لا حلّ سياسياً في سوريا بغير إسقاط نظام المافيا الأسدي
يقف السوريون الذين يعيشون في مناطق النظام الأسدي على حافة مجاعة وانهيار كامل للحياة، فهذا النظام لم يعد يستطيع تأمين ضروريات الحياة، وفي مقدمتها الطاقة الضرورية للحياة اليومية.
لقد بدا منظر السوريين القادمين إلى دمشق، والمتجمعين بمركز انطلاق حرستا للسفر أقرب إلى الفجيعة، فهؤلاء وجلّهم من الطلبة الآتين لتقديم امتحاناتهم الجامعية، أصيبوا بيأس عميق، بأنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى جامعتهم، نتيجة عدم وجود وسائط نقلٍ توصلهم إلى مقاصدهم، بسبب فقدان المواد البترولية الضرورية لسيارات النقل العامة والخاصة.
هذا المنظر يمكن مشاهدته في المدن والمناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا أسد أمام الأفران، إضافة إلى طوابير الانتظار عند مواقف سيارات النقل العامة أو الخاصة، وهذا يعني إن النظام الأسدي عاجز كلّ العجز عن تأمين مستلزمات حياة الناس.
لقد تباهى من يُدعى وزير النفط والثروة المعدنية، بأن وزارته قادرة على تأمين المشتقات البترولية استيراداً، ولكن العائق أمام ذلك إن المصرف المركزي خاوٍ من العملات الصعبة (الدولار واليورو).
النظام الذي لديه احتياطيٌ قليل من المشتقات البترولية، يعمل على تهريب هذا الاحتياطي إلى تجار السوق السوداء، ليبيعها بأضعاف سعرها الطبيعي، وهذا يعني إن النظام غير معني بالناس الذين يحكمهم، والذين يشكّلون حاضنته الشعبية.
النظام من جهة أخرى فرض على موظفي الدولة تعطيل الدوام يومي 11 و18 من شهر كانون أول نتيجة فقدان المشتقات البترولية الضرورية للنقل والتدفئة، وهذا يكشف عمق المأزق الذي يحيط بالنظام، حيث يفشل في إدارة شؤون السكّان في مناطقه، نتيجة فساده الكبير، وحربه على الشعب السوري، التي عطّلت الاقتصاد الوطني في الصناعة والزراعة والخدمات والتجارة، فسوريا المفيدة التي تعتبر خزان البلاد من الثروات البترولية والزراعية بشقيها النباتي والحيواني باتت خارج نطاق حكمه وسيطرته.
نظام أسد نظامٌ مافيوي، وهو لم يفكّر منذ عهد الديكتاتور الأب بوضع خطط تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة للبلاد، كان همّه القبض على حياة البلاد السياسية والاقتصادية والثقافية، وتحويلها جميعاً إلى أدوات تثبيت لحكمه، ولهذا حوّل الدولة إلى دولة أمنية، وجعلها في تناقض شديد وصل إلى حدود العداء مع قطاعات الشعب السوري الواسعة، نتيجة إفسادها من خلال تعطيل مصالح الناس اليومية، حيث صارت الرشوة والعبث بأموال الدولة وقطاعاتها المختلفة شيئاً معتاداً، مما قتل روح المبادرة، وأشاع مبدأ الخلاص الفردي على حساب تطور المجتمع.
إن عجز نظام أسد عن تأمين احتياجات الناس اليومية، وازدياد الهوّة بين دخل المواطن السوري وبين أسعار السلع الضرورية لحياته المعاشية، سيزيد بالضرورة من عامل الحنق الشعبي لدى الناس، وهذا ظهر علناً في انتفاضة الأهل في محافظ السويداء، وظهر في مظاهرات شعبية في اللاذقية (حصن النظام)، رفع المتظاهرون فيها أرغفة الخبز بأيديهم عالياً، وكأنهم يقولون: “وصل البؤس حد المجاعة”، فمتى ستنتهي المأساة السورية التي صنعها النظام نتيجة فساده الهائل، وقمعه الشديد للشعب، وتدميره للبلاد وعوامل حياتها الاقتصادية.
السوريون في مناطق سيطرة النظام باتوا اليوم على قناعة إن النظام الأسدي لن يكون بمقدوره انتشال البلاد من حالتها المزرية، لأنه هو من خلق هذه الفاقة واليأس والرعب من الغد، وهم يزدادون حنقاً وغضباً على النظام، ويتهمونه صراحة بأنه نظام فاسد وعاجز ومتغطرس ولا علاقة له بغير النهب والسلب وهدر مقدرات البلاد لصالح الروس والإيرانيين الذين دعموا بقاءه في السلطة عبر دعمه عسكرياً ومالياً، والغاية تحويل سوريا إلى مستعمرة لهم.
السوريون في مناطق سيطرة نظام أسد باتوا يدركون إن الولايات المتحدة الأمريكية تنبهت الى خطر بشار الأسد كزعيم تجاره مخدرات دولي وطغمته القاتلة والفاسدة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، من خلال تصنيع وتهريب المخدرات وفي مقدمتها حبوب الكبتاغون السامة.
خطط ملاحقة الزعيم المافياوي الأسد وأعوانه ستتم بيد أمريكية، وذلك من خلال ما أطلق عليه (قانون مكافحة الكبتاغون الأسدي)، وهو قانون تمّ تمريره مع قانون الموازنة العامة للدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ساهم الأمريكيون السوريون في تحويل الأنظار إلى خطورة حرب أسد على شعبه والتي يغذيها من تدمير الشعوب بالمخدرات، وهذا يشكّل خطراً استراتيجياً على الولايات المتحدة، سيما بعد أن اجتاحت حبوب الكبتاغون الأسدي أوربا وآسيا.
لقد قال السيناتور الجمهوري فرينش هيل: “إن نظام الأسد في سوريا أصبح الآن دولة مخدرات، وإن المركز الحالي لتجارة المخدرات هو في الأراضي التي يسيطر عليها نظام الأسد، والآن سيضيف أسد لقب (ملك المخدرات) إلى صفته العالمية المعترف بها باعتباره (قاتلاً لشعبه)”.
والسوريون جميعًا في أمريكا والخارج والداخل السوري يأملون أن تثابر ادارة الرئيس بايدن على استكمال الخطوات الضرورية لانجاز ولتفعيل قانون الكبتاجون لمحاسبة زعيم عصابة المافيا الدولية في سورية بشار الأسد، وينتظرون التطبيق الفعلي له ويتطلعون قدماً لنتائجه الكارثية المجلجلة عليه. ويأمل السوريون أيضاً أن تلتزم إدارة بايدن جديًا به، ولا تتفتق قريحة البعض من مسؤوليها كالسيد ماكغورك في اختراع الأعذار، والتفنن تحت حجج واهية في وضع هكذا قانون مهم، والذي لا يقل بأهميته عن قانون قيصر، في الدرج. إن الولايات المتحدة دولة قانون ومؤسسات قانونية ذات مصداقية، لذلك وجب على إداراتها في البيت الأبيض إثبات ذلك.
أيام حكم أسد باتت تضيق، وتحديداً بعد وضعه في سلّم العقوبات الأمريكية، فالعالم يتوقع أن تقوم الوكالات الأمريكية بجرّ أسد إلى المحاكم الدولية بعد أن يصبح (قانون الكبتاغون الأمريكي نافذاً) لارتكابه جرائم لم يشهد العصر لها مثيلاً.
الشعب السوري في مناطق سيطرة نظام أسد يتحفّز للانتفاض على هذا النظام المرعب، فلقد انكشفت لدى حاضنته أكاذيبه بأنه يتعرّض لحرب كونية، في وقت هو من يشنّ الحرب على السوريين ودول الإقليم بوسائل مختلفة منها القتل والتدمير، ومنها ترويج المخدرات.
فهل نتوقع قريباً من ينهض من عمق هذا النظام ويقلب الطاولة على رأس أسد وطغمته، أم إن الشعب السوري لم يبق أمامه سوى إسقاط ومحاسبة هذه المافيا الفظيعة التي دمّرت كل شيء في سوريا، وأولها تدمير الإنسان السوري.