عدوان قسد والتوقيت
إن قيام عصابة قسد القنديلية بالعدوان الهمجي المباغت على الشمال السوري وفي هذا التوقيت بالذات وفي ظل طوفان تغيير يجتاح العالم والمنطقة يبرر محاولة الاجتهاد في تحليله وتفسيره، فاحتمالية أن يكون العدوان عشوائي ضعيفة، وبالتالي فإن احتمالية أنه ممنهج وبدوافع عدة هي الأرجح.
ومنذ البداية فكون قسد عصابة فهو وصف لا غبار عليه ومن البديهي في المفهوم الجمعي لمصطلح عصابة ينصرف إلى كونها كيان ارتزاقي وانتهازي وبعدة أجندات بحسب الجهات والقوى التي تستخدمها كأداة لتحقيق مصالحها أو ترويج أدلجات مسيسة، وتبقى بوصلتها هي الأرباح على حساب الأرواح.
وعصابة قسد كغيرها من العصابات تطبعت بهذه الصفات الدنيئة.
أما عن توقيت الهجوم القسدي الغادر فهو خاضع لعدة احتماليات وقد يكون منها ماهو واقعي أو استدلالي أو لا علم لنا به إلى الآن.
ومن هذه الاحتماليات:
رد استباقي لما يتم الحديث عنه لرغبة تركيا في ملئ الفراغ الأمريكي في حال انسحاب القوات الأمريكية من مناطق الاحتلال القسدي وبالتالي تريد قسد إثبات أنها قوة موجودة مهما كانت تداعيات الانسحاب الأمريكي (في حال حصوله)
– الاستفادة من التصريحات الروسية بأن روسيا تمانع قيام تركيا بتوسيع عملياتها العسكرية في الداخل السوي وبالتالي ظنت قسد ان روسيا ممكن ان تحول دون قيام تركيا بعمليات ضد قسد وان الامور ستبقى ضمن قواعد الاشتباك الحالية.
– محاولة قسد استغلال الفترة المتبقية من الإدارة البايدنية الراعية لها لترسيخ أثر جيو سياسي قبل أن تأتي الإدارة الترامبية التي قد ترفع الرعاية عن قسد وتجعلها بمواجهة مباشرة مع الجيش الوطني وقوات العشائر وبالتالي فسيكون زوالها مسألة وقت ليس أكثر.
– وربما محاولة من قسد باستثمار التغييرات الإسرائيلية في المنطقة ومنها سوريا وخاصة ان هناك تصريحات إسرائيلية بدعم القضية الكردية.
وهنا قسد تتطلع لشراكة مصلحية مع إسرائيل بحيث يمكن لقسد ان تحتل مناطق تنسحب منها الميليشيات الإيرانية في حال استمرت إسرائيل بضرب الميليشيات وإجبارها على الانسحاب من سوريا أو حتى تغيير مواقعها في الداخل السوري.
إضافة ان قسد تجد في إسرائيل ملهمتها في مراحل قيام الكيان الصهيوني، كما أن قسد ترجح هذه الشراكة في المستقبل وخاصة أن العلاقات التركية الإسرائيلية جافة وغير ودية.
نتيجة للمواقف التركية المضادة للسياسة الإسرائيلية العامة وخاصة في المرحلة الراهنة.
– دعم قسد لورقتها التي قدمتها في مؤتمر بروكسل والذي وبشكل مباشر حاولت فيه تسويق الفدرلة ونقلها من واقع مفروض إلى مشرعن.
وقد يكون قيامها بهذا العدوان بمثابة رسالة أنها جادة في ورقتها والدليل أنها تملك القوة لتحقيق ذلك.
– محاولة قسد الاستفادة من حالة الجمود التفاوضي في الملف السوري والذي طال وقد يطول أكثر وبالتالي تحاول افتراص هذا الجمود لتحقيق مكاسب لها ولو ترويجية أو إعلامية لتبقى طرف في المعادلة السورية في حال عودة العملية التفاوضية أو حدوث وقائع أو تغييرات تخدمها.
– وقد يكون محاولة من قسد للاستفادة من التراخي العسكري للجيش الوطني وحالة النزاعات الفصائلية والخلافات بين بعض الفصائل فوجدت فرصتها للاختراق وشن تلك الضربات الغادرة.
وكل ما تقدم هو عبارة عن اجتهاد قد أكون اقتربت أو ابتعدت عن الإجابة عن سؤالي عن دوافع قسد من الهجوم وفي هذا التوقيت.
ولكن الأهم متى سيكون توقيت الرد على هذه الهمجية والعدوانية لعصابة قسد القنديلية؟
ومتى سيكون هناك رؤية إستراتيجية توافقية ومتكاملة وتحيط بجميع الجوانب وأهمها الجيوسياسية والعسكرية للرد على المشاريع القسدية القنديلية والأسدية والمجوسية والروسية، بل والقيام بمبادرات استباقية على الأصعدة كافة ومنها السياسي والعسكري وعدم الاكتفاء برد الفعل.