مصالح الشعب الفلسطيني في النهايات الممكنة للحرب على غزة
“ليس لدينا شك إنّ وعد الله حق، وأنّ النصر النهائي، وغير البعيد جداً، سيكون حليف الشعب الفلسطيني”
الإمام الخامنئي، قائد الثورة الإسلامية.
مجموعة تساؤلات تطرحها عوامل السياقين الراهن والتاريخي في حدث القمّة العربية، التي بدأ قادة وفود المشاركين فيها بالوصول تباعا إلى ديار خادم الحرمين الشريفين!
إذا كان انتصار الشعب الفلسطيني في منظور المصالح والسياسات الإيرانية هو انتصار سلطة حماس، وبقاء وظيفتها كذراع عسكري ضارب بيد الحرس الثوري الإيراني في صراعه على السيطرة الإقليمية مع إسرائيل، فهل يتوافق هذا المنظور مع مصالح الشعب الفلسطيني؟ وهل يتعارض بالجوهر، كما يبدو ظاهرياً، مع مصالح وسياسات إسرائيل؟ وأين اليد الخفية الأمريكية؟ وما هو المنظور الفلسطيني المختلف؟ كيف يتحقق اليوم عمليا انتصار الشعب الفلسطيني في غزة بشكل خاص، وفي كامل الجغرافيا الفلسطينية المحتلّة، وفي أيّة خطوات ملموسة؟.
مع انطلاق أنشطة القمّة العربية الطارئة ما هي الخَيارات المُمكنة لنهاية الصراع على غزة؟
- الإمكانية الأولى هي انتصار الشعب الفلسطيني وغزة في ميزان الربح والخسارة الإيراني عبر بقاء سلطة حماس على ركام مادّي وبشري هائل، وتحدّيات إزالة آثار الحرب، وهي أبعد من إمكانيات سلطة أمر واقع ميليشياوية، لم تنجح بالدعم الإيراني/القطري[1] الضخم منذ 2007 سوى في مشروع حفر الأنفاق، وتصنيع الصواريخ العديمة الفاعلية لتحقيق أهداف التحرير المُعلنة، في ميزان قوى الحرب القائمة مع دولة الاحتلال وسندها الأمريكي؛ وما ينتج عنها على المدى الغير بعيد من استمرار لعبة الاشتباك السابقة بينها وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفقا لمقتضيات الصراع الإيراني/الإسرائيلي في سوريا؛ التي أفقرت وشرّدت وقسّمت وقتلت الفلسطينيين، وحرمتهم من سبل بناء مقوّمات مشروع وطني ديمقراطي محلّي يوفّر لهم شروط الأمن والحياة الكريمة، طالما يربط الداعم الإقليمي حجم الدعم المالي بأدوار حماس العسكرية في إطار الصراع الإقليمي، وطالما تفرض حالة الاشتباك القائمة نوبات متتالية من الحروب الغير متكافئة، تبدأ غالبا بانتصارات حمساوية، وتنتهي بكوارث على الفلسطينيين!! الأخطر من ذلك هو استمرار وتعميق عواقب التقسيم الحمساوي على الشعب الفلسطيني، الذي عجزت عن تحقيقه إسرائيل، وبدأ مع إسقاط السلطة الفلسطينية في غزة 2007، وبناء قاعدة مشروع إيراني عابر بأهدافه وأدواته لحدود الجغرافيا الفلسطينية وقضية الشعب الفلسطيني التحرريّة الديمقراطية، ومدمّر لشروط تحقيق الهوية الوطنية والقومية للفلسطينيين؛ وقد بات الفلسطينيون منذ ذاك الانتصار الحمساوي الإسلامي بين كيانين سياسيين متصارعين، وأصبح قدرهم مرتبط بشروط الصراع الإيراني الإسرائيلي على السيطرة وتقاسم النفوذ في العراق وسوريا ولبنان، وقد برّر، علاوة على ذلك، للحكومة الإسرائيلية اليهودية – عدوّة المشروع الإسلامي رفض تنفيذ شروط حل الدولتين التي كانت أفضل الخَيارات السياسية الممكنة، وجعل حلم الفلسطيني لا يتجاوز الأمل بالهجرة أو بالعمل كأجير داخل الخط الأخضر؟
- توفير شروط عودة السلطة الفلسطينية إلى الحالة التي كانت عليها قبل 2007، عبر مرحلة انتقالية، تعمل خلالها قوات سلام عربية على توفير شروط عودة السلطة الفلسطينية، وبالتالي إعادة إحياء عملية حل الدولتين في إطار مسار التطبيع الإقليمي.
إذا كان في الخَيار الأوّل مصلحة واضحة لحماس ولسلطة الاحتلال وللعرّاب الخارجي، فأين مصلحة الفلسطينيين؟
بقاء سلطة فاشلة لحماس (تمنع مسارات الحل السياسي وإعادة توحيد غزة والقطاع تحت سلطة واحدة، كأساس لقيام حل الدولتين، وتسمح للقوات الإسرائيلية باستباحة الأرض والأمن الفلسطينيين، وتبقي حياة المدنيين تحت رحمة لعبة الاشتباك السابقة، وفقا لمصالح وسياسات العرّاب الخارجي)، قد يكون مصلحة إسرائيلية وإيرانية، علاوة على كونه مصلحة حمساوية، لكنّه لن يمكّن الفلسطينيين من الخروج من عنق الزجاجة، ثلاثيّة الأضلاع؟
في نفس السياق، لا يليق بالوعي السياسي النخبوي أن لا نرى الفارق النوعي بين دور سلبي للعربان وبين دور عربي إيجابي ومطلوب، كما هو اليوم في غزة ( كقوّات حفظ أمن خلال مرحلة انتقالية، من أجل توفير شروط عودة السلطة الفلسطينية، كخيار أفضل من حالة الصراع بين الفأر والقط المتواصلة منذ 2007)، بخلاف ما كان عليه في الدور الذي لعبته قوات الردع العربية في لبنان – 1976، أو في أعقاب ربيع 2010، وما حصل من مشاركة العربان في دفع مسارات التغيير الديموقراطي خيَارات الحروب الطائفية المدمّرة، خدمة لجميع قوى الثورة المضادة!
كان الهدف الرئيسي لتدخّل قوات الردع العربية حينئذ قطع مسار انتصار التحالف الوطني الديمقراطي الفلسطيني اللبناني بقيادة كمال جنبلاط وياسر عرفات والقوى اليسارية اللبنانية، لصالح السلطة الفاشية، واليمين اللبناني، ولمصلحة إسرائيل، وما نتج عنه لاحقا من كسر عُرى التحالف الوطني اللبناني/الفلسطيني وهزيمة صيرورة التغيير الديموقراطي، واقتلاع منظمة التحرير الفلسطينية، العدو الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي ووضع لبنان تحت سيطرة تشاركية، سورية – إيرانية – إسرائيلية، وفّرت ظروف سيطرة المليشيات الإيرانية على لبنان.
اليوم الدور الرسمي العربي، في حال حصوله، سيكون لمصلحة الفلسطينيين بالدرجة الأولى، لأنّه يساعد في نهاية لعبة الاشتباك الحمساوية الإسرائيلية، ويحيّد الفلسطينيين وقضيتهم عن لعبة الصراع الإقليمي!.
إذا كنّا نستطيع فهم جميع جوانب العلاقة الجدلية بين نهج المقاومة الذي تمارسها حماس، ونهج الردع الإسرائيلي، خاصة المرتبطة بلعبة التخادم المتبادل، في ظل تقاطع مصالح النظام الإيراني وحماس وحكومة الاحتلال عند هدف منع تنفيذ إجراءات حل الدولتين[2]، ندرك خطورة أن لاتؤدّي الجولة الراهنة، الأكثر تدميرا لشروط التسوية السياسية، إلى كسر قواعد الاشتباك!
في خلاصة القول، وبعيداً عن آلات التضليل التي يجيدون العزف عليها في ظل سيطرة وعي سياسي، نخبوي وشعبي، غير موضوعي، قَدري، يبدو جليا أنّ المسار الأخطر على الشعب الفلسطيني هو أن يتم تحت أيّة يافطات دعم وترويج المآل الذي يؤدّي إلى إعادة تأهيل حالة السيطرة التشاركية بين حماس وسلطة الاحتلال التي كانت قائمة منذ 2007 ولعبة الهجوم، والهجوم المضاد….التي تمنع خروج الفلسطينيين من حلقة التحكّم الحمساوي والعنف الإسرائيلي التي تصنع صيرورة تدمير مقوّمات الحياة الكريمة، وتقطع سبل أيّة مسارات سياسية، بالحدود الدنيا!
ما قدّمه الفلسطينيون من تضحيات تجعلهم يستحقون رؤية ضوء ما في آخر النفق الذي يصنعه الاحتلال الإسرائيلي والاستبداد الحمساوي، المرتهن لأجندات القوى الإقليمية!!
[1]– خطورة المشروع الإيراني في فلسطين المحتلّة الذي يقوده الحرس الثوري الإيراني، بشخص المرشد الأعلى وقائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، هي في تجاوزه للملعب الطائفي لأحزاب الله والحشد الشعبي الإيرانية، ونقل أدوات وأهداف صراع السيطرة الإيرانية في مواجهة إسرائيل إلى أفق إسلامي أوسع، عابر للطوائف، تمثّل سياسيا بتشارك في الدعم والقيادة مع النظام القطري.
هنا تتكشّف للمشروع أبعاد استراتيجية، تتجاوز الصراع الإقليمي، إذا أدركنا واقع تكليف الولايات المتّحدة للحكومة القطرية بإدارة ملف الإخوان المسلمين، حتّى ولو في التنسيق مع النظام الإيراني، وقد لا يقتصر هذا التنسيق في إدارة الملّفات على حماس، بل يصل إلى القاعدة وطالبان في أفغانستان الشقيق!.
قائد الثورة الإسلامية في لقاء الراحل الشيخ أحمد ياسين، 2/5/1998:
نحن أعداء للصهاينة وحكومتها الغاصبة ولهذه الكتلة السرطانية التي زرعوها في الأرض الإسلامية، وسوف نكافحها أعتقد أنكم تقفون في الجبهة الأمامية للحرب بين الإسلام والكفر، بين الحق والباطل.
وقد أكّد على هذا الجوهر الإسلامي للصراع في تغريده على موقعه، بتاريخ 1 تشرين الثاني:
هذه الحرب ليست حرب غزة و«إسرائيل» بل هي حرب الحق والباطل، حرب الاستكبار والإيمان.
[2]– هل هذا ما يقصده المقاوم الكبير رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب لـmtv :
إذا حققت اسرائيل أهدافها وهي إنهاء حماس وتحرير الأسرى تكون قد خسرت الحرب على غزة؟.