fbpx

محمّد صوان رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي لـ نينار برس: لا يزال النظام السوري الجديد يعاني من الانقسامات السياسية والمجتمعية (3-4)

0 14

لا يمكن فهم الوضع السياسي السوري العام خارج فهم احتياجات فئاته السياسية المختلفة ومكوناته العديدة، هذا ما تسعى إليه صحيفة نينار برس من خلال حواراتها الصحفية مع صانعي الرأي العام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد.

نينار برس طرحت أسئلتها التالية على السيد محمّد صوّان رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي. وقد جاءت إجاباته واسعة ومفصّلة، وارتأينا نشرها كما هي:

السؤال الثالث

حتى اللحظة لم يتم تشكيل برلمان مؤقت في سورية. ما عوائق تشكيله؟ وهل تعتقدون إن تشكيلة أعضاء البرلمان سيغلب عليها طابع الولاء الايديولوجي الاسلامي أم ستكون تمثيلا لمكونات السوريين بأوسع طيف سياسي لهم؟

 هل تتوقعون أن يقوم البرلمان المؤقت بمراجعة وتعديل لمواد الإعلان الدستوري كي تتلاءم مع مطالب عدد من المكونات مثل مطالب قسد ومطالب الهجري وغيرهما؟

الانقسامات تعيق تشكيل البرلمان

يجيب السيد محمد صوان على سؤالنا الثالث بالقول:

بالطبع، سأقوم بتفصيل كل بند من السؤال الثالث ليتناول عوائق تشكيل البرلمان المؤقت في سورية، وفُرص تمثيل المكونات السورية، وتوقعات مراجعة الإعلان الدستوري.

1.  عوائق تشكيل البرلمان المؤقت

  • الانقسامات السياسية: على الرغم من الجهود المبذولة، لا يزال هناك انقسام عميق داخل المشهد السياسي السوري. القوى المختلفة بما في ذلك الحكومة والمعارضة والفصائل المسلحة تعاني من عدم الإتفاق، مما يقف عائقاً أمام تشكيل كيان تشريعي موحد.
    • التحزبات الأيديولوجية: تمسّك القوى السياسية المختلفة بأيديولوجيات متباينة يجعل الحوار بينها صعباً. هذه التصدعات تؤثر على إمكانية تحقيق إجماع على تشكيل برلمان يمثل جميع الأطياف.
  • تباين الأجندات السياسية: تباين الأجندات السياسية في سورية يشكل عقبة رئيسية أمام الوحدة الوطنية، ويساهم في تعميق الانقسامات السياسية، مما يؤثر سلباً على جهود تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
  • الأجندات الحكومية:
    • تسعى الحكومة السورية إلى الحفاظ على هيمنتها السياسية والعسكرية، وفرض السيطرة على كافة الأراضي. يُركز النظام الحالي على تعزيز سلطته دون تقديم تنازلات جوهرية للمعارضة، مما يُعزّز من حالة الاستقطاب.
  • أجندة المعارضة:
    • تضم قوى المعارضة أجندات متنوعة تتراوح بين المطالبة بإسقاط النظام إلى دعم إصلاحات ديمقراطية أو حتى التفاوض مع الحكومة. هذا التباين بين التيارات المختلفة (الليبرالية، الإسلامية، القومية) يعقد من إمكانية توحيد رؤى واضحة.
  • التدخلات الإقليمية والدولية:
    • الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران تؤثر على الأجندات المحلية حيث تسعى كل منهما لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، مما يعزّز الانقسام بين المكونات في سورية. يتطلب ذلك من القوى المختلفة الاستجابة لهذه الضغوط، مما يزيد من تعقيد الوضع.

تأثيرها على الانقسام السياسي:

  • تعزيز الانقسامات: تباين الأجندات يؤدي إلى صعوبة توحيد الصفوف بين الجماعات السياسية والشعبية، مما يعزز من حالة الاستقطاب ويسهم في تفتيت الحراك الوطني.
  • إعاقة الحوار: الفشل في التوصل إلى أجندة موحدة يقوّض فرص الحوار بين الأطراف السياسية المختلفة، ويعيق جهود الوصول إلى حل سلمي للأزمة.
  • تآكل الثقة: تتعرّض الثقة بين الأطراف المختلفة للتآكل بسبب تباين الأجندات، مما يجعل التفاوض على مستقبل البلاد أمراً صعباً.
  • عدم الاستقرار: الاستمرار في هذه الأجندات المتباينة قد يؤدي إلى تصاعد النزاع والتوتر، ويعزّز من حوادث العنف والصراع، مما يُفاقم من الأزمة الإنسانية في سورية.
  • الضغوط الخارجية: تؤثر الضغوط الخارجية من القوى الإقليمية والدولية على شرعية أي برلمان يعمل في ظل الظروف الحالية. هذه القوى لها مصالح تختلف جذرياً، مما يجعل تشكيل برلمان يعكس هذه المصالح أمراً صعباً.
    • التدخّلات الإقليمية: بعض الدول ستفرض أجندتها الخاصة، مما يعيق بناء برلمان يمثل جميع السوريين. الدول الداعمة للمعارضة الحالية قد تمارس ضغوطاً على الحكومة بينما تسعى القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا لتعزيز مصالحها في سورية.
    • الاستراتيجيات الكبرى: اللاعبون الدوليون، مثل روسيا والولايات المتحدة، لكل منهم مصلحته التي تؤثر على كيفية تشكيل البرلمان. هذا يتطلب التوازن بين المصالح الخارجية والداخلية.
  • ضعف البنية التحتية المؤسساتية: بسبب سنوات الحرب، تضرّر الإطار القانوني والمؤسساتي في سورية. غياب مؤسسات قوية تستطيع تنظيم العملية الانتخابية والشأن السياسي يجعل من الصعب تحقيق تشكيل برلمان فعّال.
  • القلق من تداعيات الحرب: التطورات الأمنية المتوترة وعدم الاستقرار الواضح يمكن أن يؤدي إلى قلق العديد من الأطراف من تحمّل مسؤولية المشاركة السياسية.
  • عدم الاستقرار الأمني: عدم الاستقرار الأمني والأحداث العنيفة في بعض الأوقات تجعل المشاركين في العملية السياسية يشعرون بالخوف من تحمّل المخاطر بإعلان توجهاتهم السياسية أو المشاركة الفعلية.
  • توجهات الفصائل المسلحة: تعاني العديد من المناطق من نفوذ الفصائل المسلحة، وهذا يجعل فكرة تشكيل برلمان عامّة تضع الضغوط الأمنية في صلب العملية السياسية في البلاد.

2. طابع تشكيلة أعضاء البرلمان

  • طابع الولاء الأيديولوجي:
    • من المرجّح أن يكون البرلمان متنوعاً من حيث الانتماءات السياسية، ولكن قد تظهر بعض الهيمنة للأيديولوجيات ذات النزعة الإسلامية، خاصة إذا كانت القوى الإسلامية قادرة على قيادة التعبئة الشعبية.
    • وجود جماعات مثل هيئة تحرير الشام أو الإخوان المسلمين أو فصائل إسلامية أخرى قد يُسهم في طغيان هذا الولاء الأيديولوجي.
    • سيطرة التيارات الإسلامية: هناك احتمال كبير أن تحصد التيارات الإسلامية جزءًا كبيراً من المقاعد في البرلمان، لاسيما أن هذه القوى قد تمتلك تأثيراً على كشوف الناخبين وقدرتها على تنظيم القاعدة الشعبية.
    • مراكز القوى: ارتباط بعض الفصائل بالأيديولوجيا الإسلامية قد يؤثر على توازن القوى داخل البرلمان، مما يساهم في تغيير الأولويات في السياسات العامة.
  • تمثيل المكونات السورية:
    • هناك حاجة ملحة لتمثيل كل المكونات السورية، بما في ذلك الكرد والعرب والعلويين والدروز، لضمان الاعتراف بتنوّع المجتمع السوري.
    • بناء كتل تمثيلية: يمكن أن تعمل الأطياف المختلفة، مثل الكرد والعرب والعلويين والدروز، بشكل موحد لتشكيل كتل لديها القدرة على تعزيز حقوق مكوناتها.
    • قاطرة التنوع: وجود شخصيات قوية من كل مكون قد يُسهم في توسيع البعد الديمقراطي حيث يمكن أن تُعبّر مواقفهم عن مصالح القاعدة الشعبية بشكل واضح.
    • في حال تشكلت قاعدة دعم شعبي واسعة، يمكن أن يساهم ذلك في إقامة برلمان يعكس تنوّع المجتمع السياسي.

3. توقعات مراجعة الإعلان الدستوري

  • مطالبات المكونات المختلفة:
    • قسد والمطالب الكردية: تحتاج قسد إلى اعتراف رسمي بجوانب من الحكم الذاتي، وهذا يعني الحاجة إلى تعديل بعض القوانين بحيث تسمح بتنوّع الحكم في البلاد. المطالب تشمل تعزيز الحقوق الثقافية واللغوية، وتمثيل سياسي أكثر. يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مطالب القوى السياسية المختلفة، مثل قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي تمثل المكون الكردي، والتي تطالب بتمثيل أفضل في السياسات العامة.
    • مطالب السوريين الآخرين: الهجري وممثلو الفئات الأقلية تعكس مخاوف حول إعادة بناء الدولة والعدالة الانتقالية. هذه المطالب تحتاج إلى تلبية لزيادة الثقة بين الشعب والحكومة.
    • مطالب الهجري والأقليات (المطالب المحقة طبعاً) يجب أن تكون جزءًا من النقاشات، حيث تتنوّع الرؤى حول كيفية إدارة البلاد وتوزيع السلطة.
    • الإعلان الدستوري هو إعلان مؤقت وليس دائم، يمكن معالجة الثغرات وتصحيحها لاحقاً في الدستور الدائم.
  • إمكانية القيام بالمراجعات:
    • تناقض المصالح: لتحقيق التعديلات على الإعلان الدستوري، يجب أن يكون هناك توافق بين البرلمان المؤقت ومجموعة متنوعة من الفاعلين، لضمان أن تعكس التعديلات مصالح الأطراف المختلفة.
    • في حال تمكن البرلمان من تشكيل أغلبية قادرة على العمل، يمكن أن ينطلق نحو مراجعة الإعلان الدستوري بحيث يتماشى مع تطلعات المكوّنات المختلفة.
    • هذه المراجعات قد تشمل مواد تتعلق بدرجات الحكم الذاتي، توزيع الثروات، حقوق الأقليات، والسياسات الأمنية، وهو أمر قد يتطلب توافقات دقيقة ومن ثم مراجعة نسبة عالية من الوثائق الدستورية والمراسيم والقوانين النافذة .
  • آلية التعديل: يمكن أن تشمل العملية التصويتية على مواد جديدة أو مراجعة مواد موجودة من قبل اللجان البرلمانية، وهو ما سيحتاج إلى مناقشات عميقة ومراعاة الاعتبارات المحلية والدولية.

تشكيل البرلمان المؤقت يمثل فرصة كبيرة للانتقال نحو عملية ديمقراطية حقيقية في سورية، لكنه يواجه تحديات كبيرة تتطلب تضافر الجهود بين جميع القوى السياسية والمكونات المختلفة، ويُعد خطوة مهمة نحو تطلعات الشعب السوري نحو الاستقرار والديمقراطية. يحتاج نجاح هذه الخطوة إلى توافق سياسي وجدية في التعامل مع مطالب جميع المكونات السورية. يتعين على البرلمان أن يُعطي صوتاً لكل السوريين وفي الوقت نفسه التموضع في أطر تسهم في بناء سلام مستدام.

إذا تمكن البرلمان من مجابهة التحديات وتقديم رؤية تتضمّن التنوّع والعدالة، فقد يصبح أداة لتجاوز الأزمات الحالية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني