fbpx

عبق التاريخ يفوح من تلّ ليلان في الجزيرة السورية

0 353

يعتبر تل ليلان الواقع في شرقي سهل الخابور الواقع جنوب مدينة القامشلي السورية تلّاً أثرياً، إذ وضع قيد التنقيب من ثمانينيات القرن العشرين، من قبل بعثة أثرية أمريكية قادمة من جامعة يل برئاسة البروفيسور هارفي وايس.
وفي الدراسات التاريخية الآثارية، يعود تاريخ الاستيطان في تل ليلان إلى مراحل موغلة بالقدم، إذ تقول هذه الدراسات أن الاستيطان الأول في التل المذكور يعود إلى الألف السادسة والخامسة والرابعة ق.م، أي في عصر حلف والعبيد والوركاء.
تقول الدراسات، أن المساحة التي شغلتها المدينة في تل ليلان، كانت بحدود 20 هكتاراً في الألف الثالثة ق.م. لكن المدينة اتسعت وتجاوزت مساحتها 100 هكتار، وحملت المدينة القديمة اسم (شخنا shekn)، بعد أن كان اسمها (سوبير).
يتألف الموقع من قسمين، القسم الأول هو المدينة المنخفضة في الجنوب، هذا القسم هو الأكبر، أما القسم الثاني، فكان يسمى المدينة المرتفعة، وهو القسم الأصغر في الشمال. وقد شُيّدت معظم الأبنية المهمة في المدينة المرتفعة، ومنها مجمّع ديني هو معبد بلغت أبعاده 10/15 متراً، بُني المعبد من الطين المسمى اللبن، على مصطبة مرتفعة، وُجد فيه العديد من القبور، وأختام أسطوانية تشبه تلك الأختام التي تم العثور عليها في جنوب بلاد الرافدين.
هذه الأختام وغيرها من اللقى الأثرية، دليل على العلاقة المبكرة بين مناطق السوريين والجزيرة السورية العليا منذ ذلك العصر.

تلّ ليلان شهد نهضة عمرانية في منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، حيث شهد التل بناء معابد في المدينة المرتفعة السور الدفاعي الضخم، هذا السور شكّل جدار حماية للمدينة العليا، إذ فصلت أبنية السلطة السياسية والدينية وصارت تشغل المدينة المرتفعة، بينما بقي السكان في المدينة المنخفضة.
مدينة شخنا في تل ليلان تغيّر حالها بين 2300 و2200 ق.م، إذ صارت تابعة للإمبراطورية الأكادية في عصر الملك الأكادي نارام سين، هذا الملك بنى مراكز كثيرة في منطقة نهر الخابور، وهذا ما أوردته الرقم المسمارية والأختام الأسطوانية التي عُثر عليها في الموقع.
الأكاديون بنوا سوراً أحاط مدينة شخنا، هذا السور كان ضخماً حيث بلغت سماكة بعض أقسامه قرابة 8 أمتار، هذا النشاط تزامن مع نشاط اقتصادي زراعي، ومع إنتاج أنواع جديدة من الأواني الفخارية، كما شهدت المرحلة تحركات سكانية كبيرة ضمنت سيطرتهم على المنطقة، كما بُني المزيد من المنشآت العامة، وبينها المعابد، التي مورست فيها الطقوس الدينية الأكادية.
انهارت حضارة أكاد في نهاية الألف الثالثة قبل الميلاد، وهذه المرحلة هجر الناس مدينة شخنا في تل ليلان، حيث حدث تغير مناخي، كان أحد أسباب ذلك الهجر، وتم ذلك بين 2200 و1900 ق.م.
شخنا عادت الحياة إليها من جديد مع الآشوريين، حيث أصبحت المدينة تحمل اسم (شُباط أنليل) أي قصر الإله أنليل. هذا حدث في عهد الملك (شمسي حدد).

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني