
محمّد صوان رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي لـ نينار برس: لا يزال النظام السوري الجديد يعاني من الانقسامات السياسية والمجتمعية (2-4)
لا يمكن فهم الوضع السياسي السوري العام خارج فهم احتياجات فئاته السياسية المختلفة ومكوناته العديدة، هذا ما تسعى إليه صحيفة نينار برس من خلال حواراتها الصحفية مع صانعي الرأي العام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد.
نينار برس طرحت أسئلتها التالية على السيد محمّد صوّان رئيس حزب الإصلاح الوطني الديمقراطي. وقد جاءت إجاباته واسعة ومفصّلة، وارتأينا نشرها كما هي:
السؤال الثاني
يرى عدد من مراقبي الوضع السوري في ظل العهد الجديد إن اعتداءات اسرائيل على سورية وتوغل قواتها في الجنوب السوري غايته منع حكومة الشرع من تعميق تعاونها العسكري والأمني والاقتصادي مع تركيا إضافة إلى دفع هذه الحكومة تحت الضغط العسكري إلى الرضوخ لإملاءات اسرائيل بفرض التطبيع.
هل تستطيع سورية بعد تشكيل الحكومة الانتقالية التغلب على الاعتداءات عبر حشد التأييد للحكومة عربيا ودولياً؟ وهل تعتقد أنّ التحالف التركي السوري سيستطيع مواجهة العنجهية العدوانية الاسرائيلية عبر اتفاقات تعاون بينهما أمنياً وعسكرياً واقتصادياً؟ هل لديكم وجهة نظر أخرى حول هذا الملف؟
هدف إسرائيل منع سورية من عقد تحالفات
يجيب الأستاذ محمد صوان على سؤالنا الثاني فيقول:
شكراً لكم على هذا السؤال المهم الذي يعكس التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه سورية في ظل المستجدات الإقليمية. لنقم بتحليل الوضع بشكل مفصل:
1. الاعتداءات الإسرائيلية وتأثيرها
- استراتيجية الاعتداءات: تستهدف إسرائيل عبر اعتداءاتها على سورية تقويض قدرتها على بناء تحالفات استراتيجية مع دول مثل تركيا. هذه الاعتداءات تأتي في إطار حرص إسرائيل على منع أي توازن قوى يتعارض مع مصالحها الأمنية.
- الأهداف العسكرية: تشن إسرائيل سلسلة من الهجمات الجوية على مواقع عسكرية سورية ، حيث ترى في ذلك وسيلة للمحافظة على تفوقها العسكري في المنطقة. ولتحرم الجانب السوري من قدراته العسكرية الاستراتيجية التي ورثها عن النظام الساقط. وتفويت فرصة الرد عليها.
- التأثير على نوازع القوة الإقليمية: تعكس الاعتداءات مخاوف إسرائيل من تعميق أي تعاون عسكري سوري مع دول مثل تركيا، حيث من الممكن أن تُنتج هذه التحالفات توازناً للقوى يهدد مصالحها.
- الضغط على الحكومة السورية: تشير التحليلات إلى أن الضغط العسكري الإسرائيلي قد يُستخدم كوسيلة لإجبار الحكومة السورية على اتخاذ مواقف تتناسب مع رغبات إسرائيل، بما في ذلك التطبيع.
- فرض التطبيع: هناك تقديرات بأن الضغوط العسكرية تهدف إلى دفع الحكومة الجديدة نحو القبول بعمليات تطبيع مع إسرائيل.
- تخفيض القدرات الرسمية: الاعتداءات المستمرة تُضعف من القوة العسكرية للنظام السوري الجديد وقدرته على الرد، مما قد يخلق حالة من اليأس والتذمّر الشعبي يُعزز الدوافع لإبرام اتفاقات لا تتماشى مع مصالح الشعب السوري.
2. فرص سورية بعد تشكيل الحكومة الانتقالية
- حشد التأييد العربي والدولي: إذا تمكنت الحكومة الانتقالية من تقديم رؤية موحدة وجذابة تتعلق بالمصالحة والاستقرار، فقد تفتح أبواب دعم عربي ودولي. يتطلب ذلك التركيز على القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان كجزء من سياستها الخارجية.
- استراتيجية العلاقات: بعد تشكيل الحكومة، يجب أن تعمل على اختيار استراتيجيات دبلوماسية فعالة تركز على بناء علاقات طيبة مع جيرانها والدول الكبرى، مستفيدة من شعارات السيادة الوطنية وعدم التدخل.
- تركيز على القضايا الإنسانية: يجب دمج القضايا الإنسانية في أي مفاوضات، مثل دعم اللاجئين، إعادة الإعمار، وحقوق الإنسان. ذلك يمكن أن يجذب الدعم الدولي ويعزّز من مصداقية الحكومة.
- تقييم الموقف العربي: قد يكون من الصعب على الدول العربية تقديم الدعم الفعال في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية في ظل التوترات الحالية. ومع ذلك، يمكن تعزيز العلاقات مع بعض الدول التي قد تدعم سورية في هذا الملف لو تم التصدي للانتهاكات بشكل واضح.
- الدعم المتفاوت: بينما قد تقدم بعض الدول الدعم لسورية، قد تتردد أخرى بسبب المخاوف من العلاقة التركية – السورية. تحسين العلاقات مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية يمكن أن يكون له أثر إيجابي.
- الاستفادة من تغير السياسات: تغير المواقف بين الدول العربية تجاه النظام السوري الجديد قد يفتح المجال فعلياً لمزيد من الدعم، ولكن ذلك يتطلب تحمّل المسؤوليات الخاصة والالتزام بالمبادئ الديمقراطية.
3. التحالف التركي السوري
- إمكانية التعاون: في حال وجود تحالف فعال بين تركيا وسورية، قد يكون هناك تأثير إيجابي على الوضع الأمني. التعاون الأمني والعسكري يمكن أن يشمل تبادل المعلومات ومحاربة التهديدات المشتركة، بما في ذلك العمليات الإسرائيلية.
- فرص التعاون الأمني: مع التهديدات المشتركة (مثل الفصائل المسلحة الكردية ونشاطات الجماعات الإرهابية)، يمكن أن يتعاون البلدان في تقديم معلومات الاستخبارات، وتنسيق الجهود لاحتواء هذه المجموعات.
- التحديات: نحن بحاجة إلى النظر في تعقيدات العلاقات التركية السورية، حيث تختلف مصالح البلدين. لا بد من توفر إرادة سياسية قوية من كلا الطرفين لتحقيق تعاون ملائم.
- مخاوف الهوية الوطنية: تعود بعض التوترات إلى المخاوف من السياسة التركية تجاه الأكراد في شمال سورية. يُعتبر هذا تحدي كبير للحكومة السورية التي تسعى إلى إعادة توحيد البلاد.
- التوازن بين المصالح: يجب على كل من تركيا وسورية التوصل إلى موازنة بين مصالحهم، حيث تتجه السياسة التركية نحو حماية أمنها الداخلي، بينما تسعى سورية لاستعادة سيادتها على أراضيها.
4. وجهة نظر أخرى حول الملف
- السياسة المستقلة: تحتاج سورية إلى سياسة خارجية تعتمد على مبدأ الاستقلال وعدم الخضوع للضغوطات الإقليمية والدولية. وبناء علاقات متعددة الأبعاد مع مختلف القوى الإقليمية والعالمية يمكن أن يساهم في تعزيز موقفها.
- التحرر من الضغوطات: ينبغي على الحكومة السورية السعي إلى إقامة سياسة خارجية تعمل على حماية مصالحها بعيداً عن إملاءات القوى الخارجية، من خلال تبنّي مبدأ عدم الانحياز.
- تعزيز دبلوماسية متعدّدة الأبعاد: ينبغي خلق تحالفات مع دول غير تقليدية قد تساهم في دعم سورية مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، مما يسمح ببناء سياسة متوازنة.
- تعزيز القدرات العسكرية: ينبغي على الحكومة السورية العمل على إعادة بناء قوتها العسكرية وتحديثها، مما قد يؤدّي إلى ردع أي اعتداءات مستقبلية وتحسين وضعها على الساحة الإقليمية.
- تحديث القوة المسلحة: ينبغي الاستثمار في تحديث القوات المسلحة السورية، من حيث التدريب والتسليح، ليكون لديها القدرة على الرد على أي تهديدات، بما في ذلك الاعتداءات الإسرائيلية.
- تعزيز الدفاع المدني: يجب أيضاً إعطاء الأولوية للدفاع المدني، من خلال بناء بنية تحتية للتعامل مع الكوارث والأزمات، مما سيوفر مزيداً من الأمان للمواطنين.
في النهاية، تواجه سورية تحديات كبيرة، والتحديات متداخلة ومعقدة، لكن إذا تم تبني رؤية استراتيجية واضحة تتضمن حشد التأييد العربي والدولي وتعزيز التعاون مع الحلفاء، فقد تتمكن من تجاوز العقبات. يحتاج الأمر إلى رؤية جماعية تتجاوز الاختلافات الفصائلية والتمسك بمصالح الوطن.
ومع ذلك فإن احتراف العمل بالهندسة السياسية الصحيحة يمكن أن تعزّز من استدامتها وتساعدها على مواجهة هذه التحديات. تركيز الحكومة السورية على الدبلوماسية الفعالة، وتطوير التحالفات، وتعزيز القدرات العسكرية يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً.