fbpx

موقفي من مقتل حسن نصرالله.. قراءة في الواقع العربي والإسلامي

0 75

في عالم مليء بالصراعات والمصالح المتشابكة، يصبح من الصعب تحديد المواقف بوضوح، خاصة عندما تتداخل العواطف مع الحقائق السياسية المعقدة. مؤخراً، كان مقتل حسن نصرالله، زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني، نقطة محورية في النقاشات السياسية والإعلامية. ولقد أثار هذا الحادث العديد من التساؤلات حول المواقف التي يمكن أن يتبناها بعضهم من هذا المجرم الذي ارتبط اسمه بالدماء، وخاصة دماء الشعب السوري. ومن هنا، نجد أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن أولئك الذين يعبّرون عن الحزن لمقتله هم على دراية بحقيقة أفعاله في المنطقة، ويتجاهلون جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب السوري، أو أنهم ضحايا سذاجة، يقادون كالقطيع وراء مشاعرهم الزائفة دون تفكير عميق أو إدراك لحقيقة ما يجري.

الحقد والإجرام: ماذا عن دماء السوريين؟

لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل حقيقة أن حسن نصرالله كان من أئمة الحقد والإجرام ضد الشعب السوري. ففي حين كان يرفع شعارات المقاومة والممانعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، كان يشارك في قتل السوريين، ويساهم في تمزيق الوطن السوري وتدمير أركانه. لم يكن موقفه من سوريا مبدئياً أو إنسانياً، بل كان مرتبطاً بمصالح إيران التوسعية في المنطقة. ولعل الجريمة الكبرى التي ارتكبها هذا المجرم هي تدخله العسكري السافر في سوريا، نعم هذه الخطوة كانت المقتل له والكاشفة لحقيقته، حيث أعلن صراحة عن التزامه بالقتال إلى جانب النظام السوري ضد الشعب السوري، مستخدماً أدواته العسكرية لمحاربة الشعب الأعزل في سوريا.

من المستحيل أن نغض الطرف عن دماء السوريين التي لطخت يداه بها، سواء في حلب أو دمشق أو حمص أو حماة أو إدلب أو غيرها من المدن السورية التي ذاقت ويلات الحرب والدمار. كل قطرة دم سوري سالت كانت مسؤولية حسن نصرالله، وكل جريمة ارتكبها في حق الشعب السوري، كانت تُضاف إلى سجله الدموي الذي لا يرحم.

السذاجة والجهل: كيف يقودوننا كالقطيع؟

الاحتمال الآخر هو أن الحزن الذي يظهره بعضهم لمقتل نصرالله ينم عن سذاجة فكرية وضعف في الوعي السياسي. هؤلاء الذين يعبّرون عن الأسف لمقتله يظنون أن حزب الله يمثل حالة مقاومة حقيقية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولكنهم في الواقع يجهلون حقيقة أن هذا الحزب هو مجرد أداة في يد إيران، وأنه كان دائماً خادماً لمصالحها في المنطقة، حتى على حساب المصلحة العربية والإسلامية.

إذا كان بعضهم يظن أن حسن نصرالله كان يناهض إسرائيل، فإن الحقيقة هي أن حزبه كان يعمل في ظل مشروع فارسي توسعي يسعى إلى تقويض الهوية العربية وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وأعترف هو شخصياً بذلك عدة مرات. فقد أصبح الحزب مجرد أداة في مشروع لا يخدم إلا مصالح النظام الإيراني، سواء كان ذلك في سوريا أو في لبنان أو في غيرها من الدول العربية. والأمثلة على ذلك كثيرة، بدءاً من التدخلات الإيرانية في العراق واليمن، وصولًا إلى الدور التخريبي لحزب الله في لبنان.

تهاوي المشروع الإيراني أمام إسرائيل: لماذا الجبن؟

من الأمور التي لا يمكن إغفالها أيضاً هو الدور المزدوج الذي لعبه حزب الله في المنطقة، حيث كان يرفع شعار المقاومة في وجه إسرائيل، ولكن عند اللحظة الحاسمة كان يظهر بشكل واضح جبنه وتخاذله. فإيران، التي تعتبر حزب الله جزءاً من مشروعها الاستراتيجي في المنطقة، تخلت عن هذا الحزب عندما كان يواجه التهديد الحقيقي من إسرائيل. وهذا التناقض في المواقف يفضح حقيقة المشروع الإيراني الذي لا يسعى لتحرير فلسطين أو مقاومة الاحتلال، بل يسعى لزعزعة استقرار المنطقة وتحقيق مكاسب سياسية على حساب العرب.

في الوقت الذي كان فيه نصرالله يصرح بأن ميليشياته ستكون جاهزة للتصدي لإسرائيل في سوريا، تخلت إيران عن حزب الله عندما كان يواجه تهديداً حقيقياً من إسرائيل، ما يكشف بشكل صارخ عن خيانة هذه الأطراف لمصالح العرب.

الدماء السورية: طهرها لا يضاهيه شيء

أما بالنسبة لنا كعرب، فإن الدماء السورية هي الأعز والأطهر. لا يمكن لأي فكر أو عاطفة أن تشوه حقيقة أن الدماء السورية هي التي بذلت من أجل الحرية والكرامة. لا يهم ما هي عقيدتنا أو خلفيتنا أو هويتنا، فكل سوري سقط شهيداً في سبيل هذا الوطن هو شهيد علينا جميعاً. لا يمكن لأحد أن يزايد على تضحيات السوريين الذين دافعوا عن أرضهم وعقيدتهم في وجه أشرس الأنظمة الديكتاتورية على الإطلاق.

إن سوريا ليست مجرد أرض، بل هي قضية، وهي نبض قلب العرب، وهي مهد الحضارات والثقافات التي تشكلت عبر قرون من الزمن. وعليه، فإن بوصلتنا السياسية والشخصية يجب أن تكون موجهة نحو دعم سوريا في محنتها، والعمل من أجل تحريرها من كل القوى التي تسعى لاستغلالها أو تدميرها، سواء كانت هذه القوى إيرانية أو غيرها.

الخلاصة: لا مكان للدماء الزائفة

في الختام، يجب أن نكون واضحين في موقفنا من مقتل حسن نصرالله. لا يمكن أن نسمح لأحد أن يحاول تبرير أفعاله أو تعاطف مع هذا المجرم الذي دمّر سوريا وقتل أهلها. نحن مع الحق، مع سوريا، ومع دماء السوريين، ولن نكون أبداً أداة في يد مشاريع تتبنى الطائفية والفوضى باسم المقاومة والممانعة الكاذبة. لدينا في سوريا قضية عادلة لا تقبل المساومة، ودماء السوريين هي التي يجب أن تكون محور اهتمامنا، وليس دماء من قتلهم وأجرم بحقهم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني