
مؤتمر الحوار الوطني وعوامل الصراع على سوريا
بدايةً، من الموضوعية والمصداقية الاعتراف بأن آليات تشكيل والأهداف المرجوة من “مؤتمر الحوار الوطني”، الذي تم تشكيل لجنته التحضيرية بقرار من الرئيس المكلف يوم الأربعاء 12 فبراير الجاري[1]، لن تجعل منه أكثر من “منصة” لتداول الأفكار وجس نبض الشارع، وتقديم بعض التطمينات المعنوية للسوريين، ورفع بعض الملاحظات والاقتراحات للقيادة حول أطروحات برنامج الرئيس السياسي. لن تكون هذه الآليات فاعلة في تشكيل مؤسسات الحكم خلال المرحلة الانتقالية، أو في وضع أسس الدولة السورية الجديدة، ولن تتجاوز السقف الذي وضعته قرارات “مؤتمر النصر” الفصائلي في 29 يناير. كان المؤتمر يُفترض أن يكون المحطة النوعية الثانية بعد إسقاط سلطة الأسد في الثامن من ديسمبر.
المتابع لأطروحات وإجراءات مسار “المؤتمر الوطني”، كما جاءت في تصريحات أحمد الشرع قبل 29 يناير، يدرك طبيعة ما حدث في حيثيات ومخرجات “مؤتمر النصر” من تغيير نوعي غيّر شكل وجوهر “مؤتمر الحوار الوطني” والعملية السياسية الانتقالية.
التساؤل الأولي:
ما هي طبيعة تلك التغييرات وتأثيرها على العملية السياسية؟
في اللقاءات الصحفية الأولى، أكد الشرع أنه يسعى لعقد “مؤتمر تأسيسي” جامع، يقوم بدور برلمان مؤقت، ويتخذ القرارات التي ترسم الخطوط العامة لآليات الانتقال السياسي بين المرحلة المؤقتة والانتقالية على جميع مستويات الحكم[2]. وفقاً لتلك الرؤية السياسية، حصلت خطوات وإجراءات على صعيد الحوار، وتم تحديد هوية معظم المشاركين. وكان من المقرر انعقاد المؤتمر بين 4-5 فبراير، قبل مؤتمر النصر في 29 يناير، لكنه لم يُعقد!
إذا كان المؤتمر التأسيسي قد تأجل، وتم تعطيله وإلغاؤه، وأصبح “مؤتمر الحوار الوطني”، في مسار وآليات عمل اللجنة الحالية وما يمكن أن تصدر عنه من توصيات، يمثل انقلاباً على نهج سياسي سابق (بالمقارنة مع ما كان يمكن أن يتحقق من قرارات ولجان عمل في مسارات وإجراءات ونتائج “المؤتمر التأسيسي”)، فإن التساؤلات التي تطرح نفسها هي:
- هل ترتبط الأسباب الرئيسية التي قطعت مسار الحوار التأسيسي، وغيرت آليات ونهج الانتقال السياسي، بطبيعة التناقضات داخل “المؤسسة العسكرية” المهيمنة، وتتحمل وحدها المسؤولية؟.
- هل جاءت التغييرات الانقلابية (التي تجلت طبيعتها الإقصائية بعدم مشاركة قيادة “قسد” في مؤتمر النصر، وبالتالي المشاركة الفاعلة في المؤتمر التأسيسي، والتشاركية في مسارات عملية الانتقال السياسي)، في إطار حالة المواجهة مع قسد، أم في سياق “تسوية” حددت طبيعة وجود ومستقبل “إقليم شمال وشرق سوريا الديمقراطي” في إجراءات وسياقات العملية السياسية الانتقالية، وجهود رسم شكل النظام السياسي السوري الجديد؟.
- إذا كان ما حدث قد تم في إطار صفقة، وكان من الطبيعي أن تحصل بالتنسيق مع السعودية، وتحالف القوى الداعم لقسد في “الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”، فهل جاءت بالتوافق مع تركيا؟.
- إذا كانت الصفقة مع قسد وحول الكانتون “الديمقراطي” قد رسمت خارطة السيطرة المستقبلية على سوريا، فهل تضمنت تحديد مستقبل مناطق عدم الاستقرار الأخرى، في الجنوب والساحل؟.
- هل ترتبط حيثيات ومخرجات مؤتمر مناع الديمقراطي بنتائج وآليات تنفيذ الصفقة؟
من المؤسف أن هذه التساؤلات الجوهرية، وما تتطلبه من إجابات موضوعية، وما تستحقه من اهتمام، لا تأخذ مكانها في أطروحات ووعي ونشاط النخب السياسية والثقافية الوطنية!
شخصياً، أعتقد وفقاً للمعطيات الموضوعية أن أبرز العوامل التي غيرت مسارات انعقاد “مؤتمر تأسيسي” يقوم بوظائف برلمان سوري ويجنب العملية السياسية مخاطر الرضوخ لشرعية العسكر الثورية، تمثلت برفض قيادة قسد، المدعومة أوروبياً وأمريكياً وإقليمياً، التجاوب مع إجراءات وزارة الدفاع السورية، وما نتج عنه من عدم الاتفاق حول مشاركة وتمثيل قسد والأكراد (الذين نسقت وتضامنت أحزابهم السياسية، خاصة “المجلس الوطني الكردي” مع قسد برعاية “المرجعية التاريخية” في أربيل!) في المؤتمر. وهو ما تسبب في تأجيل المؤتمر مراراً على أمل إزالة عقبة التوافق مع قسد[3]. وقد شكل ما رافقه من ضغوط وإملاءات من “حلفاء” قسد على أحمد الشرع وقيادة الإدارة السياسية الجديدة من أجل توفير شروط “الشرعية”، العامل الرئيسي في أن يكون “المخرج” عبر الفصائل الثورية التي أنجزت خطوة النصر، وفي إطار توافقها!
عوضاً عن العمل على التوافق من منظور شروط وزارة الدفاع السورية الجديدة، وموجبات بناء مؤسسات الدولة الوطنية الموحدة، خاصة على صعيد مؤسسة الجيش، وتنسيق المشاركة الفاعلة في المؤتمر التأسيسي، ذهبت قيادة قسد وجنرالها “مظلوم عبدي” في مفاوضات “شراء الوقت”، ونهج وضع الشروط المضادة المستحيلة من منظور بناء مؤسسات الدولة الموحدة، على أكثر من مستوى، سعياً لتحقيق هدف مركزي:
“التشكيك بشرعية السلطة الجديدة وقائد المرحلة المؤقتة[4]، وتحشيد قوى وأوراق تفشل جهودها، تمهيداً لإسقاطها، لصالح مشروع تقسيم سوريا الذي تعمل عليه تحت شعارات اللامركزية والديمقراطية، وبدعم من طيف واسع من النخب “الديمقراطية” السورية، وحكومات الدول الديمقراطية.”
لتحقيق هذا الهدف المركزي، عملت قيادة قسد سياسياً على أكثر من صعيد ومستوى، سورياً وإقليمياً ودولياً:
أ- على الصعيد الأمريكي:
عملت على التواصل مباشرة مع فريق ترامب، واستخدام أوراق ضغط اللوبي القسدي في واشنطن، من أجل التأكيد على ضرورة التزام ترامب بالوعود التي قطعتها إدارته خلال 2019 لمنع تركيا من مهاجمة مناطق الإقليم وإسقاط سلطة قسد، والحصول على دعم وحضور عسكري، خاصة في معركتها على منطقة كوباني، وتعهدات جديدة بعدم انسحاب القوات الأمريكية التي تشكل مظلة الحماية الرئيسية.
ب- على الصعيد الأوروبي:
استغلت تطلعات فرنسية وألمانية للحصول على مناطق نفوذ في ما كان “حصّة الأسد” الهارب، واستنفرت “اللوبي الديمقراطي السوري” الناشط على امتداد ساحات وعواصم أوروبا (مجموعة تيارات وأحزاب وشخصيات سورية، عملت لصالح مشروع قسد، وعلى مستويات حكومية وأهلية من أجل تحشيد موقف حكومي أوروبي ورأي عام سوري داعم لمشروع قسد “اللامركزي”، ووضع ضغوط على قيادة أحمد الشرع من أجل القبول بشروط قسد، والعمل على إضعاف مشروعيتها الوطنية والسياسية لدى طيف واسع من الرأي العام السوري). وقد شهدت بعض عواصم أوروبا مظاهرات حاشدة مؤيدة.
ج- على الصعيد السوري:
صفحات وهمية يديرها أنصار قسد، وتقوم بحملات إعلامية مركزة، تسعى لإقناع السوريين بعدم أهلية السلطة الجديدة، وأن البديل هو في “الفدرالية العلمانية”، وإقناع “العلويين” بأنهم مستهدفون كطائفة، وتدعوهم لطلب الحماية! إضافة إلى ذلك، هناك مساع حثيثة لقيادة قسد من أجل “التشبيك” مع شركاء في الساحل، وقد عُقدت عدة لقاءات مع البعض لتنسيق الجهود المشتركة.
لا يسعنا أن نختم هذه المقاربة، التي حاولت الكشف عن طبيعة المخاطر التي تستهدف الكيان السوري، ووحدة الشعب والجغرافيا، وبالتالي جهود بناء مؤسسات الدولة الوطنية الموحدة، بالمزيد من التساؤلات المشروعة:
إذا كنا ندرك تماماً أنه ليس من مصلحة السوريين إفشال مساعي إدارة العهد الجديد أو العمل على إضعافها، وأن من واجب ومسؤولية النخب الوطنية بذل كل المساعي لإيصال صيرورة بناء المشروع السياسي إلى خواتيم أهدافه الوطنية، فإننا نحذر من عواقب الفشل إذا لم تحصل أوسع مشاركة للسوريين في دفع المسارات على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة.
إذا كان من المستحيل على قيادة المرحلة الانتقالية، والرئيس الشرع شخصياً، مواجهة تحديات المرحلة الداخلية دون التنسيق مع القوى الفاعلة إقليمياً وأوروبياً وأمريكياً (مع إدراك المفارقة أنها داعمة لمشروع قسد، وتتوافق مصالحها مع تثبيت عوامل “الدولة الفاشلة”)، فكيف يمكن لها أن تبني شروط الاستقلال الوطني ومرتكزات الدولة القوية، القادرة مستقبلاً على فرض مصالحها الوطنية على الجميع، دون مشاركة الوطنيين السوريين الحقيقية والفاعلة في جهود بناء مؤسسات دولة العدالة، والمواطنة المتساوية؟!.
[1]– أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قراراً بتشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني. جاء في القرار:
“استناداً للمصلحة الوطنية العليا، وتلبية لضرورات هذه المرحلة التاريخية، وبما يضمن تطلعات الشعب السوري، فإننا، رئاسة الجمهورية العربية السورية، نقرر ما يلي:
أولاً: تشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني.
ثانياً: تكليف السيدات والسادة التالية أسماؤهم بعضوية هذه اللجنة: حسن الدغيم، ماهر علوش، محمد مستت، مصطفى الموسى، يوسف الهجر، هند قبوات، هدى أتاسي.”
ووفقاً لبيان الرئاسة، تقر اللجنة نظامها الداخلي، وتضع معايير عملها بما يضمن نجاح الحوار الوطني، على أن ينتهي عملها بمجرد صدور البيان الختامي للمؤتمر.
إذا كان الحوار يمثل ضرورة وطنية، فكيف يكون وطنياً، وعلى أرضية ووعي برامج سياسية تمثيلية، إذا كانت “هيئة تحرير الشام” تحتكر الإدارة، وتصر على دعوة الأفراد دون الأخذ بعين الاعتبار الأحزاب والقوى السياسية وبرامجها التنافسية؟
الإصرار على دعوة الممثلين كأفراد، وليس كتيارات وبرامج سياسية، أو حتى كقوى مجتمع مدني، يحرم المؤتمر من طابعه التمثيلي الوطني ويقصي قوى وطنية حقيقية شاركت في الثورة، وناضلت طوال عقود في مواجهة سلطة الأسد، وبالتالي يجردها من وزنها في تمثيل السوريين.
علاوة على ذلك، إقصاء الشخصيات السياسية الوطنية سيدفع قسماً كبيراً من الشعب السوري إلى الاحتماء بصيغ ما قبل الدولة، ما قبل المدنية، والعودة إلى الدين والمجتمع العشائري والقبلي، والتحصن خلف طوائفهم… ويساهم في جهود دفع السوريين لتقبل قوى وأفكار التقسيم اللاوطنية، التي لا تعيق نجاح جهود العملية السياسية فحسب، بل وتهدد الأمن القومي السوري!” (نزار بعريني)
“صدر مؤخراً عن الإدارة الجديدة عدد من القرارات والخطوات الإجرائية، ومنها تشكيل لجنة تحضيرية لإطلاق الحوار الوطني، وكذلك عن قرب تشكيل لجنة تحضيرية أخرى لاختيار أعضاء مجلس تشريعي مؤقت. كما أعلن الرئيس السوري عن تشكيل الحكومة الانتقالية، وكذلك الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية. ومع ترحيبنا بهذه الخطوات التأسيسية على طريق بناء الدولة السورية، إلا أننا نستشعر القلق إزاء الغموض المفتوح على العديد من التساؤلات التي تستدعي التوجس من هذه الخطوات المتسرعة، التي لا تدل في عمقها على أنها تقيم وزناً للحوار ولا لنتائجه، ولا لأهمية وجود مرجعيات تشرعنها وتستند إليها.
فتشكيل لجنة الحوار، وما انطوت عليه تركيبتها من انغلاق وأحادية، بديلاً عن الانفتاح على الشخصيات الوطنية ذات الظل العالي والحيثية المجتمعية البارزة، ومن ذوي الكفاءات والمختصين بالقضايا السياسية والإدارية والتنظيمية، يثير التساؤلات.
وإذا كان تشكيل الحكومة الانتقالية وكذلك المجلس التشريعي المؤقت على أهميتهما، لن يخرجا إلى النور من قاعات الحوار الوطني، ولا من صلب قراراته ومناقشاته، فما هي القيمة المتبقية أمام هذا الحوار الوطني؟! خاصة بعد أن أعلن الرئيس الشرع أن مؤتمر الحوار تنتهي مهمته بمجرد أن يصدر بيانه الختامي، ويقدم عدداً من التوصيات يمكن للإدارة أن تستأنس بها. فمخرجات الحوار لا تتعدى وظيفتها تقديم الرؤى والمشورة غير الملزمة. ونفس الكلام يمكن أن نقوله عن مجلس تشريعي مؤقت؛ هو أشبه بلجنة مستشارين للرئيس. وهكذا يصبح الحرص على مؤتمر الحوار الوطني حرصاً شكلياً، لا نجد له أهمية ودوراً فاعلاً على أرض الواقع.
حيث من المفترض أن يكون من مهام المؤتمر الوطني والحوارات التي تجري فيه، صياغة شكل الدولة العتيدة ووضعها في إطارها القانوني، تمهيداً لكتابة دستورها وانتهاءً بانتخاباتها. إلا أن الأمر الأكثر أهمية وحساسية أن هناك عدداً من القضايا الجوهرية وذات البعد الاستراتيجي في مستقبل البلاد؛ يحتاج إقرارها إلى تفويض شعبي يضفي عليها شرعيتها، حيث لا يجوز البت بشأنها إلا من قبل مجلس تشريعي منتخب؛ يجسد إرادة الشعب السوري وقواه السياسية والمجتمعية، ويحقق مصالحها وتطلعاتها. ومنها تشكيل الجيش السوري الجديد، ومستقبل الاقتصاد الوطني وطبيعته، إضافة إلى كل ملفات المرحلة الانتقالية؛ التي تتطلب إصدار تشريعات وقوانين خاصة، وعلى رأسها وجود مجلس أعلى للقضاء، ومحكمة دستورية عليا، وهيئة للعدالة الانتقالية، وهيئة إعادة الإعمار، والعديد من الهيئات الأخرى ذات الصفة التمثيلية.
بقي أن نتساءل: كيف يمكن للحكومة الانتقالية أن تتصدى لتشريع العديد من القرارات المصيرية دون أن يكون لها مرجعية شرعية ودستورية؟”(حزب الشعب الديمقراطي)
[2]– “المؤتمر الوطني سيكون جامعاً وشاملاً لعدد كبير من مكونات المجتمع السوري. نحن في هذا المؤتمر، سنشرح القضية السورية، نشرح كل المعطيات التي تكلمنا في بعضها، ثم نترك القرار عند المؤتمرين الذين يصوتون على القضايا الهامة والحساسة التي ستؤسس للمرحلة الانتقالية.” (الرئيس أحمد الشرع)
وكان الشرع قد كشف في مقابلة مع “العربية الحدث” أن عدة مواضيع ستُطرح خلال هذا المؤتمر الجامع الذي سيعقد في العاصمة دمشق، منها حل “هيئة تحرير الشام” التي يتزعمها، وغيرها من الفصائل المسلحة بما فيها “قسد”، وضمها إلى وزارة الدفاع، فضلاً عن مناقشة مسألة الدستور والانتخابات وغيرها.
في السياق نفسه، نقلت قناة “الجزيرة” القطرية عن مصادر قولها إن تأسيس هيئة عامة لاختيار الحكومة الانتقالية المقبلة سيكون على جدول أعمال مؤتمر الحوار، وقد ينتج عن المؤتمر تشكيل حكومة انتقالية يحدد مدتها التوافق الوطني الذي سيخرج به المؤتمر. وأشارت إلى أن الحكومة المقبلة لن تؤسس على المحاصصة الطائفية أو الدينية أو السياسية، بل على الخبرات والتكنوقراط.
وقالت إنه ستتم مناقشة آليات تشكيل لجان تنفيذية لاختيار الحكومة واللجان التشريعية وآليات عملها. النقاش مفتوح لتشكيل هيئة استشارية تضم ممثلين عن المحافظات وتنوب عن البرلمان، وسيتم تجميد العمل بدستور عام 2012 بعد الاتفاق على مبادئ دستورية للمرحلة الانتقالية.
وأشارت المصادر إلى أنه ستنبثق عن مؤتمر الحوار لجنة خبراء تعمل على صياغة دستور جديد، يُستفتى عليه الشعب. ولفتت إلى أن المؤتمر سيناقش ملف الحريات العامة والشخصية على أساس الحفاظ على خصوصية المجتمع السوري، والدعوة ستوجه لكل ممثلي المجتمع السوري للمشاركة في الهيئات واللجان التي ستنبثق عن المؤتمر.
مؤتمر الحوار الوطني، وفقاً لهذا المنظور، هو محطة تأسيس لعملية الانتقال السياسي، وهو بذلك مطلب شعبي وسياسي وقانوني ودولي. ويكتسب بتقديري تلك الأهمية على ثلاثة مستويات:
أ- يضع عملية الانتقال السياسي في سياقاتها الوطنية، التشريعية والتنفيذية.
ب- يختبر مدى قدرة هيئة تحرير الشام على إدارة عملية التحول السياسي، وحصولها على إجماع وطني في إدارة هذه العملية، لأنها هي من سيتصدر المشهد.
ت- يختبر مدى قدرة السوريين على امتلاك عملية الانتقال السياسي بأنفسهم، وفقاً لروح نص القرار 2254، ويبين طبيعة الرعاية الدولية لعملية التحول السياسي.
[3]– “ما تزال مسألة انضمام مناطق شرق الفرات إلى سوريا الجديدة مثار جدل دائر بين السلطات السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تسيطر على تلك المناطق. حيث يقول قادتها في العلن إنهم من حيث المبدأ مع وحدة الأراضي السورية، وأن (قسد) مستعدة للاندماج في الجيش السوري الجديد. لكنهم في نفس الوقت يضعون شروطاً مرفوضة من طرف الإدارة الجديدة، إضافة إلى أنهم لم يقوموا بأية خطوة تثبت ما يقولونه حول وحدة الأرض السورية وسيادتها. فهم يتصرفون وكأنهم يتحكمون في كيان خارج الإجماع السوري، من خلال استمرار فرض سيطرتهم على حوالي ثلث الأرض السورية، واستئثارهم بثروات تلك المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، حيث توجد فيها معظم حقول النفط والغاز الموجودة في سوريا.”(عمر كوش)
[4]– يعتقد طيف واسع من النخب السياسية والثقافية الوطنية أن ما حصل يُشكل عملية لشرعنة فرض سلطة هيئة تحرير الشام كسلطة أمر واقع في سوريا.
وصفت الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا “مؤتمر النصر”، الذي عقد مؤخراً في دمشق وجرى خلاله تنصيب أحمد الشرع رئيساً لسوريا للمرحلة الانتقالية، بأنه “غير قانوني”. مؤكدةً أن “السياقات التي تتم خارج إطار المؤتمر الوطني السوري، ودون مشاركة القوى السياسية والثورية والشعبية، تعتبر منقوصة”.
جاء ذلك في بيان صادر عن الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، يوم الأحد (2 شباط 2025)، أكدت فيه أن “عقد مؤتمر حوار وطني في سوريا، دون إقصاء أي من الأطراف أو المكونات السورية، هو الحل الأمثل لإنهاء حالة عدم الاستقرار التي تعيشها سوريا الآن.”