fbpx

صاحِبة السمو المُجرِمة

0 457

أعلنت محافظة دير الزور على صفحتها الرسمية عن قيام المحافظ فاضل نجار برفقة مدير المصالح العقارية بدير الزور وعضو قيادة فرع حزب البعث مع وفد من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهلال الأحمر السوري ومنظمة الأدفينتست “أدرا” بجولة تفقدية إلى مبنى مديرية المصالح العقارية للاطلاع على أعمال مشروع إعادة تأهيل مبنى المصالح العقارية في دير الزور، الذي يتم تنفيذه من قبل منظمة “الأدفينتست” بتمويل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

يُذكر أن منظمة الأدفينتست “أدرا” تأسست في عام 1956 في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل الكنسية السبتية “أفنتيست” وهي إحدى الفرق البروتستانتية الأمريكية، وفي السبعينيات غيرت اسمها إلى “أدرا”.

ويأتي هذا المشروع بالتزامن مع قيام النظام بفتح أعمال التحديد والتحرير في محافظة دير الزور حيث أصدر المدير العام للمصالح العقارية القرار رقم”330/م.لا” المؤرخ في 10/03/2022 بتكليف القاضي العقاري محمد بديع الهزاع العلي بالإشراف على أعمال التحديد والتحرير وأعمال القضاء العقاري في محافظة دير الزور، وتكليفه برئاسة اللجنتين العقاريتين في المناطق الإدارية التابعة لهما كافة، وتقسم الدوائر العقارية في المحافظة إلى دائرتين وهما: دائرة الميادين ودائرة البوكمال.

تخضع أعمال التحديد والتحرير لأحكام القرارين رقم “186 و187” لعام 1926، اللذين يتضمنان سلسلة من إجراءات العمل المتتابعة، للوصول إلى المنتج النهائي، من سجل عقاري للعقارات ومخططات مساحية نهائية وفق الخطوات التالية:

  • تقوم المديرية العامة بافتتاح أعمال التحديد والتحرير، وتكليف الفرق المساحية بزرع النقاط المثلثاتية، وأخذ هذه قياس النقاط المثلثاتية، وبعد التدقيق والاعتماد تقوم الفرق المساحية بزرع نقاط التخوم، ومن ثم إعداد مخطط التحديد المؤقت وكتابة محاضر التحديد، والمسح الفني.
  • بعد إنشاء مخطط التحديد المؤقت وكتابة محاضر التحديد، ترسل المحاضر إلى القاضي العقاري، الذي يعلن عن بدء البت بالاعتراضات ولمدة زمنية معينة، في حال وجود اعتراض لدى أحد المالكين، لكي يقوم بتقديم الاعتراض خلال هذه المدة، وبعد الانتهاء من البت في الاعتراضات، يصدر القاضي العقاري القرارات النهائية، وترسل القرارات إلى دائرة السجل العقاري، ودائرة المساحة، تقوم دائرة السجل العقاري بفتح الصحائف وتسجيل الملكيات، لتستكمل دائرة المساحة العملية عن طريق مكتب الرسم القلمي، برسم المخططات يدويا وتنزيل قرارات القاضي العقاري على المخططات المرسومة، وبعد التأكد من صحة الرسم والحسابات والقرارات، تتم عملية تحبير المخططات المرسومة وتدقيقها تقوم مديرية المساحة بتدقيق تحبير المخططات، وفي حال التأكد من عدم وجود أخطاء، يتم تصديق المخططات وإرسال المخططات النهائية إلى دائرة المساحة المديرية الفرعية في دير الزور.       

مخاطر هذه الإجراءات:

من المعروف أن محافظة دير الزور من المحافظات التي شهدت عمليات تهجير قسري واسعة وقد بلغت نسبة المهجرين قسرياً منها أكثر من 70% من سكانها.

وأنها تشهد عملية تغيير ديموغرافي واسعة لصالح المشروع الإيراني المتمثل بنشر التشيع في صفوف أبناء المحافظة، وتوطين مرتزقة الميليشيات الايرانية والعراقية وغيرها التي تتبع الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة الى مشروع ما يسمى “الإدارة الذاتية” الذي تنفذه ميليشيات “قسد” الانفصالية، عبر إصدار ما يسمى “قوانين إدارة أملاك الغائبين” وغيرها من الإجراءات التعسفية التي تطول كل من يُعارض هذين المشروعين الهدامين.

وأن شركات التطوير العقاري الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري تسيطر وتستحوِذ على أغلب مشاريع التطوير العقاري في سوريا وخاصة في ريف دمشق ودير الزور وفقاً لقانون التطوير العقاري رقم “15” لعام 2008 الذي يمنح المطور العقاري سواء كان سورياً أم أجنبياً حق التملك الأراضي والعقارات في هذه المشاريع.

وقد سبق للنظام السوري أن أصدر المرسوم رقم “11” لعام 2016 القاضي بإيقاف عمليات التسجيل في الدوائر العقارية المغلقة ومسك سجل يومي مكمل حيث منح مديرية المصالح العقارية كامل الصلاحيات في إدارة هذا السجل، ومنها مديرية السجل العقاري في دير الزور.

واستناداً للمادة “10” من قانون التحديد والتحرير رقم “186” يتوجب على القاضي دعوة الملاكين والمجاورين وكل من يدعِ حقاً بوساطة المخاتير لحضور التحديد الأولي وتثبيت حقوقهم والدلالة على أملاكهم وإثبات ملكيتهم لها وفي حال تخلفهم تُستأنف عمليات التحديد والتحرير في غيابهم وتسري نتائجها عليهم كما لو كانوا حاضرين.

وحيث أن عمليات التحديد والتحرير تقوم على التحقق من “وضع اليد” عند المسح الابتدائي حيث تؤخذ الحيازة القانونية المستقرة الهادئة المستمرة لمدة “15” سنة دون انقطاع دليلاً على التملك، تمنح حق تسجيله على اسم الحائز، الذي يمكنه إثباتها أمام لجنة التحديد والتحرير بالشهادة وإقرار مخاتير المنطقة العقارية، وفي حال غياب صاحب الحق يؤخذ بتصريح المخاتير والمجاورين.

وحيث أن مدة الاعتراض على التحديد الوجاهي هي “30” يوماً من تاريخ إعلان وإلصاق محضر انتهاء عملية التحديد، وأن مدة الاعتراض على قرار القاضي العقاري المتضمن إعلان ختام عملية التحديد والتحرير “15” يوماً من تاريخ صدوره هي “مُهل سقوط” أي عدم قبول اعتراض بعد انقضائها مهما كانت الأعذار، ويبقى للمتضرر من عمليات التحديد والتحرير وقرارات القاضي العقاري حق إقامة الدعوى خلال سنتين تبدأ من تاريخ نفاذ قرار القاضي العقاري أو قرار محكمة الاستئناف وفقاً لنص “31” من قانون التحديد والتحرير.

وحيث أن حق التسجيل بالتصرف في أرض أميرية غير خاضعة لإدارة أملاك الدولة في منطقة لم يجر فيها تحديد وتحرير يكتسب بالحيازة المادية مدة عشر سنوات ويكون الحائز قائماً بزراعة الأرض وفقاً للمادة “919” من القانون المدني السوري. وهناك الكثير من أبناء دير الزور يستفيدون من أحكام هذه المادة القانونية.

وحيث أن للجان التحديد والتحرير والقاضي العقاري تغيير النوع الشرعي، حيث تدخل بعض العقارات ضمن المخططات التنظيمية فيتحول النوع الشرعي لها من أراض أميرية الى أراض ملك، وبالتالي تختلف أحكام الإرث حيث يطبق قانون الإرث الشرعي الذي يقوم على قاعدة “للذكر مثل حظ الأنثيين” بدلاً من قانون انتقال الأموال الأميرية الذي يساوي بينهما. وقد ضرب القانون مهلة الاعتراض على تغيير النوع الشرعي للعقار مدة “سنتين” المذكورة أعلاه.

وحيث أن القيود المسجلة وفقاً لمنطوق محاضر التحديد والتحرير تكتب قوة ثبوتية مطلقة بعد مرور مدة سنتين ابتداءً من التاريخ الذي تصبح فيه قرارات القاضي الفرد العقاري أو محكمة الاستئناف في حال استئنافه قابلة للتنفيذ وإذا لم يدون في أثناء هذه المدة أي اعتراض أو أية دعوى كانت في صحيفة العقار الأساسية أو إذا ردت هذه الاعتراضات أو الدعاوي.

وبناءً على ما سبق فإن عمليات التحديد والتحرير في محافظة دير الزور ستؤدي حتماً إلى الإضرار بأصحاب الحقوق سواءً كانوا “حائزين أو مالكين على الشيوع، أو وارثين، أو زارعين في أراضي الدولة، أو مستثمرين أو مستأجرين عقارات الأوقاف، أو كانوا أصحاب إشارات عقارية بحقوق عينية” التي تتأثر جميعها بنتائج عمليات التحديد والتحرير، وحيث أن الأغلبية العظمى من أصحاب الحقوق هم من المُهجرين قسرياً، والمشردين داخلياً بسبب الملاحقات الأمنية من قبل النظام السوري أو من قبل الميليشيات الطائفية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أو من قبل ميليشيات “قسد” الأمر الذي يحرمهم من ممارسة حقوقهم في إثبات ملكيتهم، أو الاعتراض على قرارات لجان التحديد والتحرير أو قرارات القاضي العقاري أو محاكم الاستئناف ضمن المهل القانونية القصيرة، وفقدان الكثير من هؤلاء وثائقهم الشخصية ومستندات ملكياتهم الرسمية، إضافة إلى جهالة مصير الكثير من أصحاب الحقوق إما لفقدانهم أثناء القصف والمعارك أو بسبب الاعتقال التعسفي، أو الاختفاء القسري، الأمر الذي يحول دون إمكانية تنظيم شهادات وفاة وبالتالي عدم إمكانية استخراج وثائق حصر الإرث التي تعتبر من الوثائق الرسمية الأساسية لإثبات الملكية، إضافة إلى أن النظام ولجانه لن تعتد بالتهجير القسري ولا الحرب أسباب القوة القاهرة أو الظروف الطارئة التي تعفيهم أو تضمن حقوقهم التي لا يمكنهم القيام بها كالحضور أمام لجان التحديد أو الاعتراض على القرارات أو إقامة الدعاوى أمام القضاء.

ويجعل من عمليات التحديد والتحرير في دير الزور مرحلة متقدمة من تنفيذ جريمة التغيير الديموغرافي، وجريمة نهب وغصب الممتلكات المدنية المحمية بموجب القانون الدولي، وهي أوسع بكثير من المرسوم “66” لعام 2012 والقانون رقم “10” لعام 2018، ويجعل من تمويل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين هذا المشروع انتهاكاً صارخا للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة الخاصة بأملاك النازحين والمشردين والمهجرين، ومخالفة لمبادئ بنهيرو المتعلقة بأموال المهجرين والمشردين داخلياً. لأنها تكريس لهذه الجرائم الممنهجة التي يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه، وأيضا تعتبر من قبيل أعمال التدخل والشراكة في جريمة التغيير الديموغرافي التي تقوم على التهجير القسري للسكان الأصليين وحرمانهم من حقوقهم الأساسية ومنها حق الملكية وحق التصرف بها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني