مصادر الغاز الطبيعي شمال شرق سوريا واستمرار أزمة فقدانه
مناطق شمال شرق سوريا، التي تعتبر سلة سوريا الغذائية وتشكل حقوله مصدراً لنحو 70% لثرواته الزراعية والطبيعية والباطنية، يعاني فيها الأهالي من نقص وفقدان المحروقات، وفي مقدمتها الغاز المنزلي. هذه الأزمة المستمرة منذ سنين لم يضع لها أصحاب سلطة الأمر الواقع المتمثلة بالإدارة الذاتية حلاً، حيث تقع معظم المصادر تحت سيطرتها، تقوم باستخراجها وتصديرها، ويبقى الأهالي محرومين من خيرات مناطقهم.
أهم حقول استخراج الغاز الطبيعي شمال شرق سوريا
● تأتي حقول غاز السويدية في المقدمة. وهي تبعد نحو 17 كم جنوب الرميلان، و25 كم جنوب مدينة المالكية، تضم نحو 25 حقلاً. يستخرج منها الغاز الطبيعي ذي النقاوة العالية. يبلغ إنتاجها اليومي نحو 1,000350 كيلومتر مكعب من الغاز الطبيعي، نحو 120 طن غاز منزلي. طاقتها نحو 1500/1200 أسطوانة غاز منزلية أسبوعياً. يتم توزيعها في محافظة الحسكة. مع العلم أن طاقتها إنتاجها تبلغ 13000 أسطوانة غاز منزلي يومياً، فإن قامت مؤسسة الغاز بإنتاج نحو 8000 أسطوانة يومياً ستغطي حاجات الأهالي.
● حقول الرميلان، تقع قرب مدينتي الرميلان ومعبدة. يبلغ إنتاجها اليومي من الغاز الطبيعي حوالي 2 مليون كيلومتر مكعب.
● حقول الجبسة. تقع على بعد 20كم جنوب الحسكة ويبلغ إنتاجها اليومي من الغاز الطبيعي نحو 1000600 كيلومتر مكعب.
وبحسب ما سبق فإن نحو 45% من إنتاج الغاز الطبيعي يستخرج من هذه الحقول بشكل يومي وهي واقعة تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية “قسد”.
وبحسب مستشارين في مجال النفط والغاز فإن الإدارة الذاتية تستطيع عن طريق هذه الحقول تأمين الاحتياجات اليومية للأهالي من الغاز المنزلي بأسعار رمزية ومناسبة لإمكانات الأهالي. ورغم ذلك فالأهالي يعانون الأمرين لتأمين أسطوانة غاز منزلي عند الحاجة.
حاجة الأهالي ومعاناتهم المستمرة
منذ بدء الثورة السورية، وانتشار الفوضى والسلاح، والجماعات المسلحة في طول البلاد وعرضها. سعى كل منها إلى السيطرة على مصادر الطاقة كأهم مورد مالي لها. فقد تناوب السيطرة على هذه الحقول جهات عدة، اجترت خيراتها وحرمت الأهالي منها. فمن النظام إلى سيطرة تنظيم داعش، ثم قوات سوريا الديمقراطية. في فترة زمنية شملت سنوات الأزمة السورية. وكان الأهالي الخاسر الأكبر فيها، عانوا الأمرين لتحصيل وقود للتدفئة أو الطهو، حتى لجأ الكثيرون إلى مواقد الخشب لإعداد الطعام نتيجة فقدان الغاز المنزلي، وصعوبة الحصول عليه، وغلاء سعره. حتى الآن هذه الأزمة مستمرة وإن كان الغاز أكثر توفراً من ذي قبل. ولو سلطنا الضوء على مدينة القامشلي، التي يبلغ عدد سكانها نحو 70 ألف نسمة مع النازحين من المناطق الأخرى، فهي تحتاج لنحو 12000 أسطوانة غاز يومياً أي نحو 48000 أسطوانة شهرياً لتغطية حاجة الأهالي من الغاز المنزلي، وقد تم إحداث نحو 35 مركز لتوزيع الغاز على البطاقة التي تم إصدارها واعتمادها للحصول على أسطوانة غاز منزلي كل شهر بسعر 2500 ل.س تزن نحو 21 كيلوغراماً إلا أنها لا تفي بالحاجة وتشهد هذه المراكز أزمة وازدحاماً شديدين، ويتم إفراغ كمية من هذه الأسطوانة لتعبئة الأسطوانات الصغيرة، فيقل وزنها، كما تباع الأسطوانات في السوق السوداء ويتراوح سعرها بين 6000-7000 ل.س للأسطوانة الواحدة وهي الأخرى صعبة المنال وغالية الثمن بالمقارنة مع إمكانات الأهالي.
(بسمة علي) ربة منزل “منذ سنوات ونحن نعاني من الحصول على أسطوانة غاز منزلي وأصبح ذلك أحد همومنا اليومية، فما إن نسمع بتوزيع الأسطوانات حتى نسرع للحصول على أسطوانة من المراكز والكومينات التي تقوم بالتوزيع”
وتتابع “تشهد هذه المراكز أزمة كبيرة أثناء التوزيع ومشاحنات بين الأهالي للحصول على الأسطوانة ولا يخفى على أحد قيام القائمين على عمليات التوزيع بتخصيص مقربيهم بحاجتهم منها أول الأمر وما تبقى يوزع علينا”
(أبو محمد) رب أسرة “انتظرت أمام المركز لأكثر من سبع ساعات حيث أسرعت منذ الصباح الباكر إلى الكومين للحصول على أسطوانة غاز منزلي ما إن سمعت بالبدء بتوزيع الغاز ورغم ذلك عدت إلى البيت دون الحصول عليها ولا طاقة لي لشرائها من السوق السوداء عن طريق بعضهم بأسعار مضاعفة”.
(سميرة أحمد) ربة منزل “نلجأ للاعتماد على الكهرباء النظامية حين توفرها لإعداد الطعام من أجل توفير استخدام الغاز المنزلي لصعوبة الحصول عليه أغلب الأوقات”.
أزمة الغاز والحصول عليه قديمة متجددة يعاني منها الأهالي دون إيجاد حل لهم، رغم الخير الوافر المتأتي من مناطقهم ودون إيلاء سلطة الأمر الواقع أي اعتبار لحاجاتهم ومعاناتهم المتفاقمة يوماً بعد يوم.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”