fbpx

ملاحظات حول الدعوة لتأسيس تيار الحرية والكرامة

0 84

بناءً على الدعوة الكريمة للمشاركة في المؤتمر التأسيسي لتشكيل وإطلاق تيار الحرية والكرامة الموافق يوم الثلاثاء في 14/11/2023 الساعة 12.30 في صالة جذور الطابق الرابع.. ورجاء المشاركة الفعالة /هيئات وأفراد/ على خلفية الورقة، وعلى ما ورد في الرؤية الأولية حول العمل على تأسيس تيار وطني سوري يحدد أولويات عمله في تفعيل القرار 2254 خلال المرحلة الراهنة، وتهيئة كافة السبل الوطنية لذلك، وتذليل صعابها للدخول في مرحلة انتقالية سياسية تنهي الاستبداد السياسي الذي عاشته سورية لعقود خلت.

التساؤل الرئيسي الذي يطرح نفسه:

كيف ستفعلون القرار 2254؟ ومَن سيفعله؟ ومَن له مصلحة في تفعيله؟

هل يملك القرار إمكانية التفعيل في مصالح وسياسات الدول التي اتفقت عليه في مجموعة الفريق الدولي لدعم سورية، قبل أن ترسله إلى مجلس الأمن – الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا؟

هل ستناشدون مجلس الأمن والمجتمع الدولي، الذي شكل أداة/واجهة لإصدار القرار؟

يبدو أنكم لا تعرفون ماذا حصل في سوريا بعد إصدار القرار نهاية 2015، ولا كيف تم الإعلان عن موته خلال 2020-2021؟

هل تسمحون لي ببعض التوضيح؟

بعض الملاحظات التي تبين لا موضوعية أي مشروع سياسي وطني لا يقف على أرضية الوقائع، وتفسر فشل جميع جهود النخب في هذا الإطار، وتدعونا لموقف نقدي جاد:

من المؤسف ألا يعرف طيف واسع من النخب السياسية والثقافية السورية طبيعة المرحلة الراهنة من الصراع على سوريا، والإقليم، ومآلات المستقبل في أهداف وخطط مشروع التسوية السياسية الأمريكية، وما تسعى إليه واشنطن من أجل دفع الصراع على غزة بين حماس والحكومة الإسرائيلية بما يتساوق مع مشروعها السياسي، سوريا وعلى الصعيد الإقليمي، وما يُبنى عليها من استنتاجات ترتبط مباشرة بمستقبل حراك السويداء.
أولاً: على صعيد التسويات السياسة، سوريا 2020، كانت أمام مفترق طرق (كما كانت في 2011)، بعد انتهاء حروب تقاسم الحصص التي أطلقها الأمريكان والروس خلال 2015، تحت مبررات محاربة الإرهاب والحفاظ على مؤسسات الدولة، وما نتج عنها من إعادة تقاسم الجغرافيا السورية بين أربع سلطات أمر واقع، باتت تشكل مرتكزات النظام السوري الفاشل، ومنطقة هشة في الجنوب؛ إضافة إلى طيف واسع من منصات وقوى وتجمعات وشخصيات ومنابر سياسية معارضة، تبحث عن أي دور سياسي، في إطار تسوية سياسية، تُقيم أكبر تجمعاتها في موسكو وباريس، وجسم هلامي من الضباط المنشقين الذين يشكل نواتهم الصلبة تجمع الجنرال مصطفى طلاس، المقيم في فرنسا، والمرتبط بعلاقات خاصة مع موسكو! لقد أخذت جهود التسوية السياسية مسارين، كشفا عما حصل من تفارق سياسي متزايد الخطورة بين مصالح وسياسات روسيا من جهة، وإيران والنظام والولايات المتحدة، من جهة ثانية.

1- حل روسي، مدعوم فرنسياً، ينسق شكلاً مع تركيا وإيران في إطار الدول الضامنة، ويعتمد جنيف وآستنة ومخرجات اللجنة الدستورية، كمرجع سياسي، ويأمل أن يشكل من سلطة النظام وطيف المعارضات السياسية ونخب المجلس العسكري بقيادة طلاس أداة التسوية المنشودة (وقد اعتقدت موسكو وباريس بإمكانية ضم قسد إلى جهودهما)، ويفتح في حال التوافق عليه صيرورة إعادة توحيد السوريين، في النظام والمعارضات، وعلى الصعيد الشعبي العام، جغرافيا وسياسياً، على أساس دستور جديد جامع، وحكومة توافق وطني وإمكانات تغيير مستقبلية، ويؤدي في السياق والصيرورة إلى خروج الولايات المتحدة (التي كانت قد أعلنت في مناسبات عديدة استعدادها للانسحاب، وعدم تمسكها بسوريا) والنظام الإيراني، وبقاء موسكو، كعراب، وضامن للتنفيذ![1].

2- حل RAND، الذي قدمته في أجزاء خلال 2015 مؤسسة راند البحثية الأمريكية، ويتناقض في الإجراءات والأدوات والمآل، مع مسار جنيف، في التأكيد على ضرورة الوصول إلى حالة تهدئة مستدامة بين قوى أمر الواقع الميليشياوية، المتصارعة على الحصص، وقد أصبح وفقا لمعطيات 2019، يشكل مسارا لاعتراف متبادل وتأهيل متزامن لسلطات الأمر الواقع الميليشياوية، وفي مقدمتها سلطة النظام؛ المتشابهة في طبيعتها الاستبدادية وآليات النهب المحلي والارتهان لقوى الاحتلال الخارجي، وتحت يافطة الفدرالية واللامركزية، وفي ظل استمرار هيمنة جيوش الاحتلال الخارجية، بما يؤدي في الإجراءات والمآل إلى شرعنة وقائع تقسيم سوريا بين جيوش الاحتلال وواجهات محلية، تشكلها سلطات الأمر الواقع التي يُعاد تأهيلها.

ثانياً: هكذا حصلت الانتخابات الرئاسية في موعدها، 18 أيار 2021 بسلاسة، دون أن يسبقها، أو يتبعها تنفيذ حرف واحد من رؤى موسكو ومعارضاتها، وعلى جثة مشروع المجلس العسكري السوري، وقد دقت نتائجها آخر مسمار بنعش وهم مسار التسوية الروسي، ومرجعيته، ومريديه، ودون أن نفهم الدرس، وندرك ما حصل خلال 2011 على صعيد مسار الحل السياسي العربي حينئذ.

كيف استطاع النظام رفض مسار الحل السياسي الروسي؟ وماذا كان البديل؟

هل هي نفس الأسباب والعوامل التي مكنت النظام من إسقاط جهود الحل السياسي خلال 2011، ودفع الصراع السياسي على مسارات التطييف والعسكرة؟

إذا كانت الدعاية الأمريكية قد نجحت أثناء وعقب إسقاط خطة السلام العربية الثانية في 4 شباط 2012 في مجلس الأمن بفيتو مزدوج روسي/صيني، وقد صدقنا ما حصل من حيث الإخراج، دون أن نبحث عن الجوهر في تقاطع المصالح مع واشنطن، فهل نستطيع تحميل الروس مسؤولية تفشيل مشروعهم، المدعوم من فرنسا؟.

من حيث الإخراج أيضا في حالة 2021، عجزت روسيا عن إقناع النظام بضرورة مشاركة المعارضات في تنفيذ حل سياسي، وفي زحزحة موقفه المستمر منذ 2011 (1970)، الرافض لمشاركة أي من أطراف وشخصيات المعارضة في السلطة… رغم حساسية القضية فيما يتعلق بحماية مقومات الدولة السورية.

من حيث الجوهر، وتقاطع المصالح، عجزت روسيا ليس فقط في مواجهة سياسات النظام الإيراني فحسب، بل، والأهم من ذلك، في تجاوز سياسات واشنطن، تماما كما حدث 2011، حين كان من مصلحة الولايات المتحدة تفشيل جهود الحل السياسي، ودفع الصراع على مسارات هزيمة الثورة، وتفشيل الدولة السورية، متقاطعة في ذلك مع النظام السوري، الذي كان هدف تفشيل الثورة أولويته، والنظام الايراني، الذي كان يسعى لهزيمة الثورة، وتفشيل مقومات الدولة السورية.

لا أعرف كيف أقنع الروس والمعارضة أنفسهم أنه يمكن للنظام الإيراني، الذي باتت ميليشياته في نهاية 2019 تسيطر على الحصة الأكبر من سوريا المُفشلة، وللولايات المتحدة التي تسيطر بجيش وكيلها على الموقع الجيوسياسي/الإقتصادي الأكثر أهمية، أن يضعا تلك الإنجازات التاريخية بتلك الخفة؟!.

على أية حال، شكلت خطوات وإجراءات صيرورة نتائجها أبرز مؤشرات هزيمة المشروع الروسي، صيرورة مشروع RAND نفس أسباب وعوامل تفشيل مسار جنيف، وقد تساوقت إجراءات إعادة تأهيل سلطة النظام اقتصاديا (الخصخصة)، وسياسياً (انتخابات برلمانية وبلدية) مع جهود أمريكية لتأهيل سلطة قسد…وتركية، لتأهيل سلطة ميليشيات الجيش الوطني والائتلاف، وقد تساوقت مع إجراءات التطبيع الإقليمي، في ظل مشروع التسوية السياسية الأمريكية الشاملة.
بعد شباط 2022، وخروج روسيا شبه الكامل من دائرة التأثير السياسي، حتى على شريكيها، انحسم مصير التسوية لصالح واشنطن.

ما ظهر لاحقاً من خلافات – ووجب استخدام واشنطن لأشكال مختلفة من أوراق الضغط ضد تركيا والنظام السوري، وفي مواجهة سياسات قسد – لم يكن سوى في إطار الصراع البيني على شروط التسوية، فرضتها طبيعة العلاقات التنافسية بين الأطراف، وخلفيات حروبها السابقة.
لقد واجهت إجراءات التسوية السياسية السورية عقبات أساسية بذلت واشنطن جهودا كبيرة لتذليلها، تتمثل برفض تركي لبقاء وشرعنة سلطة قسد، ورفض إسرائيلي لبقاء وتمدد النفوذ والسيطرة الإيرانية؛ ورفض النظام السوري لشروط قسد من أجل تقاسم السلطة والثروة.

لم يقتصر مشروع التسوية السياسية الأمريكية على سوريا، بل توسعت أهدافه لتشمل الإقليم، وقد تساوق مسار التأهيل وإعادة التأهيل السوري مع مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي، وقد دفعت واشنطن بإجراءات التطبيع على عدة مسارات متساوقة، ومتكاملة:

1- مسار إيراني/سعودي، وهو قاعدة مشروع التسوية الأمريكي إقليمياً، ويتضمن إعادة النظام السوري والإيراني إلى حضن الإقليم، كما يتضمن قيام تسوية في اليمن.

2- مسار سعودي/إسرائيلي/إيراني، وقد واجه عقبات رئيسية، شكل أبرزها ضرورة قيام تسوية النزاع في فلسطين المحتلة، وضرورة تسوية الصراع بين إيران وإسرائيل على سوريا، وقد شكل استمرار الهجمات الإسرائيلية العدوانية على سوريا، واستمرار الصراع في غزة، بعد التسوية على الجبهة اللبنانية أبرز تمظهرات الصراع، وما يعكسه من عجز أمريكي عن الوصول بشريكيها الرئيسيين إلى تسويات سياسية.

ثالثاً: ما هي أبرز الاستنتاجات؟

إذا أخذنا بعين الاعتبار ما كشفته سياسات واشنطن وطهران في مواجهة عواقب هجوم طوفان الأقصى والحرب الانتقامية الإسرائيلية العدوانية، خاصة الهجوم البري بدءاً من 27 أكتوبر، عن حرص أمريكي وتجاوب إيراني لمنع انتشار النزاع، وتركيز أمريكي على ضرورة تجيير نتائجه لتحقيق تسوية حل الدولتين، ندرك الدوافع الأمريكية التي تفسرها عوامل سياق التسوية السياسية الأمريكية الشاملة في سوريا، ومشروع التطبيع الإقليمي. تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها، بالتنسيق مع شركائها الإقليميين (مؤتمر القمة العربي/الإسلامي)، والدوليين لفرض وقف إطلاق نار في غزة، حرصاً على ألا تؤدي تبعاته إلى انتشار النزاع، كما وتعمل على رؤية تسوية سياسية للنزاع في نهاية الحرب. إذا كنا نستطيع أن نستنتج ارتباط سياسات وأهداف واشنطن تجاه عواقب الصراع جوهريا بخطوات وإجراءات التطبيع الإقليمي ومصلحتها في استمرارها، ندرك وجود نفس درجة الحرص والمصلحة على استمرار إجراءات وخطوات التسوية السياسية السورية، بما يعزز شروط الوقائع الجيوسياسية القائمة حيث تحصل إيران على أكبر الحصص، وتحوذ الولايات المتحدة على حصة الأسد، مع اعتراف ضمني لتركيا بسيادتها على المناطق المحررة الخاضعة لحكم الائتلاف وجيشه الوطني!.

بالنسبة للحراك الشعبي في السويداء، يبدو جليا في ضوء التقسيم الأمريكي/الإيراني القائم، وحرص الجميع، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، على تثبيت وقائع السيطرة التشاركية الجيوسياسية وشرعنتها سوريا وخارجيا، لا موضوعية التعويل على تفعيل القرار 2254.

في ظل هذه الظروف السورية والإقليمية التي تجعل من شبه الاستحالة تحقيق أي من أهداف الحراك السلمي السياسية في السويداء، وتجنبا لعواقب إحباط محتملة، قد تدخل الجميع في نزاعات بينية، تترك عواقب وخيمة على الجميع، أدعو العقلاء، كما فعلت في السابق عندما طالبت برؤية حقائق الصراع الواقعية والبناء عليها قبل تجاوز الممكن سياسيا، للدعوة إلى مؤتمر وطني عام، يضع آليات وخطوات مناسبة لعودة الجميع إلى الحالة الطبيعية، عبر اختيار لجنة وطنية، تعمل على التفاوض مع الحكومة ومؤسسات الدولة المعنية من أجل ترتيب أفضل الشروط الممكنة لحياة آمنة، دون أن يعني ذلك وقف انشطة الانتفاضة السلمية قبل الوصول إلى تفاهمات شاملة.


[1]– أخبار عديدة عبرت عن الآمال الكبيرة التي كانت تحملها تلك المرحلة عند القيادة الروسية، وطيف النخب السياسية والعسكرية.

معارضين سوريين دعوها إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك بين قوات النظام وفصائل مسلحة ومنشقين، بخيارات عدة، بينها مرسوم يصدره بشار الأسد بعد الانتخابات المقبلة منتصف العام، يتولى مهمات كثيرة من ضمنها إخراج القوات والميليشيات الأجنبية دون أن يقترب من النفوذ الروسي طبعاً، ومن ثم توحيد البلاد نحو حل سياسي، نشر موقع العربية مباشر بتاريخ 10 شباط 2021، تقريراً، تحدث عن تلقي موسكو عروضاً من معارضين سوريين دعوها إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك بين قوات النظام وفصائل مسلحة ومنشقين، بخيارات عدة، بينها مرسوم يصدره بشار الأسد بعد الانتخابات المقبلة منتصف العام، يتولى مهمات كثيرة من ضمنها إخراج القوات والميليشيات الأجنبية دون أن يقترب من النفوذ الروسي طبعاً، ومن ثم توحيد البلاد نحو حل سياسي، من خلال العمل على تسويات وتفاهمات ومقايضات ميدانية في السويداء ودرعا والحسكة والقامشلي وحلب وإدلب. وقد أضاف الموقع الحديث عن تلقيها أيضا عروضاً من شخصيات مدنية وعسكرية روسية تناشدها التفكير بتشكيل مجلس عسكري مشترك.

ووصلت المقترحات بوسائل مختلفة خلال اتصالات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف ومسؤول هذا الملف في وزارة الدفاع ألكسندر زورين، الذي عمل ميدانياً في سوريا سابقاً!.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني