نصوص أدبية
مؤخراً، ظهرت عليّ بعض الأعراض، صرت لا أشعر بيدي، لا أميّز بينها وبين لوحة المفاتيح، أو بينها وبين طاولة المكتب، صرت لا أشعر بالفارق بين جسدي والكرسي الذي أجلس عليه، أغمض عيني كي لا أرى القمر والنجوم، فأكتشف أن السماء في عينيّ.
لم أعد أعرف شيئاً عن العالم، اكتشفت أنني أقيم في كتب الشعر التي أقرأها، أتقلّب فيها، صفحة صفحة.
أعراض كثيرة على ما يبدو، كل يوم أكتشف واحداً منها.
أفكّر في التخلّص من كل هذا، بلى.. يجب أن أتصرّف، قبل أن أتورط في مشكلة أكبر، إذ كيف سأتدبر قبراً يتسع لي وهذه الأشياء الملتصقة بها في عالم ضيّق؟، الأمر صار لا يُحتمل، حتى إني اليوم عانيت كثيرا كي أفصل أصابعي عن الأشجار التي أدمنت على لمسها، بعد أن قرأت قصيدة ظننتُها كُتبت لي. هكذا أقول لنفسي عندما يلفظني السرير في الليل.
*******
الشجرة التي كانت تأتيني في الليل، تنقر على نافذتي بأغصانها العارية لأدفئها، اكتستِ اليوم، أينعت من جديد، لم تعد تلتفت إلى شرفتي، إذ أجلس وأطوي الوقت.
امتلأت خزانتي بساعاتٍ بالية يعزّ عليّ رميُها.. هي إرثي الوحيد من ماضٍ مضى.
*******
كان حديثاً يدور بينهما، في الواقع هو لم يتكلم، بينما هي ثرثرت كثيراً..
لعلّها أودعته وصيّتها: لو قُيّض لي أن أقول كلمتي الأخيرة، سأقول للحياة: كنتِ لعوباً معي، لكنّني أقبلتُ عليكِ.
للغيمة: انتظرتك طويلاً ولم تُمطري، سامحتكِ.
للعصافير: شكرا بعدد المرات التي نقرتِ فيها على شباكي.
لذلك الرجل البعيد: أحببتُك، لو تدري.
كان صوتها ينوس كرجع أغنية حزينة..
عندما صمتت، راح النهر مسرعاً إلى حيث يهوى، أخذ الحديث معه ورماه في بطون أسماك جائعة.