كيف يدار اقتصاد الدولة – مفاهيم ومصطلحات أساسية
يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورنا على الاقتصاد العالمي والاقتصاديات المحلية وما تبعها من انخفاضات تاريخية في أسعار النفط ودخول الاقتصاد العالمي في مرحلة الكساد وعلى هذا تكثر الأسئلة والاستفسارات من غير المختصين عن المفاهيم الاقتصادية الأساسية وكيفية إدارة الدول لاقتصادها في ظل الأزمات وحتى في الأحوال العادية.. لذا سنتعرض في هذا المقال أهم مفاهيم ومصطلحات الاقتصاد الكلي بشكل مبسط ومفهوم للقارئ العادي:
- في البداية يقسم علم الاقتصاد إلى قسمين أساسيين:
اقتصاد جزئي واقتصاد كلي
- الاقتصاد الجزئي (microeconomics):
يهتم بسلوك المستهلك في معرفة كيفية توزيع إنفاقه بين السلع المختلفة بحيث يحقق أقصى إشباع ممكن في حدود دخله (أي كيفية توزيع الدخل بين الاستهلاك والادخار).
- الاقتصاد الكلي (macroeconomics):
يهتم بالأداء الاقتصادي للدولة ككل. فهو لا يركز على صناعة محددة ولكن على صناعة السوق فهو يركز على، دراسة مجموعة متنوعة من الظواهر على نطاق الاقتصاد العام مثل التضخم ومستويات الأسعار، معدل النمو، الدخل القومي، الناتج المحلي الإجمالي، التغيرات في أوضاع سوق العمل والآثار المترتبة على الصادرات والواردات، ومستوى البطالة… الخ
ولكي نفهم الاقتصاد الكلي علينا فهم مجموعة من المفاهيم والمصطلحات الأساسية:
1- الناتج المحلي الإجمالي (GDP): ويعتبر المؤشر الأساسي المتبع حالياً في قياس قوة اقتصاد الدول. وهو عبارة عن القيمة السوقية لكل السلع النهائية والخدمات التي يتم إنتاجها في دولة ما خلال فترة زمنية محددة. وهذا يأخذنا لمصطلحات شقيقة لهذا المصطلح وأهمها:
- الناتج القومي الإجمالي (Gross national product) هو مقياس لحجم الإنتاج الاقتصادي من السلع والخدمات من موارد مملوكة من قبل سكان منطقة معينة في فترة زمنية ما (حتى وإن كان هذا الإنتاج الاقتصادي يتم خارج هذه المنطقة). وهو أحد المقاييس التي تستخدم لقياس الدخل القومي والمصروفات العامة للدول.
- الدخل القومي الإجمالي (GNI) يضم القيمة لجميع السلع والخدمات التي تم إنشاؤها داخل بلد ما في سنة واحدة (أي، في الناتج المحلي الإجمالي)، جنباً إلى جنب مع إيراداتها الصافية الواردة من بلدان أخرى (ولا سيما الفوائد وأرباح الأسهم).
- الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد: يسمى أيضا بـ “حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي”، وهو الناتج المحلي الإجمالي للدولة مقسوماً على عدد السكان.
- طرق حساب الناتج المحلي الإجمالي؟
توجد ثلاث طرق يمكن من خلالها تحديد الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما، لكن مع ذلك فإن نتائج طريقة القياس لابد أن تكون واحدة.
1- نهج الإنفاق (Expenditure Approach)
2- نهج الدخل (Income Approach)
3- الإنتاج أو نهج القيمة المضافة (Production or Value-Added Approach)
وسنشرح أكثر طريقة مستخدمة وهي الطريقة الأولى: طريقة نهج الإنفاق
وهي تعتمد على الأموال التي تنفقها مجموعات مختلفة تشارك في الاقتصاد.
ووفقاً لهذه المعادلة، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو حاصل مجموع الاستهلاك والنفقات الحكومية والاستثمارات وصافي الصادرات.
أي أن الـ “GDP” يساوي مجموع 4 مؤشرات وهي “C” و”G” و”I” و”NX”.
وتعني “C” أو “Consumption” الاستهلاك أو مجموع نفقات المستهلكين الخاصة داخل اقتصاد بلد ما بما في ذلك السلع المعمرة (السلع التي يتوقع أن يدوم استهلاكها لأكثر من ثلاث سنوات) والسلع غير المعمرة (التي تتضمن الغذاء والملابس) إضافة إلى الخدمات.
أما الـ”G” أو “Total Government Expenditures” فهي تعني إجمالي النفقات الحكومية بما في ذلك مرتبات موظفي الحكومة وتشييد أو إصلاح الطرق فضلاً عن المدارس العامة والمعدات العسكرية.
في حين ترمز الـ “I” أو “Investments” إلى مجموع استثمارات البلد التي تم إنفاقها على المعدات الرأسمالية والمخزونات والإسكان.
بينما تشير “NX” أو “Net Exports” إلى صافي صادرات دولة ما أو إجمالي صادراتها بعد خصم إجمالي وارداتها.
- مجموعة الدول العشرين ويقصد هنا أكبر 20 اقتصاد في العالم من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي وهي في الحقيقة 19 دولة + الاتحاد الأوربي وهي على الترتيب كالتالي لعام 2019:
الترتيب |
الدولة |
حجم الناتج المحلي بالدولار الأمريكي |
1 |
الولايات المتحدة الأمريكية |
21.4 ترليون |
2 |
الصين |
14.1 |
3 |
اليابان |
5.15 |
4 |
ألمانيا |
3.86 |
5 |
الهند |
2.94 |
6 |
بريطانيا |
2.74 |
7 |
فرنسا |
2.71 |
8 |
إيطاليا |
1.99 |
9 |
البرازيل |
1.85 |
10 |
كندا |
1.73 |
11 |
روسيا |
1.64 |
12 |
كوريا الجنوبية |
1.63 |
13 |
أستراليا |
1.38 |
14 |
المكسيك |
1.27 |
15 |
إندونيسيا |
1.11 |
16 |
السعودية |
779.3 مليار |
17 |
تركيا |
743.7 |
18 |
الأرجنتين |
445.5 |
19 |
جنوب أفريقيا |
358.8 |
طبعاً الناتج المحلي الإجمالي لا يعكس مدى القوة الشرائية أو متوسط دخل الفرد ولامدى رفاهية سكان تلك الدول ولكنه يعكس حجم الإنتاج الكلي للدولة بغض النظر عن عدد سكانها.
فمثلا لوأخذنا دولة مثل الصين حيث تعتبر ثاني اقتصاد في العالم لكن متوسط دخل الفرد فيها لا يتجاوز الـ 10000 دولار سنوياً ويعد من أدنى مستويات الدخل في العالم.
وأيضاً مقياس الناتج المحلي الإجمالي لا يعكس حجم مديونية تلك الدول أو غيرها فنجد دولة مثل إيطاليا ترتيبها الثامن وحجم الدين العام فيها 2.3 ترليون دولار أي ما يعادل 150% من حجم الناتج المحلي وكذلك اليابان: حيث يشكل 238% من الناتج المحلي يعني بعبارة بسيطة حتى تسدد اليابان ديونها الداخلية والخارجية تحتاج أن تدفع كل الدخل القومي لعامين ونصف تقريباً.
2- الدين العام:
هي الأموال التي تقترضها الحكومة من الأفراد والمؤسسات لمواجهة أحوال طارئة ولتحقيق أهداف مختلفة وذلك عندما لا تكفي الإيرادات العامة لتغطية النفقات العامة التي تتطلبها هذه الأحوال الطارئة، مثل الحرب وحالة التضخم الشديد، ولتمويل مشروعات التنمية ولمواجهة النفقات الجارية العادية
3- معدل النمو: ونقصد به معدل الزيادة في الناتج المحلي من فترة زمنية الى أخرى والتي تكون في الغالب سنة.
4- مستوى التضخم:
الزيادة العامة في مستوى الأسعار، ما يؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائية للعملة، وهو زيادة في حجم الكتلة النقدية في السوق، والذي ينتج عنه فقدان للقيمة الحقيقيّة للعملات، ويقابله ارتفاع في سعر السلع، والخدمات في الأسواق التجاريّة. ويجب أن يكون ارتفاع الأسعار بوتيرة تصاعدية ودائمة وليس طارئة حتى نعتبر الحالة تضخماً.
ويتم حساب معدل التضخم بشكل شهري وسنوي. ويقوم به جهاز الإحصاء القومي في الدولة.
حساب «التضخم الشهري» من خلال قياس نسبة التغير في أسعار السلع الاستهلاكية في نهاية الشهر بالشهر السابق له، بينما يتم قياس معدل «التضخم السنوي» من خلال مقارنة الشهر الذي يتم حساب التضخم له بنفس الشهر من العام الماضي، ويتم استخدام رقم قياسي موحد لمتوسط أسعار السلع والخدمات باستخدام أسعار المستهلكين أو أسعار المنتجين.
5- الانكماش: عبارة عن انخفاض متواصل في أسعار السلع والخدمات في جوانب اقتصاد الدولة كافة ، وهو عكس التضخم المالي، وأسوء منه من ناحية النتائج والآثار ويعتبر نادر الحدوث.
6-الركود: هو انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما، أو تسجيل نمو سلبي في الناتج المحلي الإجمالي لمدة فصلين متعاقبين أو أكثر. وقد كانت معظم حالات الركود التي عرفها العالم قصيرة الأمد.
7- الكساد: هو ركود اقتصادي متراكم ممتد لسنوات، إنه أشد من الركود، وممكن أن تصل فيه البطالة إلى مستويات قياسية ويخلّف تداعيات سلبية كالتي خلفها الكساد الكبير الذي استمر لمدة طويلة. وحتى بعد انتهائه وكانت حالة الكساد الوحيدة التي حدثت في العالم هي الكساد الكبير الذي عام 1929، واستمر لمدة 10 سنوات. والآن في زمن الكورونا يشير كثير من الخبراء والاقتصاديين إلى أن العالم قد دخل فعلاً في مرحلة كساد.
8- معدل البطالة:
وفق تعريف منظمة العمل الدولية
معدل البطالة هو النسبة المئوية لعدد العاطلين عن العمل من إجمالي “السكان النشطين ” ويشمل مفهوم “السكان النشطين” جميع الأشخاص الذين ما زالوا في سن العمل، سواء كانوا يعملون فعلاً أم يبحثون عن عمل، وسواء كان عملهم مأجوراً أم غير مأجور.
وليس كل من لا يعمل يعد عاطلاً عن العمل، فلكي يحسب الفرد عاطلاً عن العمل في الإحصائيات الرسمية لابد من أن يكون عاكفاً على البحث فعلياً عن العمل، ولهذا فالتلاميذ والطلبة ومن استغنوا عن العمل ومن توقفوا عن البحث عنه لا يعتبرون من العاطلين، ولا يؤخذون بالحسبان عند قياس معدل البطالة.
9- السياسة المالية للدولة: وتكون مسؤولة عنها وزارة المالية والخزينة وهي التي تختص بإدارة الضرائب والرسوم وحجم الإنفاق العام وطريقة إعداد الموازنة العامة للدولة.
10- الموازنة العامة للدولة: تقوم وزارة المالية بالتنسيق مع باقي الوزارات والهيئات في الدولة بإعداد مشروع الموازنة ثم عرضه على السلطة التشريعية وبعد إقراراه من السلطة الشرعية يحال لأعلى سلطة تنفيذية لإقراراه ونشره ثم يعاد لوزارة المالية للإشراف على تنفيذه.
وهي باختصار “تقدير مفصل ومعتمد للنفقات العامة والإيرادات العامة، عن فترة مالية مستقبلية، غالباً ما تكون سنة”. تعبِّر عن برنامج العمل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، للحكومة خلال الفترة المالية.
11- السياسة النقدية للدولة: ويكون المسؤول عنها المصرف المركزي الذي يجب أن يتمتع باستقلالية إدارية ويعين محافظ المصرف المركزي من قبل السلطة التشريعية في البلاد. والسياسة النقدية هي التي تعنى بحجم الكتلة النقدية في البلاد وأسعار الصرف ومعدل الفائدة السائد. ويجب أن يكون هنالك تناغم بين السياستين النقدية والمالية في إدارة اقتصاد الدولة وخصوصاً في حالات التضخم والانكماش وانخفاض سعر صرف العملة.
12- البنك المركزي:
هيئة مستقلة تشرف على السياسة النقدية والائتمانية لدولة أو مجموعة دول (المركزي الأوربي) وفقا للأهداف التي يحددها التفويض الممنوح لها من قبل السلطة التشريعية في الغالب بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار و/أو دعم النمو.
13- الميزان التجاري: الفرق بين مجموع الصادرات والواردات من السلع والخدمات أو المبيعات خلال فترة زمنية معينة بين الدولة ودولة أخرى. أو بين الدولة وبقية الدول الأخرى.
14- ميزان المدفوعات: تقدير مالي لجميع المعاملات التجارية والمالية التي تتم بين الدولة والعالم الخارجي خلال فترة زمنية معينة غالباً ما تكون سنة. أي أنه أكبر، يضم الميزان التجاري مضافاً إليه جميع مدفوعات ومقبوضات الدولة الخارجية وليس فقط المعاملات التجارية.
15-الحساب الجاري للدولة: معاملات الدولة مع باقي العالم، وخاصة صافي تجارتها في السلع والخدمات، وصافي أرباحها من الاستثمارات عبر الحدود، وصافي المدفوعات المتحولة على مدار فترة محددة من الوقت مثل الفترات السنوية أو الربع سنوية. وهو جزء من ميزان المدفوعات.
16- سعر صرف العملة: هو سعر عملة الدولة مقابل عملة أخرى، أسعار الصرف يمكن أن تكون عائمة أو ثابتة. سعر الصرف العائم هو عندما يتم تحديد سعر العملة من قبل قوى العرض والطلب في السوق. سعر الصرف الثابت هو سعر الصرف المرتبط بالدولار أو بسلة عملات فهو ثابت بالنسبة للعملة المرتبط بها ويتغير بتغيرها. مثل الريال السعودي والدولار.
ويقوم البنك المركزي في الدولة بالتدخل للحفاظ على مستوى أسعار الصرف وذلك بالتأثير في أسعار الفائدة وبالتالي حجم الكتلة النقدية المعروضة في السوق فكلما انخفض حجم الكتلة النقدية من العملة المحلية زادت قيمتها والعكس صحيح. كما يتأثر سعر الصرف بميزان المدفوعات للدولة فكلما زاد العجز بميزان المدفوعات زاد الضغط على العملة المحلية وانخفضت قيمتها والعكس صحيح.
هل قيمة الوحدة النقدية تعد مقياس لقوة الاقتصاد: قطعاً لا
فمثلاً الدينار الأردني يساوي 1.4 من الدولار بينما الين الياباني 0.0093 وذلك بحسب تقسيم حجم الكتلة النقدية إلى وحدات تسمى الوحدة النقدية فمن الممكن أن تقوم أي دولة برفع سعر صرف عملتها أضعاف مضاعفة عبر إصدار عملة جديدة مقابل الدولار ولكن يبقى حجم الناتج المحلي بدون تغير ودخل الفرد بالتالي.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”