fbpx

كرد سوريا وشهر آذار

0 383

الشعب الكردي في سوريا يستذكر في 12 آذار من كل عام انتفاضته الأولى ضد النظام السوري. الانتفاضة الكردية التي انطلقت شرارتها الأولى من القامشلي وامتدت إلى المناطق ذات الغالبية الكردية كافة حتى وصلت إلى الأحياء التي يسكنها الكرد في دمشق وحلب وشهدت جامعتا حلب ودمشق مظاهرات طلابية ضخمة دعماً للانتفاضة الشعبية في القامشلي.

دامت التظاهرات 6 أيام وأسفرت عن 40 شهيداً ومئات الجرحى وأكثر من 2000 معتقل بين مدنيين ونشطاء وطلاب جامعات تعرضوا لأنواع التعذيب النفسي والجسدي كافة وآلاف الطلاب المفصولين من المدارس والجامعات السورية بتهمة المشاركة في التظاهرات فيما قوبلت من المكون العربي في المنطقة خصوصاً وكامل الأرض السورية عموماً بالاستهزاء وتوجيه الاتهامات للشعب الكردي المنتفض بالخيانة والتمرد.

الشعب الكردي يستذكر انتفاضته في عامها السابع عشر بالتزامن مع مرور 11 عاماً على بداية الثورة السورية ضد نظام البعث القمعي، شعور الاضطهاد والغبن والتجاهل الذي دفع الشعب الكردي للانتفاضة جاء متأخراً عند باقي مكونات سوريا كان الشعب الكردي في سوريا سباقاً للوقوف في وجه النظام بسلمية مستخدماً الكلمة وسلاح التظاهر في وجه آلة النظام العسكرية. انتفاضة القامشلي 2004 قابلها النظام بوحشية كبيرة حيث استقدم آلاف العناصر مدعومين بالدبابات واستخدم الرصاص الحي والرصاص المتفجر للرد على المتظاهرين السلميين وهدد بضرب المنطقة بالطائرات وشن حملة اعتقالات واسعة.

خلال 6 أيام من انتفاضة القامشلي استطاع أبناء الشعب الكردي في سوريا هز النظام وإقلاقه وزعزعة ثقته وكسر حاجز الخوف من المواجهة خاص بعد أن حطم المتظاهرون تمثال الأسد الأب وسط القامشلي ما دفع رأس النظام لزيارة المنطقة والدعوة للوحدة الوطنية التي كان يحاول قبل أيام فقط تحطيمها وإشعال فتنة عرقية تؤدي حسب طموحاته لإنهاء الشعب الكردي وكسر شوكته وإلغاء وجوده.

يعيد الكثيرون اندلاع أحداث 12 آذار 2004 في القامشلي إلى أعمال شغب خلال مباراة لكرة القدم لكن الحقيقة أنها جاءت بعد تراكمات لأكثر من أربعين عاماً من التهميش والإهمال والإنكار والحرمان من الحقوق والنظر للكردي كمواطن درجة ثانية وإهمال إعمار وتحديث المناطق الكردية وعدم الاعتراف بالشعب الكردي وحرمانه من حقوقه في العيش بمساواة كغيره من أبناء سوريا.

آلاف الكرد كانوا محرومين من حق المواطنة ويحملون صفة مكتوم القيد إضافة إلى حرمانهم من التوظيف واستلام المناصب والإدارات باستثناء حالات قليلة. إضافة إلى إنشاء الحزام العربي ووضع اليد على أراضيهم ومنحها للعرب القادمين من الرقة وإنشاء قرى نموذجية لهم مقابل قرى تفتقر لأساسيات الحياة للكرد، وحرمان الشعب الكردي من التكلم بلغته في المدارس والدوائر الحكومية. ليس هذا فحسب بل إنكار الثقافة الكردية كجزء من ثقافة المنطقة ككل.

كل هذا كان الدافع الحقيقي لانتفاضة القامشلي الشعبية.

انتفاضة القامشلي تستذكر اليوم بإيقاد الشموع والوقوف دقيقة صمت إكراماً لأرواح أربعين شهيداً سقطوا برصاص النظام السوري كانت هذه الانتفاضة وقفة أولى في مواجهة استبداد النظام وقمعه وآلته العسكرية كانت تجربة قاسية عاشها أبناء الشعب الكردي وحيدين بعد أن رفض أبناء سوريا ثورته واتهموه بالخيانة والانفصالية لكنها كانت دافعاً للوقوف في وجه النظام للمرة الثانية مع أبناء الشعب السوري في ثورته من أجل الحرية وإسقاط النظام.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني