذه المرحلة عن سابقاتها، إذ لوحظ ورُصد قيامها بنشاطين متزامنين، أحد هذين النشاطين كان ديبلوماسياً واسعاً شمل اجتماعات ثنائية عديدة، حيث التقى وفد هيئة المفاوضات بعدد من المسؤولين الدوليين، كاللقاء مع مبعوث الاتحاد الأوربي، واللقاء مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، واللقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة، وغيرها من اللقاءات الهامة.

النشاط الثاني لهيئة المفاوضات تركّز في جنيف، وكان يتسم بالتقنية، حيث أخذت نشاطات الوفد التي استمرت ثلاثة أيام من 22 إلى 24 أيلول سبتمبر الفائت، صيغة التواصل مع عدد من اللجان الدولية ذات الصلة بالقضية السورية.

اللقاءات مع اللجان الدولية المختلفة يمنح هيئة المفاوضات القدرة على محاصرة تفلّت النظام الأسدي من استحقاقات القرار الدولي 2254، ولهذا قام الوفد التقني بنشاط واسع في هذا الاتجاه.

كان أول هذه اللقاءات مع لجنة التحقيق المستقلة التي تتبع للأمين العام للأمم المتحدة، بمناسبة صدور تقرير جديد عن هذه اللجنة، وقد اتسم اللقاء بمناقشة التقرير المعني، حيث أوضح وفد هيئة المفاوضات للجنة التحقيق المستقلة ملاحظاته واعتراضاته على بعض ما ورد في التقرير، فلا يمكن قبول فقرات في التقرير تساوي بين جرائم منتظمة يقوم بها النظام الأسدي ضد الشعب السوري وأخرى فردية يقع بها أفراد ينتمون لفصائل الثورة السورية، فجرائم النظام شملت القتل الجماعي والتدمير الممنهج للقرى والمدن والاعتقالات التعسفية واختطاف عشرات آلاف السوريين الذين باتوا يُصنّفون تحت مسمى (المفقودون)، بينما يمكن تصنيف ما وقع به بعض عناصر فصائل الثورة من تجاوزات أو انتهاكات بحق مدنيين على أنه عمل فرديٌ، لأنه لم يكن في أي لحظة ضمن نشاطات فصائل الثورة، التي مهمتها الدفاع عن السوريين في أماكن نزوحهم، ومن الطبيعي أن يواجه هؤلاء الأفراد محاكمات تدينهم وتعاقبهم على ما اقترفوه من جرائم فردية.

اللقاء الثاني الذي أجراه وفد هيئة المفاوضات التقني كان مع لجنة التحقيق IIIM المعنية بمهمة جمع الأدلة على الجرائم المرتكبة في حرب النظام الأسدي على الشعب السوري، حيث اطلع الوفد على آخر ما قامت به هذه اللجنة، والتي بلغ عدد الوثائق التي جمعتها بهذا الشأن 2.3 مليون وثيقة تشمل الوضع السوري بشموليته.

لكن وفد هيئة المفاوضات أكّد لهذه اللجنة تمسكه بالعدالة والقانون الدوليين، فالمظلوم يبحث عن حقّه عبر تطبيق العدالة، وهذا ما يجب أن تفعله الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة أو غيرها من منظمات دولية، والمظلوم هنا كما تشير الأدلة التي جمعتها اللجان الدولية المختلفة هو الشعب السوري، وأن النظام الأسدي هو الظالم الرئيسي، وتدعمه في ذلك روسيا وإيران وميليشياتها العابرة. وهذا يتطلب محاسبة النظام على جرائمه وانتهاكاته للقوانين الدولية وفق ما طالب به وفد هيئة المفاوضات التقني.

لقاء آخر جمع بين وفد هيئة المفاوضات واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتضمن اللقاء مناقشة موضوع المعتقلين والمفقودين في سجون النظام الأسدي، وكذلك وضع المعتقلين والمختطفين من قبل ميليشيا ما يسمى (قوات سوريا الديمقراطية) وهي ميليشيا تأتمر بأمر قيادات حزب العمال الكردستاني التركي الأصل والمصنّف على لوائح الإرهاب الأمريكية والتركية وفي بلدان عديدة أخرى. وتطرّق الحديث إلى ما تقوم به الميليشيات التابعة لحزب الله اللبناني الشيعية المتورطة بجرائم كبرى ضد الشعب السوري من اعتقالات واختطاف مقابل دفع الفدية.

وبشأن ما زعمه النظام الأسدي حول عفوه الرئاسي عن المعتقلين في سجونه من المدنيين ظلماً، أوضح وفد هيئة المفاوضات للجنة الصليب الأحمر الدولي زيف وكذب النظام بهذا الشأن، مطالباً بضرورة الكشف الحقيقي عن مصير المعتقلين والمفقودين في سجونه.

لكن وضع اللاجئين السوريين في لبنان لم يغب البتة عن وفد هيئة المفاوضات التقني في لقائه بلجنة الصليب الأحمر الدولي، إذ طالب الوفد هذه اللجنة بضرورة حماية اللاجئين السوريين في لبنان، ورفض أي إعادة قسرية لهم إلى مناطق نفوذ النظام الأسدي، لأنهم سيتعرضون للاعتقال والتعذيب والتصفيات الجسدية.

موضوع المعتقلين في سجون النظام وسجون قسد لم يقتصر على البحث فيه مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بل تعدى حدود هذه اللجنة ليكتسب بعداً أعمق وأشمل وأكثر فضحاً لجرائم النظام، وهذا الأمر كان محور اللقاء بين الوفد التقني لهيئة المفاوضات السورية مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حيث تطرّق الوفد إلى قضية المعتقلين والمفقودين أيضاً، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على النظام وقسد للإفراج عنهم والكشف عن المفقودين منهم.

وشملت نشاطات الوفد التقني لهيئة المفاوضات السورية لقاءً مع مسؤولين عن ملف حقوق الإنسان في مكتب المبعوث الدولي الخاص بالقضية السورية “غير بدرسون” وتمت خلال اللقاء مناقشة وضع المعتقلين والمفقودين في سجون النظام مع توضيحٍ حول مسرحية العفو الرئاسي الأسدية الهزلية الكاذبة.

وكان اللقاء الأخير لوفد هيئة المفاوضات التقني في جنيف مع السيد “متيا توالدو” مبعوث الاتحاد الأوربي، حيث بحث الوفد معه أهمية دفع العملية السياسية، وتنفيذ القرار الصادر في الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 2015 عن مجلس الأمن والذي يحمل الرقم 2254، بكل فقراته وكل ما جاء فيه، وقد رفض الوفد أن يتم إعطاء النظام أي هدية سياسية مجانية، كمبادرة (خطوة مقابل خطوة) والتي طرحها المبعوث الدولي غير بدرسون. مطالباً في الوقت ذاته بأهمية تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية، مبيّناً أنه (لا سلام مستدام في سوريا من دون عدالة).

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني